دبي – فرزانه بذر بور، عبدالهادي طرفي
أكد الزعيم الإصلاحي الإيراني رئيس البرلمان الأسبق مهدي كروبي في مقابلة خاصة بالعربية الأحد 12-9-2010، أن السلطة الإيرانية ترى أن استمرار حكمها هو
رهن بافتعال أزمات على الصعيد الدولي. أما على الصعيد الداخلي فهي تعمل على تأزيم الأمور ولا تعمد إلى حل الأزمات الاقتصادية وغير الاقتصادية التي يعاني منها الشعب.
وستبث العربية المقابلة كاملة الليلة الأحد ضمن برنامج “بانوراما” الساعة العاشرة ليلا بتوقيت السعودية.
وشدد الزعيم الإصلاحي الإيراني المعارض مهدي كروبي، في لقائه مع العربية، على أن الحركة الخضراء مستمرة طالما عبّرت عن إرادة الشعب الإيراني وبقي هذا الشعب داعما لها، مضيفا أن الشعب هو الذي مكّن الإمام الخميني من النصر ولولا الشعب لما استطاع فعل أي شيء.
وأوضح كروبي أنه يعرف سجينا انتزع منه المحققون في السجن اعترافات ضده بعد تمريغ رأسه في المرحاض.
ولم يكشف كروبي اسم السجين السياسي الذي تعرض إلى التعذيب بهذا الأسلوب لكنه أوضح أن” أسرة السجين الذي انتزعوا منه اعترافات ضدي قد تأثرت كثيرا”.
وفي رده على سؤال حول صحة المعلومات التي وردت حول تعذيب حمزة كرمي المقرب من مهدي هاشمي نجل رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، قال “سمعت أن هاشمي رفسنجاني قد بكى عند ما سمع بما حل بحمزة كرمي، وأن مرشد الجمهورية قد تألم و أمر بمتابعة الموضوع”.
وحمزة كرمي هو من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني سابقا لكنه دعم ترشيح مير حسين موسوي في الانتخابات الماضية و قد تناولت وسائل الإعلام الإيرانية أخيرا رسالة وجهها إلى مرشد الجمهورية الايرانية أكد فيها أنه تعرض إلى التعذيب طوال 14شهرا من اعتقاله قائلا إن “المحققين كانوا يغطسون رأسه في مرحاض مليء بالفضلات البشرية ليعترف بوجود علاقات بينه وبين بنات وزوجات بعض قادة المعارضة”.
وقال كروبي “كنت واثقا من أننا سنشهد أحداثا مرة خلال الانتخابات، ولكن ليس بهذا الحجم. وكان انطباعي ينم عن تجربة سلوك السلطات في الدورات السابقة، ومن هذا المنطلق، أكدت لموسوي أن الوضع صعب وسألته: هل أنت مستعد للوقوف أمامهم؟”
وأضاف”الأوضاع الراهنة متأزمة وصعبة للغاية، الوضع خلال السنوات الثلاثين الماضية لم يكن أبدا بهذا الشكل”.
وأردف يقول “أنا و موسوي، وحتى محسن رضائي، عندما قررنا خوض المنافسة الانتخابية، لم نكن نتوقع حدوث مثل ما حل بالبلد بعد الانتخابات”.
واعتبر أن “هذه السلطة ترى أن استمرار حكمها رهن بخلق الأزمات، وأنها سببت الكثير من المشاكل في الجامعات و النقابات المختلفة و لرجال الدين أيضا”.
تدخلات الحرس الثوري
وذكر كروبي أن الأزمة المستمرة في إيران تعود إلى نشاط الحرس الثوري و المخابرات قائلا “الأمور الآن بيد الحرس الثوري. ويجب التأكيد هنا أنه عندما أذكر اسم كل من المؤسستين فأقصد جزء منهما ولا أقول كل منتسبي الحرس أو المخابرات”.
واعتبر كروبي أن “الغالبية من منتسبي الحرس والمخابرات مستاءة من الوضع الراهن”.
واستعرض الخلافات السابقة التي شهدتها إيران بعد سقوط حكم الشاه قائلا: “ما تقوم به السلطة الحالية غير معقول، ولا يتوافق مع المنطق”.
وأضاف”إنهم يتجنبون تنفيذ القوانين وهذا أمر غريب. الوضع أصبح سيئا بعد تمرد هؤلاء على القانون وتخليهم عن الدستور”.
وأرجع الزعيم المعارض سبب ما وصفها بالانتهاكات الدستورية إلى ضعف مكانة البرلمان، قائلا “عندما يقدمون على إضعاف البرلمان ستكون النتيجة هكذا”.
وقال “إن البرلمان حتى إذا أراد العمل فإن هذا السيد (أحمدي نجاد) يتصرف بما يحلو له. إذا كنت أنا في البرلمان فلن أسمح بمثل هذا التصرف”.
هندسة أصوات الناخبين
وجدد الزعيم المعارض تأكيده بأن السلطات قد تلاعبت بنتيجة الانتخابات الرئاسية الماضية، قائلا إنه مستعد لإجراء مناظرة مع أي شخص يمثل السلطة لإثبات عمليات التزوير في الانتخابات.
وقال “في البداية لم نكن على اطلاع، ولكن مع مرور الزمن ووقوعِ الأحداث شهدنا أن القضية لم تكن مجرد تزوير خلال التصويت، بل كانت القضية مدبرة، حيث قاموا بهندسة الأصوات”.
وأضاف “أخاطب من يزعم أننا لا نملك أدلة ووثائق تثبت ما ندعيه، أنا مستعد لبحث هذا الموضوعِ معهم عبر شاشة التلفزيون. لكن على من يريد أن يقدم نفسه كممثل للسلطة حتى لو كان أقل مستوى مني”.
وأشار إلى الرسالة التي وجهها سبعة من قادة الأحزاب الإصلاحية من السجن حول تزوير نتائج الانتخابات وقال “حتى لو لم يقدم هؤلاء الشكوى، فهناك حقيقة بأن الانتخابات أدارها الحرس الثوري والباسيج، وأن أحد أعضاء مجلس صيانة الدستور كان على اطلاع كامل بالموضوع، ولكن بعضهم لم يكونوا على علم بالعملية التي حدثت”.
واستبعد كروبي أن يصادق مجلس صيانة الدستور على أهليته خلال الانتخابات القادمة، قائلا “إذا ما استمر الوضع بهذا الشكل، أتصور أنهم لن يصادقوا على ترشيحِنا، كما أننا لن نخوض الانتخابات في ظل هذا الوضع”.
ورأى أنه من المبكر الحديث عن المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، مضيفا “يجب أن نرى كيف تسير الأمور. إننا لا نطيق الوضع الراهن وهذا الأسلوب لإدارة البلد”.
الدعم الخارجي
وأضاف مهدي كروبي أن السلطة الحالية ليست مشروعة وأنه يمضي بالاحتجاج قائلا “إنني أكدت في البيان الأول أنها يجب أن تردعلى احتجاجنا، وهددت بأنني سأفضحهم في كل مكان إذا لم يردوا علينا. إنهم يحاولون لصق اتهامات باطلة بنا”.
وتطرق إلى الاتهامات التي طرحها أمين مجلس صيانة الدستور الإيراني أحمد جنتي بشأن تلقي قادة المعارضة مليار دولار أمريكي من واشنطن وطالب جنتي بإبراز وثائقه.
وقال “نحن نعرف أنه لم تكن هناك أية مساعدات خارجية، حيث طلبنا من كبار رجال الدين مطالبة جنتي بإبراز وثائقه حول المساعدات … إننا نضطر إلى الرد عليه وحتى رفعِ شكوى ضده”.
وأضاف”إننا نطلب من كبار رجال الدين مطالبة جنتي بإبراز وثائقه. إننا نشكر رجال الدين، الذين يلبون هذا المطلب، حتى لو كان جنتي لا يملك وثيقة، نحن نطالبه بالكشف عن مصدره. مثلا يقول إن زيدا أو عمرا، مثل ما نتداوله نحن طلبة العلوم الدينية، قد كشف له قضية الدعم الخارجي. عليه أن يفصح عن هذا، كحد أدنى”.
وشدد أن “رجال الدين كان لهم الدور الكبير في الدورات السابقة وطالبهم بتحمل المسؤولية قائلا إن “بعض رجال الدين يحتجون على الوضع، ويوجهون انتقادات ضد السلطة، كما أن السلطة تواجههم أحيانا، حيث تقوم باقتحام بيوت رجال الدين واحتلالها. شهدنا حالة اقتحام بيت رجل دين كان في بيته عندما اقتحموه”.
واستنكر كروبي موقف مجلس صيانة الدستور من الاتهامات التي طرحها جنتي، وقال إن “الناطق باسم هذا المجلس أصبح اليوم ناطقا باسم جنتي وليس باسم المجلس. فإنه وبدلا من تقديم إيضاحات حول ادعاءات جنتي، يخرج علينا ويقول إنه عندما يطرح هذه القضايا فإنه يملك حتما أدلة”.
وتابع “أنا أعرف كيفية تفكير جنتي، وأعرف كيف يؤثرون عليه. لدي معلومات عن أن أعضاء مجلس صيانة الدستور يوجهون إليه انتقادات كثيرة بسبب تصريحاته غيِر المدروسة، لكنه يتصرف طبقا لما يرتأيه”.
قمع الاحتجاجات
وأكد الزعيم الإصلاحي أنه سيمضي بالاحتجاج على السلطة رغم قمع المعارضين، مضيفا “إن السلطة لديها إمكانيةُ ممارسة الضغط أكثر من هذا، لكنها تعرف أنها ستحصل على نتيجة معكوسة إذا ما ارتفع القمع”.
وقال “هم في الأيام والأشهر الأولى مارسوا الضغطَ وبذلوا جهودهم لإنهاء الوضع لكنه لم ينته لأن غالبية الشعب وراء هذه الحركة. والحركة تعود إلى الشعب. كانوا يتصورون أنهم سيفلحون في السيطرة على الوضع إذا ما مارسوا الضغط”.
وقال “الحركة الخضراء لها أهداف واضحة، وتمضي بطريقها ما دام الشعب وراءها. قلت مرارا إن الشعب هو الذي يملك الثورة والبلاد، ولولا مساندة الشعب للإمام الخميني، لما استطاع فعل أي شيء”.
وأضاف “إن الشعب يدفع ثمنا باهضا، وكلما وقفت السلطات في وجهه، فهذ يؤدي أحيانا إلى إطلاق شعارات متطرفة. العالم أصبح يستهزئ بنا بسبب هذا الوضع، لكن السلطات لا تهتم وتمضي بتصرفاتها”.
وتطرق إلى التجمعات التي ينظمها منتسبو الباسيج أمام بيته والمضايقات التي يتحملها خلال حضوره في الأماكن العامة، وقال “أنا لست قيد الإقامة الجبرية، حيث أنني أخرج من بيتي، وأشارك في اجتماعات، كما يزورني بعض الأشخاص، لكن السلطات تضايقنا أحيانا”.
العقوبات الاقتصادية
واعتبر مهدي كروبي أن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران بسبب نشاطها النووي تترك التأثير الأكبر على الشعب.
وقال “المقاطعات تترك تأثيرها على الشعب. أما إذا أردنا أن نكشف إن كانت تؤثر على السلطة أم لا، فأقول إنها تؤثر عليهم أيضا رغم محاولتهم مقاومة المقاطعات، ولكن في الحقيقة، النسبةُ الكبرى من الضغوط يتحملها الشعب. السلطات لديها الموارد النفطية وتنفقها لإدارة البلد. إننا على أي حال نعارض هذه المقاطعات”.
واعتبر كروبي أن أداء حكومة احمدي نجاد أدى الى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد قائلا “إن غالبية المصانع في البلاد قد أغلقت، وقاموا بإقالة حتى الأكفاء، التي تعاونت معهم سابقا. خلقوا أجواء يتصرفون فيها طبقا لما يرونه”.
وحول الحديث عن الهجوم العسكري على إيران، رأى كروبي أن الغرب لن يقدم على ذلك لأنه يجني الضرر للجانبين.
وقال “إذا ما شهدنا شن هجوم عسكري، فإن المصادر الاقتصادية يلحقها الضرر وسيترك آثارا سلبية في المنطقة، فلا أتصور بأن الغرب سيقدم على ذلك”.
تلفزيون المعارضة
ورحب مهدي كروبي ببدء بث تلفزيون “رسا” التابع للمعارضة قائلا ” أنا اؤيد نشاطَهم وأهنئهم بهذا المشروعِ وأنصحهم بمراقبة الوضع، للعمل في إطار الإسلام الرحماني، الذي طرحوه كشعار لنشاطهم”.
وأضاف “أنا سمعت أنهم من المسؤولين السابقين في الجمهورية الإسلامية، غادروا البلاد وكان بعضهم من المناصرين لي في الحملة الانتخابية”.
وفي رده على سؤال فيما إذا كان ينوي متابعة مشروعه لإطلاق قناة تلفزيونية غير حكومية في إيران قال “نحن نريد إطلاق قناة تعمل على أساس الدستور، نريد أن يتردد منتسبونا بسهولة ويعملوا بحرية، لكن هذا الأمر في الوقت الراهن يجني الضرر لمن حولنا من نشطاء”.
وأكد ” إنني لا أنوي متابعة الموضوع، لأننا لا نملك الإمكانيات المادية، كما أن الظروف أصبحت صعبة للغاية”.
المصدر : العربية نت