دعوة دولية لردع خطط تدمير المعالم التاريخية لعربستان

ايلاف – اسامة مهدي – كشفت منظمات مناهضة للعنصرية عن مخطط يقوده الحرس الثوري الايراني لتدمير الهوية القومية والثقافية لاقليم الأهواز العربي، إذ تؤكد

المعلومات قيام ايران بهدم قصر آخر امراء الاهواز، واعتبرت المنظمات ذاتها ان هذه العملية مقدمة للقضاء على المعالم التاريخية لعربستان. 

طهران: كشفت منظمات وشخصيات مناهضة للعنصرية عن مخطط إيراني لتدمير الهوية القومية والثقافية لاقليم الاهواز العربي الذي تحتله إيران منذ عام 1925 مبتدئة بقيام الحرس الثوري الايراني بتدمير قصر آخر أمراء الاهواز في أقليم عربستان داعية الى موقف دولي من قبل المنظمات المختصة بالتراث وخاصة منظمة اليونيسكو التابعة للامم المتحدة لمنع طهران من التمادي في مخططها الرامي لتدمير الهوية القومية والثقافية لشعب الاهواز.

 

الشيخ خزعل آخر امراء الاهواز
 

وجاء الكشف عن هذا المخطط اثر قيام الحرس الثوري بهدم وتدمير قصر الفيلية في مدينة المحمرة التي تطلق عليها السلطات الايرانية حاليا اسم خرمشهر قبل أيام قليلة وهو واحد من المعالم التاريخية ومن رموز التراث القومي لعرب الأهواز وشيده الشيخ خزعل بن جابر الكعبي عام 1917 ليكون رمزا للدولة الأحوازية الكعبية. ووصف اهوازيون عملية الهدم بأنها تأكيد لحقد شوفيني ضد كل أثر للوجود العربي بإقليم الأهواز في إطار خطة منظمة لمحو الذاكرة العربية من الساحل الشمالي للخليج العربي.

مخطط لتدمير المعالم

 وقد وصف الامين العام لمركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران والذي يتخذ من لندن مقرا له تدمير الحرس الثوري الايراني لقصر آخر امير عربي لإقليم عربستان الشيخ خزعل بن جابر الكعبي بـأنه جريمة ضد الشعب العربي الاهوازي. وقال يوسف عزيزي في حديث مع “أيلاف” ان تدمير قصر الشيخ خزعل التاريخي في منطقة الفيلية بمدينة المحمرة العاصمة السابقة لإقليم عربستان يؤكد التصميم على تنفيذ مخطط لتدمير المعالم التاريخية الخاصة بالشعب العربي الاهوازي. واشار الى انه على الرغم من الاضرار البالغة التي لحقت بهذا المعلم التاريخي خلال حرب الثماني سنوات بين ايران والعراق الا انه ظل ثابتا منتصبا “الا ان اعداء التاريخ والانسانية ازالو بأدواتهم الاجرامية هذا الصرح التاريخي الهام عن الوجود وبذلك ارتكبوا جريمة لم ترتكبها الجيوش خلال الحرب العراقية الايرانية التي دارت رحاها بين البلدين في الفترة بين عامي و1980 و1988”.

واضاف: “ان هذه ليست الجريمة الاولى التي ترتكبها الانظمة الايرانية من ملكية الى جمهورية اسلامية حيث سبق وان تم تحويل قصر مماثل للشيخ خزعل الى مقر لدائرة المالية بمدينة الخفاجية في اربعينات القرن المنصرم، كما اقدمت في تسعينات القرن الماضي على تدمير قصر نجله الشيخ عبد الحميد الواقع في شارع 24 بمدينة الاهواز وحولته الى مرآب لسيارات النقل العمومية”.
 
واكد “ان هذه الاعمال الاجرامية تدل على معاداة الانظمة المتعاقبة على دفة الحكم في ايران سواء في عهد الشاه او ولي الفقيه الحالي للمعالم التاريخية الخاصة بالشعب العربي الاهوازي”.  وتساءل قائلا: “لماذا اختارت المنظمات الايرانية للدفاع عن التراث الثقافي والتاريخي في داخل ايران وخارجها الصمت عن هذه الجريمة؟ ولماذا تقيم الشخصيات والمنظمات المعارضة للنظام الايراني الدنيا ولاتقعدها اذا لحقت بعض الاضرار الطفيفة بالمعالم التاريخية في المدن الفارسية؟ ويجيب قائلا: “ان هذا الموقف يعني ان صمتهم ما هو الا تأييد لتهديم هذا المعلم التاريخي ورغبة كما هو حال مدمري هذا الاثر التاريخي في اعماق قلوبهم بعدم الابقاء على اي معلم تاريخي للشعب العربي الاهوازي”.

وقال”نحن لانشك اطلاقا بأن قوات الحرس الثوري الايراني التي دمرت قصر(السردار اقدس) الشيخ خزعل قد شدت العزم أيضا على تدمير تاريخ شعب باكلمه الا اننا نقول لهم اذا استطعتم تدمير هذا المعلم التاريخي القيم فهل بامكانهم تدمير العلم والتاريخ؟ ولذلك يجب عليكم ان تعلموا ان الشيخ خزعل والشيخ مزعل والشيخ سلمان والسلالة المشعشعية (اي 500 عاما من الحكم العربي في عربستان) يشكلون جزءا من تاريخ هذه الارض ولا يمكن ازالتهم عبر الاحقاد القومية والعرقية”.

مركز معاداة العرب

وفي بيان له شدد مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران على ان تدمير قصر الشيخ خزعل بن جابر هو استمرار لتخريب المناخ البيئي في هذا الاقليم وفق برامج وخطط معدة سلفا حيث سبق وان سرقوا مياه نهر كارون وجعلوه من نهر ينبض بالحيوية الى نهر جاف ناهيك عن تجفيف اهوار المنطقة كما حصل في هوري “الدورق” و”العظيم”. واشار الى ان النظام الايراني قد صادر آلآف الهكتارات من اراضي القرويين العرب الاهوازيين وعمل على تهجيرهم من ارض آبائهم و اجدادهم حتى يتحول هذا الشعب بالتدريج من اكثرية الى اقلية في اقليم عربستان إضافة الى تدميرلغة العرب وآدابهم وتاريخهم بغية القضاء على هويتهم.

واضاف: “نحن نعتقد اعتقادا جازما ان الشوفينيين الفرس المعادين للعرب يقومون بهذه الاعمال من اجل تسهيل نهب ثروات هذا الاقليم لصالح حكام طهران في حين يستغيث الشعب الاهوازي بأسره من شحة المياه والفقر والعوز وهو يعيش على بحر من الذهب الاسود.

وقال المركز ان الذين يدعون تمثيل مدن المحمرة وعبادان والاهواز في البرلمان الايراني يلتزمون الان الصمت وكأنهم لايعلمون بوقوع هذه الكارثة. ودعا ابناء الشعب العربي الاهوازي الى ممارسة الضغوط على هؤلاء المندوبين حتى يتخذوا موقفا ضد هذا العمل الاجرامي وطالب  مؤسسة التراث الثقافي في ايران بموقف “ضد قوات الحرس الثوري الذي يعتبر المتهم الاول في تدمير هذا المعلم التاريخي الهام”. وناشد ماوصفهم بالايرانيين الاحرار البعيدين عن النزعات الشوفينية “ان لا يختاروا الصمت ازاء سياسات النظام في الغاء الهوية القومية والثقافية للشعب العربي الاهوازي”، وقال ان هذا الشعب قدم آلاف الشهداء دفاعا عن ارضه وموطنه خلال الحرب العراقية الايرانية ولذلك عليهم – كأقل واجب – ان يرفعوا صوت احتجاجهم الى المنظمات الثقافية المحلية والدولية “والا فان الصمت ازاء هذه الجريمة يمكن ان يُعد موقفا مؤيدا  وهذا ما يتنافى وحقوق الانسان وكل القيم الديمقراطية والاسلامية”.
 
وشدد المركز في الختام على ضرورة اتخاذ موقف دولي من قبل المنظمات المختصة بالتراث وخاصة منظمة اليونيسكو التابعة للامم المتحدة لمنع السلطات الايرانية من التمادي في مخططها بتدمير قصور الشيخ خزعل في مدينتي الحميدية والخفاجية وكذلك المعالم التاريخية للعيلاميين والمشعشعيين والكعبيين في عربستان. وكان “مركز مكافحة العنصرية ومعاداة العرب في ايران” قد تأسس في لندن اوائل العام الحالي وهو يضم كتابا ونشطاء سياسيين واعلاميين اهوازيين يعارضون الخطاب العنصري المعادي للعرب في ايران.

إقليم الاهواز وأميره
 
يذكر ان مساحة إقليم الأهواز العربي تبلغ 159600 كيلومتر مربعا ويحده من الغرب العراق  ومن الجنوب الغربي الخليج العربي والجزيرة العربية ومن الشمال والشرق والجنوب الشرقي جبال زاغروس الشاهقة التي تعتبر فاصلا طبيعيا بين بلاد العرب وبلاد فارس.

وقد نشأ أمير الاهواز الشيخ خزعل في المحمرة وتعلم على أيدي بعض من الشيوخ وتدرب على الفروسية فكان عونا لأبيه وأخية من بعده وتولى الإمارة على أثر مقتل أخيه الشيخ مزعل عام  1897. ويعد الشيخ خزعل من الشخصيات العربية البارزة في تاريخ العرب الحديث حيث لعب دوراً رئيسياً في أحداث الخليج العربي في الربع الأول من القرن العشرين وساهم بشكل فاعل في أحداثه واحتل مكانة مرموقة بين أمراء الجزيرة العربية.
 
والشيخ خزعل شيعي المذهب له عند علماء الدين في النجف وكربلاء احترام كبير وكان قصره لا يخلو من وفودهم وهو برغم هذا لم يعرف عنه التعصب المذهبي الذي كان شديداً أيامه ولم يعادِ أصحاب المذاهب الأخرى. وكان يتمتع بقدر كبير من المزايا التي جعلت منه شخصية متنفذة وقد طغت على الكثير من رجالات ساحل الخليج العربي فكان واحدا من أشهر الذين عرفهم الخليج في التاريخ الحديث وقد عرف بالقوة والصلابة وباطلاعه الواسع على شؤون الخليج العربي وإيران والعراق ونجد.

وفي عام 1921 حين تولى الشاه رضا بهلوي حكم ايران قد وضع نصب عينيه أحتلال الإمارة الأهوازية لضمان السيطرة على الخليج وعلى منابع النفط التي كانت حديثة الاكتشاف فيها.

وكان الشيخ خزعل الكعبي المولود بالمحمرة عام 1863 قد استلم إمارة الأهواز عام 1897 ليشكل عام 1909 كيانا فيدراليا موحدا مع إمارة الكويت بقيادة الشيخ مبارك الصباح وولاية البصرة بقيادة طالب النقيب غير أن ذلك المشروع تعرض للإجهاض من قبل القوى الدولية التي رأت فيه قلبا للموازين الإستراتيجية في منطقة تعتبر محط أطماع العالم . وفي عام 1925 هاجمت القوات الايرانية أقليم الاهواز وأسرت أميره الشيخ خزعل وفي عام 1936 قامت السلطات الإيرانية يالتخلص منه بالسم.

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …