كشفت مصادر مقربة من الكوادر القيادية في “الحرس الثوري” ال
ايراني لـ”السياسة”, أمس, أن مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي أوعز لقائد الحرس محمد جعفري الاستجابة لمطالب القيادة السودانية في كل ما يتعلق بالدعم العسكري والاستخباراتي, لمواجهة الاستفتاء المقرر في التاسع من شهر يناير المقبل حول انفصال جنوب السودان .
وأضافت المصادر أن الطلب السوداني جاء من خلال الاتصالات التي قام بها رئيس جهاز المخابرات السوداني الفريق محمد عطا المولى عباس, مع الكوادر القيادية في “الحرس الثوري”, بتوجيهات من الرئيس السوداني عمر حسن البشير, لحض طهران على الاستجابة للمطالب السودانية الملحة, مع اقتراب الاستفتاء المصيري, مشيرة الى ان المطالب السودانية تضمنت تلقي أجهزة تنصت متطورة واجهزة للرؤية الليلية ومواد متفجرة وبنادق قناصة وأجهزة “ليزر” لتشويش الرؤية.
وذكرت أن جعفري رفع تلك المطالب الى خامنئي مع توصية بالموافقة عليها, خاصة في هذه الفترة التي فقدت فيها ايران ثلاثة مرتكزات اساسية في افريقيا, الاول في نيجيريا التي اكتشفت فيها الحاويات المحملة بالأسلحة والمخدرات, والثاني في غامبيا التي قطعت علاقتها مع ايران عقب هذا الاكتشاف, والثالث في السنغال التي استدعت سفيرها في طهران على خلفية ورود معلومات استخباراتية بأن شحنة الأسلحة كانت في طريقها الى المعارضة في ذلك البلد.
وأكدت أن إقالة قائد فيلق افريقيا في “قوة قدس” التابعة ل¯”الحرس الثوري” سيد علي أكبر طبطبائي بعد انكشاف شحنة الاسلحة في نيجيريا, تركت الباب مفتوحاً امام الكادر الذي سيتولى هذه المهمة, والذي من المرجح أن يكون أحد الكوادر البارزة في الحرس, من غير العاملين في الساحة الافريقية.
وأضافت أن طهران ترى في السودان أحد أهم المرتكزات في القارة السمراء التي يمكنها من خلالها توفير قاعدة مناسبة ل¯”الحرس الثوري” لزيادة نفوذها في الساحة الفلسطينية عن طريق مواصلة تزويد حركتي “حماس” و”الجهاد الاسلامي” بالأسلحة والأموال التي يتم تهريبها عن طريق الاراضي المصرية من جهة, وتهريب الاسلحة الى حركة التمرد الحوثي في اليمن من جهة أخرى, مشيرة الى أن تعزيز موقع ايران في السودان سيوفر لها أيضا مجالا لتوسيع نشاطها في شبه الجزيرة العربية وشمال افريقيا في كل ما يتعلق بنشر التشيع وتحريض الأقليات الشيعية في تلك المنطقة.
ولفتت إلى أن من جملة العوامل الستراتيجية التي تدفع طهران إلى عرقلة الاستفتاء على مستقبل جنوب السودان, هو تحوله حال انفصاله الى عقبة في وجه النشاط الإيراني في الساحة الافريقية, خاصة مع وجود علاقات وثيقة تربط الجنوب السوداني مع الدول الغربية.
من جهة أخرى, أعربت مصادر متابعة للتحركات الايرانية في دول حوض النيل, عن قلقها الشديد من استمرار فتح البشير أبواب السودان أمام ايران, مؤكدة أن هذا الأمر بات يشكل تهديدا ستراتيجيا لهذه الدول, بالإضافة الى أن بروز قوة جديدة, متمثلة في جنوب السودان لها حصتها من مياه النهر قد يدفع الى فتح الاتفاقيات التاريخية حول تقاسم مياه نهر النيل.