تاريخ الاهواز عربستان منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن الفصل الثامن – الحلقة الاولى

 

khaz3al-

تاليف : الاستاذ موسى سيادةى- عرض وترجمة: الاستاذ  جابر احمد

خزعل يتولى  الزعامة : بعد  اغتيال الشيخ مزعل في الثاني من حزيران من عام  1897  على يد احد اتباعه و يدعى ” سويد ” وذلك بعد  ستة عشر عاما من الحكم ،  تولى  حكم امارة اقليم  عربستان من بعده  شقيقه الشيخ خزعل ،وقد حضي هذا الاستخلاف  بمباركة  رؤساء ” المحيسن”،  حيث اقيم بهذه المناسبة احتفالا مهيبا في مدينة المحمرة ، اشترك فيه جمع غفير من زعامات و وجهاء  القبائل العربية ، وقد  لاقى  مقتل  مزعل ارتياحا بالغا  من قبل  اتحاد رؤساء المحيسن  الذين عانوا في  عهده من انفراده  بالحكم و الاستئثار به ، وتجاهل اخيه  الشيخ خزعل   وتعيين ابن اخيه الشيخ عبودعام 1897 خلفا له  ، بالاضافة الى ارتفاع  معدل الضرائب واستيلائه  غير المبرر على اراضيهم ، ناهيك عن ارتفاع تأجير  بساتين النخيل  العائدة له باغلى الاسعار .

كان الشيخ خزعل قد اجرى في  اغسطس – آب – من عام 1896 مباحثات  مع القائم بأعمال القنصلية  البريطانية في الاقليم  سعيا منه في كسب دعم البريطانيين في  حال عزل  مزعل من الحكم ، وفي المقابل  تعهد للبريطانيين انه وخلافا  لسياسة اخيه لن يضع اي موانع  في وجه التجارة البريطانية  في اقليم عربستان .

وما ان استلم خزعل الحكم حتى اقام علاقات ودية مع كل من بريطانيا و الدولة العثمانية ، كما حصل على  اوسمة دولية عدة منها : وسام   من قبل الامبراطور  الالماني ” و يلهم  الثاني ” ، ووسام من “جورج الخامس ”  ملك  بريطانيا  ” في 15 من تشرين  الثاني من عام  1910   ، و وسام رفيع المستوى منحته  له الحكومة الفرنسية في 29 تشرين الثاني من عام 1913  وسام ” الشرف الوطني ” الفرنسي  وبعد انتهاء  الحرب العالمية الاولى ” 1918 – 1914 ” منحه احمد شاه القاجار   الوسام ” الهمايوني ” وغيرها من الاوسمة .

يقول المؤلف الاستاذ موسى سيادة ،  ان الشيخ خزعل اثناء فترة حكمه كان يكن كل الاحترام  للاقليات القومية و الدينية المتواجدة في اقليم عربستان ، وفي عهده زار الحاج ” أمين الحسيني ” مفتي فلسطين اقليم عربستان وحل ضيفا على الشيخ خزعل في مدينة المحمرة ، و طلب منه  المساعدة  في اعادة وبناء ” المسجد الاقصى ، وقد تبرع له  الشيخ خزعل بمبلغ 9000 روبية . كما سمح  للمسيحيين  الكلدان بناء كنسية لهم في مدينة المحمرة ، ونتيجة لمبادرة هذه منحه  بابا الكلدان ” البابا نياد يكتوس  الخامس عشر ” في عام 1910 وسام ” كريكوريس ” .

وحول صفات الشيخ خزعل ينقل المؤلف نقلا عن المؤرخ المصري عبد المسيح الانطاكي قوله :  ” ان الشيخ خزعل كان يتحدث باللغة العربية  الفصحى كما كان باسم الوجه يجيد حسن الاستقبال ،  صبور متحمل ، مسلم ،   يصلي الصلوات الخمس  في مواعيدها ، و اثناء الحرب  و النزال  كان شهاما وشجاعا “. ،كما يرى  الشاعر  العربي سليمان فيضي ان الشيخ خزعل يعد من كبار الشعراء العرب في عصره ، كما انه كان كريما ومحبا للضيف …  الخ .

علاقات الشيخ خزعل مع البريطانيين بعد الحرب العالمية الاولى  :

منذ الوهلة الاولى لاستلامه السلطة طمئن الشيخ خزعل  الحكومة  البريطانية و ذلك من خلال  لقائه مع  قائم باعمال  القنصلية البريطانية في المحمرة   ” السير  يليام  ماكدوال”  على انه يسعى الى اقامة احسن العلاقات مع بريطانيا  في المجالات السياسية و الاقتصادية ، و سوف يدافع بكل ما يستطيع من قوة عن مصالحها  في المنطقة . وقد اعلن  عن  هذه المواقف  سعيا منه للحافظ على استقلاليه ” حكمه الذاتي ” عن الحكومتين ، العثمانية و الحكومة  المركزية الايرانية . و قد اعتقد ان افضل دولة  تقدم له الدعم  هي الدولة البريطانية لاغير .وفي الفترة الواقعة ما بين عامي 1898 -1899 طالب  ان تدعمه حكومة صاحبة الجلالة البريطانية دعما رسميا ،  لان هناك خطرا كبيرا يتهدد الحكومة المركزية في ايران متمثلا   بالروس و الالمان.

وفي لقاء جرى في مدينة  المحمرة  ضم كل من  الشيخ خزعل و القائم باعمال القنصلية البريطانية  في بغداد  ” المستر  فيليب كيوري ” في حزيران من عام 1898  ، اطلع الشيخ خزعل  القائم  بالاعمال ان الحكومة المركزية الايرانية تواجه خطر السقوط ، لماذا ؟ لانها على وشك الافلاس المالي و ان موجة من الفوضى تسود العاصمة الايرانية ، كما ابلغ مثل هذه الامور  العقيد ” ميد ”  قائد الاسطول  البريطاني في مياه الخليج ، وذلك عن طريق  الممثل البريطاني  في المحمرة ، من جهة اخرى كانت الدولة المركزية تلح على تحرير الجمارك  في مدينة المحمرة من سيطرة الشيخ خزعل وكانت ردود افعال بريطانيا  حول هذا الموضوع ضعيفة ،  لماذا ؟ لان الشيخ خزعل كان  قد تلقى  في ايار من عام 1899 من قبل الوزير البريطاني المفوض” السير مور تيمر دوراند ” رسالة   يؤكد فيها ان بريطانيا لا تستطيع ان تمارس الضغط على الدولة المركزية  الايرانية  وانها  في حال الاختلاف  سوف تكتفي بالوساطة بين شيخ خزعل و الحكومة المركزية الايرانية ، وان الخلافات بين الجانبين يجب تحل عبر الطرق السلمية .

و كان المحرك  الاساسي  وراء  قرار وضع اليد على جمارك  المحمرة  من قبل  الدولة المركزية في  عهد مظفر الدين شاه  هم  الروس الذين يريدون  تحجيم دور الشيخ خزعل  في بسط نفوذه على كل جغرافية  عربستان   وذلك نتيجة  المنافسة الشديدة  الموجودة بينهم و بين الانجليز ، و لكي تستطيع ايضا عبر الاستيلاء على ايرادات جمارك هذا الميناء الحيوي الهام   ان تسد العجز المالي  التي تعاني منه خزينة الدولة المركزية  ، ولتحقيق  ذلك ارسل الدولة المركزية  من جانبها  وفدا  الى المحمرة  حتى تمنع الشيخ خزعل من اخذ الواردات الجمركية ، كما تحد في الوقت نفسه من طموحه نحو  تحقيق   فكرة الاستقلال .

ان الاختلافات التي نشبت بين اعوام ( 1900- 1903 )  على موضوع فرض السيطرة على الجمارك في ميناء المحمرة  و المنافسة  بين ” السردار مكرم ” الحاكم المعين لاقليم عربستان  من قبل الدولة المركزية  و الشيخ خزعل امير عربستان تبدل  الى  صراع  جدي  بين الشيخ خزعل و الدولة المركزية  انعكست اثاره في ما بعد مما يعتبر نقطة تحول  كبيرةى  في تاريخ  هذا الاقليم .

يتبع في الحلقة  الثانية من الفصل الثامن

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …