بقلم الاستاذ جابر احمد – اعلنت الحكومة الايرانية و على لسان رئيسها محمود احمدي نجاد في ديسمبر من عام 2010 عن خطة ادعت انه تسعى الى ” الانتعاش الاقتصادي ” في ايران، حيث تتمثل هذه الخطة بالغاء الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية ذات الصلة المباشرة بقوة المواطن اليومي ، مثل ، الخبز و
السكر الشاي و البنزين والذي يحاول النظام الايراني اطفاء مسحة جميلة عليها مدعيا بانها ستكون الدواء الشافي لمعالجة كل المعضلات التي يعاني منها المجتمع الايراني و سوف تقضي “والى الابد “على مشاكل عدة منها البطالة و ازمة السكن ، و تحسين اداء النظام المصرفي . وقد بالغ احمدي الاسراف بالقول حتى انه قال ” بموجب هذه الخطة لن يكون هناك شخصا فقيرا في ايران ” بعد اليوم الخ .
يبدو للوهلة الاولى من تصريحات احمدي نجاد انه سوف يوزع ما توفره هذه الخطة على الشعوب الايرانية ،ولكن المتتبعبن المحايدين للسياسات الاقتصادية في ايران يرون ان خطة رفع الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية طرحت من قبل البنك الدولي على ايران منذ الثمانينات ، الا انه ونتيجة لعدة عوامل لم تنفذ لا في عهود الرئيسن على اكبر هاشمي رفسنجاني، و لا احمد خاتمي ، لانه باختصار كان توازن القوى داخل النظام الحاكم لم يسمح بذلك .
وبعد انتخابات عام 2009 وفوز احمدي نجاد بالامساك بالسلطة عبر ” التزوير ” وفرض سيطرته المطلقة على كل مفاصل النظام ، مكنته من الاستجابة الى خطة البنك الدولي و بالتالي الاقدام على اتخاذ هذه الخطوة والتي من الممكن ان تصبح القشة التي سوف تقصم ظهر البعير .
وفي الحقيقة ان جوهر هذه الاجراءات يتمثل في الحد من الانفاق الحكومي على دعم المواد الاساسية وتوفير مبالغ طائلة من اجل سداد ديون ايران الخارجية التي تجاوزت عام 2009 حسب المعلومات الحكومية رقم 22 مليارد و 148 مليون دولار يجب تسدد منها عام 2010 مبلغ مقداره 8 مليار و 437 مليون دولار وبالتالي يمكن القول فان هذه الخطة وحسب هذه المعطيات الرقمية لن تعود حتى بفائدة تومان واحد على المواطنيين .
اذن ما يقوله احمدي نجاد بانه بعد تطبيق هذه الخطة لن يصبح ” هناك فقير في ايران ” قول منافيا لكل الوقائع و الحقائق الاقتصادية . و لا ندري كيف يتم القضاء على الفقر في حين الاسعار تركض ركض الارانب بينما الاجور تمشي مشي السلاحف ؟ كما انه يعلم انه لايمكن ان يقدم على خطوة من شانها ان تساوي بين الاسعار ” الواقعية ” وقيمة الاجور الواقعية بعد ان ارتفعت اسعار المواد الاستهلاكية كاسعار الخبز و البنزين و النقل عدة اضعاف ، كما ان البنك الدولي من جهته لن يسمح بأيجاد توازن من هذا القبيل بتاتا .
من جهة اخرى يؤكد خبراء الاقتصاد ان الغاء الدعم الحكومي يعد من اهم عوامل التضخم ، وان الاجور بعد التضخم تريد التطابق مع هذا التضخم اذا الاجور بحد ذاتها ليس عامل في ايجاد التضخم .
لقد ادى الغاء الدعم الحكومي عن السلع الاساسية في ايران الى ارتفاع المزيد من الاسعار لا ندري كيف تستطيع حكومة احمدي نجاد الموافقة بين الزياد الوقعية للاجور وبين الزيادة الحقيقة الواقعية للاسعار .؟ ولا ندري كيف يستطيع احمدي نجاد عبر خطته هذه ان يقضي على الفقر ،وكم هي المدة التي تستغرقها في حين ان 40% من سكان ايران و البالغ عددهم 70 مليون نسمة يعانون من الفقر ” احصائيات الرسمية تؤكد 16% يعني حوالي 10 مليون يعيشون تحت خط الفقر ” كما ان البطالة في بعض الاقاليم ومنها اقليم عربستان – الاهواز- تجاوزت 30% وفي بعض المدن مثل عبادان و المحمرة تجاوزت 50% .
واذا كات القصد من ” الاصلاحات:هو” القضاء على الفقر “، لماذا النظام ايراني مصاب بداء الرهاب من المواطنيين الايرانيين بغض النظر عن انتماءتهم القومية ؟ ولماذا قام بحملة من الاعتقالات و الاعدامات شملت العديد من المناضلين في طول ايران وعرضها ؟ ولماذا يستنفر قواته بوجه الشعوب بقصد ارهابها و الحد من اندفاعتها للتعبير عن احتجاجها ورفضها لهذه الاجراءات الجائرة التي لا تخدم الا الطبقة الحاكمة ؟