إدراك عميق لترابط الملفات الإقليمية والبدء بتأسيس مناخ ثقة وعزل المتطرفين

واشنطن – جويس كرم

تمثل قمة واشنطن اليوم لإطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين محطة فاصلة في جهود إدارة الرئيس باراك أوباما netanyahu_abbas_366_x_262
الخارجية واستراتيجيته الشرق أوسطية، نظراً للاهتمام الكبير الذي يوليه أركانها لهذا الملف وتطلعها، بحسب مصادر موثوقة، إلى البدء بخطوات متواضعة تؤسس لمناخ ثقة بين القيادتين في تل أبيب ورام الله في الأشهر المقبلة وتحديد الإطار الأعرض للتوصل إلى اتفاق إلى مرحلة ما بعد انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

ولا يبدو من أجواء العاصمة الأميركية وتصريحات المسؤولين فيها قبل ساعات من انطلاق القمة تواني الزخم السياسي الذي يصاحبها، وحتى بعد العملية الأخيرة لحركة «حماس» في الضفة الغربية والتي رأى فيها البيت الأبيض إشارة من «أعداء السلام تعكس استعدادهم للذهاب بعيداً لعرقلة أي تقدم»، مكرراً ضرورة الوصول إلى حل شامل «نحو سلام وأمن المنطقة». ويؤكد مسؤول أميركي لـ «الحياة» أن أحد أهداف إطلاق المفاوضات المباشرة هو لاحتواء الوضع الأمني ومنع عمليات مثل هذه أو جهود لعرقلة السلام من المتطرفين على الجانبين من إطاحة فرص السلام. وفيما ستساعد العملية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على وضع الورقة الأمنية في أعلى سلم الأولويات للتفاوض، يصر الجانب الأميركي والمبعوث جورج ميتشل على اعتماد لهجة أكثر عمومية ورفض أي خطوات من شأنها عرقلة المفاوضات.

وقال ميتشل في مؤتمر صحافي ليل الثلثاء-الأربعاء أن «على جميع الأطراف خلق بيئة تحفز المفاوضات وليس عرقلتها» وبما في ذلك التوسيع الاستيطاني والسعي الأميركي لتركيبة لتخطي عقدة انتهاء التجميد الجزئي خلال ثلاثة أسابيع.

وتعكس القمة في أجندتها وبروتوكولات الضيافة التي بدأت في البيت الأبيض أمس بأربع لقاءات ثنائية بين أوباما ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ونتانياهو والرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ومن ثم عشاء موسع للزعماء يليه عقد قمة لانطلاق المفاوضات اليوم في الخارجية الأميركية، الاهتمام الواسع بين شقي الإدارة (البيت الأبيض والخارجية) لهذا الملف. وخلافاً للقمة الثلاثية في الأمم المتحدة التي استضافها أوباما العام الفائت ولم تأت بنتائج ملموسة، يرى مسؤولون أميركيون أن الخطوات الصغيرة التي مشت فيها الإدارة باستراتيجيتها (تجميد جزئي للاستيطان، غطاء عربي لعباس، وانخراط مستمر من بداية العهد) تعد اليوم بقمة محورية لواشنطن في استراتيجيتها الشرق الأوسطية. إذ وعلى عكس جهود مؤتمر أنابوليس الذي استضافه الرئيس جورج بوش في 2007، تنطلق استراتيجية أوباما من التركيز على جهود مرحلية وخطوات صغيرة إنما متلاحقة باتجاه إحراز تقدم. كما تعي هذه الإدارة وبخلاف سلفها الترابط الاستراتيجي الوثيق بين حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي والوضع الإقليمي أمنياً وسياسياً، خصوصاً في التعامل مع إيران التي قال عنها أوباما أول الصيف بأنها «ستتأذى وتضعف من أي اتفاقية سلام».

وسيتسم الدور الأميركي في المفاوضات المباشرة بـ «الفاعلية والانخراط المستمر» كما أشار ميتشل موضحاً أن هذا «لا يعني وجودنا في كل اجتماع ونحن نشجع اللقاءات الدورية بين القيادتين». من هنا ستكون أبرز نتائج قمة واشنطن التحضير للقاءات دورية بين عباس ونتانياهو، والعمل على بناء مناخ للثقة بينها قبل الانتقال إلى قضايا الحل النهائي. فمن الناحية السياسية، تنتظر إدارة أوباما نتائج انتخابات الكونغرس للبناء على أساسها شكل الانخراط الخارجي في المرحلة. إذ سيعطي استمرار سيطرة الحزب الديموقراطي على الكونغرس زخماً ووقتاً لأوباما للانخراط شخصياً في وساطة عملية السلام بما يستلزم ذلك من ضغوط على الطرفين، فيما قد تمهد خسارة حزب أوباما للأكثرية إلى تراجع للرئيس عن الساحة الخارجية والتركيز على الوضع الداخلي لإنقاذ حظوظه في ولاية ثانية في 2012.

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …