خسرو علي أكبر من طهران
يبدو أن ثورة الشعب المصري والمطالبة بإسقاط مبارك، تأخذ حيزاً من إهتمام إيران دولة وشعباً. فإيران الرسمية تحاول التعتيم على الثورة وتتعاطى مع الموضوع بطريقة سطحية، بينما تهتم الصحافة الإلكترونية بما يجري وتنقل ما يجري إلى المتابعين.
طهران: على خلاف ثورة الياسمين التي حظيت باهتمام محدود من قبل الإعلام الإيراني، اهتمت وسائل الإعلام الإيرانية، خصوصا المستقلة وشبه المستقلة منها، بأحداث الإحتجاجات الشعبية في مصر، وقد كانت المواقع الإلكترونية هي السباقة في هذا المضمار.
أكثر من سبب يدفع الى الاهتمام النسبي بالأحداث في مصر في الإعلام الإيراني، وفي مقدمتها الكراهية التي يضمرها الإيرانيون لنظام الرئيس حسني مبارك، إذ يرون فيه أكبر عقبة في تحسن العلاقات، خصوصاً أن الجانب الإيراني أبدى رغبة كبيرة في السنوات الثلاثة الأخيرة في تحسين العلاقات .
ومن الأسباب أيضا موقف النظام المصري من حصار غزة، وقد عبر أحد التجمعات الطلابية عن مدى حقد الإيرانيين على مبارك عندما خصص جائزة لإعدام مبارك قبل عامين.
يضاف الى ذلك سبب تاريخي يرتبط بإستقبال مصر للشاه بعد الثورة الإيرانية التي أطاحت به في العام 1979.
مع أن الصحافة الإلكترونية كان لها السبق والحصة الأكبر في التضامن مع الإحتجاجات الشعبية المصرية، إلا أن ذلك لم يكن كافياً بالنسبة للصحافيين أنفسهم.
ويوضح أحد صحافي طهران (طلب عدم ذكر اسمه) ذلك لـ”إيلاف” :”الحدث المصري نتابعه عبر تصريحات ومواقف المسؤولين الإيرانيين وهذا مؤلم، ثمة شبه تعتيم، لكن الناشطين في الصحافة الإلكترونية كانوا أكثر نشاطاً في نقل الحدث إلى القراء الإيرانيين، كنا نريد أن نفعل خدمة الفيديو إلا أن المشكلة أننا لا نستطيع وضع روابط يوتيوب وفيديو مواقع محجوبة في إيران ضمن تغطياتنا ومقالاتنا، فهذا غير مسموح به”.
من جهته كتب الصحافي الإيراني جعفر محمدي رسالة افتراضية من الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الى الرئيس المصري حسني مبارك، وقد نشر الترجمة العربية للرسالة موقع “الفارسية نت” وعنوانها “مافيش فايدة يا حسني تعال نؤسس ناد للدكتاتوريين المخلوعين”، وقد جاء فيها على لسان بن علي: “كلانا من قارة أفريقيا الكبرى، وكلانا ابتلينا بغضب شعبينا ضدنا، لكن في هذه القارة نفسها ثمة أناس مجايلين لنا أو ربما أقدم منا ابتعدوا عن السلطة بمحض إرادتهم، تنازلوا عنها، وهم يحظون بإحترام شعوبهم، أذكر لحظة خروج نلسون مانديلا من قصر الرئاسة وهو في ذروة مجده والشعبية الأسطورية التي كان يتمتع بها، قلت حينها في قرارة نفسي هذا رجل خرف، كيف يمكن أن يسلم السلطة لشخص آخر، الأكيد أن أعوام السجن قد سببت له اختلالات نفسية. لكن، الآن، هنا، وفي هذه الفسحة المتاحة للتفكير، أرى أنه سلك الطريق الصحيح اذ لم يتسبب في كراهية الشعب له ولم يتسبب أيضا في تشريد عائلته للعيش في الغربة.
ويضيف الصحافي بلسان بن علي “ليتنا تنازلنا بعد سنوات من الحكم عن السلطة بطرق سلمية وديمقراطية وبمحض إرادتنا، ذلك كان سيجعلنا نحظى باحترام شعوبنا باعتبارنا رؤوساء جمهور سابقين وما كان علينا أن نكون محط نقمة شعوبنا وكراهيتها الشديدة لنا”.
أما صحيفة “جمهوري اسلامي” المحافظة فأكدت في افتتاحية يوم السبت أن مصر باتت قاب قوسين أو أدنى من انتصار الثورة وسقوط حسني مبارك. وهذا هو المصير الذي تنتظره الكثير من الدول العربية.
وأضافت الصحيفة صحيح أن التطورات الجديدة في البلدان العربية بدأت من تونس، إلا أن الحقيقة تكمن في أن تونس كانت ذريعة ليس إلا. فالعالم العربي تحول إلى مستودع بارود قابل للإشتعال لمجرد شرارة. وذكرت الصحيفة أسباب متعددة لإحتمال إندلاع شرارة الثورة في دول عربية أخرى، ومن ضمنها والفقر المدقع السائد في معظم البلدان العربية والفوارق الطبقية السائدة في المجتمعات العربية.
في سياق متصل، وعلى صعيد الإعلام الإيراني الرسمي المتمثل بالإذاعة والتلفزيون الإيرانيين، هناك شرح للأخبار وربطها بالطابع الإسلامي، وذلك يتم كله على حساب تقديم الحدث والتغطيات والتقارير الدائرة حوله. ويركز الإعلام الرسمي في إيران على العلاقات المتينة التي كانت تسود العلاقات الأميركية المصرية، ويتجنب الوقوف عند المواقف الأمريكية الأخيرة، وهي مواقف لم تعد تنتمي الى مرحلة العلاقات الحسنة.