اتفاقية شركة النفط الايرانية – البريطانية مع الشيخ خزعل وعواقبها – جابر أحمد

تاريخ  الاهواز عربستان منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن – الفصل  الثامن  – الحلقة السابعة – تاليف الاستاذ موسى سيادة – عرض وترجمة الباحث الاستاذ جابر احمد

وقعت شركة النفط الايرانية- البريطانية عام 1909  معاهدة  مع  الشيخ خزعل امير عربستان  تعهدت بموجبها  ان تدفع له  سلفا ولمدة 10 سنوات مبلغ  قدره   65 جنيه  استرليني  عن كل عام  وذلك  ازاء تأجير  ما يقارب الميل من اراضي عبادان  لغرض   تأسيس  مصفاة للبترول عليها .

و تضمنت  احدى بنود هذه  الاتفاقية  انه  في حال اي تمديد لها مستقبلا  فان تأجير  الاراضي المذكورة  سوف  يرتفع الى 1500 جنيه استرليني  سنويا ،  كما حصل  الشيخ  بموجبها على قرض  بلغت قيمته 10آلآف  جنيه، وقد اتفق ايضا  يجب ان يكون  حراس الشركة  من بين   قبيلة الشيخ .   وفي عام 1913  اعطي الشيخ وعدا   بأن يدفع له  2% من الارباح الصافية  للشركات  المرتبطة  بشركة النفط البريطانية – الايرانية .

من جهة اخرى سعى  الشيخ خزعل وفي سبيل الوصول الى اهدافه  الاستفادة من الالمان ايضا .  لذلك عندما امتنع البريطانيين من منحه قرضا في مايو- ايار من عام  1909  بمبلغ  5000 الى 6000 جنيه استرليني ، دخل  في مباحثات مع شركة المانية  تدعى  ” ونك هاويس وشركاءه ”   حول منحه مثل هذا الفرض وقد توصل الى ما يريد .

ومن خلال الاساليب الانفة الذكر  تمكن الشيخ  خزعل وخلال 5 سنوات  اي من عام  1909 الى 1914  ان يجبر  بريطانيا وفي  اربعة امور منفصلة عن بعضها  لاجراء  تعديلات على الضمانات الممنوحة له من قبلهم . وقد دخل في مارس من عام 1909 في مباحثات مع البريطانيين واعرب له ان ضماناتهم  سوف يحافظ عليها طالما بقيت  ايران  بلد  ملكيا ،ولكن  عندما اندلعت  ثورة الدستور  طلب منه كل قادتها الوقوف الى جانبهم  وفي الوقت نفسه طلب  منه حماة  الملك القاجاري  الوقوف  الى جانبهم  ولكن ما كان  يخشاه  هو في حال  وقوع حرب بين موالي ثورة الدستور وموالي الملكية هل بامكانه ان يقف  في المستقبل الى جانب  المنتصر ؟  وفي  مثل هذه الحالة  هل يقوم البريطانيين  بالايفاء بتعهداتهم  عبر تأمين الحماية له من قبل تجاوزات  الحكومة المركزية غض النظرعن طابعها السياسي ؟  في الوهلة الاولى  لم ترغب وزارة الخارجية البريطانية  ان تعطي  اي تعهدات للشيخ خزعل ،  و لكن وزير الخارجية البريطاني   ” السير ادوارد جري ”  امر المفوض السامي  السياسي البريطاني   ” كاكس ”  ان يبذل  قصارى جهده لتبديد مخاوف  خزعل وان  يجعله متفائل  في المستقبل  لان بريطانيا  ستكون  ملتزمة بتعهداتها  السابقة ازاءه مهما جرت من تطورات في ايران   .

في الوقت نفسه  رأى  ” جري ”  ان  ايصال مثل هذه الرسالة الى الشيخ خزعل مهمة  تبدو صعبة ، لذلك اوصى   وفي سبيل كسب  وده  واثبات حسن نية بريطانيا تجاهه ان ترفع طلقات مدفع  تحية الشيخ خزعل  من 5 طلقات الى 12 طلقة ، ورغم ان العمل بتنفيذ هذه الوصية  قد تأخر الى ما يقارب  العام  الا انها في نهاية المطاف نفذت .

اما فيما يخص الضمانات المستقبلية  فقد ابلغ” كاكس ” في 16 من مايو من عام 1909  الشيخ خزعل  بانه سمح له اكثر  لكي يطلعه  على  ان اي تغيير  سوف يحدث  في ايران   فان الحكومة البريطانية  على استعداد  للدفاع عنه  في مواجهة اي تجاوز او اعتداء  على  حقوقه  من قبل الدولة المركزية  وذلك  بموجب الوعود التي قطعتها  له  بريطانيا عام 1902 ، وبما ان بريطانيا  تسعى  الى  ادخال تعديلات على قواتها البحرية  بحيث تتحول اساطيلها من الاعتماد  على  الفحم الحجري  الى الاستفادة من البترول ،   من هنا  فان اكتشاف البترول  في اقليم عربستان  في مايو من عام 1908  وبناء مصفاة  لتكريره  في  مدينة عبادان وربط هذه المصفاة  عبر انبوب  بحقول النفط  في مسجد سليمان، زادت بريطانيا  من اهمية  اعتمادها على خزعل  وذلك من اجل  الحفاظ على مصالحها في هذه المنطقة المضطربة والحيوية  من العالم .  وعلى هذا الاساس  فان مجموعة المصالح  التي كان يسعى اليها الشيخ خزعل  والمجمدة منذ عام 1904 من بينها  الحصول على قروض وتنفيذ بعض المشاريع الزراعية  قد  تحققتت  ، وعلى الرغم من الضمانات التي اعطيت  له  عام 1909 الا ان الشيخ لم يكن راضيا ، وكان يشير الى ان القبائل العربية الواقعة تحت امرته غير راضية من  تطور  العلاقات بينه  وبين الحكومة البريطانية ، هذا الامر ايضا صرح به  الشيخ مبارك امير الكويت الصديق المقرب من البريطانيين  ووالد زوجة الشيخ خزعل ،  وذلك اثناء  المباحثات التي جرت بينه وبين مجموعة   الضباط  البريطانيين  حيث اعرب  لهم قائلا :  ان العشائر العربية  قلقة على  مستقبلها ،  وان كان من الممكن ان يعقدوا اتفاقا  حتى يبتعدوا عن تدخل الايرانيين و الاتراك في شؤونهم  ،  ولكن سوف يبقون عرضة للتدخلات البريطانية  التي لا تنتهي  بحيث تتدنى حالتهم   وشيخهم   الى ما هو الحال عليه  في البحرين ،اذ لا يمكن لامراء البحرين  القيام باي عمل هناك دون اذنا  من  المفوض السامي البريطاني ،  انهم لا يستطيعون  جني اي فائدة تعوض  من هذه المعاهدة  في حين  انهم في الوقت الحاضر  يعلمون  ان العشائر العربية اذا نظمت نفسها سوف  تجعل  الاوضاع  مرة  على الايرانيين  و الاتراك معا  ولكن  لابد من ايجاد تفاهم  بين خزعل والبريطانيين حتى  تتمكن المحمرة  ان تسير بطريقها موفقة منصورة  .

شيخ خزعل  يخشى المواقف البريطانية ويطالب بضمانات  :

وكان شيخ خزعل  يخشى   الغاء دوره فيما  اذا ضمت بريطانيا  امارته اليها لذلك كان يلح على يعطى تعهدا من قبلها  يقضي بالمحافظة  على حقوق  وقبائله و توضح حقوقه و ان يعوض عما يفقده

من هنا  رأى “كاكس ” ان افضل السبل لازالة مخاوف  العشائر العربية الواقعة تحت امرة خزعل  هي  ان التعهدات  التي تعطى للشيخ  مستقبلا  يجب تحتوي التاكيد التالي :  ان هذه التعهدات تعتبر سارية  المفعول  طالما  يحضى الشيخ  بتأييد  القبائل العربية  وفي مثل هذه الحالة يمكن عرض وثيقة كهذه  على القبائل العربية ، الا انه في المقابل  لم يرضخ لمطالب الشيخ  وتم حذف اي فقرة تشير الى حقوقه او تعويضه لما يلحق به من اضرار .

وفي خريف  عام 1910 اعطت القناصل البريطانية  في جنوب ايران وعودا متعددة الى الشيخ خزعل  تؤكد  من خلالها على  ان  بريطانيا  ستحافظ على مصالحه  الموروثة في اقليم  عربستان ،ولن تسمح للدولة المركزية الايرانية  بأن تلحق  بهذه الحقوق اي اضرار .  ولكن في  اكتوبر من  نفس العام  رأى الشيخ خزعل  ان هذه الوعود  غير كافية  فضغط مرة ثانية  على المفوض السامي البريطاني  في الخليج ” السير  برسي كوكس ”  بأن يمنحه  تعهدات  اقوى واكثر  وقد اثمرت هذه الضغوط حيث حصل على ضمانات اكثر وضوحا  ومضمونها هو ان بريطانيا العظمى  تتعهد للشيخ  انها ستدافع عنه  فيما اذا ظهرت اي بوادر من الدولة المركزية الايرانية ضده  او ضد حدود حكمه  واملاكه  الموروثة ،  وان هذا الدفاع  سوف يستمر حتى الوصول الى حل مرضي . كما ان  الشيخ  وازاء التعهدات الآنفة الذكر  وعد البريطانيين انه في حال تعيين  ولي عهده   سوف يتشاور معهم  ويطلعهم  على ذلك  سرا . وانه لن   يقدم  على تعين ولي للعهد في اقليم  عربستان  دون  التشاور  المسبق مع البريطانيين  .

شيخ خزعل يقلد وساما  بريطانيا :

لقد  رأت بريطانيا  وتقديرا لمواقف الشيخ خزعل في الدفاع  عن مصالحها  في المنطقة  وخاصة نشاطها التجاري  في البحر  ان تمنحه  وسام تقديريا من نوع (K. C .L.E )  فكلفت المفوض السامي  البريطاني  في الخليج “كاكس ”   بالذهاب الى  المحمرة  لتقليده هذا الوسام وفي 15 من تشرين الاول من عام 1910 وفي حفل جرى  في قصر  الفيلية ، قلد كوكس  الشيخ خزعل هذا الوسام  وفي هذا الحفل تحدث ” كاكس ” قائلا :  ان اي تغيير في  شكل الحكم في ايران او في دستورها  ،  فأن بريطانيا لن تسمح  ان يؤثر ذلك على امارة الشيخ خزعل واضاف ان هذه التعهدات تشمل  خلفائه  الذكور من بعده .

انتهت الحلقة  السابعة  من الفصل الثامن وتليها الحلقة  الثامنة .

تمت الترجمة عن اللغة الفارسية .

Check Also

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …