مشيراً إلى أن عجلة الولي الفقيه تأخذ قوة دفع أكبر حينما ترتدي لبوس الدين والتعصب المذهبي، ثم لا يتردد معمم معروف الأصل والنوع
بسيماه ومن لحن القول ولا ينتمي للأصل الآرامي عن الدعوة لضم البحرين لتكون المحافظة ٦١ في إمبراطورية كسرى الجديد، ويتجاهل أن البحرين كانت لأمد طويل تابعة لمركز الخلافة في المدينة وبعدها في الشام ومن ثم بغداد، على الرغم من أنه ليس من حق أحد أن يحاول إثبات عروبة البحرين لأنها حقيقة واضحة وضوح الشمس وغير قابلة للتشكيك أصلاً. جاء ذلك في قراءة للمحلل السياسي العراقي نزار السامرائي
حول ”فائض القوة ونقص القدرة”، حيث قال إن ”أزمة الهوية ليست طلقة طائشة تبحث عن قلب عربي لتستقر به وتتوقف عند هذا الحد وليست خنجر أبي لؤلؤة ليطعن خاصرة ويمضي ليكون قصة محنة تتجدد على مر الدهور”. وتساءل نزار السامرائي عن إن كانت العولمة الرأسمالية قد نجحت من حيث فشلت الأممية الشيوعية في ضرب مرتكزات الهوية الوطنية في مجتمعات العالم الثالث والرابع، مشيراً إلى أن دعاوى السوء الفارسية لا زالت تطرح سؤالاً مريراً كيف تمكن العرب من تدمير امبراطورية فارس من دون أن تجد له جواباً مقنعاً، موضحاً
أنها لما عجزت عن إقناع نفسها بتفسير أسباب سقوط حضارة فارس على يد قوم من الحفاة، ذهبت إلى الأساليب التي اعتمدها اليهود عبر التاريخ ذات الخلفية المستلة من الأساطير التلمودية العدوانية لكل ما هو غير يهودي، فإذا ما دخلت هذه المسلمة القاطعة في مجال التأويل والشك فإن جميع الهياكل الأخرى ستكون عرضة للتساؤل من تلقاء نفسها ومع ذلك فمن المنطقي أن نسأل سؤالاً مجرداً عن الناصب والجازم
والغرض، لماذا لم ينزل القرآن الكريم باللغة الآرامية على العرب المستعربة إن صدقت دعاوى مزوري التاريخ. وفيما يلي نص القراءة التي كتبها المحلل السياسي العراقي الأمين العام للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية نزار السامرائي: هل هي أزمة انتماء الأمة إلى نفسها أم أن الأزمة بانتماء بلد إلى أمة يزعم الانتساب إليها أم هي أزمة يضيق صدرها وأفقها كثيراً حتى تصبح أزمة انتماء الإنسان إلى نفسه وأصله
ووطنه وأمته أو هي أزمة هوية حقيقية يعيشها الأفراد والجماعات على مستوى الأمة أو عابرة يمكن أن تجد لنفسها حلاً عاجلاً بتشريع قانوني الأمر على ما يبدو لم يعد مرتبطاً بأفراد يراد تفريغهم من مضمونهم الفكري وانتمائهم العرقي وخيارهم السياسي وامتدادهم الإنساني تمهيداً لإلغاء دورهم وتأثيرهم في ساحتهم، بل انتقل من الأفراد إلى الأحزاب وأخيراً وصل إلى الأوطان. هل العراق عربي حقاً شكلاً ومضمونا أم أنه عربي من حيث الشكل واللسان ويبقى المضمون شيئاً آخر لا صلة له لا بالتاريخ ولا باللسان ولا بالإطار الدستوري العام المعلن لأغراض الاستهلاك السياسي. تأسيساً على هذا، يمكن أن نطرح سلسلة من الأسئلة المماثلة، هل السودان عربي وهو سؤال قديم جديد ويطرح بصيغ تناسب الظرف السياسي وهل البحرين عربية وهذا السؤال مغرض أيضاً، وتجرنا السلسلة إلى بلاد المغرب العربي، لا نستثني فيها أحداً، وتتدافع