بقلم: توفیق نواصر،

ماذا يعني مفهوم ولایة الفقیه ؟ ولاية الفقيه تعتبر من أهم ركائز النظام الإيراني طبقاً للدستور حيث يقوم بالوصاية المباشرة وغير المباشرةTofigh_Nawaser

صراع خامنئي ونجاد وقضية الشعوب في إيران

بصورة أساسية في صنع القرار السياسي. لكن اليوم نلاحظ نجاد وكأنه يبدو غير راض لما يتمتع به ولي الفقيه من نفوذ غير محدود

في واقع الأمر أنّ خامنئي هو صاحب كلمة الفصل في النظام الإيراني ولا يخضع لأي نوع من أنواع الرقابة الدستورية على صلاحياته ويحكم البلاد بصورة ملكية متوارثة إذا كان الأمر غير ذلك إذاً كيف يمكن لشخص عزل وزير يتلقى أوامره من رئيس الجمهورية دون علم مسبق من

رئيسه الذي هو قام باختياره حسبما يتمتع به من صلاحيات منحها إياه الدستور الإيراني وذلك لو نظرنا الى عدد الأصوات التي إدعى الحصول عليها رغم الشكوك التي أثيرت حولها والتلاعب والتزوير الذي شاب عملية الإقتراع لكن رغم ذلك ألا يعني تدخل المرشد على أنه ضرب عرض

الحائط حق هؤلاء الذين اختاروا الرئيس ومنحوه أصواتهم كي يحكم لأربع سنوات قادمة لتنفيذ وعوده التي قطعها على الناس في حملته الإنتخابية ليقود عملية القضاء على الفساد وألا يعتبر تدخل المرشد نوع من أنواع الفساد حيث بفضل قدرته على مواجهته المرشد قام البعض بالتصويت له حسبما يرى البعض وهذا ما كان يفتقر له الإصلاحيون.

لكن رغم كل ما يدور من حديث بين نجاد والمرشد من صراع مازالت ذاكرة الإيرانيين تختزل الكثير من الصور خاصة مشهد تقبيل نجاد يد ولي الفقيه بعد أن قام خامنئي بإعطاءه أوراق إعتماده وبدى للبعض أن نجاد الشخص المحبذ لولي الفقيه لأن المحافظون فضلوه على منافسيه الإصلاحيين وحتى المتشددين أمثال موسوي و رضائي وبفضل هذا المظهر استطاع أن يجلب انتباه المرشد كي يزكيه في 2005 أمام منافسه الأكثر نفوذاً رفسنجاني لكن اليوم ظهور نجاد مظهر المتحدي والمتجلد أمام المرشد رغم أنه لم يفاجئ الكثير من الذين عرفوا شخصيته صدم الكثير من أعوانه المحافظين وقيادات دينية وقيادات في الحرس الثوري.

فقد حاول نجاد في أول أيام حكومته الإستيلاء على مفاصل الحكم والعمل على التخطيط المركز لمن سيخلفه في الإنتخاباتى القادمة وعمل على تغيير واسع طال المراكز الحكومية الحساسة ليضعها في أيد المقربين منه واصطدم عدة مرات مع البرلمان نتيجة خوف البعض من توجه الرئيس فقد تركزت سلطته على المصادر المالية مثل وزارات المالية والنفط والتخطيط وقام بحل منظمة الموازنة والتخطيط وألحقها بمكتبه وبعد هذا الجهد الذي استمر 6 سنوات ومن أجل إعلان مخططه للرئاسة القادمة التي ستجرى بعد عامين من الأن رأى من الضروري كبح جماح المرشد لتعبيد الارضية اللازمة لمن سيتولى الحكم بعده .

رغم كل ما ذكرناه ظل البعض ينظر الى مجريات الأحداث في إيران على أنه صراع كاذب لحرف الأنظار مما تعانيه الشعوب في إيران من ظلم وتمييز والتشويس على مطالبها الحقة فقضية عزل وزير وإبقاءه ليست سوى مسرحية يقوم ببطولتها نجاد وخامنئي ، ولكن على النقيض من هذا التحليل يفسر البعض ما تشهده إيران على أنه صراع على توزيع الثروات والسلطة بين تيارات النظام وأنه صراع حقيقي سوف يقوض أركان النظام الإيراني لو استمر على هذا الحال .فنجاد يسعى جاهداً لكي يمهد الأرضية لشخص يسير على دربه ويمارس نفس اللعبة التي مارسها جاره الشمالي في روسيا الإتحادية “بوتين” عندما مهد الطريق لتلميذه “مدفيديف” وهو الحاكم الحقيقي الأن وهذا ما يخشاه خامنئي وأتباعه بأن يتحول المرشد الى مجرد لعبة الـ “أرجوزة” تديرها أصابع نجاد .لكن سوف لن يصمت أتباع خامنئي بهذه السهولة وسوف تستمر هذه الحرب حتى إعلان المنتصر النهائي فيها .

أرى أن خامنئي لمس عن قرب طموحات نجاد التوسعية في السلطة من هنا بات يرتعش خوفاً من هذا الأمر فأوكل لأنصاره تدبر الأمر والقضاء على أحلام نجاد وإن استلزم الأمر ترتيب سيناريوهات مثل إعتقال مساعده الأمين مشائي بتهم فساد وتأسيس تيار منحرف وإذا لم يردع نجاد ذلك سوف تطرح ورقة استجواب نجاد في البرلمان لتطوى صفحته الى الأبد وبذلك سوف يرمي المرشد عصفورين بحجر واحد حيث سيتصالح تلقائياً مع تيار موسوي وكروبي الذي يوصف بالحركة الخضراء ومن ثم إعلان نجاد الذي تحول الى كبش فداء على أنه السبب في الإنتكاسات الإقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد طيلة أعوام حكمه وهذا ما يظهره للناس على أنه برئ وينزه ساحته وإن رضخ نجاد وأتباعه سوف ينتصر المرشد بأقل الخسائر.

والمؤشرات كلها تشير الى تصاعد وتيرة الصراع حيث القبض               على أقرباء مشائي ونجاد بتهم فساد منهم بقائي مساعد نجاد في منظمة التراث وهو من دائرة مشائي والخطابات التي تحدث عنها أئمة الجمعة والبعض كان قد أوعز لنجاد الكف عن طموحاته وإلا إن المرشد يمكنه طلاق زوجته منه وهي أقرب الناس له ناهيك عن الحكومة .ولا أعتقد أن نجاد قد نسي مصير أول رئيس جمهورية بعد الثورة رغم أن البعض من اتباع خامنئي قد حذره من ارتكاب حماقات قد تودي به الى مصير مشابه لمصير أبو الحسن بني صدرأو مصير خليفة المرشد “منتظري” وحبسه في بيته لفترة عقدين ونيف من الزمن

رغم اختلافنا مع نجاد بسبب نهجه لكن ذلك أيعقل هذا الذي يحدث له من قبل ولي الفقيه رغم أن الإثنين من المفترض أن ينتخبا من قبل الشعب ولا سلطة لأحد على الأخر لكن هذا الولي الفقيه اراد أن يصبح سلطان عصره وخليفة المسلمين بلامنازع ويحول البلاد من حكم ملكي جائر الى حكم ديني مستبد رغم أن الإستبداد الديني من أبشع الديكتاتوريات .

أما اليوم فقد جاء دور الشعوب غير الفارسية لكي تستغل فرصة الخلاف الحاصل على السلطة والمال في الجمهورية الإيرانية وتدعم بعضها الأخر في ثورات تصنعها الشعوب فقد قام عرب الأحواز بانتفاضة جماهيرية عارمة في 15 نيسان الماضي وهي تواصلاً لثوراته منذ 1925 وامتداداً لإنتفاضته في 1979 إحياءاً لها في 2005 حيث شهدنا أجمل صور التأزر بين الشعب العربي الأهوازي-الأحوزي والكردي في 79 عندما ثار الشعبان بقيادة زعيميهما شيخ محمدطاهرآل شبیر الخاقاني وعزالدين الحسيني في أروع مشاهد التلاحم بين الشعوب الغير فارسية واليوم نحتاج لمثل هذه الوقفة بين الشعوب غير الفارسية ونحن نشهد القمع الذي تتعرض له هذه الشعوب ويتعمل النظام على إحباط كل هذه الثورات من بث الفتن القبلية في تسليح القبائل لزرع النعرات العشائرية بن أبناء الشعوب وصولاً الى طمس الهوية القومية لها فعلى الناشطين طرح قضيتهم على مستوى العالم ليكشفوا النقاب عن وجه النظام الحقيقي ويعروا وجهه الحقيقي الذي تلبس به طيلة العقود المنصرمة باستخدام الدين تارة واستخدام القومية الفارسية تارة أخرى ليسحق بها معالم وهوية وتراث الشعوب غير الفارسية فاليوم أثبتت الخلافات التي تدور بين أركان هذا النظام بأنه هش يمكن القضاء عليه بوحدة الصف بين الشعوب والتلاحم بين ابناء هذه القوميات فمهما استقوت ألة السلطة المستبدة فغنها في نهاية المطاف سوف تتهشم أمام إرادة الشعوب فلا يمكننا أن ننسى ما قاله الشاعر العربي التونسي الكبير في قصيدته التي ألهمت الشعب التونسي لكي يصنع ثورته عندما قال :إذا الشعب يوماً أراد الحياة  فلابد أن يستجيب القدر— ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر .

شاهد أيضاً

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …