من هنا فنتيجة لهذه الاوضاع وغيرها فان اعيان طهران و الذي عادة ما يخرج من بينهم الولاة لايرغبون الخدمة في اقليم عربستان لانهم كانوا يعتقدون انهم ذاهبون الى مناطق صحرواية خطرة تتمتع بمناخ قاسي و سكان بدو وقبائل متمردة .
كان الحكام الشكليون المعينون من قبل الدولة المركزية يعتبرون انفسهم مبعدين ويمكن القول ان هؤلاء الحكام ينقسمون الى فئتين ، الفئة الاولى لها مصالح شخصية في المنطقة وقد قوت علاقاتها عبر تزويج بناتهم من حاكم الاقليم الشيخ خزعل و الفئة الثانية تبحث عن الشهرة كونها “تتمتع بصفة الحاكم ” ومستعدة في سبيله ان تتحمل كل الصعوبات . ولعل من بين اهم حكام الفئة الاولى ” السالار المعظم ” الذي عين في حزيران من 1905 كحاكم من قبل الدولة المركزية ، وكان هذا الشخص ابن ووريث ” نظام السلطنة ” و كان مالكا لأراضي واسعة و يعد عما ” لبتول ” زوجة الشيخ خزعل . وفي ابريل من عام 1907 عين ” السالار المعظم ” حاكما للرستان ومنذ مايو – ايار عام 1907 الى نوفمبر 1908 اوكل جميع صلاحيات الحكم في اقليم عربستان الى الشيخ خزعل ، بعد ذلك عينت الدولة المركزية ” سيف الدولة ” كحاكم لاقليم عربستان الا انه كان حاكما شكليا لان الحكم الفعلي كان بيد الشيخ خزعل وكان هذا الاخير جد ” جميلة السلطنة ” زوجة الشيخ خزعل الاخرى ، وقد بقي في منصبه هذا حتى مايو – ايار من عام 1909 . وكما قلنا كان حاكما شكليا حتى انه لم يضع قدمه مرة واحد في مدينتي شوشتر ودزفول . وقد امضى فترة تواجده كضيف لدى الشيخ خزعل وحفيدته ” جميلة السلطنة ” زوجة الشيخ .
اما ولاة الفئة الثانية نذكر منهم ” فخر الملك ” الذي عين واليا في اكتوبر من عام 1909 وذلك بعد ” سيف الدولة ” وقد بقي في منصبه هذا حتى عام 1911 و قد وصفه القنصل البريطاني على انه ” رجل غير كفوء وان سلطته كانت اسمية حتى على مدينتي شوشتر ودزفول ” .
وكما اشرنا سابقا في عهده كانت قد حدثت قلاقل في مدينة شوشتر و قد اضطر طلب المساعدة من الشيخ خزعل لاسكاتها و القضاء عليها ، وبعد ” فخر الملك ” عين في عام 1911 – 1912 الامير عماد الدولة ” و من بعد في عام 1912- 1913 “اجلال السلطنة ” وكانت فترة وجودهما في اقليم عربستان قصيرة و لم يقوموا بأي عمل ايجابيا وبقيت السلطة الفعلية للاقليم بيد الشيخ خزعل التي سبق وان عززها عبر استقلال ادارة اقليمه ابان الاختلافات على موضوع السيطرة على الشؤون الجمركية في الاقليم . وكان هدف الدولة المركزية من اطلاق يد الشيخ خزعل في ادارة اقليمه هي رغبتها المتزايدة في كسب ثقته ، الا ان هذا الامر اضعف الى حد كبير دور السلطة المركزية على الاقليم . وقد اشار ” وليم مك دول ” الى هذه الحقيقة بقوله ان “الحاكم العام المعين من قبل الدولة المركزية لا يستطيع حتى دعوة الشيخ خزعل للقاء به . . ” وبما ان الدولة المركزية عاجزة من فرض سيطرتها على الاقليم واستيفاء الضرائب فقد اوكلت مهمة جمع الضرائب في المناطق الجنوبية من عربستان الى عهدة الشيخ خزعل ، كما انها وفي اطار سياسة ” فرق تسد ” سبق وان اعطت عام 1902 -1903 مثل هذا الحق الى اتحاد بني طرف ، الا انه لم تمضي الا فترة وجيزة حتى استطاع الشيخ خزعل بعد ان اخذ بعض الافراد من وجهاء بني طرف كرهائن لد يه ان يفرض سيطرته الكاملة على كل مناطق عربستان الجنوبية .
كما قلنا لم يكن للحكام الذي تعينهم الدولة على اقليم عربستان اي دور يذكر ومع قيام ثورة الدستور وبروز الحروب الاهلية توقفت عجلة الدولة المركزية عن العمل في عربستان كليا ، الامر الذي دفع احد موظفي الدولة المركزية في الأقليم ان يصرح في حزيران من عام 1911 انه لم يتلقى اي اوامر من دولته المركزية كما ان البرقيات التي كان يبعث بها الى العاصمة يبدو انها لم تصل ايضا ، وعلى العكس مما كان يحدث في ايران فقد كانت عربستان تنعم بالامن والاستقرار واتاحت هذه الامور وغيرها للشيخ خزعل ان يهتم بتنظيم شؤون امارته و قد عبر عن هذه الحالة الوزير المفوض البريطاني في طهران بقوله ” ان حكومة الشيخ خزعل لاتصل الى المعايير الاوروبية ولكن بامكانها ان تكون نموذجا جيدا لكل انحاء ايران ” .
مؤتمر الكويت واسباب انعقاده :
بعد دخول بريطانيا اثناء الحرب العالمية الاولى الحرب الى جانب الحلفاء ضد الامبراطورية العثمانية وحلفائها ، كانت قد عقدت قبل ذلك معاهدة صداقة مع امراء المنطقة وذلك من اجل مساعدتها للوقوف الى جانبها في الحرب ، او على اقل تقدير اعلان حيادها ، وذلك منعا من ان تجعل منهم الامبراطورية العثمانية قوة مناوئة لبريطانيا ، وبالتالي ان تغلق الطرق البحرية في الخليج بوجه البوارج والجنود البريطانيين او محاصرة بريطانيا من جهة امارات بلدان الخليج العربية ، وما ان دخلت بريطانيا الحرب حتى ابرق بتاريخ 21 تشرين الاول من عام 1915 وزير الخارجية البريطاني انذاك ” جمبرلن ” الى المفوض السامي البريطاني في الهند ” اللورد هاردينك ” طالبا منه كسب ود عرب المنطقة وكذلك التعاون مع امراءها المحليين وفيما يلي نص البرقية ” يبدو لي ان عرب المنطقة مترددين في موقفهم حيال بريطانيا ولربما يساندون تركيا ، لذلك يجب ان نبذل قصارى جهدنا لكسبهم الى جانبنا ” . وبعد اعلان هذا الموقف سعت شخصيات بريطانية سياسية مرموقة التقرب باي شكل من الاشكال من العرب ولهذا الغرض فتحت لها مراكز سياسية في كل من عدن ، جيزان ، صنعاء ، القاهرة ، مكة ، بوشهر ، المحمرة و الرياض.
من كتاب تاريخ الاهواز- عربستان- منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن الفصل العاشر الحلقة الاولى ، تأليف الكاتب موسى سيادة – عرض وترجمة : الاستاذ جابر احمد