بيروت – “السياسة” والوكالات:
فيما كانت الأنظار متجهة نحو دمشق, حيث عقدت قمة ثلاثية بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وامير قطر حمد بن خليفة آل ثاني والرئيس السوري بشار الاسد, للبحث في الملف اللبناني, جاء اعلان ارجاء الاستشارات النيابية الملزمة التي كان من المقرر ان تبدأ ظهر امس, إلى الاثنين المقبل, “توخياً لتأمين المصلحة الوطنية” , ليوفر وقتاً إضافياً أمام الاتصالات الخارجية والداخلية بهدف البحث عن مخرج ما للوضع السياسي المأزوم, لاسيما بعدما تسلم قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين, أمس, القرار الاتهامي من المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار, على أن يعلن الأمر رسمياً اليوم.
وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” انه تم التأكيد خلال محادثات القمة على “حرص القادة الثلاثة على أن يكون هناك حل لهذه الأزمة مبني على المساعي الحميدة السورية السعودية لتحقيق التوافق بين اللبنانيين ومنع تفاقم الاوضاع”.
ورحب الزعماء الثلاثة ب¯”قرار لبنان تأجيل الاستشارات النيابية ريثما تتحرك الجهود السياسية لمساعدة اللبنانيين على ايجاد الحل الذي يحقق مصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان”.
وقبيل مغادرته اسطنبول إلى دمشق, أعلن أردوغان أن بلاده ستشارك في “مجموعة الاتصال” التي اقترحها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لتضم دولاً مستعدة لبذل جهود مشتركة بهدف مساعدة لبنان في تجاوز أزمته.
وجاءت القمة الثلاثية في حين أرجأ الرئيس اللبناني ميشال سليمان لمدة أسبوع الاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة الجديدة.
وقال مصدر سياسي واسع الاطلاع ان قرار إرجاء الاستشارات أراح النائب وليد جنبلاط وحده الذي كان مربكاً حتى الساعات القليلة الماضية, ذلك ان قرار الارجاء, وفي ضوء التفسيرات المتناقضة لموقفه انقذه على مستويين اثنين: الأول: ابقى كتلة اللقاء الديمقراطي وحتى الاستشارات الثانية موحدة, والثاني خفف احراجه امام دمشق وحلفائها, علما انه كان ابلغ الى القيادة السورية واقطاب المعارضة انه فشل في اقناع كتلة اللقاء الديمقراطي في التصويت لصالح المعارضة.
وفي حين لم يلق إرجاء الاستشارات استحساناً في صفوف الأكثرية, ثمن النائب جنبلاط “خطوة الرئيس سليمان تأجيل الاستشارات”, معتبراً أن “المسألة ليست مسألة تعداد أصوات وإحصاء أعداد النواب من هذا الفريق أو ذاك, بل هي أكبر وأدق من ذلك بكثير وتتصل بضرورة عدم عزل أي طائفة لطائفة أخرى لا سيما في الساحة الاسلامية حيث ترتدي القضية حساسيات إضافية”.
وقال: كما احترمت في السابق الخيارات السياسية لطوائف معينة في ترشيح من يمثلها الى مواقع سياسية (دعم الرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب), فمن الأفضل إعادة تكرار هذه التجربة في رئاسة الحكومة المقبلة حفاظاً على صحة التمثيل السياسي والشعبي وعلى صيغة العيش المشترك”.
من جهته, أكد مستشار رئيس الجمهورية ناظم الخوري ل¯”السياسة” أن “تأجيل الاستشارات مؤشر إيجابي لإمكانية إيجاد حل للمأزق القائم, ولو لم يكن هكذا لما اتخذ قرار الإرجاء, خاصة وأن مجرى الأمور يسير إلى أننا سائرون باتجاه انقسام حاد في البلد, ولو أجريت الاستشارات ومهما كانت نتيجتها فإنها ستخلق مشكلة لدى الفريقين, سواء عند 8 أو 14 آذار”.
ولفت الخوري إلى “محاولات تجري لتقريب وجهات النظر بين الطرفين, ولذلك اعتقد أن إيجابيات تأجيل الاستشارات أكثر من سلبياته”, مشيراً إلى أن “أي تلاق, سواء بالنسبة إلى القمة السورية القطرية التركية في دمشق أو غيرها من الجهود التي تصب في إطار تبريد الساحة اللبنانية وتقريب المسافات بين الفرقاء واحتواء التشنج موجود يصب في المصلحة الوطنية العليا”.
ولم يستبعد الخوري أن يقوم الرئيس سليمان بإجراء مشاورات مع القوى السياسية اللبنانية لتخفيف التوتر وتمهيد الطريق لمعالجة الأزمة بالتروي والحكمة.
وفي حين ذكرت “وكالة الأنباء المركزية” اللبنانية أن المدعي العام الدولي دانيال بلمار سلم القرار الاتهامي إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسن, أمس, من دون مزيد من التفاصيل, دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إلى “عدم تسييس” المحكمة الدولية الخاصة بلبنان, و”عدم الحكم مسبقاً على نتائج التحقيق”, معربا عن دعمه الكامل للمحكمة “التي تأسست بطلب من الحكومة اللبنانية ومع مهام واضحة” حددها مجلس الامن الدولي, مشددا على ان عمل المحكمة مهم “لوضع حد للافلات من العقاب”.