أين كان متكي؟

mohajerani
بقلم عطاء الله مهاجراني – أمر الرئيس أحمدي نجاد وزير خارجيته بالذهاب إلى السنغال ليسلم رسالة منه إلى الرئيس السنغالي. وفي يوم الأحد الموافق 12 ديسمبر (كانون الأول) غادر متقي إيران.

وفي اليوم التالي عندما كان متقي في العاصمة السنغالية، داكار، قام أحمدي نجاد بفصله بصورة مهينة للغاية. فكرت مع نفسي وبحثت لعلي أجد موقفا آخر وقعت فيه مثل هذه الإقالة، ولكني لم أجد ذلك. لقد كان ذلك أشبه بانقلاب كلاسيكي.

مع نهاية الاتحاد السوفياتي، وعندما كان شيفرنادزه وزيرا للخارجية، وجد نفسه وحيدا داخل مطار موسكو! وكان ذلك لأن الاتحاد السوفياتي في طريقه للرحيل، واحتل مكتبه وزير الخارجية الروسي! ألا يشبه موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية موقف الاتحاد السوفياتي والطريق الذي سارت إليه؟ لماذا قام أحمدي نجاد بفصل وزيره بهذه الصورة المريعة؟

اسمحوا لي أن أناقش الحدث من اتجاهات متنوعة..

أولا: لا يعتبر ذلك شيئا جديدا على حكومة أحمدي نجاد؛ فعلى سبيل المثال قام الرئيس الإيراني بفصل بور محمدي من منصب وزير الشؤون الداخلية، خلال الانتخابات البرلمانية الإيرانية. كما قام بإقالة علي لاريجاني من منصب سكرتير مجلس الأمن، عندما كان بوتين في زيارة لإيران.. وأقال وزير القوات الأمنية محسني إغي ووزير الإرشاد الديني صفار هرندي خلال الأسبوع الأخير من مجلس وزرائه الأول. وبصيغة أخرى، لو كان أحمدي نجاد قد انتظر لستة أيام لكانت مدتهم في المنصب الوزاري انتهت. وفي رأيي، إن أسلوب أحمدي نجاد لا يشبه نهجَ سياسيٍّ أو رجل دولة.

ثانيا: يعرف الجميع أن أربع وزارات داخل إيران لها أهمية كبيرة بالنسبة للمرشد الأعلى. ويفضل أن يوافق على المرشحين إلى وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووزارة الشؤون الداخلية ووزارة الثقافة والإرشاد الديني. ويقال: إن هذه الوزارات (تعود إلى) حق للآغا!

وعليه، تطرح قضايا مهمة نفسها: هل دعم علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، أحمدي نجاد في قرار فصل متقي؟

ربما قام أحمدي نجاد بإيقافه عن عمله من دون التشاور مع المرشد الأعلى، ففي بداية ولايته الثانية قام بتعيين مشائي نائبا أول له. وبعد أسبوعين، أعلن خامنئي، في رسالة عبر التلفاز، أنه لا يدعم مشائي وأمر بفصله.

ولكن يبدو أن أحمدي نجاد اختار وقتا مناسبا جدا لإقالة متقي:

إيران في عشية عاشوراء، والبرلمان في إجازة، ولهذا السبب قال بوروجيردي، رئيس اللجنة السياسية والأمنية، إنه صدم بسبب الإطاحة بمتقي من منصبه.

تركز وسائل الإعلام على شهر محرم وعاشوراء.

تنتظر القوات الأمنية مظاهرات على نطاق واسع خلال الأيام المقبلة.

أعتقد أن القضية المهمة ستتمثل في رد فعل خامنئي، فإذا بقي على صمته في القضية سيظهر ذلك دعمه لقرار أحمدي نجاد. ولكن لا يزال ثمة سؤال مهم بلا إجابة: لماذا تمت إقالة متقي بهذه الصورة المهينة؟

ثالثا: كان واضحا أن متقي لم يكن مناسبا في المنصب الذي يشغله؛ فقد كانت خبرته ومهاراته ضعيفة. وبسبب خلفيته، وقف كجسر بين نفسه ومكتب المرشد الأعلى على جانب، والبرلمان على الجانب الآخر. وعندما عين أحمدي نجاد أربعة ممثلين خاصين للرئيس، كانت هذه بمثابة نهاية لشهر العسل.

رابعا: ملف الطاقة الذرية في قبضة خامنئي، وهو الشخص الذي يتولى المفاوضات شخصيا ويتناول الملف. ويعتقد أن الدور التاريخي له في حياته أن يحقق خطته بالكامل. وحلمه أن يقود إيران كي تكون عضوا جديدا في النادي الذري داخل العالم والعضو التاسع بين الدول التي لديها طاقة نووية. وبصيغة أخرى، فإن البرنامج الأكثر أهمية في وزارة الخارجية هو الملف النووي، ونتيجة لذلك، فإن نائب الرئيس السابق علي صالحي، وهو عالم ماهر يتحدث الإنجليزية والعربية بطلاقة، يمثل الخيار الأفضل لشغل هذا المنصب.

وكما هو الحال مع معظم الفاكهة داخل إيران، مثل البكراي، وهي فاكهة تشبه إلى حد كبير اليوسفي، يبدو ذلك مرا في البداية، ولكن سيكون له مذاق قوي حلو إذا ما أعطيته بعض الوقت.

خامسا: أعتقد أن أحمدي نجاد وفريقه ليس لهم دور في مستقبل إيران. وعلى العكس، لا أعتقد أن أحمدي نجاد عزز من موقعه من خلال إقالة متقي. وأعتقد أن وزارة الخارجية سيقوى وضعها وأن صالحي سيؤدي مهامه بصورة جيدة ولكن ليس تحت رعاية أحمدي نجاد، بل سيعمل مباشرة تحت المرشد الأعلى. قضى السفير الإسرائيلي الأخير داخل طهران (1973 – 1978) والمنظم العسكري داخل لبنان (1978 – 1983) أكثر من خمسة عقود يدرس إيران. وفي مقابلة أجريت معه مؤخرا استخدم معرفته وخبرته، قائلا: عندما يتحدث أحد الإيرانيين معك، تكون أفكاره في اتجاه على عكس كلامه ووعوده.

وكإيراني، لا أتفق معه كلية، ولكن يمكنني أن أقول: إن أحمدي نجاد يعتبر المثال الأبرز لأوري لوبراني. وسيكون من الصعب تقييم قيمه أو التنبؤ بما سيقوم به والعثور على طريق يوصل إلى قلبه. إنه مثلث غريب، ومجموع زواياه ليس 180 درجة! في خطابه إلى متقي، عبَّر عن احترامه لمتقي بنبرة تظهر وكأن متقي قد مات! والواقع أنه في يوم الاثنين الموافق 13 ديسمبر مات ريتشارد هولبروك في واشنطن، وقتلت روح متقي في داكار!

نقلا عن الشرق الاوسط

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …