‏”السير برسي لورين ” يتحدث عن الشيخ خزعل ‏

jaber-ahmad
تاريخ  الاهواز عربستان منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن-تأليف الاستاذ موسى سيادة –عرض وترجمه الباحث الاستاذ-جابر احمد- يتحدث  السير برسي لورين في  من  مذكراته السياسية  وتحت عنوان  الشخ خزعل و رضاخان  في الصفحات ( 56-57 ) قائلا:  ان سلطة الشيخ  واستقلاله في ادارة  اموره  اوائل القرن العشرين هي نتيجة  لثلاث عوامل هامة  وهذه العوامل هي على النحو التالي :

العامل الاول : افتقاد الحكومة المركزية  لجيش قوي، بالاضافة الى معاناتها  من ثورة الدستور و بالتالي فهي في وضع غير قادرة فيه ان تهتم  بجنوب غرب البلاد .

العامل الثاني : بما ان امن و تجارة  الهند يحتاج الى الاستقرار في الخليج و عربستان  لذلك اصبح  التعاون البريطاني مع الشيخ خزعل ضرورة لا مفر منها .

العامل الثالث : ان الدولة البريطانية و شركة النفط الايرانية – البريطانية  تستطيع في حالة واحدة ان تحصل على امتيازمد انابيب البترول المكتشف حديثا   في عربستان و بنا محطة لتكريره في عبادان هو التفاهم مع الشيخ خزعل ، لان الشيخ  وبموجب  امر ملكي  يعد المالك الاول والوحيد لهذه الاراضي  لذلك اضطر الانجليز لتوددوا اليه  .

من جهة  اخرى  كان  زعماء  البختياريين  اثناء احداث الحرب  الداخلية  عام 1909 اثر  قيام ثورة الدستور  قد وقفوا  الى جانب الدستوريين و عندما انتصر هذا  التيار و اصبح  ” السردار اسعد  خان ”  الزعيم “البختياري “البارز  وزيرا للداخلية ، استلم وتبعا لذلك  الزعماء البختيارين  الحكومات المحلية  الجنوبية  الرئيسية في كل من يزد واصفهان و بهبهان الامر الذي نظرت اليه  العشائر العربية في عربستان  بنوع من التردد والخوف ، لانها كانت تخشى استفادة البختياريين من آلة الدولة  لتنفيذ مآربهم ، ان هذا القلق دفع  الشيخ خزعل الى الطلب من الانجليز  بالدفاع عنه ازاء البختياريين في حال الاعتداء عليه  .وكتب اليهم  قائلا :

ان البختياريين تحركهم العواطف الشخصية . و ان الامن هنا مستتب   ، اننا حتى اليوم ندفع الضرائب ، ولي علاقات  جيدة مع الحاكم  . انني استلمت بعض  البرقيات التي  تضم بين طياتها طابع  الهجوم  ،  كما انهم و حتى اليوم لم يرسلو لي اي وزير ،ما عدى برقيات  السردار اسعد  وذلك فيما يتعلق  بشركة النفط ،  وعندما كنت اقوم بدعم البختياريين لخلاصهم من الشاه  ومن اجل وضع الدستور  لم يعترض السردا اسعد  علي ،  انني  يجب ان اقف الى جانب المنتصر  ، هذا ما تقتضيه مصلحة حكومتي وشعبي ،  انني آليت على نفسي  ان لا اساعد البختياريين   مرة اخرى لكي يتربعوا على الحكم في طهران ، مع ذلك اذا وافقت الدولة المركزية الاعلان عن  دعمها لي  ازاء اي هجوم داخلي  بختياري سوف اقف الى جانبها ، كما انني بدوري سوف لن اقوم باي عمل مضاد ،  وفي غير ذلك  سوف اعمل انطلاقا من مصالحي و مصالح  شعبي  .

وقبل ان ينتظر رد على الانجليز الرسمي  على رسالته  دخل الشيخ خزعل  في مباحثات مع  احد  القادة  البارزين من قبائل القشقاي  وهو والي ” بشتكوه ” السيد  “صولت الدولة القشقائي  ” .  في حين الانجليز لا يرغبون  اعطاء  ضمانات الى  الشيخ خزعل   ازاء  اي قبيلة اخرى ، خشية منهم  التورط في نزعات  قبلية  ، من جهة اخرى  كان الانجليز يخشون على مصالحهم النفطية في اقليم عربستان.لان السردار اسعد افهم البريطانيين ان الشيخ خزعل لا يملك اي حق  يتيح له تأجير  الاراضي ،  وان هذه الاراضي الذي يدعي انها  ملكه هي في الحقيقة ملك لشركة النفط الايرانية البريطانية، ومن السهولة بمكان عزل الشيخ خزعل وجلبه  الى طهران ، وهنا نرى انها المرة الاولى  وبعد عدة سنوات  اصبح لدى الدولة المركزية سلطة،  بحيث اصبح  بامكان  السردا اسعد ان يامر البختياريين باسم الدولة  المركزية للاستعداد للهجوم على المحمرة ، وعلى اثر هذه التحركات اصدر الانجليز تحذير شديدا  الى السردار اسعد ، مضمونه من الافضل ان  لا يضع مستقبله السياسي في خطر ، ، ومقارنة مع  ذلك التحذير استلم الشيخ خزعل تطمينات شفهية من الانجليز ، حيث تعهدوا له  بحمايته من اي اعتداءات قد يقوم بها السردار اسعد ضده ، ولم  يتم نزع  فتيل  هذه الازمة  الا بعد التعديل الوزاري الذي جرى بضغط من الانجليز  حيث تم  في ايار من عام  1910 تعيين السردار اسعد وزيرا للحربية . و لكن لم تمر الا فترة قصيرة  حتى ابتلى الشيخ خزعل  بنزاع آخر وذلك عندما قصف  والي البصرة  ” سليمان نظيف ” في مايو – ايار من نفس العام قرية  ” كوت الزين ”  التي تقع ضمن دائرة النفوذ العثماني الا انها تابعة  للشيخ خزعل ، ورغم كون  هذه المشكلة  خارجية الا ان نجليز  لا يحبذون اعادة النظر في تعهداتهم  للشيخ خزعل  بحمايته من اي  هجوم الخارجي ،  الا انهم  توصلوا في نهاية المطاف ان  الشيخ  خزعل ليس مقصرا ، واعتبروا ما قام به  والي البصرة  عملا غير مقصودا لانه يفتقد الى الادلة  ، وان موقفهم  من هذه الاعتداءات  بحد ذاته ازال  اخر الموانع  من اجل اعادة  النظر في تعهداتهم  فيما يخص الشيخ خزعل ،   وعلى اثر هذه الحادثة  اقام الانجليز وفي الخامس  اكتوبر من عام  1910   احتفالا كبيرا تم اثناءه  تقليد  الشيخ خزعل وسام ( K.C.I.E  (   وفي ذلك اليوم  كتب  ” كاكس ”  رسالتين الى الشيخ  تلاعب الى قدر كبير بالكلمات ، في الرسالة الاولى  حيث اورد عبارة   “كبار زعماء القبائل “،  حيث ورد  في الرسالة ان الانجليز يفون بتعداتهم ازاء الشيخ خزعل طالما هو يحضى بتاييد كبار  زعماء عشائره و لكن في الرسلة الثانية  حذفت هذه الفقرة  والرسالتان ماعدى اضافة تلك الفقرة لا فرق بينهما ، وهنا لابد لنا من الاشارة   انه عندما استدعي خزعل عام 1899 لتقلد وسام فيكتوريا الملكي طلب اذنا من الحكومة المركزية  ولكن هذه المرة عندما استدعي  لتقلد وسام (K.C.I.E)  لم يطلب  اي اذن من الدولة المركزية  وهذا  ان دل على شيء انما يدل  على عدم وجود اي سلطات  انذاك  لطهران على اقليم عربستان.

وفي هذا المجال اشار احد الموظفين في المحمرة  ان نفوذ الدولة المركزية  يتناسب مع ازدياد وانخفاض المصالح البريطانية ، كلما ازادت المصالح  البريطانية في عربستان قل نفوذ الدولة المركزية و العكس هو الصيح ،  بعد الاحداث الانفة  الذكر   انتهت  في 1909 مسؤوليات  القنصل  البريطاني   في المحمرة  السيد ” وليام مك دوال ”  الذي تسلم هذا المنصب عام 1891 وحل محله السيد ” آرنولد ويلسن ” . كقنصل عام  للقنصلية البريطانية في مدينة  المحمرة  . حيث يعتبر هذا الرجل يمتاز  بخصال  عدة منها انه على معرفة كاملة  بعادات وتقاليد الايرانيين ،  ولكن  سرعان  ما اعطى  مكانه الى ”  ماجور هاروت ”  فهذ ا الرجل وخلافا للاثنين كان يفكر بعقلية المستعمر  لانه  سبق وان خدم في الهند وغالبا ما يطلق على نفسه اوصافا ، حيث يرى انه   ” حي ، لطيف ،  كريم ،  راديكال في السياسية   لا يخشى لومة لائم  في تبليغ  عقائدة السياسية ” كما كان يعتقد ان الايرنيين ليس اهلا لكي يحكموا انفسهم بانفسهم  وكان  يعتقد ببسط ظلال  الامبراطورية البريطانية على عموم المنطقة ،  وفي هذا المجال كتب عام  1913 قائلا . ” ان نظام من هذا القبيل مهما كان نوعه ،  فان نتيجته ازدياد عدد  الاوروبيين  واشرافهم على المنطقة   وان اخراج الايرانيين من االفوضى  المالية الراهنة  يتطلب عملا شريفا ،  حيث لا يوجد في ايران رجلا  امينا ممكن  الوثوق اليه  يضطلع بهذه المسؤولية الكبرى .  ان الغالبية العظمى  من حكام وموظفي الدولة هم اناس فاسدون ،  وان  جمارك البلاد ومنذ سنوات عدة تدار من قبل البلجيكيين  وهذا اكبر مثال حي على ما اقول ،  ولايمكن تسليم الايرانيين  اي  مسؤولية فهذا امر  لايحتاج الى ادلة ، حيث انه في حال  ذهاب البلجيك  عن ادارة الجمارك  فان هذا الادارة وبعد ستة اشهر  سوف تتفكك الى  عدة اجزاء”

ويتطرق  “هاورت ” في نفس الرسالة  الى اوضاع ايران و عربستان  حيث يضيف قائلا  ” بيدوا ان الحديث مع  الحكومة المركزية في طهران حول الانتداب  البريطانية  على عربستان عملا غير ممكنا ،   ولكن لايوجد اي مانع فيما اذا اشرنا الى  مصالحنا وموقعنا الخاص في اقليم عربستان ،  ونعلم  الدولة المركزية  اننا في النهاية  لنا علاقات خاصة جدا مع الشيخ خزعل  وهذه العلاقة  تجعلنا ان  لا نتحمل  اي اعتداءات ممكن تتعرض لها  امتيازات  و حقوق هذا الزعيم ، وان مثل هذه الاقوال لابد ان نحولها شيئا فشيئا الى افعال حتى تتبدل الى حماية كاملة  دون التدخل بالشأن الايراني . والا فان الاوضاع بالنسبة لنا ستكون صعبة دون ان نعطي الشيخ الضمانات التي ينشدها   ونشرف  على  النفط و ساير الصناعات الاخرى التي نريد تنميتها في  اقليم عربستان ” .

ان الاشراف على البترول الذي يتمناه  “هاوروت “وكثيرون غيره  قد تحقق  عام 1914  عندما اشترى  51%  من حصة  شركة النفط البريطانية – الايرانية  وذلك بمبلغ قدره 2000000   جنيها استرلينيا ، وعندئذ  النفط المكتشف  بكميات هائلة في عربستان  سوف  يؤمن  بشكل  مباشر  تزويد البواخر البريطانية بما تحتاجه من طاقة . وبعد عقد هذه الاتفاقية  سعى البريطانيين بكل جدية الى توثيق علاقاتهم  السياسية مع  الشيخ خزعل .

شهدت  العلاقات  بين بريطانيا والشيخ خزعل في اقليم عربستان  تطورا ملحوظا ،  الا ان  هذا التطور واجه  اوائل القرن العشرين خطر التهديد العثماني في المنطقة  وعلى اثرها  اعتبر  البريطانيين  بناء قاعدة عسكرية  من قبل العثمانيين  في منطقة        ” الفاو”   ما هو الا تهديدا  لبواخرهم التجارية ، واثناء ذلك  حمل  اللورد ” سولزبري ”  رسالة   بريطانية  وسلمها الى  ” رستم باشا ”   السفير  العثماني في لندن   وكانت هذه الرسالة  تحمل  المضمون  التالي : ”   ان بريطانيا لا تنشد اهدافا عسكرية في المنطقة ،  ان هدفنا الوحيد هو تنمية المنطقة من الناحية الاقتصادية ،  وذلك عبر  الطرق السلمية و على ضفتي شط العرب  حيث  تتنقل بواخرنا  نحو البصر  و مدينة المحمرة وهي تحمل العلم البريطاني ، وقد اعتبرت  بريطانيا  هذه القاعدة العسكرية  على انها   تستهدف نشاطها  التجاري و الاقتصادي  في العراق وحوض كارون ” .

وعلى اثرها هدد ت بريطانيا  العثمانيين  قائلة : ” عند الضرورة فان القوات البحرية البريطانية سوف تدمر هذه القاعدة ، ولكن  تمت تهدئة الاوضاع عندما التقى  في 29 تموز من عام  1913 كل من ” السر ادوارد  جراي ” ممثلا عن  بريطانيا  و”حقي ياشا ” من جانب الدولة  العثمانية و عقدوا  الاتفاقية  المعروفة باتفاقية شط العرب ، حيث تقرر بموجبها حرية  الملاحة  في هذا الممر المائي الهام . كما ضمنت حقوق الشيخ خزعل  في حق التصرف  باملاكه الواقعة  ضمن نطاق السيطرة العثمانية  شريطة ان يعترف  بحكم الشيخ خزعل  على المحمرة على انه حكما وراثيا .

 

ان هدف بريطانيا  من  وراء عقد هذه الاتفاقية مع الدولة العثمانية هو  ضمان استقلال عربستان السياسي ،  من اجل تأمين  مصالحها  في المنطقة دون تدخل من قبل الآخرين .  ولعله لهذا السبب كان ” السر برسي سايكس  ”  يعتقد اعتقادا جازما ان الشيخ خزعل  بامكانه ضمان مصالح البريطانيين ازاء  اي تقدم  الروسي  من الشمال و كذلك منع الالمان من الاقتراب الى جنوب غرب  ايران ،  كما بمستطاعه ان يؤمن  حرية   الملاحة  في نهر كارون  وهذا يعتبر  ضمانا للمصالح البريطانية  بما فيها المصالح النفطية ، كما ان الخدمات التي يقدمها الشيخ  للانجليز  في الوقت الحاضر  و المستقبل  ادت  الى تشجيعه من قبل  السفير البيريطاني  في طهران ،حيث  اخذ الانجليز بعد ذلك  يحرضون الشيخ   ليرفع علم استقلال بلاده عربستان  في وجه  الحكومة القاجارية الضعيفة ” .

انتهت الحلقة الثامنة وتليها الحلقة  التاسعة

تمت الترجمة عن اللغة الفارسية .

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …