يوسف عزيزي
لم تغير الثورة الاسلامية التي قامت في شباط (فبراير) 1979 من طبيعة الايرانيين القومية واحتفائهم باعيادهم الفارسية ذات الجذور المجوسية، رغم معارضة قادة الثورة من رجال الدين وخاصة الراحل اية الله الخميني
.
وتوجد في ايران 3 انواع من الاعياد يمكن ان نصنفها حسب الاهمية الشعبية كالتالي: اولا، الاعياد القومية (الفارسية الجذور) كعيد نوروز، والاربعاء الحمراء (جارشنبه سوري) وشم النسيم (سيزده بدر) وهي تجيء متتالية زمنيا في اول الربيع وتشكل بمجموعها اعياد نوروز.
ثانيا، الاعياد الدينية الاسلامية كعيد الفطر وعيد الاضحى، وثالثا الاعياد المذهبية الشيعية كعيد غدير الخم.
ويحتفل الايرانيون بعيد نوروز في 21 آذار (مارس) من كل عام كبدء للعام الايراني الجديد وتعطل المدارس ومعظم الدوائر الحكومية لمدة اسبوعين. ومن المعروف ان اعياد نوروز هي في الاساس اعياد بابلية غير ان الفرس اضفوا عليها طابعهم القومي، وهم يدعون الان انها تعود الى تراثهم الديني الزرادشتي الذي كان سائدا في الامبراطورية الفارسية قبل الفتوحات الاسلامية.
ويُعد عيد الاضحى، الاقل اهتماما به كعيد شعبي بين كل الاعياد التي ذكرناها رغم انه عطلة رسمية ليوم واحد وذلك خلافا للدول الاسلامية الاخرى التي تعطل بهذه المناسية بين 5 – 9 ايام و منها تركيا العلمانية. صحيح ان البعض يذبح الخراف بهذه المناسبة لكن لا يمكن لك ان تشعر بنكهة العيد في هذا اليوم كما هو سائد في الدول العربية والاسلامية. اي لا معايدات ولا ملابس جديدة للاطفال ولا حلويات. ونفس الامر ينطبق على عيد الفطر اي ان العطلة الرسمية لهذا العيد هي يوم واحد فقط.
لكنني يمكن ان اشير هنا الى استثناء يتمثل في عرب الاهواز الذين يحتفلون بعيد الفطر كعيد اسلامي وقومي (عربي) ايضا، اي انهم يعتبرونه عيدهم المنبعث من هويتهم العربية والاسلامية. اذ انهم ومنذ ايام قبل العيد يشترون الحلويات والملابس الجديدة للاطفال ويدفعون العيدية للاطفال في يوم العيد. ويهتم العرب في اقليم الاهواز (عربستان) بعيد الفطر اكثر من اي عيد اخر وهم لا يعيرون اهمية للاعياد الفارسية كاعياد نوروز وماشابهها. وهذا ليس امرا سياسيا طارئا بل هو ظاهرة تاريخية اخذت تترسخ كلما زاد شعور عرب الاهواز بالتمييز القومي المفروض عليهم من قبل السلطة المتمسكة بالثقافة الفارسية.
وقد طالبنا كنشطاء سياسيين ولسنوات عديدة السلطة الدينية في طهران بالاعلان عن 3 ايام عطلة لعيد الفطر المبارك اسوة بالدول الاسلامية (والعربية) الاخرى، غيرانها رغم ادعاءاتها الاسلامية لم تلب هذا الطلب. ولا يزال اهلنا في الداخل متمسكون بطلبهم هذا وقد سمعت ان الحكومة الايرانية ابدت هذه السنة تجاوبا مع ذلك، غيران ما يريده شعبنا العربي الاهوازي هو تشريع هذه العطلة كي لاتبقى اسيرة اهواء الحكومات المختلفة.
كما يجب التذكير بان غير الفرس من اهل السنة – خاصة التركمان والاكراد – يحتفلون ايضا بعيد الفطر المبارك لكن ليس على مستوى عرب الاهواز.
وبينما يوجد تمايز واضح بين الاعياد القومية (الفارسية) والدينية الاسلامية في ايران، فان من الصعب التفكيك بين القومي (العربي) والديني (الاسلامي) خاصة في مجال التقاليد في البلدان العربية. فعيد الاضحي وعيد الفطر هما عيدان دينيان وفي الوقت نفسه قوميان في الدول العربية غير ان الايرانيين الشيعة ــ ما عدا عرب الاهواز ــ لا يهتمون بهذين العيدين ويعظمون عيد نوروز بل ويتمسكون بتقاليد موروثة عن ماضيهم المجوسي مثل مهرجانات الاربعاء الحمراء (جهارشنبه سوري) وهي مهرجانات اخر اربعاء السنة الشمسية والتي يتم فيها وعلى نطاق شعبي واسع القفز من النار وقس علي ذلك من تقاليد أخرى.
وقد استغلت الجماهير العربية في اقليم الاهواز عهد الرئيس السابق محمد خاتمي (1997 – 2005) الذي اتسم بنوع من الانفتاح السياسي لتعظيم اعيادها القومية كعيد الفطر المبارك