واشنطن تحذر رعاياها.. و«سرايا الجراح» تصف الزيارة بالخطيرة جدا
أصبحت عبارة «خوش آمديد» الإيرانية التي تعني بالعربية «أهلا وسهلا» على كل شفة ولسان في لبنان، سواء أكان ذلك ترحيبا بالضيف
الإيراني أم للهزء من الحملة الكبيرة التي ينظمها حزب الله وحركة «أمل» لاستقباله، فقد ملأت صور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد شوارع بيروت، وبالتحديد طريق المطار، وطريق القصر الجمهوري، وطول الطريق الساحلي من العاصمة إلى الجنوب. وعمل المنظمون على اعتماد صورة موحدة يظهر فيها الرئيس نجاد ملقيا التحية وفي الخلفية شعار إيران والأرزة اللبنانية، بينما تتصدر الصورة عبارة «خوش آمديد» وترجمتها للعربية.
الترحيب بالضيف الإيراني قابله من جهة أخرى تهديد ووعيد أطلقته «كتائب عبد الله عزام – سرايا زياد الجراح»، محذرة من «اهتزاز ما يسمى (لبنان) وارتعاد أرضه إذا ما وطأتهما قدما نجاد». ووزعت هذه الكتائب التي تبنت في وقت سابق عمليات إطلاق صواريخ من جنوب لبنان نحو إسرائيل، بيانها على وسائل الإعلام اللبنانية، واصفة «زيارة أحمدي نجاد المنوي تنفيذها إلى ما يسمى لبنان في بلاد الشام» بـ«الخطوة الخطيرة جدا»، وبـ«التحدي السافر لكل سني فيها». وفي تحريض مباشر على الزيارة، قال البيان: «سيهتز ما يسمى لبنان وترتعد أرضه إذا ما وطأتهما قدما نجاد. سنبذل المستحيل لمنع هذه المؤامرة. وفي حال حدوثها نعد ألا يعود كما أتى».
واتهم البيان حزب الله بإحضار نجاد إلى بلاد الشام «دعما لكيانه الذي بدأ في إقامته، وكي ينال بركاته على ما أحرزه من نجاح في المخطط الفارسي الذي ينفذونه لتحويل بلاد الشام إلى دولة شيعية تدور في فلك إيران»، داعيا الجميع للتنبه، «فقد أعلنوا علينا حرب إبادة، وفي المقابل نحن سنرد في كل مكان من بيروت وحتى بنت جبيل وقانا».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أصدرت تحذيرا منذ يومين لرعاياها لتجنب السفر إلى لبنان، معللة السبب بأنه «بينما يتمتع لبنان بفترات من الهدوء النسبي، فإن احتمال بروز أعمال عنف بشكل فوري أو فجائي مسألة جدية، وأن السلطات اللبنانية غير قادرة على ضمان الحماية للمواطنين أو للزائرين»، لافتة إلى أن «الزعماء اللبنانيين حذروا علنا من أن إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان للقرار الخاص بمقاضاة الضالعين في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، يحتمل أن يثير اضطرابات مدنية أو أعمال عنف أخرى في لبنان».
وعند الحدود الجنوبية، عزز الجيش الإسرائيلي قواته وكثف من تحركات آلياته العسكرية بالتزامن مع إعداد شخصيات سياسية وبرلمانية إسرائيلية مظاهرة احتجاج لعزم الرئيس الإيراني زيارة بلدات الجنوب المحاذية للحدود مع إسرائيل. ويطلق هؤلاء صباح الأربعاء، موعد وصول الرئيس نجاد إلى لبنان، أكثر من ألفي بالون بألوان العلم الإسرائيلي تعبيرا عن احتجاجهم. وقد طالبت بعض الشخصيات باعتقال أحمدي نجاد لتصريحاته ضد إسرائيل الداعية إلى إبادتها.
الاستنفار الإسرائيلي يقابله في الجبهة اللبنانية استنفار من نوع آخر، إذ أعد الجنوبيون كل العدة لاستقبال «الزعيم المقاوم الكبير»، كما يحلو لهم وصفه، فأم عماد مثلا تؤكد أنها ستكون في الصفوف الأولى لاستقباله، حيث حضرت الأرز لرشه والزغاريد والأهازيج للترحيب به. أما ماهر في بنت جبيل فمنهمك في التنسيق مع «شباب حزب الله لتكون الاحتفالات على مستوى الزائر»، بينما يشدد أحد المواطنين هناك على أن «انهماك الجنوبيين في الزيارة يأتي في قسم كبير منه في إطار تحدي كل من انتقدها ولاستفزاز العدو الإسرائيلي».
في هذا الوقت، أنهى المعنيون التحضير للزيارة، فترأس رئيس الجمهورية ميشال سليمان سلسلة اجتماعات مع عدد من معاونيه لوضع اللمسات والترتيبات الأخيرة على برنامج زيارة الرئيس الإيراني التي تستمر ثلاثة أيام. وعقد في وزارة الخارجية والمغتربين اجتماع بين الجانبين اللبناني والإيراني، تحضيرا للاتفاقات المزمع توقيعها أثناء الزيارة الرئاسية المرتقبة.
وحصلت «الشرق الأوسط» على برنامج زيارة نجاد غير الرسمي، حيث يصل عند الساعة الثامنة والنصف بتوقيت بيروت إلى مطار رفيق الحريري الدولي لينتقل عند الساعة الحادية عشرة إلى القصر الجمهوري في بعبدا، حيث يقام غداء على شرفه. يلتقي عند الساعة الثالثة والنصف في مقر إقامته بفندق «الحبتور» في منطقة سن الفيل، عددا من القيادات اللبنانية ليزور عند الخامسة والنصف نصب الجندي المجهول وينتقل عند السابعة والنصف إلى ملعب الراية في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث ينظم حزب الله وحركة «أمل» احتفالا شعبيا كبيرا للاحتفاء بـ«ضيف لبنان المقاوم». وينتقل بعدها للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري على مأدبة عشاء. ويفتتح الرئيس الإيراني يومه الثاني في بيروت بلقاء عدد من القيادات عند الثامنة والنصف صباحا، ليكرم عند الساعة العاشرة في الجامعة اللبنانية بالحدث، حيث يحصل على دكتوراه فخرية لينطلق بعدها في جولته الجنوبية المنتظرة. واستغرب أهالي منطقة سن الفيل استقبال الرئيس الإيراني في فندق «الحبتور» ولم يتردد البعض في استنكار هذه الخطوة وإبداء تخوفه من انتشار الحرس الثوري الإيراني في المنطقة التي تعد شعبية ومكتظة.
وفي المواقف السياسية من الزيارة، شدد نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، على أن «زيارة الرئيس أحمدي نجاد نجحت بالكامل قبل أن تبدأ، فكيف إذا بدأت؟!»، لافتا إلى أن «إيران قدمت عرضا للمساعدة في معالجة مشكلة الكهرباء والماء بمقدار 450 مليون دولار»، وأضاف: «سننتظر لنرى كيف سيتعامل لبنان مع هذا العرض السخي، وخاصة أن إيران كانت قد أكدت في وقت سابق استعدادها لتسليح الجيش اللبناني». وتوجه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، العماد ميشال عون، إلى المعترضين على زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان، معتبرا أن «من قبّل وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس خلال حرب يوليو (تموز) 2006، لا يحق له الاعتراض على زيارة نجاد الذي وقف إلى جانب لبنان، ونقول أهلا وسهلا به».
واعتبر رئيس حزب «الكتائب»، أمين الجميل، أن «نجاد يأتي بدعوة رسمية من رئيس الجمهورية»، مشددا على أن «ما يهمنا أن يكون لبنان على تواصل مع المحيط بسبب العلاقة بين بعض الشرائح اللبنانية والخارج»، آملا أن تعزز الزيارة الحوار والمصالحة اللبنانية، وتعمل من أجل كل لبنان.