قال رئيس المجلس الإسلامي العربي في لبنان السيد محمد علي الحسيني في مقابلة مع “إيلاف” إن المجلس يختلف مع حزب الله في موضوع ولاية الفقيه والولاء للنظام الإيراني مؤكدًا السعي لإقامة علاقات مع مختلف الإطراف اللبنانية شريطة أن تقوم ضمن
مؤسسات الدولة اللبنانية. وإعتبر الحسيني الزيارة المرتقبة للرئيس الإيرانيّ إلى بيروت موجهة ضدّ أمن لبنان.
بيروت: قال رئيس المجلس الاسلامي العربي في لبنان السيد محمد علي الحسيني ان المجلس يختلف مع حزب الله في مسألة ولاية الفقيه والارتباط والولاء للنظام الايراني واكد السعي لاقامة علاقات مع مختلف الاطراف اللبنانية شريطة أن تقوم ضمن مؤسسات الدولة اللبنانية ومقومات تخدم الواقع اللبناني ولا تتعارض مع الامن القومي .
وأضاف الحسيني في مقابلة مع “إيلاف” ردًا على سؤال حول تداعيات الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان ان المجلس کمرجعية اسلامية للشيعة العرب لا يرى خيرًا من وراء هذه الزيارة لانها موجهة اساسًا ضد مصلحة وأمن لبنان والمنطقة العربية، موضحًا ان دور النظام الايراني في المنطقة عموما وفي لبنان والعراق وفلسطين واليمن والبحرين خصوصًا مبني على مقومات سلبية جدًّا موجهة أساسًا ضد الامن القومي العربي.
وفي ما يلي نصّ المقابلة :
*هل تعتقدون بعد هذه السنوات التي مرت على تأسيس مجلسكم انكم تمكنتم من تحقيق اهدافه واخذ مكانته عربيا واسلاميا؟
طوال الأعوام الماضية واجهنا ظروفا معقدة وصعبة اعترضت طريق المجلس وشكلت تحديًا مصيريًا لنا، ولكن بالعزم والإصرار والايمان الکبير الذي يحمله الاخوان والاخوات في المجلس، تجاوزنا المحنة ، ومرت سنوات خمس على إنشاء المجلس الإسلامي العربي.
صحيح انه لم يحقق جل أهدافه، لکنه حقق أهدافا کبيرة من مجموع الاهداف المهمة التي يجاهد في سبيلها، ويبقى الهدف الاکبر والاستراتيجي للمجلس الاسلامي العربي يتجلى في العمل على توعية وإرشاد الشيعة العرب وإبعادهم عن الاوساط التي تسعى لتوظيفهم کورقة ضغط او مساومة في أجندتها الاقليمية والدولية.
والى جانب هذا الهدف الاستراتيجي هناك هدف آخر ذو علاقة جدلية بالأول، وهو العمل الجاد والدؤوب على صيانة وحماية الامن القومي العربي وصيلنته من مؤامرات ودسائس أعداء الأمة العربية.
نعتقد أننا والحمد لله قد تمکنا بعد هذه الاعوام من أثبات وجود ودور المجلس الاسلامي العربي على الاصعدة اللبنانية والعربية والاسلامية وتحويله إلى مرجعية إسلامية لشيعة العرب .
* ما هي طبيعة نشاطكم حاليًا ؟ واي القضايا التي تركزون عليها؟
نشاطاتنا تشمل المجالات السياسية والدينية إرشادية والثقافية والاجتماعية والتربوية ونسعى بصورة خاصة من أجل تنبيه شيعة العرب من بدعة ولاية الفقيه وتحذيرهم من خطر الانزلاق نحو دعاية نظام ولاية الفقيه ، وتوجيههم بإتجاه المواطنة وثقافة الوسطية والاعتدال وتقبل الاخر وإحترام رأيه بالاعتماد على النصوص الشرعية الخاصة بهذه المسألة.
ونحن نسعى بشکل خاص للتقريب بين الاخوة الشيعة والسنة وزرع أسس ثقافة الاعتماد على الاصل ، ونبذ کل المسائل التي تقود الى اشاعة الخلاف والفرقة التي ينفذ من خلالها الاعداء والمتربصون شرا بالامة العربية والاسلامية.
* تطرحون في أدبياتكم نظرة مختلفة للشيعة العرب من القضايا العربية والاسلامية عن تلك التي تطرحها الاحزاب الشيعية في المنطقة؟ كيف ولماذا ذلك؟
نحن نؤمن أن الشيعة العرب قد تعرضوا لإجحاف وظلم على عدة أصعدة، لکن الظلم الاکبر الذي تعرضوا له في التاريخ المعاصر، تجلى في سعي نظام ولاية الفقيه في ايران لإستغلالهم کورقة ضغط ومساومة من خلال عملية تضليل وخداع کبيرة تقوم على مزاعم بأن نظام ولاية الفقيه يسعى لرفع الظلم الواقع على الشيعة العرب من جانب الحکومات العربية ، وانه النصير الوحيد للشيعة العرب، ولکن کما هو واضح يدس السم بالعسل عندما يحاول تسييس وتجيير الشيعة العرب في سياقات تخدم أجندته المشبوهة والمعارضة والمتناقضة مع أهداف ومصالح أمتنا العربية.
* كيف تردون على مقولة ان تأسيس مجلسكم قد شق وحدة الصف الشيعي في لبنان؟
ليس المجلس الإسلامي العربي من يشق وحدة الصف الشيعي وهو الذي کرس وجوده وجهوده واهدافه اساسًا من أجل توحيد کلمة الشيعة العرب وجمعهم تحت سقف بيت واحد.
نحن على العکس من ذلك نعارض اولئك الذين شقوا وحدة الصف الشيعي اللبناني وفتتوه من أجل أجندة واهداف إقليمية مشبوهة. إننا في المجلس الاسلامي العربي دعونا وندعو الى وحدة الصف الشيعي القائم أساسا على أسس ومرتکزات وطنية وقومية تتلائم وتتماشى مع مقومات الامن القومي العربي.
* لبنان على أبواب مرحلة جديدة مع اقتراب صدور القرار الظني بقضية اغتيال الحريري .. كيف تنظرون الى الاوضاع التي ستنتج عن ذلك؟
إشکاليات الأوضاع اللبنانية معقدة بحيث لا يمكن حلحلتها او معالجتها بقرار او حتى مجموعة قرارات . ونعتقد بأن الملابسات المحيطة حتى الآن بقضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، عدا عن تداعياتها ، مازالت تتسم بشئ من الغموض وعدم الوضوح في الرؤية.
وموقفنا هو الحفاظ على المصلحة الوطنية اللبنانية وهذا يتطلب إلتزام روح المسؤولية في التعامل مع أية تداعيات للقرار الظني المنتظر.
*هناك مطالبات في لبنان تدعو إلى استقالة الحكومة .. ماهي دوافعها .. ومن يقف وراءها.. وماهو موقفكم منها ؟
المشهد اللبناني مشهد متداخل ومعقد الى حد ما، وان المد والجزر فيه يخضعان لعوامل متعددة واعتبارات متباينة.
هناك أطراف قد لا تجد في الاستقرار الوطني اللبناني أية مصلحة لها ، وتعمل جاهدة من أجل إيجاد عقبات ومعوقات بوجه الاستقرار الوطني اللبناني.
نحن من جانبنا، نؤيد استقرار وثبات مؤسسات الدولة اللبنانية والحفاظ عليها من أي مساس غير وطني، ونعتقد بأن الموقف من الحكومة اللبنانية ، ببقائها او استقالتها، يجب ان يكون قائمًا على ضوابط وطنية لبنانية بحتة، وغير مرتبط بأي اجندة خارجية .
*ما هو موقفكم من الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني محمد أحمدي نجاد الى لبنان وما هي الأهداف التي يرمي إليها؟
نحن کمرجعية إسلامية للشيعة العرب، لانرى خيرا من وراء هذه الزيارة.
ونرى أنها موجهة أساسا ضد مصلحة وأمن لبنان والمنطقة العربية.
إن دور النظام الإيراني في المنطقة عمومًا، وفي لبنان والعراق وفلسطين واليمن والبحرين خصوصا، مبني على مقومات سلبية جدا موجهة أساسًا ضد الامن القومي العربي، واذا كان الرئيس الايراني يريد خيرًا لإيران فليکفّ يد بلاده عن التدخل في الشأن العربي بشکل عام وفي الشأن اللبناني بشکل خاص.
* ما هو موقفكم من المطالبات اللبنانية الاخيرة بتسليح ايراني للجيش اللبناني؟
کلمة حق يراد بها باطل، ليس مشکلة الجيش اللبناني في تسليحه وانما في الايادي التي تضع العراقيل أمامه و تحد من دوره وفاعليته.
الجيش اللبناني هو جيش الوطن والشعب بکل فئاته، وان إقصاءه عن هذه المکانة وتحت أي ذريعة کانت، هو إقصاء للمبادئ الوطنية اللبنانية والطعن بها.
نحن نرفض من جانبنا أي تسليح إيراني للجيش اللبناني لأننا لم نلمس خيرا من جانب هذا النظام و نؤمن بأن الجيش اللبناني لو کان بحاجة الى تسليح فإن من الافضل أن يتم ذلك على يد أشقائه العرب وليس الاخرين.
*كانت علاقاتكم متوترة على الدوام مع حزب الله .. لكنه يبدو انها تحولت أخيرا الى حالة من الهدنة في ما بينكم .. هل يمكن القاء الضوء على هذه العلاقات بمختلف مراحلها .. وما توقعاتكم لمستقبلها؟
لنا آراؤنا ومواقفنا الخاصة والمحددة، ونتمسك بها، وفي المقابل نحترم آراء وأفکار وتوجهات الآخرين.
ونعتقد أنه من الضروري جدا دائما الاقرار بالاخرين واحترام ادوارهم في الساحة.
وان آراء ومبادئ وتوجهات حزب الله نختلف معها في العديد من النواحي وخاصة مسألة ولاية الفقيه والارتباط والولاء للنظام الإيراني.
لکن أحب أن أشير الى أنه لم تحصل بيننا وبين حزب الله أية اتفاقات، وليست هناك أية هدنة في ما بيننا.
من جهتنا نسعى لإقامة علاقات مع مختلف الاطراف اللبنانية شريطة أن تقوم ضمن مؤسسات الدولة اللبنانية ومقومات تخدم الواقع اللبناني ولا تتعارض مع الامن القومي.
* تحدثتم خلال مؤتمر الاسلام ضد الاستبداد في باريس عن دور النظام الايراني في ضرب استقرار المنطقة وخصوصا في فلسطين والعراق ولبنان واليمن والكويت والسعودية، ودعوتم الى قطع العلاقات معه .. الى اي مدى يشكل هذا التدخل خطورة على المنطقة وهل يعتبر قطع العلاقات حلا ؟
لسنا نعلن سرا اذا أمطنا اللثام عن دور النظام الايراني في بلدان الوطن العربي، فهو دور قد تجاوز الاطر والحدود المتعارف عليها ، لا بل انه تجاوز الکثير من الخطوط الحمراء.
وبرأينا أن خطورة هذا الدور تأتي اساسا من کونه يسعى لتوظيف الشأن العربي بصيغة تخدم آنيًا ومستقبليًا مشروعه الاستراتيجي في المنطقة والعالم.
ان نظرة إلى الأوضاع الغريبة التي شهدها العراق الشقيق ودور النظام الايراني في ذلك ، ومساومته المکشوفة والعلنية مع الولايات المتحدة الامريکية على نفوذه في هذا البلد المثخن بجراح عميقة قد لا تندمل لأعوام طوال، يثبت شبهة هذا الدور ، وهو قطعا ذاته في مختلف الاقطار العربية الاخرى، إذ أنه عندما لا يرحم العراقي العربي الشيعي، فإنه يقينا لن يرحم نظرائه في أي قطر عربي آخر.
أما دوره في فلسطين، فإنه دور بالغ الخبث هدفه هو الصيد في الماء العکر وتزييف التاريخ والوقائع وتسييسها بسياقات تخدم أجندته وأهدافه الخاصة.
وبرأينا أنه يهدف للعب بالورقة الفلسطينية لکي يستخدمها أيضا کورقة ضغط ومساومة ضد الکيان الصهيوني مستقبلا عند حلول ساعة إعادة تقسيم النفوذ.
وكذلك الحال في اليمن حيث يعمل على تفكيك وحدة اليمن بدعم وتحريض الحوثيين . وكذلك هو الحال في البحرين والكويت من خلال تحريض بعض الشبان للقيام بالاخلال بالنظام والعبث والتخريب في البلاد .
واننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، نرى أن قطع العلاقات بمختلف صورها مع النظام الايراني هو احد الحلول المفيدة لدرء مخاطر وشرور هذا النظام عن بلداننا وأمتنا العربية خصوصا اذا أصر على مواصلة سياسته الحالية المرفوضة، والمبنية أساسا على مبدأ التدخل في شؤون الاخرين.