مساعد وزيرة الخارجية الأميركية: سررنا للغاية بزيارة البشير إلى جوبا.. وغريشن إلى الخرطوم
واشنطن: مينا العريبي
تسود نبرة تفاؤل في تصريحات المسؤولين الأميركيين حول الاستفتاء المقترب في جنوب السودان يوم الأحد المقبل، حيث يؤكد مسؤولون رفيعو المستوى على أن «الأجواء تساعد على إجراء الاستفتاء بنجاح وسلام». وكان هناك رد فعل إيجابي في واشنطن لزيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى جوبا، حيث قال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جوني كارسون: «سررنا للغاية بزيارة الرئيس البشير إلى جوبا أمس، وقد صرح علنا بأن شمال السودان سيقبل نتيجة الاستفتاء، وستكون لديه علاقات سلمية مع شعب الجنوب بغض النظر عن نتيجة تصويته». ولكنه أردف قائلا إنه يأمل أن «يلتزم الجميع بتلك التصريحات».
واعتبر مسؤول أميركي رفيع المستوى مطلع على الملف السوداني أن زيارة البشير أسهمت في «خلق أجواء تساعد على نتيجة إيجابية وسلمية» من الاستفتاء. وأضاف أن لقاء البشير مع نائب الرئيس السوداني والقيادي في جنوب السودان سلفا كير «كانت شفافة ومهمة لإعطاء الثقة لشعب جنوب السودان». وكان الارتياح الأميركي من زيارة البشير نذيرا للتعامل مع حكومة الخرطوم في المرحلة المقبلة.
وقال كارسون في لقاء مع مجموعة من الصحافيين في مقر وزارة الخارجية الأميركية أمس إن استفتاء الأحد سيكون «فرصة تاريخية» لشعب جنوب السودان، كما أنه «سيكون بداية نهاية 5 سنوات ونصف السنة من اتفاق السلام الشامل» الذي أنهى الحرب بين شمال السودان وجنوبه. وتوقع كارسون أن «يكون الحدث ناجحا، وتنظيمه سيؤدي إلى استفتاء ناجح يعكس رغبة الشعب، وسيتم إجراؤه في وقته وبشكل سلمي».
يذكر أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كانت قد عبرت عن استعدادها لتحسين العلاقات مع حكومة الخرطوم بناء على نجاح استفتاء جنوب السودان وتطبيق نتائجه. ولكن ترفض الإدارة التصريح علنا حول سير علاقات واشنطن مع الخرطوم إلا بعد إجراء الاستفتاء ابتداء من يوم 9 يناير (كانون الثاني) الحالي، ولمدة 7 أيام وتقييم تعامل حكومة البشير مع نتائج الاستفتاء. وبينما من المرتقب الإعلان عن النتائج الرسمية للاستفتاء بحلول منتصف فبراير (شباط) المقبل، فستكون هناك مؤشرات عدة حول النتائج غير الرسمية للاستفتاء بعد أيام من إجرائه.
وهناك اهتمام أميركي كبير بعملية استفتاء جنوب السودان وتحديد مصيره. وقد اهتم الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه بهذه العملية وترأس اجتماعا في الأمم المتحدة على هامش الجمعية العمومية في سبتمبر (أيلول) الماضي للحصول على تأييد دولي للاستفتاء والتزام دولي باحترام نتائجه. وقد زاد عدد الدبلوماسيين والموظفين الأميركيين في جنوب السودان 4 أضعاف خلال الأشهر الماضية، كما أنه من المرتقب أن يتواصل الاهتمام الأميركي بعملية بناء دولة جنوب السودان في حال اختار شعب جنوب السودان ذلك الطريق. وأكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن هناك «برنامج دعم أميركيا» مكثفا لجنوب السودان منذ سنوات وهناك الآن «استعدادات لتطويره ومضاعفته في حال تم الاستقلال». وربما الدعم الأكبر الذي ستقدمه واشنطن لجوبا في حال تم الانفصال، وهو الأمر المرجح، هو الدعم السياسي. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى طلب عدم الإشارة إلى اسمه: إن «الأمر الأول الذي سنقوم به هو تعيين رسمي لسفير هناك، وبعدها تأسيس وتطوير علاقة (مع جنوب السودان) من أجل معالجة التحديات الكثيرة أمامه». وضمن تلك التحديات معالجة المشكلات الزراعية والمياه والبنى التحتية، بالإضافة إلى المشاورات السياسية لحل القضايا العالقة مع شمال السودان التي تشمل تحديد الحدود والتشارك في الموارد الطبيعية مثل النفط. وامتنع المسؤولون الأميركيون عن الحديث مطولا حول منطقة أبيي، التي تم الاتفاق على تأجيل الاستفتاء فيها، مركزون على أهمية إنجاح الاستفتاء في جنوب السودان أولا والتأكد من التعاون بين الطرفين لحل قضية منطقة أبيي وتحديد مصيرها. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى: «نتوقع حلها سياسيا» بين الأطراف، مستبعدا مخاطر نشوب نزاع مسلح حولها. وأشار عدد من المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم كارسون، إلى الجهود الدبلوماسية الأميركية خلال الأشهر الماضية من أجل ضمان حل سياسي وسلمي للقضايا المتبقية.