إنّ للضرورة احكاماً ( رؤية الناشط عبدالكريم الاهوازي ورفاقه حول الدعوة للمظاهرة) ‏

abdolkarim-Ahwazi

ما دعانا إلی کتابة هذه السطور مخاطبین بها الشباب العربی الأهوازی قبل أی طرف آخر أو أیة جهة أخری ، هو الشعور بالمسئولیة .. المسئولیة تجاه الضمیر والشعب – الذی ننتمی إلیه بکل اعتزاز – وکذلک القیم الإنسانیة .. وما یفرض علینا القول والتصریح فی مثل هذه الظروف الحرجة والملتبسة هی الضرورة الملحة التی أباحت کل محظور .

قبل أن نعلن صراحة عن موقفنا إزاء ما یجری الآن فی المنفی أو المهجر وما یقوم به بعض النشطاء السیاسیین الأهوازیین وما یدعون إلیه الشعب العربی الأهوازی عموماً وشبابه علی وجه الخصوص من الخروج إلی الشارع وما شابه ذلک ، علینا أن نؤکد قبل کل شئ علی أن ما نقوله لیس موجهاً إلی هؤلاء السیاسیین القاطنین خارج الوطن بقدر ما هو یعنی الشباب فی الداخل ونؤکد أیضاً أن ما نصرح به قد لا یعجب البعض وبالذات أولئک الذین یحکمون علی الأمور بالعقلیة القبلیة الضیقة ویتحکمون بها فکراً وممارسة ، مع ذلک فإن ما نبدیه لیس تحاملاً علی أحد أو مجموعة سیاسیة بقدر ما هو حرصاً علی مصیر الشباب ومصلحة الشعب العربی الأهوازی . أما إذا کان ما نقوله قد یخالف آراء البعض أو أهوائهم ، فالیسمحوا لنا بممارسة حقنا فی الإختلاف .

لا شک أن نضال أی شعب فی سبیل حقوقه المشروعة هو نضال مقدس والشعب العربی الأهوازی لا یختلف عن غیره من الشعوب الإیرانیة بل العالم فی هذا المجال  .. فهناک حقوق منتهکة وأخری منسیة أو مهملة وثالثة مجهولة .. ولا أظن أن هناک شعباً من الشعوب فی العالم لا یعانی ضیاع هذه الحقوق جمیعاً أو بعضاً منها .. ولهذا علیه أن یناضل من أجل التمتع بها کإنسان قبل کل شئ .. فیختلف النضال بطبیعة الحال من شعب إلی آخر حسب الظروف التی یعیشها ذلک الشعب ومن مجال إلی آخر أیضاً إذ لا یقتصر فقط بالنشاط السیاسی ، فیمکن الحدیث عن النضال الثقافی والإجتماعی والإقتصادی والتربوی فالإنسان الحر یظل مناضلاً حتی تحقیق القیم الإنسانیة السامیة . الأمر الآخر هو أننا من المؤمنین تماماً بإرادة الشعوب القاهرة لکل قوی الطغیان والإستبداد مهما عظم أمرها أو کثر قمعها .. نؤمن بقدرتها علی التغییر فیما إذا أرادت ذلک حقاً .. لکنما یبدو لنا ورغم ذلک ، أن الأمر قد التبس علی البعض کما أن ”القضیة” فیما نری تکاد أن تصبح علی ید البعض الآخر أو أصبحت فعلاً هی ”الضحیة” فی هذا الصخب الدائر من حولنا .. ولهذا  کان من الضروری فی هذه المرحلة الراهنة أن نقول ما یجب قوله .

إن دعوة الشباب العربی للخروج إلی الشارع ومواجهة السلطات والقوی الأمنیة بمناسبة ما تسمی بالإنتفاضة النیسانیة من قبل بعض المغتربین أو النشطاء السیاسیین أو السیاسویین تأثراً أو تماشیاً مع ما جری و یجری فی الوطن العربی .. هی الحماقة بعینها إن لم یکن ما یثیر الریبة فی المواقف والتصریحات القومیة لهؤلاء . لهذا لابد أن نسترعی النظر ولو علی عجالة وبشکل مقتضب جداً إلی أهم النقاط التالیة والتی تکشف عن أسباب التخلف السیاسی لدی هؤلاء من جهة ومن جهة أخری تبین لماذا وکیف باتت مشاریعهم (القومیة) لیس تراوح مکانها طیلة هذه السنین فحسب بل تتراجع وتتخلف أکثر فأکثر فأهمها علی الإطلاق هی :

1-  عدم استیعاب الواقع والمتغیرات :

من أهم ما یفتقر إلیه هؤلاء فی برامجهم وتحالیلهم ومواقفهم تجاه القضایا الدولیة والإقلیمیة المختلفۀ وکذلک تجاه شعبهم هی الرؤیة الواقعیة والبعیدة عن المثالیات والرومانسیة السیاسیة .. وآیۀ ذلک تقزم أدوارهم فی المعادلات الدولیۀ وتآکل جرف خطابهم ومستوی تأثیره وانحسار مساحته عند الشباب الواعی کما أن ما یقدمه هؤلاء لا یتجاوز بشکله ومحتواه لغۀ الشعر و أدبیات البیانات .

2-  عدم امتلاک رؤیۀ مستقبلیۀ واضحة المعالم :

الرؤیۀ المستقبلیة أو الإستراتیجیۀ المتکاملۀ تبتنی علی أسس علمیة منها استیعاب الواقع وإمکانیة المراجعة النقدیة لکل التجارب مما یوثق الخطی وینأی بأصحابه عن السطحیة فی المواقف والعشوائیة فی اتخاذ القرارات .

هناک أیضاً ما یمکن أن نسمیه بعدم الإستقلالیة فی التصرفات التی یتعرض له بعض هؤلاء وحتی دون وعی منهم نتیجة الحاجة والعوز .. أو الضغوط النفسیة الناجمۀ عن الغربة ومعاناتها الروحیة .. أو الصدمة الثقافیة التی قد تؤدی هی الأخری إلی أزمات أخلاقیة واجتماعیة و … کل هذا یدعو إلی التأمل وإلی التعمق فی ما یقوله أو یمارسه هؤلاء فالأمر یستحق منا ذلک خاصۀ ونحن حیال ما یوصف بالوضع الخطیر .. فإذا کان العمل السیاسی یعنی فی الواقع رعایۀ مصالح الشعب ، فإن التلاعب بمشاعر الشباب ودغدغتها عبر الأشعار الحماسیة والبیانات الحادة والموهومة لم یکن عملاً سیاسیاً نزیهاً بل لیس أخلاقیاً أیضاً .. لا نبالغ فی شئ إذا قلنا إن الدعوة المطروحة بهذه الصیغة إلی الخروج والتظاهر قد اتسمت بالکثیر من السذاجة و الإستهجان وکذلک الجهل بحقیقة الوضع الراهن وکذلک بالتحدیات الحقیقیة .

ندعوا الجمیع إلی صحوة علمیة فی الوعی القومی .. وإلی ممارسة الحقوق المشروعة وفق معطیات الحاضر واستیعاب الواقع وتجاوز الرومانسیة السیاسیة والمثالیات .. و نؤکد أنه لا یمکن لهؤلاء فی مثل حالتهم هذه أن یکتبوا وصفات للمجتمع .. وأی وصفۀ سیاسیة هذه التی تشبه الإنتحار السیاسی لشعب یستحق الحیاة .. لشعب یتمتع بقدرات ومواهب وإمکانیات یستعصی فهمها علی العقول القبلیة غیرالناضجة کما یجهلها أو یتجاهلها العقل العنصری الضیق وتفوق دونما شک الخطابات الشعریة ومظاهر العنف المدانة .

نقلا عن مدونة عبدالكريم الاهوازي

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …