وما يميز انتفاضته هذه المرة كونها حظيت بدعم كبير من قبل المنظمات الانسانية المدافعة عن حقوق الانسان وبخاصة تلك المنضوية تحت لواء هيئة الامم المتحدة ، كما حظيت ايضا بتأييد بعض الشخصيات الايرانية منها على سبيل المثال لا الحصر السيدة شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام بالاضافة الى تاييد الغالبية العظمى من الاحزاب و المنظمات التابعة للشعوب غير الفارسية و بعض الاحزاب والمنظمات الانسانية والسياسية الفاعلة على الساحة الايرانية .
و في موقف هو الاول من نوعه أدان حزب تودة الايراني ” الشيوعي ” المجازر الوحشية التي يتعرض لها الشعب العربي الاهوازي على يد نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وطالب عبر مقال نشرته جريدته الرسمية ” طريق الشعب ” باطلاق سراح جميع المواطنين العرب الذين اعتقلوا على خلفيات المظاهرات التي جرت مؤخراحياءا لذكرى انتفاضة الخامس عشر من نيسان عام 2005 و فيما يلي ترجمة لاهم ما جاء فيه .
ان حزب تودة الايراني اذ يدين الاجراءات القمعية و المجازر الوحشية التي يتعرض لها الشعب العربي في عربستان ” خوزستان” يطالب باطلاق سراح جميع الافراد الذين اعتقلوا على خلفيات الاحداث الاخيرة .
لقد اثارت اخبار قمع المظاهرات السلمية للشعب العربي في عربستان ” خوزستان ” في الاسبوع الماضي سخط وغضب جميع القوى التقدمية في العالم وكذلك المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان بما فيها منظمة العفو الدولية ، حيث اعتقل نظام ولاية الفقيه وعبر ذراعه المسلح ” الحرس الثوري ” الكثير من المواطنيين العرب، كما ارتكب ومن خلال هجومه على المدنيين العزل في المناطق العربية وخاصة في مدينتي الاهواز والحميدية مجازر قتل وحشية ضد الذين ينوون التظاهر السلمي احياءا لذكرى انتفاضة الخامس عشر من نيسان من عام 2005 وقد جرى اثناء ذلك اعتقال ما يقارب 200 مواطنا من النشطاء الثقافيين و المدنيين ، كما ان عدد القتلى واستنادا الى الاحصائيات التي نشرت من قبل السيدة شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام قد بلغ ما يقارب 12 قتيلا و ان عدد الجرحى بلغ العشرات .
لقد جاءات انتفاضة الشعب العربي الاهوازي في نيسان من عام 2005 احتجاجا على سياسة تغيير النسيج السكاني ” الديمغرافي ” من خلال تهجير السكان الاصليين ” العرب ” و احلال محلهم سكانا غير اصليين وذلك عبر استحداث مدن جديدة ومصادرة اغنى الاراضي الزراعية العربية واعطاءها الى الشركات التابعة الى الحرس الثوري والتي تعرف ب ” تعاونيات الاستشهاديين ” – ايثار كران – ولصالح ايجاد المناطق التجارية الحرة .
ان انتفاضة الشعب العربي في عربستان ” خوزستان” التي اندلعت في ذلك العام ” نيسان 2005 ” والتي عمت بسرعة جميع المناطق العربية واجهت حينها القمع الدموي و المكشوف من قبل نظام و لاية الفقيه الرجعي وكانت نتيجة ذلك القمع استشهاد العديد من المواطنين العرب و هم غارقين في دمائهم ، بالاضافة الى عشرات الجرحى واسر العديد من ابناء هذا الشعب . ثم جاء دور الاعدامات الجماعية التي تم تنفيذها دون محاكمة ولقد وصلت قساوة النظام الى درجة حتى تم بعد عدة ايام اخراج اجساد اعداد من الضحايا من الانهر .
وفي السنوات الاخيرة بلغت اعدامات الشباب العرب في الملأ العام اوجها حيث في الفترة الواقعة بين عامي 2010 و 2009 في مدينة الاهواز لوحدها ما يقارب 38 شخصا وان الهدف من وراء هذه الاعدامات هو بث الذعر في نفوس الجماهير و ايجاد الفرقة بين كادحي ومظلومي الشعب العربي وغير العربي الساكنين في المنطقة و اللجوء الى حرب وهمية بين ” العرب والعجم ” لربما يزيدون ولو عدة ايام من عمر هذا النظام الممتهن للجريمة ، الا انهم غير قادرين ان يلحقوا اي خلل بالاتحاد المستحكم بين الشعوب الايرانية و الحركة العمالية و الكادحين من ابناء هذا الشعوب . لقد شاهدنا في الايام الاخيرة الماضية الاضراب المنتصر لعمال شركة البتروكيمياويات في ميناء ” معشور ” الامام ” وكيف اجبروا المضربين هذا النظام وعبر اتحادهم على التراجع امام مطالببهم المشروعة .
و قام نظام ولاية الفقيه وخلال فترة حكمه باستخدام العنف ضد اي حركة احتجاجية من جانب الشعب العربي حتى لو كانت هذه الحركة ثقافية و من خلال توجيه تهمة الانفصال عن ايران و الارتباط بالاجنبي ارتكب اشنع اساليب القمع ، ولم يقتصر ذلك على العرب وحسب وانما طال قادة الحركة الخضراء و المنظمات السياسية لعموم ايران وكذلك سائر القوميات الواقعة تحت الاضطهاد القومي مثل الاتراك والاكراد و البلوش و التركمان و ذلك بتهم مشابهة وقد أعدم الكثير من ابناء هذه الشعوب وألقي بالكثير منهم في غياهب السجون ، كما كان قادة الحركة الطلابية و العمال و النساء هم من بين المناضلين الذين استهدفهم النظام الرجعي في ايران سعيا منه لاسكات صوتهم ولمنعهم من رفعه للمناداة بالحرية و الديمقراطية .
اما بالنسبة لاوضاع الشعب العربي في عربستان ” خوزستان” فانه وكسائر الشعوب الايرانية الاخرى القاطنة في ايران يعاني من الاضطهاد المضاعف، كما ان هويته القومية ، الثقافية و اللغوية تتعرض للفناء قبل ما يقارب القرن وذلك من قبل النظامين الرجعيين النظام البهلوي و نظام ولاية الفقيه ، الامر الذي جعل حراك شعوب هذه المناطق اكثر وضوحا ، فاستنادا الى الاحصائيات الرسمية المعلنة من قبل النظام فقد استشهد وخلال حرب الثمان سنوات ما بين العراق وايران اكثر من 12000 مواطن عربي في عربستان ، ناهيك عن تهجير اكثر من 500000 مواطن اخر ، وذلك لدواعي ايجاد مناطق امنية من مساحة تقدر 5 آلاف كيلومتر مربع وعلى امتداد شط العرب .
و منذ انتصار الثورة الايرانية عام 1979 وحتى اليوم صادرت الدولة ما يقارب 200000 هكتار من اراضي العرب الزراعية لصالح مشاريع قصب السكر و لم ينتهي الامر الى هذا الحد بل صادرت الدولة اكثر من 47000 هكتار من اراضي الفلاحين العرب في منطقة ” الجفير” وذلك لصالح شركات ” الاستشهاديين ” التعاونية والمكونة من عناصر” البسيج و الحرس ” ، بالاضافة الى مصادرة اكثر من 6000 هكتار من الاراضي الزراعية التابعة للمواطنيين العرب القاطنين في شمال مدينة الشوش ومنحها لعناصر مهاجرة موالية للحكومة .و في عام 2003 اقدمت الحكومة على هدم اكثر من 4000 بيت على ساكينها في منطقة “سبيدار” في مدينة الاهواز .
ان هذه السياسات الاجرامية اجبرت الشعب العربي على السكن في ” مدن الصفيح ” و احياء الاكواخ مثل ” رفيش اباد ” و كاميش آباد ” و” حصير آباد ” و ” شلنك آباد ” وهي احياء تحيط بمدينة الاهواز التي تحتل المرتبة السادسة من بين المدن الايرانية الكبرى .
واستنادا الى تقرير السيد ميلان كوتاري المبعوث الخاص لقسم ” الاسكان المناسب ” التابع لهيئة الامم المتحدة والذي زار المنطقة ” اقليم عربستان ” في تموز ” جولاي ” من عام 2005 ان الالاف من المواطنين العرب يعيشون في مناطق تجري فيها المجاري الصحية مكشوفة دون وجود اي نظام يراعي الحالة الصحية للمواطنيين ، اما معدل البطالة في مدن مثل عبادان و المحمرة والتي تقطنها اكثرية عربية فقد بلغ على التوالي ما يقارب 31% و 50 % ، كما ان الغالبية العظمى من القرى العربية لا توجد فيها مدارس .
وفي الوقت الذي وصل فيه معدل الامية في ايران ما بين 10% الى 18 % لا يزال اكثر من 50% من الرجال العرب يعانون من الامية . وان معدل هذه النسبة تصل بين النساء الى 80% اما معدل الامية في المناطق الريفية غير الصناعية مثل مدينة الفلاحية قد وصل الى ما يقارب 100% ، هذا اذا علمنا و استنادا الى الاحصائيات الموثوقة ان 30 % من الطلاب العرب يتركون الدراسة في المرحلة الابتدائية و ان 50% منهم يتركونها في المرحلة الاعدادية و 70% يتركونها في المرحلة الثانوية ،كل هذه الامور تعود لاجبارهم التعلم باللغة الفارسية وهي لغة غير لغتهم القومية ” لغة الام ” .
ومن بين 3 آلاف طالب جامعي يدرسون في جامعة الاهواز “جمران ” للعام الدراسي 2000 – 2001 تشكل النسبة المئوية للطلاب العرب من ابناء المنطقة 7% فقط ، هذا واستنادا الى تصريحات ادلى بها الدكتور بلالي رئيس الادارة الصحية في منطقة دشت آزادكان ” الحويزة وشط بني طرف ” ان 80% من اطفال هذه المنطقة يعانون من سوء التغذية ، كما ان معدلات الامراض الجلدية ، القلبية و الكليوية بين ساكني بعض المدن العربية مثل الفلاحية و الخفاجية ارتفعت بشكل متزايد
واذا امعنا النظر قليلا في هذه الاحصائيات نرى بوضوح ان نظام ولاية الفقيه اتخذ من الظلم الثقافي – اللغوي الممارس ضد الشعب العربي في عربستان ” خوزستان ” و سيلة من اجل ضياع حقوق الكادحين و الفلاحين و سائر فئات الشعب في هذه المنطقة .
ان هذه الاحصائيات و الاوضاع الجديدة في منطقة الشرق الاوسط والتي اقترنت مع حركة شعوب المنطقة غير المسبوقة للمطالبة بالديمقراطية واسقاط انظمة الحكم المستبدة قد هيأت الارضية مجددا لانتفاضة الجماهير في داخل بلادنا .
من هنا فان حزب تودة الايراني ” الشيوعي ” في الوقت الذي يدين فيه بشدة الممارسات القمعية و المجازر الوحشية التي يتعرض لها الشعب العربي في عربستان “خوزستان ” يطالب باطلاق سراح جميع الذين اعتقلوا على خلفيات الاحداث الاخيرة .