في حوارات كردية… الجريدة تتتبع الحلم الكردستاني من جمهورية مهاباد إلى أربيل الرمز

شيخ قيادات الحزب الديمقراطي الكردي – إيران عبدالله زادة: إنتاج السلاح النووي أصبح في صلب عقيدة النظام الإيراني وهو حلم لن يتخلى عنه
أربيل – مسعود محمدkurdistan_flag

في 15 أغسطس عام 1945 تأسس «الحزب الديمقراطي الكردي- إيران» أو ما يطلق عليه «البارتي» في مدينة مهاباد عاصمة كردستان إيران، متخذاً جمعية الإحياء الكردي قاعدة له. وفي 23 ديسمبر عام 1946 أعلن تأسيس حكومة وطنية كردية ذات نظام جمهوري في كردستان إيران سميت بـ«جمهورية مهاباد»، برئاسة القاضي محمد زعيم الحزب، واستمرت التجربة 11 شهرا، بيد أن أولى تجارب إقامة دولة مستقلة للأكراد قضي عليها بعد معركة غير متكافئة مع الجيش الإيراني، وقتل فيها ما يزيد على 15 ألفاً من أفراد الحزب ومن المواطنين الكرد. وفي 31 مارس 1947 أُعدم القاضي محمد وأخوه صادر قاضي عضوا البرلمان الإيراني وابن عمهما سيف قاضي وزير دفاع الجمهورية الكردية.تمثل «جمهورية مهاباد» نقطة التحول في المطالب القومية الكردية من حيث إعلان شكل من أشكال التنظيم الإداري السياسي، ويعود إلى «تجربة مهاباد» الفضل في إنشاء أول مسرح كردي، واستعمال اللغة الكردية في التعليم وجعلها اللغة الرسمية في الجمهورية، وإنشاء جيش كردي، وإذاعة كردية، وتكوين نقابات مهنية، وفي إثراء الصحافة الكردية وإجراء إصلاحات زراعية وإدارية، فضلا عن مساهمتها في إعطاء دور للمرأة الكردية، وتطوير الفن الكردي، وتحريك القضية الكردية دولياً.لم يكن شعار «جمهورية مهاباد» الانفصال، بل الحصول على حق الحكم الذاتي رسمياً داخل إيران، بيد أن هناك عوامل عديدة دولية وإقليمية وداخلية تضافرت معاً، مما أدى إلى حدوث ذلك الانهيار السريع للجمهورية الوليدة، وتمثلت أبرز العوامل الدولية في الصراع السوفياتي مع الغرب الذي استثمرته حكومة طهران، فضلا عن الافتقار إلى استراتيجية قومية موحدة ومنسقة مع أجزاء كردستان الأخرى (تركيا والعراق وسورية)، إضافة إلى محدودية مساحة الجمهورية، فضلا عن الارتجالية والعفوية والعاطفة القومية التي كانت من سمات هذه التجربة. هذا على صعيد أهم التجارب التي عايشها أكراد إيران في الماضي، وكان لزاماً علينا لاستكمال المشهد السعي إلى التعرف على حاضرهم ومستقبلهم، لذا ساقتنا الجولة في أراضي كردستان إلى آخر شيوخ «الحزب الديمقراطي الكردي- إيران»، القيادي الكردي عبدالله حسن زادة الذي زارته «الجريدة» في معقله الرئيسي مع أنصار حزبه في إحدى الضواحي التابعة لقضاء كويسنجق ضمن محافظة أربيل، التقيناه ولم يكد يمر أكثر من شهر على الذكرى الخامسة والستين لتأسيس الحزب، وكان معه حوارنا التالي.

الاحتقان الإيراني

• من هو عبدالله زاده؟
– إنه ببساطة أحد أبناء الشعب الإيراني، من القومية الكردية، من مواليد عام 1938، دخلت الحياة السياسية في سن مبكرة، وكان عمري حينها 13 سنة، عملت عضواً عاملاً في الحزب حتى عام 1969، حيث انتخبت عضواً في اللجنة المركزية للحزب، وفي عام 1971 انتخبت لعضوية المكتب السياسي، وشغلت منصب مساعد الأمين العام للدكتور عبدالرحمن قاسملو ثلاث مرات، وانتخبت أمينا عاماً للحزب عام 1995 وبقيت في موقعي حتى عام 2003.

• ما تقييمك للثورة الخضراء؟
– هي حركة شعبية عفوية من صميم الشعب الإيراني تعبر عن حالة الضغط والاحتقان التي أوصل نظام الملالي الشعب الإيراني إليها.

• هل هناك تنسيق في ما بين حزبكم وقيادات الثورة الخضراء؟
– هناك مشاورات والتقينا ممثليهم في الخارج وتبادلنا التشاور عبر أصدقاء مشتركين إلا أن التواصل لم يرتق إلى درجة التنسيق.

• لماذا لم يتطور التواصل؟
– لسبب جوهري وهو أسلوب العمل، فهذه المجموعة تعتبر نفسها من صلب النظام، وترغب في التغيير من خلال الآليات التي وضعها النظام، أما نحن فنعتبر أنفسنا خارج هذا النظام ونعمل على إسقاطه كله.

أمنيات ورغبات

• من كان الأقرب إليكم من قادة المعارضة؟
– الجميع قريب منا إلا أن برنامج السيد كروبي الانتخابي كان الأكثر وضوحاً في ما يتعلق بالموضوع الكردي وحقوق الأكراد.

• هناك كلام عن تدريب أميركي لمجموعات كردية لتشارك في إسقاط النظام، ما مدى صحة هذا الكلام؟
– هل تسعى أميركا فعلاً إلى إسقاط النظام الإيراني؟! نحن لا نعتقد ذلك، فهذا النظام الإيراني تبادل الخدمات والمنافع، وقدم تسهيلات إلى الأميركيين في أفغانستان والعراق، وسهل للقوات الأميركية مهمتها، الكلام عن تدريب الأكراد أمنيات لا تقترب من الواقع، ربما مرد هذا الكلام إلى الرغبة الدفينة في استخدام الأكراد عسكرياً بوجه النظام، لأنهم القوة الوحيدة إيرانياً التي تملك قوات عسكرية مدربة ومنظمة وموجودة داخل الأراضي الإيرانية.

• هل ستنتج إيران سلاحاً نووياً؟
– إنتاج السلاح النووي أصبح من صلب عقيدة النظام، وهو لن يتخلى عن هذا الحلم، وسيعمل بكل ما يملك لتحقيقه.

• ما هو واقع الأحزاب الكردية في إيران؟
– للأسف واقع مرير، فالأحزاب الكردية في إيران تعاني العديد من الانقسامات حتى داخل الحزبين الكرديين الرئيسيين في إيران، «الديمقراطي» و»كوملا»، فقد منيا بالانشقاق والخلافات، وليس هناك أي أمل لأي عمل جبهوي موحد اليوم في ما بين الأحزاب الكردية، وهذا أحد الأسباب المهمة التي تضعف موقفهم في صراعهم في وجه النظام الإيراني.

• يقال إن حزب بيجاك (الحياة الحرة) هو وريث الحزب الديمقراطي؟
– تاريخ وعمل الحزب الديمقراطي، الذي يتضمن إنشاء أول جمهورية في تاريخ الكرد أكبر من أن يرثه أي حزب جديد، خلافنا مع «بيجاك» هو حول السلاح في هذه المرحلة، فاستخدامه سيعطي مبرراً للنظام لقمع «الثورة الخضراء» وجماهير شعبنا الإيراني، النظام يتمنى حصول أي حركة مسلحة، لاستخدامها مبرراً لقمع الحركة التحررية الإيرانية، والالتفاف الذي جرى حول «بيجاك» مرده يعود إلى استياء الناس من القمع الذي يمارسه النظام ضدهم، ورغبة الناس في قتال النظام، لكننا نرى أن المرحلة هي مرحلة للعمل السياسي والسلمي، لكشف الوجه المقيت لهذا النظام.

التغيير قادم في إيران

• في أي حالة أنتم الآن مع النظام في إيران؟
– نحن الآن في حال حرب ضد النظام، لكننا أوقفنا انشطتنا المسلحة ضده لجملة من الأسباب، أهمها ما أسلفته كسبب رئيسي في السؤال السابق من ناحية رغبة النظام في اندلاع ثورة مسلحة ليسهل له قمع الحركة التحررية الإيرانية، والسبب الثاني أننا نوجد حالياً في إقليم كردستان العراق، الذي انبثقت منه تجربة سياسية وإدارية مهمة بالنسبة إلى كل الشعب الكردي، وعلينا جميعا أن نحافظ على هذا الكيان السياسي الذي يمثل إنجازاً كبيراً ومحط آمال الكرد في كل مكان، ويجب علينا صيانته كأحد واجباتنا الوطنية المفروضة على كل إنسان كردي شريف.

• كيف ترون آفاق المستقبل بالنسبة إلى كردستان إيران؟
– نحن نقول دوما إن إيران لن تنعم بالحرية ولن تتمتع أقلياتها بحقوقها القومية المشروعة مادام النظام الحالي جاثماً على صدورها، ونحن الكرد واثقون تماماً بأن نظام الجمهورية الإسلامية لن يخطو خطوة باتجاه إقرار حقوق الشعب الكردي، لا بل سيوغل في هضم حقوقه المشروعة وإلغاء وجوده، أي أننا لا نرى أفقا لنيل مطالب وحقوق شعبنا المشروعة إلا في مرحلة ما بعد زوال النظام الحالي، لذلك نحن الآن في حوار واتصال مستمرين مع سائر الأحزاب الإيرانية المعارضة بغية توحيد صفوفنا ورصها، في رأيي الشخصي هناك تغييرات سياسية كبيرة ستحدث في إيران حتماً، ولكنني لا أستطيع الجزم أو التكهن بموعدها، لاسيما أن الأوضاع الداخلية في إيران تزداد سوءاً يوماً بعد آخر والشعوب الإيرانية تزداد حنقاً وكراهية للنظام الحاكم الذي يسعى بدوره إلى امتلاك السلاح النووي، بينما العالم كله يدرك خطورة امتلاك نظام متخلف مثل النظام الحاكم في طهران للسلاح النووي، ولا يستثنى من الدول الكبرى التي تجمع عالمياً على ذلك سوى روسيا والصين اللتين تدعمان مواقف النظام الإيراني في الأوساط والمحافل الدولية، ليس حبا فيه بالطبع، بل حرصاً على مصالحهما الاقتصادية الهائلة معه، واللتين ستتخليان عنه يوماً في نهاية المطاف، خصوصاً أن السلاح النووي الإيراني سيشكل خطراً على روسيا والصين قبل غيرهما من دول العالم بحكم قربهما الجغرافي من إيران، فضلا عن الموقف الأوروبي الذي انقلب ضد إيران رأسا على عقب ليصبح مطابقاً للموقف الأميركي.

وصية الشهيد

• هل ترى أملا في استمرار «الثورة الخضراء» وحركة التغيير في إيران؟
– لا يكاد يمر يوم إلا ويتظاهر أبناؤنا في إيران ضد النظام، سواء في العاصمة طهران أو في معظم مدن البلاد، والأهم من كل ذلك هو أن عصرنا الراهن الذي هو عصر انعتاق الشعوب، لم يعد فيه مكان للأنظمة الشمولية الساعية إلى خنق أصوات شعوبها وهضم حقوقها ومصادرة حرياتها.

• ما رسالتك إلى العالمين العربي والإسلامي؟
– أنا لست في موقع يخولني بتوجيه رسائل، لكنني أتمنى من الشعوب العربية والإسلامية ألا تنخدع بدعايات النظام الإيراني من ناحية حرصها على القضايا العربية، فهذه القضايا وعلى رأسها قضية فلسطين مطية للنظام الإيراني ووسيلته إلى التغلغل في العالمين العربي والإسلامي، لتحقيق أهدافه بالسيطرة عليهما ولعب دور شرطي المنطقة بالتفاهم والتعاون مع تركيا.

• ماذا تقول لحزبك وجماهير الشعب الكردي في إيران؟
– لحزبي أذكّرهم بكلمات قائدنا الشهيد عبدالرحمن قاسملو التي يقول فيها: ‘قرارات الحزب الديمقراطي لا تؤخذ لا في موسكو ولا في واشنطن، بل في إيران وداخل صفوف الحزب’… وهذه هي وصيتي أيضاً دعونا لا نسمح لأي طرف دولي أو إقليمي، بممارسة وصايته علينا، نحن نحترم تجربة أكراد العراق ونحافظ عليها وننظر إليها بوصفها نموذجاً يحتذى، ولكننا نبلور تجربتنا الخاصة.

• هل أنت راض عن إنجازات سنين النضال الطويلة؟
– هناك قول يرد على ذلك: «ليس من المهم أن ينتصر المرء في نضاله بالحياة، المهم أن يقول يوم مماته إني فعلت ما في استطاعتي»… أنا لا أدّعي أنني قمت بكل شيء لكنني مرتاح بما قمت به لشعبي الكردي وحركته التحررية، وأعتز بأن حزبنا لم يرتكب أي خطأ يضر بمصالح وقضية الشعب الكردي.

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …