بروكسيل – بارعة علم الدين
قال مصدر أوروبي على صلة وثيقة بالملف النووي الإيراني، ان لا توقعات بإيجاد حلول نهائية في هذا الشأن، من خلال المفاوضات التي
يتوقع ان تبدأ في فيينا في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وأوضح المصدر ان لا توقعات بأن توقف ايران تخصيب اليورانيوم غداة حضورها الى طاولة المفاوضات، لكنه اعتبر ان «الاجتماع ضروري ليقتنع الإيرانيون من خلال الحوار الجدي، بأن الحل يكمن في ربح الفريقين المفاوضين نحن وإيران، خصوصاً أن طهران لن تقبل بنتيجة تظهرها أنها خاسرة، بل تريد حلاً تستطيع تصويره وتسويقه على أنه فوز لها».
واعتبر المصدر ان الفوز بالنسبة الى ايران يبدأ بعودتها الى الحظيرة الدولية، وينعكس تحسناً في وضعها الداخلي وعلى الصعد كافة. وأضاف ان «في حال الوصول الى حل ستتحول إيران من دولة خارجة عن القانون الدولي ومعزولة، الى دولة تتمتع بعلاقات جيدة مع جيرانها ومع الغرب، بل انها ستصبح دولة ذات اقتصاد معافى.
وشدد المصدر على أن أجواء المفاوضات ستكون مختلفة عما سبقها، خصوصاً أن درجة تخصيب اليورانيوم الإيراني اختلفت عما كانت عليه عندما أجرينا آخر مفاوضات في فيينا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إضافة الى تغير الموقفين الروسي والصيني، «يومها كانت إيران تعتقد أنهما لن توقعا على العقوبات، ولكنهما وقعتا، وملتزمتان بهذا التوقيع».
ورأى المصدر ان لا بد لإيران من ان تعود وتركز على اتفاق فيينا الذي كان خطوة نحو بناء الثقة تجاوزتها إيران واستمرت في التخصيب.
وأكد المصدر الأوروبي أن مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعمل بجدية ومثابرة لاستكمال التحضيرات لموعد المفاوضات في منتصف الشهر المقبل. وأضاف: «نحن جاهزون للمفاوضات منذ سنة، وخطوطها العريضة معروفة، وما نعمل عليه هو التفاصيل الصغيرة. نحن كمجموعة واثقون من أولويتنا وأهدافنا».
وأشار المصدر الى أن ليس هناك شعور بأن هذه المفاوضات ستضع حداً لأزمة الملف النووي الايراني، «لكننا حصلنا على إشارات بواسطة ديبلوماسيين غربيين أظهرت لهم إيران رغبتها في العودة الى طاولة المفاوضات. وهناك شعور أيضاً بأن النظام الإيراني يئن تحت وطأة الضغوط الخارجية والداخلية بين فرقاء النظام المتنازعين، وأصبح هناك وعي بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. ووصلتنا تقارير تتحدث عن رسائل من مسؤولين بارزين في المصرف المركزي (الايراني) الى مرشد الثورة علي خامنئي، تتحدث عن عدم قدرة المصرف على تحمل أعباء المقاطعة، إضافة الى اشارات عدة لا أريد ذكرها، تشير الى الضغوط الكثيرة والكبيرة على النظام. ونأمل في أن يترجم ذلك اقتناعاً واستعداداً من النظام للوصول الى تسوية لهذه القضية والوصول الى حلول وسط بين أفراد النظام المتنازعين».
وأشار المصدر الى وجود قلق من أن يعرقل خامنئي أي اتفاق في ضوء رفضه مبدأ الحوار مع الولايات المتحدة، واعتباره أن الحلول الوسط مع الغرب ضعف وقد تعني بداية النهاية للنظام. وشدد المصدر على اهمية أن يشعر خامنئي بضرورة الوصول الى الحل، وأن يقتنع بأي صفقة لكي تنجح، مشيراً في هذا السياق الى ما حدث بعد مفاوضات فيينا «حين اعتقدنا أننا وصلنا الى اتفاق، ورفضه اركان النظام، وعدنا الى نقطة الصفر. لكن المصدر نوّه بمواقف لإيران وصلت فيها الى حلول وسط تحت الضغط الشديد، معتبراً أن «هذا يفند اعتقاد البعض أن إيران غير واقعية أو أنها لا تعرف مصلحتها القومية».
وقال المصدر إن «ايران كانت تعتقد أن العقوبات لن تكون لها قيمة تساوي حتى الحبر الذي كتب عليها. ولكن مع العقوبات التي صدرت عن مجلس الأمن، فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية، وكذلك قامت أوروبا بجهود إضافية في مجال المقاطعة، وهذه، كلها عوامل مجتمعة كان لها تأثير مباشر وغير مباشر في إيران، وربما أكثر بكثير مما خطط له القيمون عليها. ووجدنا تغييراً مفاجئاً في المناخ التجاري المحيط بإيران، والواقع أن مسؤولي المصارف ورجال الأعمال والتجار يجدون صعوبات حقيقية في التعامل مع المصارف الدولية أو الحصول على العملات الصعبة والدولار.
وأصبحت الشركات العالمية وحتى الصينية والروسية تفكر ألف مرة قبل أن تتعامل مع إيران «لأنها تعلم أنها ستفقد تعاملها مع الولايات المتحدة، بما في ذلك الشركات الصينية العاملة في حقل النفط والتي لديها التزامات واسعة وكبيرة في إيران».
وأشار المصدر الى التراجع المفاجئ في قيمة العملة الايرانية (التومان) قبل أسابيع، ما اربك أركان النظام واضطرهم الى التدخل لإعادة الأمور الى نصابها. وأضاف: «نحن نعلم أن الكثير من الشركات الإيرانية المعنية بتحويل الأموال أغلقت وما تبقى منها بالكاد يجد عملاً. هذا إضافة الى أن وجود العملات الصعبة اصبح نادراً ولا تصل إلا لمن يحمل جوازاً وتذكرة سفر».
ولفت المصدر الى الأزمة التي لا بد من أن يشعر بها المواطن الإيراني، بعد رفع الدعم عن السلع الأساسية، مشيراً الى التحذير الذي أطلقه قائد ميليشيا «الباسيج» الجنرال محمد رضا نقدي، الى المواطنين من أي مظاهر تعبير عن التململ، واصفاً إجراء رفع الدعم «بأنه جراحة كبرى تتطلب آلاماً ضخمة».
ورأى المصدر أن «التضخم الحقيقي الذي تشهده البلاد بلغت نسبته 22 في المئة وليس 9 الى 10 في المئة كما يدعي النظام. لأن رفع هذا الدعم سيعني ارتفاع التضخم في شكل ملحوظ، وهذا ليس على غرار الأزمة الحالية التي يشعر بها التجار وأصحاب المصارف والمصالح أكثر من الفرد العادي».
وأكد المسؤول أن رفض الرئيس محمود أحمدي نجاد تقويم القيمة الحقيقية للتومان، وهو اليوم مرتفع في شكل غير واقعي بل اصطناعي، ورفع الدعم عن بعض السلع، سيشكل أزمة مالية وحياتية كبرى ستعصف بالبلاد. وأكد أن الحكومة مضطرة لرفع هذا الدعم لأن وضعها المالي لا يسمح باستمراره.
واستبعد المصدر اعتقاداً سائداً لدى البعض، بأن هذه العوامل قد تهدد النظام، مشيراً الى ان إيران بلد قوي مر بحرب طويلة مع العراق». لكنه رأى ان الازمة لن تكون سهلة خصوصاً في ظل استمرار العقوبات.