الأجوبة بغير انتظام لا أحد عربياً اليوم على وفق مناهج البحث العلمي للأصول والأجناس والوراثة. حسناً هل نجحت العولمة الرأسمالية من حيث فشلت الأممية الشيوعية في ضرب مرتكزات الهوية الوطنية في مجتمعات العالم الثالث والرابع هذه الأسئلة كلها قد لا تكون وردت في امتحان واحد، وربما لم تكن مطروحة على مستوى الإعلام أو مراكز البحوث والدراسات حتى وقت قريب، ولكنها قطعا بحثت بآليات ما في الدهاليز الخلفية لدوائر السياسات الاستراتيجية لمراكز الاستقطاب الرئيسة في عالم اليوم والباحثة لها عن مواطئ قدم في الأراضي البكر أو الرمادية. وعلى ذلك فيكون من حقنا في وقت ما ومن واجبنا في كثير من الأوقات طرحها، وعلى أكثرها إلحاحاً حينما تسللت بعض من هذه التساؤلات لتدخل في أرض محرمة على المتسللين، ولها قدسيتها الخاصة ولا يدخلها إلا من خلع نعليه، لأنها باتت تعرّض بالدوحة النبوية الشريفة، فحينما تتعهد جهة تحركها دوائر الولي الفقيه في إيران للتشكيك في الأصل العربي للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتقدم فرضيات خبيثة ومطعونة وذات أهداف سياسية بالدرجة الأساس، بأن النبي الكريم ليس عربياً لأنه من نسل إسماعيل أي أنه من العرب المستعربة وليس من العرب العاربة فإنها تسعى لتسويق ولاية الفقيه بعد أن وصل مشروعها إلى طريق مسدود، لقد تجاوز مكتب الولي الفقيه حدوده الأخلاقية ودخل إلى منطقة حمراء عند كل عربي ومسلم، وأراد نسف القناعات والحقائق الثابتة والتي لها قدسية لم يجرؤ أحد على
التقرب من أسوارها في الماضي ولا في الحاضر، ومع تهاوي هذه الأفكار المقتبسة من الفكر اليهودي والإسرائيليات التي تسعى إلى قلب الحقائق رأساً على عقب، فإن القرآن الكريم صدح بالحق قبل أربعة عشر قرناً حينما قال: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)، وأكد غير مرة لغة القرآن العربية (إنا أنزلناه قرآنا عربياً) ليؤكد الأصل العربي للنبي الكريم الذي أرسل رحمة للعالمين ولكن بلسان قومه العرب ليحملوا شرف الرسالة إلى الأرجاء كافة، هذه الحقيقة الداحضة لكل دعاوى السوء الفارسية التي ما زالت تطرح سؤالاً مريراً كيف تمكن العرب من تدمير
إمبراطورية فارس من دون أن تجد له جواباً مقنعاً، ولما عجزت عن إقناع نفسها بتفسير أسباب سقوط حضارة فارس على يد قوم من الحفاة، ذهبت إلى الأساليب التي اعتمدها اليهود عبر التاريخ ذات الخلفية المستلة من الأساطير التلمودية العدوانية لكل ما هو غير يهودي، فإذا ما دخلت هذه المسلمة القاطعة في مجال التأويل والشك فإن جميع الهياكل الأخرى ستكون عرضة للتساؤل من تلقاء نفسها ومع ذلك فمن المنطقي أن نسأل سؤالاً مجرداً عن الناصب والجازم والغرض، لماذا لم ينزل القرآن الكريم باللغة الآرامية على العرب المستعربة إن صدقت دعاوى مزوري التاريخ. لن يكون هناك مسوغ للتساؤل عن اسم الخليج هل هو عربي أم فارسي وقد تتنازل إيران وتطلق عليه اسم الخليج الآرامي لأن الولي الفقيه من هذا الأصل على حد ما تزعم روايتهم التي نفدت من الأسواق فور صدور طبعتها الأولى، وسيكون التشكيك بعروبة العراق أمراً ميسوراً وبالتالي فإن التحاقه بالولي الفقيه لن يفقده شيئاً من تميزه القومي وكرامته وسيادته طالما كانت الآرامية هي الصلة المشتركة بين الولي الفقيه وشعب العراق، ولكن في غمرة الكرنفالات التي أقامتها شلة الولي الفقيه بالكشف التاريخي الجديد يبدو أنهم نسوا أو تناسوا تماماً أن الشعب الفارسي لا يمت بصلة للأصل السامي والآرامي وفق نظريات الأجناس المعتمدة، وتأخذ عجلة التشكيك بالهويات قوة دفع أكبر حينما ترتدي لبوس الدين والتعصب المذهبي، ثم لا يتردد معمم معروف الأصل والنوع بسيماه ومن لحن القول ولا ينتمي للأصل الآرامي عن الدعوة لضم البحرين لتكون المحافظة ٦١ في إمبراطورية كسرى الجديد، ويتجاهل أن البحرين كانت لأمد طويل تابعة لمركز الخلافة في المدينة وبعدها في الشام ومن ثم بغداد، على الرغم من أنه ليس من حق أحد أن يحاول إثبات عروبة البحرين لأنها حقيقة واضحة وضوح الشمس وغير قابلة للتشكيك أصلاً، ومن يفتري على تاريخ خاتم النبيين لا يتورع عن ركوب الموجة الصهيونية ويقول في البحرين ما قاله اليهود في فلسطين،
فأصل الطامعين واحد من قورش وقارون والسامري وحتى اليوم، وأصل الضحايا واحد، وتسعى لتحويل البحرين إلى محمرة جديدة والعراق إلى سودان ثانٍ ولن تقف خطة سايكس بيكو الجديدة عن حدود المشرق العربي، بل ستصل صيحاتها إلى شواطئ المحيط الأطلسي لتتردد بدلاً من الأذان خمس مرات في اليوم. رمضان قرب خط الاستواء أزمة الهوية ليست طلقة طائشة تبحث عن قلب عربي لتستقر به وتتوقف عند هذا الحد وليست خنجر أبي لؤلؤة ليطعن خاصرة ويمضي ليكون قصة محنة تتجدد على مر الدهور، الأمر يتعدى ذلك إلى البعيد من الآفاق العربية، ولكن الأمم الأخرى وجدت حلولها بنفسها وذابت في الهوية الوطنية متخطية العصبيات والهويات الصغيرة كلها دينياً ومذهبياً وعرقياً، وبقدر ما كان من سوء حظ العراق والخليج العربي وجود إيران على تخومه وبواباته، فإن من حسن حظ الآخرين أن إيران بعيدة عنهم جغرافياً ونفسياً وفي كل شيء، لكن إيران حينما وجدت أن مشروعها الإمبراطوري الفارسي التحديثي، يصطدم بحاجز الموروث الثقافي والقيمي العربي الثري والعميق الجذور، كان لا بد من إعادة إنتاج المشروع بنكهة جديدة ولها قوة إغراء ترتبط بعوامل التربية، فلم يجد محفل يزد الماسو – صهيوني أفضل من خلع القبعة الغربية وارتداء العمامة العربية ووضعها فوق معبد النار، وكانت هذه أهم خطوة اتخذت في النصف الثاني من القرن الماضي فكان أن قرر المحفل خلع شاه وجاء بمعمم، فتململت دول كثيرة وبدأ حسيس النيران المجوسية يسمع على مداخلها، ولم يطل ذلك كثيراً
حتى بات ذلك أكثر وضوحاً في الدواخل، ولعل في تجربة ماليزيا اليوم ما ينبغي أن يبعث برسائل إلى القريبين بعد أن عبرت خطط إيران الحدود والبحار. في أول يوم من شهر رمضان الماضي والذي تصادف يوم ١١ أب/ أغسطس ٠١٠٢، كنت في زيارة لماليزيا كان من فقرات برنامجها اللقاء مع الدكتور محاضير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق في العاصمة السياسية الجديدة للبلاد وهي مدينة بترو جايا، ومحاضير يطلق عليه
الماليزيون لقب باني ماليزيا الجديدة، وهو يحكم عندما يكون في الحكم وهو يحكم عندما يغادر مقر الحكومة بقوة التاريخ وسداد الرأي والحكمة البالغة، كان الدكتور محاضير يتحدث عن العراق ويقرنه بماليزيا البلد المتعدد الأعراق والديانات ولكنه يمتلك هوية واحدة ولم يصبه القنوط من هذه التعددية، وكان يرى أن التحدي الجديد في الهوية يتطلب وعياً عالياً بالمسؤولية عند الأفراد والأحزاب التي تريد الحفاظ على هوية العراق، لم نشعر بالوقت مع رجل انتشل ماليزيا من القرون الوسطى ووضعها في القرن العشرين على مشارف القرن الذي يليه. وتعددت
حواراتي مع سياسيين وبرلمانيين وصحفيين، في أكثر من لقاء مع عدد من أعضاء المجلس النيابي الماليزي أعرب أكثر من واحد منهم عن قلق مشروع حول الدور الإيراني في بلادهم، وتساءلوا عن تأثير إيران في محيطها الجغرافي إذا كانت تريد التمدد على محيط الأرض قال أحد الصحفيين: (لا نعرف لماذا لا تركز إيران جهودها على الدعوة إلى الإسلام في المجتمعات المسيحية أو الوثنية) قلت له: إنها تريد أن تتحول إلى لص يسطو على جهود الآخرين من الدعاة المسلمين، فتبدأ بإثارة الأزمات الداخلية للدول الإسلامية ولتتضافر مع مساعي حركات التبشير للمسيحية والتي تتم بدعم كامل لمشاريعها من مجلس الكنائس العالمي والمنظمات المتخصصة، المهم إنهم وجدوا أن التبشير خرج من نطاقه الديني ليتحكم بالخيارات الوطنية للشعوب، وضربوا مثلاً على ذلك بما جرى من تحول في تيمور الشرقية التي انسلخت من إندونيسيا بعد أن حولت حركات التبشير عشرات الآلاف من الأيتام المسلمين الفقراء إلى الديانة المسيحية، وعجزت الدول المعنية في آسيا وأفريقيا عن إنقاذ مجتمعاتها من حالة البؤس والفقر التي تعيشها وعجزت الدول الإسلامية عن الارتقاء إلى مستوى فعل ملياردير غربي واحد ومد يد العون لهم،
ووقفت منظمة المؤتمر الإسلامي موقفاً يثير الغضب والتساؤل. جدل الأممية والعولمة والهوية الوطنية تبدأ خطة التبشير بتوفير مظلة الحماية الدولية لحركات التبشير للمسيحية السياسية والتي تحمل أهدافا ترتبط بزرع الفتن الداخلية في بلاد المسلمين وتحويلها إلى أدوات ضغط وابتزاز لكل من لا يقبل تذويب نفسه في المياه الدولية، وشن حملة كراهية ضد من يتصدى لها، تحت لافتة حق الإنسان في حرية التعبد، وترافق ذلك
بيانات تصدر بتزامن واحد من هيومن رايتس ووتش ومنظمات العفو وغيرها والتي تنصف العرب والمسلمين في سطر واحد، وتدينهم وتحرض عليهم بآلاف البيانات والندوات والمؤتمرات لوقوفهم ضد عمليات التبشير البعيدة عن أي غرض أو هدف سياسي على ما تزعم، حتى إذا تحقق جزء من برنامج تلك البعثات وأقامت نواة في أول محمية لها، بدأ الحديث يرتفع عن حقوق الأقليات القومية والدينية التي يجب أن تتمتع بحق تقرير المصير عبر استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي بما في ذلك حق الاستقلال كما حصل لتيمور الشرقية في أندونيسيا، وقد يتكرر فيها مرة أخرى وكما حصل في السودان أخيراً، وقد يحصل أكثر من مرة كما تتهدد وحدة العراق بأكثر من عامل قومي وديني ومذهبي ومن يدري فبلاد المغرب العربي تعيش قضايا عرقية مماثلة، فيتم تقطيع أوصال العالم الإسلامي إلى جزر مبعثرة وسط محيطات هائلة من حيتان الكراهية، لماذا تذهب إيران لإثارة أسباب الانقسام بين المسلمين وكأنها تريد دعم موقف حركات التبشير المسيحي التي تركز على زعم أن الإسلام دين فرقة واختلاف واقتتال ودم، مما يدعم تلك الحجة والبدء بممارسات مستوردة وغريبة على المجتمعات الجديدة ولا تمت إلى الإسلام بصلة، يستشهد من التقيته من السياسيين والصحفيين الماليزيين على ذلك أن إيران أرسلت الآلاف من الطلبة ورجال الأعمال والعمال للإقامة في ماليزيا، بهدف تحويل المسلمين إلى التشيع السياسي، مما ترك ردود فعل متباينة هناك، كما أن الإيرانيين أكثروا من ممارساتهم التقليدية بنصب قدور الهريسة والقيمة التي تقام في عاشوراء وقالوا: (من قال لهم إن في ماليزيا جياع ويحتاجون إلى مساعدة إيرانية ألم يكن من الأفضل لهم لو أنهم وزعوا هذه المواد على شعبهم) لقد تركت هذه الممارسات قلقاً مشروعاً على مستوى الشارع الماليزي الذي لم يكن يعرف مثل هذه الممارسات المستحدثة، وتم في الأعوام الأخيرة قطع الطرق البرية لسد الطريق أمام المصادمات، وتطور الموقف
أكثر فتم تسفير الكثير من الرعايا الإيرانيين واللبنانيين الناشطين في غير أغراض الدراسة أو التجارة. يقولون: إن إيران سواء كانت تريد أو لا تريد وغالب الظن أنها تريد، فإنها تدعم مشاريع التبشير للمسيحية التي تنشط في كثير من المجتمعات الإسلامية، لأن ما تطرحه من تميز لمنهاجها الفقهي على أسس سياسية يقود إلى سلوك انقسامي على مستوى المفاهيم والأصول ويعطي الحجة لأعداء الإسلام بأن هذا الدين ليس واحداً، وأن الخروج منه خير من البقاء فيه تجنباً للاقتتال والتناحر ومناظر الدم والهياكل العظمية وملاحقات المحاكم الجنائية، ويؤكد أكثر من مسؤول أن ماليزيا تعيش أزمة هوية بسبب التعددية العرقية فيها، هناك من هم السكان الأصليون وهم من (الملايو) وهناك الصينيون وهناك الهنود وكل طرف جاء معه بميراثه الديني والثقافي وكل يمسك بمفاتيح مدعومة من البلد الأم، وماليزيا باختصار شديد لا تحتمل استيراد عامل جديد للانقسام من صنع إيراني تحت لافتة تصدير الثورة الإسلامية ونشر نظرية الولي الفقيه، طبعا ليست إيران وحدها التي تنفذ هذه الخطة، فقد أكد الجميع أن حزب الله اللبناني يعمل بنشاط لتنفيذ هذا المخطط بما يفوق جهد الإيرانيين تجنباً لإحراج الدولة الإيرانية بمشكلات مباشرة مع دولة أخرى. فهل عند حزب الله فائض من القوة وهل هو قادر على نقل المعركة إلى أرض العدو ومن هو هذا العدو. لنفترض أن حزب الله يمتلك فائض قوة مادية ومعنوية، أما كان الأجدر به الذهاب إلى مناطق أفريقيا الوثنية من أجل كسبها للإسلام لا سيما وأنه يتحرك بقدرات إيران المالية وثقل لبنان الرسمي والشعبي التقليدي في الكثير من أنحاء أفريقيا، أم أنه ينتظر نجاح السعودية ودول الخليج العربي ومصر في تحويل أتباع الديانات الوثنية هناك إلى الإسلام كي يتحرك عليهم اقتناصاً للفرصة السانحة ويبدأ بطرح شعاراته الجوفاء وما فيها من بدع وضلالة الجاهلية أم أن علينا أن ننتظر سوداناً جديداً ينمو في رحم أكثر من بلد عربي وإسلامي، تحت ستار التبشير في دول إسلامية فقيرة تضطر العائلات فيها لإرسال أبنائها إلى مدارس بالمجان وتذهب بمرضاها إلى مستشفيات بالمجان، ولا يتحرك أحد أثرياء العرب والمسلمين لصد هذه الحملة الصليبية الجديدة التي تريد قتل صلاح الدين من دون سيف وربما بسيف العلاج الطبي المجاني أو بخنجر التعليم المسموم، ولعلها ستقيم الحد على قتيبة بن مسلم الباهلي لأنه تخطى الخطوط الحمر وحمل سيفه من دون استئذان من الدول الكبرى وأطلق العنان لجواده حتى وصل سور الصين، ولعله أراد أن يخوض في بحار الشرق كما فعل عقبة بن نافع الفهري حينما خاطب في الغرب بحر الظلمات وأوشك لو فعل أن يكتشف العالم الجديد. في حمأة هذه الصور المحزنة التي تمر على وطننا وأمتنا، أعلنت إسرائيل عن بدء التنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة الاقتصادية البحرية العائدة للبنان، فائض القوة الذي يصدره حزب الله إلى العراق والبحرين واليمن ومصر وماليزيا، يجب أن يكرسه للشعار الذي ظل يواجه به الآخرين، وهو أن سلاحه من أجل مواجهة العدو الصهيوني الذي يحتل جزءاً من جنوب لبنان، لا ندري هل أن المياه الواقعة في المنطقة الاقتصادية اللبنانية تقع ضمن تعريف الأرض اللبنانية المغتصبة أم أن للماء حكماً فقهياً آخر في شرع الولي الفقيه. تطهير الجبهة الداخلية أم أن حزب الله يرى في تطهير الجبهة الداخلية حكماً واجب التنفيذ عليه، ويحتل مكانة متقدمة على خوض البحر الذي يحتاج إلى زوارق صواريخ من طراز خاص يجب ضمان إيصالها من إيران عبر الأجواء أو الممرات المائية، وهذا غير متاح الآن وإلى زمن حتى تحقق بعض الثورات والانتفاضات العربية أهدافها، وتسمح لحزب الله أن يحصل على ما يريد ليقوم نيابة عن الجيوش العربية بتحرير الأرض والمياه، وتسليمها خالصة من دون متعلقات لإيران ليقام فيها حكم الله على شرعة حزبه في لبنان وولي الفقيه، ولكن حينما تخترق إسرائيل حزب الله بأهم حلقات التسليح والتجهير والاتصالات وغيرها مما لم يعلنه حسن نصر في خطابه المكسور الآخر، فهل يتوقع أحد أن يتجه سلاحه إلى غير تركيع اللبنانيين في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية التي لم تخضع لسلطانه حتى الآن، وأياً كان رأيه فإن امتحان المصداقية للشعارات التي ظل حزب الله يرفعها يكمن في مواجهة احتلال إسرائيل للمنطقة الاقتصادية البحرية اللبنانية، ولا يكفي أبداً إلقاء اللوم على الحكومة السابقة أنها لم تقم بما يكفي لحماية المصالح اللبنانية، الوقت لم يفت وبإمكانه إثبات جدارته بالدفاع عن المصالح اللبنانية، فملاحقة الاحتلال الإسرائيلي أولى من متابعة (الاحتلال السعودي) للبحرين، والتي تعيش حواراً وطنياً شاملاً وجامعاً، ويستطيع أبناؤها إعطاء دروس للآخرين في التاريخ والجغرافية والفقه المقارن وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ولن يستوردوها من أحد.