محمد الحربي
إن ما تمارسه إيران اليوم ضد العرب، وتدخلها السافر في الشأن الداخلي لدول الخليج، ولبنان وسوريا ومصر واليمن والمغرب، وتعنتها المتطرف أمام القرارات الدولية المطالبة بالكشف عن برنامجها النووي، والقمع الدموي والتصفيات العرقية لعرب الأهواز بمن فيهم الشيعة، والوثائق السرية المريعة التي انفردت «عكاظ» بنشرها الأيام الماضية، ومطالبة النائب الإيراني برويز سروري بمنع الشيعة الإيرانيين من الحج والعمرة إلى بلاد العرب انتصارا لعزة الفرس، تكشف حقيقة الوجه الإيراني القبيح الذي يتشدق بحمايته للشيعة العرب في البحرين والعراق ولبنان والحوثيين في اليمن وغيرهم من العرب الشيعة، كله كذب ولا أساس له من الصحة.
علاقة الحب المتبادل بين إيران وبين الشيعة العرب هي علاقة حب من طرف واحد، فإيران همها الوحيد هو إعادة إمبراطورية فارس، ولا يهم إن كان الطريق إلى ذلك يمر على صدور وجماجم كل امرأة ورجل وشيخ وطفل من الشيعة العرب وإن كانت قلوبهم معلقة بإيران.
إيران تبحث عن مجد قديم يأبى كبرها وصلفها قبول فكرة أن مجموعة من الأعراب البدو رعاة الشاة استطاعوا في يوم من الأيام أن يمحو إمبراطورية فارس من على خارطة العالم، ولا يهمهم إن كان من محاها هو جيش نبي مرسل من عند الله، ولا يهم إن كان ذلك لصالح توسع نفوذ الدولة الإسلامية التي ستنشر دين الله الحق على أرضها، ولا يهم إن كان الإسلام هو البديل للمجوسية وللكفر؛ إنما المهم أن تعود إمبراطورية فارس، وأن يستعبد الفرس العرب ويردوا لهم الصاع صاعين، وما أخذ قديما بالدعوة إلى الله أو بحد السيف سيسترجع بالسلاح النووي والصواريخ العابرة للقارات.
إيران لا تحب الشيعة العرب، ولا يعنيها أن يباد كل الشيعة العرب، ولكنهم سلاح ينبغي اللعب على أوتاره طالما أن غالبيتهم ما يزالون يدينون بالولاء للملالي في قم، لتجد إيران لنفسها موطئ قدم في كل المنطقة العربية.
سقط القناع الشيعي عن وجه إيران، وبدأت تنقلب حتى على ثورة الخميني التي أنهت النظام الشاهنشاهي في إيران سنة 1979م، وحولت إيران من نظام ملكي، تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لتصبح جمهورية إسلامية تقوم على أساس أيديولوجي شيعي عمل منذ نشأته على تصدير الثورة إلى المناطق المجاورة، ونشبت الحرب العراقية الإيرانية كنتيجة من نتائج تلك السياسة، وكذلك الحرب الأهلية الأفغانية.
نعم، سقط القناع الشيعي عن وجه إيران الفارسي، ولم يعد يخفى على أحد ماذا تريد، وتخطط لماذا، ولكن يبقى السؤال الأهم: متى سيستوعب الشيعة العرب بأنهم مجرد أدوات في يد الفرس تستخدمهم إيران لتحقيق أجندتها وحلمها التاريخي في المنطقة، ومتى تحقق لها هذا الحلم المستحيل «لا قدر الله»، ستعمل على تصفيتهم «فرد فرد.. دار دار.. زنقة زنقة!». لم يعد خافيا على أحد أن الوجه الحقيقي لإيران كشف عن قبحه وكشر عن أنيابه وبدت ملامح حقده على العرب واضحة جلية في تجاعيده الهرمة التي تعود لـ 559 سنة قبل الميلاد.