.
وسيطرت الفيدرالية والحكم اللامركزي بإيران في نظام مابعد الجمهورية الاسلامية على جلسات المؤتمر الذي رعاه مركز الدراسات العربية، وجمع لأول مرة وجها لوجه مختلف التيارات الايرانية المعارضة من ملكيين وجمهوريين، ويساريين ويمينيين وعلمانيين وليبراليين واصلاحيين ومطالبين بحقوق القوميات، واستبعدت عنه منظمة مجاهدي خلق، وباقي المنظمات المسلحة، والمطالبين بتقسيم ايران، وإقامة دول قومية مستقلة.
ودافع ممثلو القوميات غير الفارسية، خصوصا ممثل العرب كريم بن سعيد عبديان وزعيم حزب “كوملة” عبد الله مهتدي ورئيسة منظمة النساء في كردستان ناهيد بهمني وآخرون، دافعوا عن إقامة نظام فيدرالي مقبل في ايران بعد تغيير النظام الحالي، واستند الكثير منهم الى تاريخ إيران الذي أوجد “ممالك مختلفة القومية” في امبراطورية واحدة، وأن ايران هي بلد الأقليات التي تشكل كل أقلية في منطقتها أكثرية.
وقال الباحث المعارض الذي ينتمي الى القومية الآذرية ضياء صدر الأشرافي إن الاتفاق على نظام فيدرالي، يحول دون تقسيم ايران بعد التغيير، في ضوء ارتفاع الشعور القومي لدى الأقليات والقوميات غير الفارسية.
و اعتبر الموافقون على مشروع النظام الفيدرالي أنه سيضمن عدم تكرار المظالم التي تعرضت لها القوميات غير الفارسية في الحقب الماضية ومنهم بالطبع حسن شريعتمداري نجل المرجع الايراني الراحل اية الله كاظم شريعتمداري الذي تعرض لمضايقات شديدة وضغوط كبيرة في بداية عهد الجمهورية الاسلامية واتهم برعاية محاولة لاغتيال الامام الخيميني الراحل.
وبالمقابل فإن الرافضين للفيدرالية برروا رفضهم بالمخاوف من تقسيم ايران، وتحولها إلى كانتونات صغيرة منعزلة تتصارع فيما بينها على الثروات الطبيعية.
وأخذ موضوع الفيدرالية حيزا كبيرا من المناقشات وكادت تفجر خلافا حادا يطيح بالمؤتمر وأهدافه الرئيسية في جمع المعارضين لأول مرة على طاولة واحدة وجها لوجه ليبحثوا مستقبل النظام.
ودافع خالد عزيزي الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني عن أهمية تواجد باقي المنظمات المسلحة والانفصالية في هذا المؤتمر، منتقدا التلويح باستبعادهم.
ولكن البارز هو اجتماع عزيزي الى جانب شاهو حسيني ممثل الشق الثاني من الحزب الكردي المعارض بزعامة مصطفى هجري.
تأثيرات “الربيع العربي”
واعتبر شهريار آهي مستشار الأمير رضا بهلوي نجل شاه ايران السابق، أن الثورات العربية “الربيع العربي” أوجدت مناخا جديدا في ايران يدفع الى تكرار التجربة بحيوية جديدة لايجاد تغيير شامل في ايران، متجنبا الحديث عن المستقبل السياسي وشكل الحكم، لكنه شدد على حق الايرانيين في تقرير مصيرهم وانتخاب نظام يليق بهم في عالم متطور تتسارع فيه الأحداث بقيادة الشبان رغم أنوف الكبار.
واستعرض مستشار نجل الشاه فترة الحرب الباردة التي رافقت نشوء الجمهورية الاسلامية، وقدم وثائق عما سماه دعم واشنطن لايران خلال فترة الحرب مع العراق.
وأقام شهريار آهي منذ سنوات علاقات جيدة واجرى اتصالات مكثفة مع التيارات والمنظمات السياسية المختلفة في المعارضة الايرانية التي ناهضت نظام الشاه السابق، للاتفاق على المبادئ السياسية لاقامة النظام المقبل.
وفي اليوم الثاني لمؤتمر المعارضة الايرانية تحدث ممثلون عن القوميات غير الفارسية ناشطون مستقلون منهم الباحثة شهران طبري مديرة مكتب إذاعة “فردا” في لندن التي تبث برامجها باللغة الفارسية.
مطالبات بدعم “الثورة السورية”
ووجه مراد ويسي وهو باحث في الشؤون العسكرية انتقادا حادا للزعيم الديني الايراني آية الله علي خامنئي وزعم أنه يتمترس خلف ايجاد عداء مباشر مع الولايات المتحدة، ودعا المعارضين الى الاتفاق على رؤية واضحة لحث الغرب على عدم الانجرار إلى “عداوة” خامنئي المفتعلة مع أمريكا.
وطالب الباحث بالعمل على إقناع الغرب على أن يبدي اهتماما كبيرا بمسائل حقوق الانسان والديمقراطية في ايران بدلا من الملف النووي لكي يتمكن الايرانيون من إنجاح ثورتهم كما نجحت الثورة العربية في تونس ومصر.
وايد مراد ويسي أن تدعم المعارضة الايرانية الثورة السورية في سياق التحدي المستمر للنظام الايراني الذي يدعم نظام بشار الأسد في دمشق.
من جهته فقد اتهم المعارض البارز محسن سازغارا (أحد مؤسسي الحرس الثوري) هذه المؤسسة بالتورط في الفساد الاقتصادي والسياسي، وبقمع الاحتجاجات التي اندلعت بعيد الانتخابات العام 2009 بقسوة مفرطة حالت دون ايجاد تغيير سريع.
وفي اليوم الثاني للمؤتمر أثار ممثل العرب، كريم بني سعيد عبديان تساؤلات عن موقف الحركة النسوية في الخارج التي أيدت الحركة الخضراء وما اذا كانت ستبقى الى جانب الحركة الخضراء فقط دون الاهتمام بالنساء من بقية القوميات كالعرب والأكراد والتركمان والآذريين، واستند عبديان الى ماقالته الناشطة الكردية ناهيد بهمني في أن الحركة الخضراء همشت نشاط نساء القوميات.
ووجه عبديان انتقادات الى الحركة الخضراء وأنها تعاملت مع باقي المعارضين بسلبية مثلما فعلت مع “منظمة مجاهدي خلق”، بالإضافة إلى عدم قيام ممثلي الحركة الخضراء بالاتصال بممثلي القوميات في الخارج.
وقال إن مطالب القوميات غير الفارسية هي جمهورية ديمقراطية فيدرالية وعلمانية، مشددا على أن هذا المطلب هو الحد الأدنى في المشتركات مع باقي فصائل المعارضة.
واتهم شاهو حسيني ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني في حديث مفصل مع” العربية.نت” المعارضة والحكومة على السواء بمحاربة القوميات غير الفارسية، لكنه رأى في مؤتمر المعارضة خطوة إيجابية لحل هذه المعضلة في النظام القادم