متكي ونجاد.. ومزيد من الاستمتاع

taregh-h
ما زال التراشق بين وزير خارجية إيران المعزول، منوشهر متقي، وبين الرئيس الإيراني ورجاله، متواصلا؛ حيث الكل يتهم الآخر بالكذب. وبالطبع فإن ذلك التراشق ممتع لمن هم خارج إيران؛ لأنه يساعد على معرفة حقيقة صراع النخب هناك.

متقي، الرجل الذي كان من مهامه تلميع صورة النظام، أصدر، قبل أول من أمس، بيانا، أكد فيه نفيه تبلغه بقرار عزله مسبقا، ودعا الحكومة إلى «التوقف عن الكذب؛ لأن ذلك لا يليق بالنظام الإسلامي، ولا بكرامة وثقافة وتمدن الشعب الإيراني»، مضيفا أنه علم بقرار عزله من السنغاليين. وعن ذلك يقول لي مصدر إيراني موثوق: إنه أثناء لقاء متقي السنغاليين أخذ يتحدث عن سياسات إيران، وأثناء استرساله قاطعه مضيفه قائلا إن السنغال تقدره وتحترمه، لكنه لم يعد يمثل إيران؛ حيث إن قرارا للتو قد صدر بإعفائه. ويقول المصدر: لقد كان أمرا محرجا لمتقي، وقاسيا.

لكن المصدر الإيراني يذكر بقصة أخرى شهيرة مشابهة لمسؤول إيراني سابق، وإن كانت مختلفة، فيقول: إنه في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2001 وأثناء زيارة مهدي كروبي، رئيس البرلمان وقتها، للسعودية، ولقائه الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد في ذلك الوقت، أخذ كروبي يتحدث عما تشهده إيران من حريات، وانفتاح، فما كان من المضيف السعودي إلا أن قال: وماذا عن اعتقال ممثل مدينة همدان في البرلمان الإيراني حسين لقمانيان، الذي تم قبل ساعات؟ يقول المصدر: وقتها أسقط بيد كروبي. فالسعوديون يعلمون آخر أخبار إيران أكثر من رئيس برلمانها!

إلا أن المصدر يرى أن أكثر ما قد يكون تسبب بإقالة متقي هو رسالة أرسلت للمرشد الأعلى تعبر عن الاحتجاج على تعيين نجاد مبعوثين خاصين به، وأن من شأن ذلك إضعاف مكانة وزارة الخارجية، وذلك بعد زيارة رحيم مشائي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، إلى الأردن، ومقابلة الملك عبد الله الثاني. تلك الرسالة، بحسب المصدر، دفعت إلى قرار عزل متقي؛ حيث كان الغضب على أشده من إرسال رسالة كتلك للمرشد، وفيها شكوى ضد الرئيس الإيراني.

وبالطبع، فقد تتبادر إلى ذهن القارئ، والمتابع، أسئلة من نوع: وهل الرئيس أقوى من المرشد، أو البرلمان؟ وهل بات الرئيس الإيراني يحقق نفوذا حقيقيا، كما تشير بعض التحليلات؟ طبعا لا أحد يعلم ذلك. لكن المصادر الإيرانية لا ترى ذلك، بقدر ما أنها تعتقد أن من طبع نجاد عدم الاكتراث في حال أراد اتخاذ قرار، كما أنها ترى أن ما يحدث في إيران يشي بشيء أكبر يدور هناك.

وعليه، فقد يساعدنا التراشق الحاصل بين متقي ونجاد على فهم طبيعة الصراع الدائر بين النخب هناك. فالتاريخ، مثله مثل الحاضر، يقول لنا: إنه من الصعب توقع شيء في إيران. وعن ذلك قال لي ذات مرة أحد رجال الثورة: «اعتقدنا قبل سقوط الشاه أن الثورة آتية خلال سنوات، إلا أنها جاءت في أشهر»! وعليه، وكما أسلفنا، فقد يساعدنا هذا التراشق على فك طلاسم ما يدور بطهران.

نقلا عن الشرق الاوسط

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …