تاريخ الاهواز – عربستان – منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن- تاليف : الاستاذ موسى سيادة ترجمة: الباحث الاستاذ جابر احمد – بعد اكتشاف البترول في ميدان ” تفتون ” بمسجد سليمان و استخراجه فيما بعد بكميات كبيرة تقرر في عام 1908 أنشاء مصفاة لتكريره في مدينة عبادان ، الا ان الشيخ خزعل قبل موافقته على بنائها ، طلب جملة من التعهدات من بريطانيا من بينها
:
1- ان يدفع له مبلغ 10 آلآف جنيه استرليني .
2- ان تكون مليكة هذه المصفاة و منشآتها فيما بعد ملكا له .
3- امتناع بريطانيا عن التدخل في شؤون العشائر .
4- ان انشاء اي مشروع آخر في المستقبل يجب ان يحضى بموافقة جديدة من قبل الشيخ خزعل .
لقد دفع اكتشاف البترول من قبل احدى الشركات البريطانية في اقليم عربستان – الاهواز- الشيخ خزعل الى اخذ ضمانات سياسية اكثر من البريطانيين ، وقد عبر واثنا المحادثات التي اجرىت في اكتوبر عام 1907 و الاخرى في كانون الاول من عام 1908 ، مع بعض الضباط البريطانيين الرسميين عن مخاوفه تجاه الحكومة المركزية الجديدة التي تسعى حسب قوله الى البحث عن وسيلة من اجل الاطاحة به ، وقد استند في طرحه لمثل هذا الامور الى بعض ما نشرته صحافة طهران ضده و خلال هذه الاجتماعات طلب الشيخ خزعل من الحكومة البريطانية تعهدات واضحة ، منها ان تمنع الحكومة الجديدة من تجاهل دوره في المنطقة ، وقد طلب من البريطانيين ان مثل هذا التعهدات يجب ان تشمل ابنائه من بعده ، الا ان ممثل السفارة البريطانية في طهران تجاهل اعطاء الشيخ خزعل اي ضمانات سياسية جديدة ، لان السيد ” مارلينك ” الوزير المفوض في السفارة البريطانية في طهران ، كان يعتقد ان مخاوف خزعل ما هي الا اوهام و لا اساس لها من الصحة . كما انه كان يشك بان الحكومة الجديدة في طهران سوف يكون بمقدورها ان تنهي استقلال الشيخ خزعل النسبي .وفي هذا المجال كتب رسالة مطولة الى وزارة الخارجية البريطانية شارحا من خلالها ما يجري في ايران موضحا بانه وخلال السنوات القادمة لايوجد اي امل لقيام اي حكومة مركزية في ايران بامكانها ان تهجم على ” اقاليم العشائر ” نصف المستقلة التي تدغع ضرائب لها . وعلى العكس من ذلك لا يبدو هناك وجود لاي احتمال ان تدار هذه الاقاليم التي تتبع الدولة المركزية اسميا بشكل مباشر من طهران . وفي ظل هذه الاوضاع فانني ارغب ان نأخذ بعين الاعتبار ولعدة سنوات قادمة مكانة امير المحمرة الشيخ خزعل مع ترك الاوضاع علي ما هي عليه دون اعطائه اي ضمانات جديدة من قبلنا ، اما فيما يخص “البختياريين:” فيجب عليهم ان يحافظوا على الاستقرار و النظام في مناطقهم بحيث لا يتركوا اي حجة لحكومة طهران ان تتدخل في شؤونهم الداخلية .
رغم توقعات المفوض السامي البريطاني القاضي بعجز الحكومة المركزية في فرض سيطرتها على اقليم عربستان الا ان العرب و البحتياريين كانوا يراقبون بحذر وقلق ما يجري في ايران وخاصة التطورات الجديدة التي ظهرت على الساحة الايرانية بعد قيام ” ثورة الدستور ” وقد دفعهم هذا القلق الى توحيد صفوفهم والتباحث فيما بينهم و عقد حلف دفاعي للدفاع عن انفسهم من اجل مواجهة اي طارئ قد يحدث ، ولعل من اهداف هذا الحلف هو وقوفهما الى جانب بعضهم البعض فيما اذا تدخدلت الدولة المركزية في شؤونهم الداخلية او رفعت من الضرائب المفروضة عليهم . واثناء ذلك ادركت وزارة الخارجية البريطانية ان الموقع الجغرافي للمستعمرات و النفوذ المحلي يقترن بهذه الحقيقة وهي ان الشيخ خزعل في وضع يؤهله ان يمنع او يعرقل اي نشاط خارجي يهدد النفط وعموم المنطقة التي تروى بمياه كارون ، وهذا يكفي ان يجدد البريطانيين تعهداتهم تجاهه ، و لتنفيذ هذه الرغبة البريطانية كلف ” كاكس ” المفوض السياسي السامي البريطاني في الخليج ان يسلم الشيخ خزعل وفي الوقت المناسب هذه الضمانات ، ،و الفرق الوحيد المهم بين هذا الضمان و الضمانات التي اعطيت له عام 1902 هو تعهد بريطانيا بالدفاع عن الشيخ خزعل و اتباعه من بعده ضد اي هجوم خارجي يتعرضون له . وهذه الضمانة تشمله وتشمل نسله من بعده ، وهي تشمل الدفاع عن شيخ المحمرة ازاء اي هجوم خارجي وايضا تتضمن الحفاظ على حالة استقلاله الداخلي .
بعدعام 1908 اخذت العناوين السياسية التي يطرحها الشيخ خزعل تعطي ثمارها بالتدريج وعليه يمكن القول انه قد حصل على ضمانات جديدة من البريطانيين واذا اردنا تحليل هذه السياسية البريطانية يمكن تقسيمها الى عدة اقسام وهي :
اولا : لم يعلن الحد الادنى لمطاليبه السياسية من اجل الحلف الذي يرغب بعقده مع البريطانيين . و في المقابل كان راضيا ان يستفيد تكتيكيا من الظروف و المتغيرات السياسية السريعة لصالحه . وليس اجبار البريطانيين على اجراء تعديلات جوهرية في تعهداتهم .
ثانيا : سعى الشيخ الاستفادة من مجموعة من المصالح بينه و بين البريطانيين وتوظيفها من اجل دعمه سياسيا وهذه المصالح يجب ان تتم عن طريق طلب القروض من البريطانيين . .
ثالثا : لم يعلن الشيخ خزعل اثناء مباحثاته مع البريطانيين ان يهدد مواقفهم الخطيرة من الناحية السياسية ، و لكن بذكاء اوحى لهم انه في حال رفضهم لمطالبه فانه يستطيع دوما ان يتفاهم مع منافسيهم السياسيين . في الوقت الذي تلاشى فيه التهديد الروسي الى حد كبير بعد عقد اتفاقية عام 1907 بين الروس و البريطانيين .
من هنا فقد سعت بريطانيا وخاصة بعد اكتشاف البترول في اقليم عربستان الى تقوية اواصر علاقاتها اكثر فاكثر مع الشيخ خزعل و كذلك الزعماء البختياريين التي عقدت معهم اتفاقا عام 1909من اجل حراسة المنشأت النفطية بلغت قميته 2000 جنيه استرليني .