بقلم: حسن راضي
بدأت الشعوب العربية تستعيد كرامتها و عزتها و حريتها المفقودة منذ عشرات السنين, من خلال الثورات و الانتفاضات الشعبية التي زعزت و أنتصرت على نظاميين في العالم العربي و هما النظام التونسي و النظام المصري. أنبهرت شعوب العالم على التحول الكبير و الإنتصارات التي تحققت خلال أيام معدودة على يد الشعوب التي أنتفضت و كسرت حاجز الخوف و اليأس و تحدت آلة القمع و البطش المهولة التي تمارس لعشرات السنين .
هذه الإنتصارات العظيمة التي تحققت على يد الشباب, جعلت أطراف عديدة تخطط و تحوك المؤامرات و أخرى تحاول أن تقفز على الزمان و المكان من أجل تسجل الإنجازات التي تحققت بإسمها. في الوقت الذي تتأمل و تنتظر شعوب العالم بفارغ الصبر النتائج و الحصاد النهائي لثورتين الشعبيتين العظيمتين في تونس و مصر, فاجئت إيران صاحبة النظريات المطلقة و الحلول الغيبية, المراقبين بتصريحات و خطابات تعتبر في التحليل السياسي إسهال و تجديف سياسي, حيث أدعى عدد من المسؤوليين الإيرانيين و على رأسهم مرشدهم, بإن الثورتين التونسية و المصرية تأثرت من الثورة الإسلامية في إيران. و دعا خامنيئ المرشد الإيراني, علماء الأزهر إلى النهوض و الإنتفاضة بوجه النظام المصري و الجيش بالتوجه إلى مواجهة إسرائيل, مما يوحي للمتابعين بإن النظام الإيراني يقوم بوصايا على الأمة العربية.
تلقت تلك التصريحات ردود فعل قوية و صريحة من جميع الأطراف في مصر حيث يكرر و يؤكد شباب الثورة من ميدان التحرير بإن ثورتهم ثورة وطنية لها أهداف واضحة و محددة و بعيدة عن طموح و أحلام الدولة الاخرى و يرفضون بشدة أي تدخل بالثورة و بمسيرتها و اي محاولة لمصادرتها. و أدان شيخ الأزهر, أحمد الطيب تلك التصريحات و أعتبرها خروجا سافرا على صريح القران و السنة و إجماع الأمة و تتناقض مع مبادئ الإسلام. و رد أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر على تلك التصريحات, و وصفها تعبر عن حقد إيران على مصر و تكشف عما تسعى تلك الدولة لتحقيقه في المنطقة.
ما يثير الإهتمام و يفضح الوقاحة الإيرانية المتمثلة بتصريحات خامنئي, التصريحات المغايرة لتلك التصريحات التي أدلى بها رئيس جمهورية إيران الاسبق محمد خاتمي و مير حسين موسوي رئيس وزراء إيران الأسبق, اللذان أصبحا معارضين لحكومة أحمدي نجاد بعد تزوير الإنتخابات الرئاسية لصالح الأخير عام 2009. أكدا الزعيمان بإن الحركة الأصلاحية التاريخية في إيران تأثرات من الثورتين التونسية و المصرية و الشباب الإيراني سيتأثر حتما من تلك الثورتين و تشكل الثورة المصرية بداية لإنتصار الحركة الخضراء في إيران. المرشد الإيراني خامنئي جعل من نفسه و بذلك التصريح القبيح و الوقح كـ النعامة التي تخفي رأسها في الرمال ظنا منه يخفي حقيقة الثورة الإيرانية التي أفسدها أناس سرقوا تضحيات و طموح الشعوب بالحرية و الكرامة و العزة بمخطط و تدخل أجنبي. و من يقودها اليوم و من كان يقودها بالأمس كانوا أدوات للأجنبي من أجل إنحراف ثورة الشعوب و سرقة الأحلام و الطموح الديمقراطي, بعد ما أفرغوها من محتواها تماما إلا من شعاراتها الفارغة.
قام النظام الإيراني في الإسبوع الماضي بعرض مسرحية, شبع و مل الناس من إداءها و مشاهدها المكرر و المفضوح, بعد ما نظم مسيرة في طهران من الأوباش البسيج و بلطجيي الحرس اللاثوري ( الباسداران) , سماها تضامنية مع الثورة المصرية, و قام بعمل أقبح من تلك التصريحات و تعتبر خروجا على أبسط الأمور المتعارف عليها و تعديا سافرا و أهانة شنيعة و تعبر عن مدى الحقد الفارسي الأعمى ضد العرب و المسلمين حين حرق بلطجيو و أوباش النظام صور لمعظم رؤساء و ملوك الدول العربية بما فيها صور لرؤساء و ملوك دول الخليج العربي و العربية السعودية بالذات!.
يتبجح النظام الإيراني بتلك الثورتين الشعبيتين و يعتبرها بكل وقاحة و سذاجة إستمرارا للثورة الإيرانية التي أثبتت فشلها على كل المستويات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية. و أصبحت كابوسا و نموذجا منبوذا و نذير شوم و تشاؤم عند الشعوب في الخارطة السياسية الإيرانية قبل غيرهم في المنطقة و العالم برمته, بعد ما جعلوا من إيران سجن كبير يمارس فيه أبشع أنواع التعذيب و البطش و الإرهاب, و حرمان الشعوب من أبسط حقوقهم الإنسانية و حتى حقوقهم الإسلامية!. و أصبحت إيران تحصد الرتبة الأولى في العالم من حيث كثرة الإعدامات خلال سنوات طويلة بفضل هذه الثورة الفاشلة التي حاول النظام الإيراني تصديرها خلال ثلاثة عقود و بكل الوسائل الدعائية و التخريبية و لم يتمكن من تصديرها حتى إلى بلد الواق واق.