بقلم فراج اسماعيل – لن نضيف جديدا إذا وصفنا خطاب أحمدي نجاد في بنت جبيل اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل بالمسرحية، لكننا بالفعل في حاجة إلى المسرحة وإلى لغة الدعاية فهما على أي حال أفضل من الصمت والاستئناس الذي يعيشه العالم العربي خصوصا دوله المؤثرة.
سبق حضور نجاد مقدمات وإشارات دالة على الحضور الإيراني، أبرزها عودة خط طيران المباشر بين القاهرة وطهران بعد انقطاع طويل يزيد عن ثلاثة عقود، أي من عمر حكم الملالي، وهو أمر أزعج البيت الأبيض وليتنا نزعجه باستمرار ونعرف ما يثير حفيظته، فمنذ وضعنا كل بيضنا في السلة الأمريكية دون غيرها بواسطة الراحل السادات فقدنا هوامش المبادرة والمناورة.
هذا لا يعني أن إيران صارت قوة عظمى يمكننا أن نناور بها ونتخذها سلة ثانية لبيضنا الذي لم يبق منه الكثير، فتهديده للإسرائيليين بالاستسلام والعودة إلى دولهم التي جاءوا منها إلى فلسطين، يبقى خطابا عاطفيا مؤججا لمشاعر عامة المحبطين اليائسين من الهيبة العربية، كأولئك الذين احتشدوا له وحوله يصفقون ويهللون مع كل تحذير وتهديد كأنه سيعبر بعد قليل الحدود بجيشه الجرار، مع أنه في الواقع أجل كل ذلك لحين قدوم المهدي المنتظر وبرفقته السيد المسيح!.
الذين احتشدوا وهللوا لنجاد في لبنان لا تجد جزءا يسيرا منهم في أي مدينة إيرانية كبيرة يزيد عدد سكانها عن تلك الدولة العربية. الصور تظهر القلائل من الإيرانيين الذي يحتشدون له أثناء عبوره مناطقهم فقد تعودوا على خطبه المسرحية وليسوا في حاجة إلى دغدغة العواطف لأنه لا يملك ذلك معهم.
استنادا إلى عواطفنا لا أكثر تخترقنا إيران ونسلم لها في انتظار تحقيق وعد أحمدي نجاد بقدوم المهدي المنتظر لتحرير فلسطين، متكئا على غياب استراتيجية عربية فعالة في ظل حالة الاستسلام النفسي وغفوة الحياة التي طالت ولا ندري متى نصحو منها.
إيران اخترقت قلوب كثير من المحبطين الذين فقدوا الأمل في الفعل العربي القوي، فلا مفاوضات مباشرة نجحت مع الإسرائيليين ولا مفاوضات سرية، والأدهى أن أوراق اللعبة التسعة والتسعين في المائة التي كانت في يد أمريكا وفق مقولة السادات صارت اليوم مائة في المائة بحوزة نتنياهو.
الذي وقف على حدود إسرائيل ملهبا الحماس والتصفيق بخطاب تحرير فلسطين، فيما بعض المروحيات الإسرائيلية تحلق بالقرب منه، هو نفسه الذي يعامل الشيعة العرب في الأهواز كمواطنين من الدرجة الثانية والثالثة لكونهم عربا، ويرفض تحقيق أبسط حقوقهم رغم أن أرضهم هي منبع النفط في إيران.
المصدر: العربية نت