khaled-m
في الحلقة الأولى من الحوار الشامل المطول الذي اجرته «الوطن» مع رئيس اللجنة العليا لاستكمال تطبيق الشريعة الاسلامية تحدث د. خالد المذكور عن تجربة الثورات العربية في مصر وسورية وليبيا واليمن وتونس، وابدى اندهاشه من الانهيار السريع للأنظمة المستبدة، وحذر من التعامل مع الاسلاميين كبعبع منوهاً الى انهم تعرضوا للاضطهاد والظلم في ظل الأنظمة المنهارة او التي في طريقها الى الانهيار لأنهم كانوا دائماً في طليعة المطالبين بالتغيير.

د. خالد المذكور: حزب الله يتحدث باسم إيران.. والمقاومة كانت أكذوبة

وتوقع د. خالد المذكور عن النظام السوري وقال بأن الاستخبارات السورية حاولت نسف جمعية الاصلاح مع مجزرة حماة عام 1982 وانه لا يستبعد ابدا ان تحاول اجهزة الامن السورية العبث بأمن الكويت مرة ثانية.

وتنبأ د. خالد المذكور بأن رئيس مصر القادم لن يكون اخوانياً الا ان الاخوان المسلمين سيؤثرون بقوة في ادارة الدولة المصرية.

وفي الحلقة الثانية والاخيرة من هذا الحوار يتحدث د.خالد المذكور عن ايران وحزب الله والدعوة الى تطبيق الشريعة وغيرها من القضايا.

< كيف تقرأ موقف ايران مما يحدث في العالم العربي؟

– د. خالد المذكور: دور ايران في المنطقة سياسي بالدرجة الأولى، لكنه يستخدم السياسة لنشر المذهب الشيعي، ويفعل ذلك بتعصب شديد. الا ان الموقف الايراني متناقض وازدواجي والا فلماذا رحبوا بثورتي مصر وتونس واعتبروا انتفاضة الشعب السوري مؤامرة امريكية وساندوا النظام السوري في قمعه واستبداده! لماذا يصرون على البرنامج النووي في المنطقة.. في حين تتراجع دول العالم كلها عن برامجها النووية بعد كارثة اليابان النووية! حتى الكويت نفسها اغلقت الملف النووي السلمي الذي كان قيد البحث.. فماذا يفعلون في ايران؟!.

الحقيقة ان اسرائيل سعيدة بالثورات العربية لانها تلهيها عنها، وكذلك كسبت كثيرا من الموقف الايراني سواء في جنوب السودان أو غيرها، وما تفعله ايران هو سياسة متشيعة، وبراجماتية، لكن التوجه الفارسي هو الغالب والاعم، ايران تريد ان تصدر ثقافتها الفارسية مغلفة بالتشيع الى كل الدول التي من حولها، وما لم تأخذ مصر حذرها فقد تتغلغل ايران هناك وتنشر التشيع، انا لا اتحدث عن شيعة وسنة ولكن على دولة توظف امكاناتها الاقتصادية والثقافية والسياسية والمذهبية لبسط السيطرة على من حولها، ايران تغلغلت في افريقيا وجنوب آسيا ودول البلقان ودول الخليج، وقد رأينا ما حاولت فعله في البحرين لكن التكاتف الخليجي افشل مخططها الانقلابي وللعلم فإن هذا المخطط الفارسي كان يمارسه شاه ايران السابق، ايران تسعى الى اثارة القلاقل في الخليج لاضعاف بنية مجلس التعاون، ليس في الكويت فحسب ولكن في المنطقة الشرقية في السعودية، ودورها ايضا المؤثر بشدة في لبنان من خلال ذراعها.. حزب الله.

حزب الله

< انت كنت من المعجبين بقوة وصمود حزب الله امام اسرائيل فماذا حدث؟

– كلنا نقف مع كل من يعادي اسرائيل ويقاومها، لكن حزب الله اسفر بوضوح عن وجهه الايراني، فهو المدافع والمنافح عن ايران، واذا تحدث حزب الله فإنه يتحدث باسم ايران، كما ان اربعة من عناصره متهمون بقتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري والحزب يرفض تسليمهم، لقد اتضح ان حزب الله غير صادق في مجال المقاومة وغيرها، انها اكذوبة اطلقها حزب الله في المنطقة كي ينفذ اجندة ايران، بدليل ان الشعب السوري يقمع فيما يمد الحزب النظام السوري بأدوات القمع ويساعده بكل امكاناته في ذلك.

ان حزب الله مر بثلاثة امور ضعضعت من مصداقيته الاول: وقوف حزب الله مع النظام السوري ضد الشعب السوري. الثاني: اعلان حسن نصرالله ان هناك جواسيس يعملون لمصلحة امريكا داخل حزب الله والثالث: وقوفه ضد المحكمة الدولية على الرغم من ان عناصره متهمون وليسوا مجرمين صدر ضدهم احكام، واعتقد ان لبنان مقدم على اشكالية كبيرة نتيجة لموقف حزب الله وعمله لمصلحة ايران.

الشريعة الإسلامية

< الحديث عن تطبيق الشريعة الاسلامية اصبح في قلب الثورات العربية في مصر وتونس واليمن وسورية وثمة مطالبات هنا وهناك بضرورة تثبيتها في الدساتير: فهل الشريعة جاهزة للتطبيق وكيف؟

– المطالبات بتطبيق الشريعة الاسلامية التي انزلها الله سبحانه وتعالى مشروعة، وهي صالحة لكل زمان لكننا لا نتحدث عن التشريع نفسه لأنه كامل وتام «اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا». وانما نتحدث عن كيفية التطبيق والتدرج فيه، لأنه يختلف باختلاف البيئات والزمان والمكان، فتطبيق الشريعة في الكويت يختلف عن تطبيقها في مصر، مثلا من حيث عدد السكان أو اساليب تعاملات الشعبين، وعندما تريد تطبيق الشريعة ينبغي ان توفر لها ما يضمن تطبيقها كالعدالة الاجتماعية والحريات والمساواة والكفاءة والامانة، فهذه من مبادئ الشريعة الاسلامية وينبغي ان تطبق، الشريعة ليست قطع ايد أو رقاب وانما مبادئ وثوابت ينبغي ان ترسخ في المجتمع قبل البدء في تطبيق الشريعة الاسلامية، الشعوب العربية منهكة وفقيرة سواء في مصر أو في تونس أو ليبيا أو اليمن أو سورية، ولا تجد قوت يومها، فلا بد قبل الحديث عن الشريعة ان اوفر لهؤلاء الطعام اولا، وان اتخلص من الفساد والرشاوى التي استشرت وهذا من صلب الشريعة الاسلامية، التي تأمر بالعدل والاحسان والمحافظة على كرامة الانسان وحريته وحقه في محاكمة عادلة والامن الشخصي، عندئذ اكون قد حققت غالبية اهداف الشريعة الاسلامية، ان الصورة المعتمة المظلمة التي يقدمها البعض للاجواء التي يخلقها تطبيق الشريعة اساءت الى شريعتنا السمحة، فعندما يظهر البعض ويتحدث عن ان الشريعة هي جلباب قصير ومسواك ولحية طويلة واغلاق للتلفزيون ودماء فإنه لا يفهم الشريعة ولا يفقه مقاصدها، فالحديث عن الشريعة ومبادئها وتطبيقها يحتاج الى جيل آخر نعلمه وندربه ونوفر له فرص العمل والامن والعدالة في كل شيء.. هذه هي الشريعة الاسلامية. اما الحديث عن تطبيق الحدود على الذي لا يجد قوت يومه أو من نشأ في بيئة فاسدة، وهناك مصطلح اسمه «التخلي والتحلي» بمعنى انك اذا جئت الى بيت مهدم ومغبر ومكدس وحاولت ان تضع فيه افخم الاثاث فإن ذلك سيسيء الى الاثاث الفخم، لكن عليك ان تنظف البيت وترممه اولا قبل ان تؤثثه أي التخلي عن الهدم والغبار والتحلي بالاثاث الجميل، هكذا هي الشريعة التي تمثل ارقى المبادئ لا يمكن ان تنشأ أو تنمو في بيئة غير صالحة.. فتطبيق الشريعة واجب ولكن كيف ومتى نطبقها ونتدرج في ذلك.. هذا هو ما ينبغي التوقف عنده، مع مراعاة مصالح الناس، وهذا هو ما نص عليه مرسوم انشاء لجنة الشريعة الاسلامية، المهم ألا يستغل بعض الدعاة عواطف الناس بالحديث عن ضرورة تطبيق شرع الله دون ان تتوافر الظروف الملائمة لهذا التطبيق.. والآليات الخاصة بذلك، ولا اقول التدرج في التشريع لأن الشريعة الاسلامية اكتملت، والمجامع الفقهية تناقش كل القضايا ولكن التدرج يكون في التطبيق.

أقل عطاء

< هناك من يرى ان الشريعة الاسلامية التي يتم تقنينها في المجامع الفقهية اقل عطاء في مجال الحريات من الديموقراطية فما رأيك؟

– لنتفق على ان الحرية مشروطة بعدم الدخول في فوضى، فلا يمكن ان ألحد علانية واحادد الله ورسوله، واسب وألعن وارتكب المحرمات وافتح اماكن للهو باسم الديموقراطية، هذا غير جائز في الشريعة الاسلامية التي تنهى عن الفحشاء والمنكر والمجاهرة بالمعاصي وغيرها.

< انت تعلم ان المجتمعات الاسلامية «تعارفت» على رفض الكبائر وهي تحتقر المجاهرين بها.. انا احدثك عن مجال الحريات السياسية والثقافية..

– الشريعة الاسلامية في مجال الحريات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية تتفوق على الديموقراطية والليبرالية، فإذا تخلصنا من الكبائر كالزنا ومقدماته والخمور والمسكرات، ومن الربا واكل اموال الناس بالباطل، وتخلصنا من زنازين القهر والظلم والتعذيب المنتشرة في العالم العربي، لا ينبغي إلا أن تجتهد أنت وأنا في أمور شرع الله، فالإسلام يضمن الحريات السياسية والاجتماعية والتعليمية ويطالب بالتطور والتقدم، ويحفظ للناس كرامتهم وحقهم في الحصول على حياة كريمة ميسرة بدون واسطة أو غيره.

حقوق الإنسان

< ما الذي جعل المسلمين أقل الناس احتراما لحقوق الإنسان؟

– ليس العالم الإسلامي فقط لكن هناك دولا افريقية تعتنق المسيحية وتنتهك حقوق الإنسان.

< دعنا نتحدث عما يخص المسلمين: لماذا لا يجد الإنسان المسلم كرامته على أرضه؟

– هذا نتيجة طبيعية لهؤلاء الحكام الذين قفزوا على السلطة وهم ليسوا أهلا لها، فعندما يأتي زعيم على دبابة عسكرية ويستولي على الحكم.. هل نتوقع منه أن يكون ديموقراطيا ومحافظا على حقوق الإنسان! إنه قفز على السلطة بدون حق وقتل معارضيه وسجن مخالفيه ويحكم الشعب بالقوة، ووزع المناصب والوزارات على أحبابه وأقربائه.. شخص كهذا لا ينتظر منه الحصول على أي حقوق، والإسلام بريء من هؤلاء جميعا. والحقيقة أنه من بعد الخلافة الراشدة سواء في الدولة الأموية أو العباسية وما تلا ذلك من دول لا تخلو من الظلم.. وثمة فترات بسيطة ساد فيها العدل لكن السياق العام للتاريخ الإسلامي بل الإنساني يسوده الظلم، انظر إلى أوروبا وحروبها العالمية ومن قبلها الحروب الصليبية.

فالشريعة الإسلامية إذا أخذت من قبل أناس يتقون الله سبحانه وتعالى، ومن قبل جيل جديد لم يتلوث، فإنها ستمنح عطاءاتها في الحرية والعدالة بغير حدود، إن الأجيال التي حولنا غير صالحة لتطبيق الشريعة ونحتاج إلى تربية جيل جديد يستوعب مبادئ الشريعة ويعمل على تطبيقها بدون خلفيات من العصبيات والقبليات والعشائريات.

أما عن حقوق الإنسان فللأسف فإنها منتهكة في كثير من دول العالم وليس العالم الإسلامي فقط.

الاردوغانية

< مرة ثانية: هل ترى التجربة التركية الأقرب إلى روح الشريعة الإسلامية المتجسدة في قوله تعالى {أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}؟

– تقريبا تجربة أرودغان رائعة، فقد وصل إلى حد أن تركيا لم تعد بحاجة إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وقد توجه إلى الشرق الإسلامي مرة أخرى، بالطبع ليست تجربة تركيا مثالية لكن على الأقل عندما أذهب إلى تركيا وأرى هذه التنمية الهائلة والاقتصاد القوي والبلد الذي يقفز إلى مصاف الدول المتقدمة، فلا شك أن مثل هذه التجربة يباركها الإسلام، لقد حدثني أحد رجال الأعمال الأتراك العلمانيين المناوئين لأردوغان، بأن الفساد والرشوة والواسطة التي كانت منتشرة في تركيا من قبل تقريبا توقفت إلى حد كبير، وأصبحت المعاملات تتم بدون واسطة أو رشاوى في عهد أردوغان، بل حسب قول رجل الأعمال التركي الأتراك يشعرون بالراحة وتغيرت نظرتهم إلى الإسلاميين، أردوغان فتح المتنزهات والأندية وخفض أسعارها أمام الطبقة المتوسطة التركية.. لقد نهض بتركيا نهضة عظيمة. .

تراجع الإسلاميين

< فيما يتعلق بالكويت: كيف تفسر تراجع التأييد للإخوان المسلمين سواء في مجلس الأمة أو على مستوى الشارع الكويتي؟

– السلفيون موجودون لكن بالفعل الاخوان المسلمون تراجعوا، ولعل ذلك نتيجة لارتباط بعض الدوائر ببعض الأسماء، أو نتيجة لمواقف سياسية، وهناك اتفاقيات وقعت وتراجع مجلس الوزراء عنها، وأظن أن هجوم بعض القنوات الفضائية الخاصة التي شنت حملة كبيرة ضد «الدستورية» في الانتخابات الماضية.

< لكن البعض يتحدث عن أن الإسلاميين فقدوا بريقهم ولم ينجحوا في طرح مشروعهم؟

– قد يكون هذا أحد الأسباب فهم قد يمتلكون مشروعا جيدا لكن لم يحسنوا الدفاع عنه أو استثماره، وهذه أمور تمر بها جميع الكتل السياسية، صعوداً وهبوطاً.

لكن السلف موجودن وعددهم معقول بالنسبة للمجلس. والشيعة موجودون وعددهم أكثر، خاصة في الدائرة الأولى، وبعضهم مرتبطون ارتباطا تنظميا مع حزب الله وايران ويدافعون عنهما باستماتة.

< كيف ترى الازمة التي أثارها العراق بخصوص ميناء مبارك: هل هو تحرش أم ثقافة سائدة معادية للكويت أما ماذا؟

– أظن ان العراق ما زال مشحونا بثقافة حزب البعث وتياراته المنتشرة هناك. فقد جاء وفد عراقي الى وزارة الخارجية الكويتية وتحدثوا في كل الأمور: الهندسية والبيئية وغيرها، واقتنعت الحكومة العراقية بأن وجود ميناء مبارك لا يؤثر في الموانئ العراقية.

لكن ظلت الزوبعة المثارة تجد صداها نتيجة لعداء كثير من التيارات في العراق للكويت وهي تسعى كذلك الى الضغط على أمريكا كي تضغط على الكويت في محاولة لوقف المشروع.

وقد عادوا الى نفس الاتهامات القديمة التي كان يرددها صدام مثل الزعم بأن الكويت تستنزف البترول العراقي، ولعل شهر أغسطس – الذي غزا فيه صدام الكويت – يوحي للعراقيين بقوة زائفة أو نشر أجواء أغسطسية لتهديد الكويت.

الثقافة الصدامية مازالت منتشرة في العراق ويمكنك قراءتها والتعرف عليها من خلال القنوات الفضائية التي تهاجم الكويت بشكل شبه يومي.

< كيف ترد الكويت على هذه الثقافة الصدامية؟

– بداية العراق أصبح مجموعة كتل متناحرة من الصعب أن تتعامل معها. إنها حكومة شكلت من «تلفيقات» تيارات متناقضة .. وقوائم متصارعة لا يمكنك أن ترضيها

كلها. حتى أنهم في البرلمان العراقي متخاصمون ومتناحرون

نقلا عن صحیفة الوطن البحرينية

 

 

شاهد أيضاً

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …