أنه على الرئيس بشار الأسد التنحّي عن السلطة، ليمهّد الطريق للديمقراطية، بعدما أظهرت الانتفاضة الشعبية أنه فقد الشرعية.
اتفاق لدى رموز المعارضة السورية المجتمعة في أنطاليا على ضرورة رحيل بشار الأسد
أنطاليا: أنهى مؤتمر المعارضة السورية أعمال يومه الأول في أنطاليا مساء الأربعاء بحضور نحو 300 شخص متجاهلاً العفو الرئاسي الذي أعلن عنه الرئيس السوري عن السجناء السياسيين، في حين دعت غالبية الخطباء إلى العمل على إسقاط النظام.
وانقسم المجتمعون بعد ظهر الأربعاء إلى لجان، شملت موضوعات عدة، مثل الإعلام والتنسيق والاتصالات، وعقدت اجتماعات مغلقة تواصلت حتى ساعات المساء الأولى.
ومن المقرر أن يواصل المؤتمر أعماله الخميس، على أن يصدر توصياته، التي ستشمل “خطة عمل” للمستقبل، حسب ما أفاد أحد المشاركين.
وحده رئيس وفد الاخوان المسلمين ملهم الدروبي اشار الى العفو الرئاسي في كلمته قبل ظهر الاربعاء، الا انه دعا الحاضرين الى “عدم الالتفات اليه”.
وقال في كلمته “اننا ننظر الى المرسوم 61 الذي اصدره (الرئيس السوري) بشار أمس بعين الريبة، اذ جاء متأخرًا وغير كاف، واتساءل من يحتاج العفو حقيقة أبناء سوريا الأحرار أم من قام بقتلهم؟”.
وأضاف الدروبي، الذي كلفته قيادة جماعة الإخوان تمثيلها في هذا المؤتمر، “لا تلتفتوا اليه (المرسوم الرئاسي) ولنعمل جاهدين على تحقيق هدفنا الذي جئنا من اجله”.
وفي تصريح خاص لفرانس برس، قال الدروبي “ان مرسوم العفو الذي صدر في هذا التوقيت هدفه التشويش على مؤتمر أنطاليا، وقد يكون الأسد ظنّ أن هذا القرار يمكن أن يمثل رشوة للاخوان أو غيرهم”.
عن امكانية الحوار مع النظام، قال الدروبي “قبل اي حوار، على الرئيس السوري ان يفرج عن جميع المعتقلين، وان يعيد الشبيحة والامن والجيش الى ثكناتهم، وان يسمح بالتظاهرات السلمية، وان يعتذر من ذوي الشهداء، فإذا قبلوا اعتذاره… ننظر في مسألة المشاركة في طاولة مستديرة”.
من جهته، قال عبد الرزاق عيد رئيس المجلس الوطني لإعلان دمشق في المهجر إن هذا المؤتمر هو “إحدى المحطات التاريخية في معركة الشعب السوري من أجل تحقيق استقلاله الثاني الحقيقي”.
واضاف “ان النظام لا يقدم اي تدابير ثقة، رغم كل ما يدّعيه عن الحوار، ولا حوار معه، الا بعد توقف المذابح”، مؤكدًا ان “الشعب يريد اسقاط النظام”.
وشدد عيد من جهة ثانية على ان هذا المؤتمر “لن يكون أكثر من صدى لصوت الثورة في الداخل المعلنة على التراب الوطني كافة”.
وعقد المؤتمر وسط اجواء حماسية، حيث كانت كلمات الخطباء تقاطع دائمًا بهتافات من قبل الحضور مثل “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”، و”الشعب يريد اسقاط النظام”، و”يا بشار ما منحبك ارحل عنا انت وحزبك”، و”اسلام ومسيحيي كلنا بدنا حرية”، اضافة الى صيحات التكبير.
كما توزعت في قاعة المؤتمر صور عملاقة لقتلى سقطوا في مدن سورية عدة، خصوصًا في درعا، وجثثهم ملطخة بالدماء.
كما لفّ بعض الشبان أجسادهم بالعلم السوري الأول، الذي اعتمد بعد الاستقلال عن فرنسا في الأربعينات.
وكان المسؤول الإعلامي في المؤتمر الشاب محمد دغمش (25 عامًا) افتتح أعماله نحو الساعة 9:30 (6:30 ت غ) فأنشد الجميع النشيد الوطني السوري، ثم وقفوا دقيقة صمت حدادًا على “أرواح شهداء الثورة”.
والقى رجل الأعمال غسان عبود، صاحب قناة أورينت الفضائية، كلمة ترحيبية أعلن فيها أنه “قررنا أن ننبذ كل الخلافات لاننا نريد الوصول الى وطن كريم”.
من جهته، اكد الشيخ محمد مراد الخزنوي، ابن العلامة الكردي محمد معشوق الخزنوي، ان “ما نطمح الى تحقيقه مطلب شرعي، ومساندتكم الثورة امر شرعي، لكن هذا لا يعني اننا نبغي إقامة إمارة إسلامية”.
واضاف وسط تصفيق الحضور “ندعو الى دولة القانون، ودولة ديموقراطية ليبرالية علمانية، على اساس فصل الدين عن الدولة، وليس معاداة الدولة للدين”.
اما فراس الغنام (19 عامًا) الناطق باسم ائتلاف صفحات الثورة السورية ضد نظام الاسد على فايسبوك، فقال “لسنا ابطال المعارك. ابطال المعركة في الداخل (…)، ولا نتبع أي جهة ولا أي جماعة ولا أي حزب”.
كما القى ضياء الدين دغمش الناطق باسم “شباب التعبئة” كلمة، وهو احد الناشطين في الداخل الذين خرجوا قبل ايام من سوريا للمشاركة في المؤتمر.
والقى صلاح بدر الدين كلمة باسم “الاكراد الاحرار” وسط هتافات الكثير من المشاركين الاكراد الذين كانوا يهتفون “ازادي” اي كلمة الحرية بالتركية.
وقال ان “هذه الانتفاضة هي مصدر الشرعية الوطنية، وفي هذه المرحلة سنعمل على دعم ما يؤمن استمراريتها، ونلتزم بارادة شعبنا في الداخل من دون ادعاء تمثيله لا سياسيًا ولا رسميًا او الوصاية عليه”.
وختم كلمته بالقول “نعمل جميعًا على تحقيق الهدف الاساسي وهو اسقاط النظام”. كما القى الشيخ عبد الاله ثامر طراد الملحم من مشايخ عشيرة العنزة كلمة.
وخلال جلسة بعد الظهر العلنية، بثّ تسجيل صوتي للمعارض السوري في الداخل هيثم المالح، كما تعاقب على الكلام الحقوقي رضوان زيادة ورئيسة لجنة الدفاع عن الصحافيين في سوريا بهية مارديني.
وتجمع بضعة متظاهرين يرفعون صور الرئيس السوري بشار الاسد امام مدخل الفندق الذي يعقد فيه المؤتمر، كما قال مصور لوكالة فرانس برس، فقامت الشرطة بإبعادهم.
وكان الاسد اعلن مساء الثلاثاء عشية بدء المؤتمر عفوًا عامًا، يشمل الاخوان المسلمين والمعتقلين السياسيين حتى تاريخ صدوره، لكن المعارضة المجتمعة في أنطاليا سارعت الى التشكيك به لاعتباره “غير كاف” وانه “جاء متأخرًا”.
وبعد نحو شهرين ونصف شهر على اندلاع الحركة الاحتجاجية الواسعة في سوريا ضد نظام الاسد، تنطلق اعمال هذا المؤتمر بهدف “بحث سبل دعم الثورة السورية في الداخل وتأمين استمرارها”، حسبما أجمع عليه ممثلون عن مختلف الاطراف المشاركة.
واللقاء، الذي يعقد تحت اسم “المؤتمر السوري للتغيير”، هو المؤتمر الاول الفعلي للمعارضة السورية منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في منتصف اذار/مارس الماضي في سوريا.
ويشارك في مؤتمر انطاليا ممثلون عن جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في سوريا، وعن اعلان دمشق، الذي يضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج، وتنظيمات وشخصيات كردية وممثلين عن عشائر وعن شبان يشاركون في تنظيم الحركة الاحتجاجية في سوريا.