الرئيس اليمني: الحوثيون «تجار حروب» ولديهم «أجندة خارجية».. وندعو قطر إلى إقناعهم بالالتزام بالاتفاقيات
صنعاء: عرفات مدابش
هاجم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أمس، المتمردين الحوثيين، الذين قال إن لديهم «أجندة خارجية» وإنهم «تجار حروب»، هذا في الوقت الذي اتهمت السلطات الحوثيين بارتكاب العديد من الخروقات في شمال البلاد، وذلك في أحدث تصعيد بين الجانبين، منذ انتهاء
المواجهات الأخيرة التي دارت الأسبوع الماضي في حرف سفيان.
وطالب الرئيس علي عبد الله صالح، الحوثيين بالالتزام بالنقاط الست وآليتها التنفيذية، مؤكدا أن «خيار الدولة هو السلام»، في حين أن «خيار المتمردين هو الحرب»، وقال صالح، خلال احتفال بيوم العلم الذي صادف أمس، إنه وخلال الأشهر الأربعة الماضية، منذ «أعلنت الدولة وقف الحرب وتعليق العمليات العسكرية وبناء على قبول الحوثيين ومجاميعهم بالنقاط الست والآلية، فما زالوا يقومون بخروقات ونحن نتحمل ونتحمل ونتحمل من أجل مصلحة البلد والمصلحة الوطنية العليا»، ولم «نقم بأي عمل عسكري».
وأضاف الرئيس اليمني أن ما يقوم به المتمردون الحوثيون، يأتي «ضمن أجندة خارجية»، وأنهم «أصبحوا تجار حروب»، وأكد «إصرار الدولة على الأمن والاستقرار وتنفيذ النقاط الست»، وأشار إلى أن آخر «الأعمال التخريبية»، للحوثيين، هو «الاعتداء على عضو مجلس النواب صغير عزيز حمود، في عقر داره، ومعه عدد من عناصر الجيش، حيث حاصروهم لمدة شهرين».
وأعرب صالح عن تطلعه إلى دور ووساطة قطرية لالتزام الحوثيين بتنفيذ الاتفاقيات، حيث قال إن الدولة أعلنت، خلال زيارة، أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الأخيرة إلى صنعاء، إنها «ملتزمة، أيضا، باتفاقية الدوحة وأن لا تكون، الاتفاقية، عبارة عن ظاهرة صوتية، ولكن يجب أن تطبق»، وأضاف: «نتطلع من أشقائنا في قطر، ما دام لهم تواصل مع الحوثيين، أن يتواصلوا معهم لإقناعهم بالالتزام بما تم الاتفاق عليه»، مؤكدا أن الوحدة اليمنية «راسخة رسوخ الجبال ولا خوف عليها»، وإن «قلق عليها».
وجاءت مواقف الرئيس علي عبد الله صالح، بعد يوم واحد على اتهام اللجنة الأمنية العليا للحوثيين بارتكاب العديد من «الخروقات منذ صدور القرار بإيقاف العمليات العسكرية، مقابل تنفيذ النقاط الست وآليتها التنفيذية»، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن مصدر في اللجنة قوله إن تلك الخروقات أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والمخطوفين، وكذا «قطع الطرقات وتفجير منازل المواطنين ونهب ممتلكاتهم».
وأضاف المصدر أن «آخر تلك الاعتداءات، حصار موقع الزعلاء في مديرية حرف سفيان ولمدة شهرين»، الأمر الذي أسفر عنه «مقتل 12 شخصا وجرح 55 وخطف 228 شخصا آخرين، من أفراد الوحدات المرابطة ومن أصحاب الشيخ صغير بن عزيز، عضو مجلس النواب».
وقالت اللجنة الأمنية إنها «تحمل عناصر التمرد، ومن يقف وراءها، النتائج المترتبة على تلك الخروقات والجرائم الخطيرة التي ترتكبها، يوميا»، واعتبرت اللجنة أن «ما يمارسه المتمردون، على الأرض، يثبت ويؤكد بأنهم لا يجنحون إلى السلام، تنفيذا لمشاريعهم الظلامية التي لا تنطلي على أبناء الشعب اليمني العظيم»، حسب اللجنة.
ورغم أن اتهام الرئيس اليمني للحوثيين بأن لديهم «أجندة خارجية»، وما ورد في بيان اللجنة الأمنية العليا من إشارة إلى من يقف وراء الحوثيين، لم يوجه أصابع الاتهام إلى جهة معينة، فإن المراقبين يعتقدون أن تلك التلميحات يقصد بها إيران، التي سبق ووجهت إليها صنعاء الاتهام بدعم الحوثيين، ولكن ليس بطريقة رسمية، وإنما عبر الحوزات العلمية «وشخصيات شيعية» بارزة في عدة دول بالمنطقة.
وعلى الرغم من استبعاد الحكومة اليمنية والحوثيين عقب مواجهات حرف سفيان بمحافظة عمران، الأسبوع الماضي، وقوع حرب سابعة، فإن التصعيد الحكومي الأخير الذي جاء من أعلى هرم الدولة اليمنية، يوحي بعمق خلافات الطرفين، ليس حول تطبيق الاتفاقات، فقط، وإنما يشير إلى أن الأوضاع الميدانية التي لا يسمح لوسائل الإعلام بالاطلاع عليها عن كثب، تشهد تطورات مقلقة، بحسب المراقبين الذين يقولون باعتقادهم بأن هذا التصعيد، ربما يرجع إلى تسلح جديد للحوثيين أو حصولهم على أموال، ويقول المراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن هذا يفسر اتهام الحوثيين بـ«الأجندة الخارجية»، والتلميح إلى جهات خارجية تقف وراءهم، بعد أن غابت هذه اللغة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وزار، مؤخرا، صنعاء الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بصورة مفاجئة وفي أعقاب الزيارة أعلن الجانبان، اليمني والقطري، إعادة تفعيل «اتفاقية الدوحة»، بعد إضافة بند جديد إليها يتعلق باليمن والمملكة العربية السعودية، التي هاجم الحوثيون، خلال الحرب الأخيرة، بعض قراها وتسللوا إلى أراضيها، وبالمتمردين.
وإلى جانب «اتفاقية الدوحة»، اتفق الطرفان على وقف الحرب مقابل التزام الحوثيين بست نقاط أو 6 شروط، تتعلق بنزول المسلحين الحوثيين من الجبال وتسليم الأسلحة الثقيلة التي استولوا عليها في الحرب والإفراج عن المختطفين من الجنود اليمنيين والسعوديين وتمكين السلطة المحلية من القيام بأعمالها في المديريات، وكذا عدم الاعتداء على الأراضي السعودية، ثم وقع الطرفان، قبل نحو شهر من الآن، اتفاقا جديدا يتكون من 22 بندا، وانفردت «الشرق الأوسط» بنشره حينها، وهو عبارة عن آلية لتنفيذ النقاط أو الشروط الستة.
وانخرط الحوثيون، مؤخرا وبصورة جزئية، في العملية السياسية في اليمن، من خلال اتفاق تحالف مع أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة، في اليمن، والأخيرة أدرجت أسماء « قيادات حوثية» في قائمتها التي تضم 100 اسم ويقابلها نفس العدد من الحزب الحاكم، والرقم الإجمالي هو أعضاء لجنة للحوار الوطني الشامل لإخراج اليمن من أزماته المتفاقمة.
وفي كلمته، أمس، استعرض الرئيس علي عبد الله صالح، المخاطر التي تحيق ببلاده وهي التي يجمع عليها المراقبون والمتمثلة في «التمرد» في صعدة، و«الحراك» في الجنوب، وخطر تنظيم «القاعدة في الجزيرة العربية»، إضافة إلى الخطر أو التحدي الرابع وهو الاقتصاد المتداعي والتنمية.
وأكد صالح أن هناك «عناصر قليلة تسعى إلى خلق زوبعة في فنجان كما يحدث في كل مجتمع ولا يقلقنكم التهويل الإعلامي لبعض الأحداث في بعض المناطق، فهناك عناصر تمرد في صعدة وليس كل أبناء صعدة متمردين وقلة قليلة في بعض المديريات في المحافظات الجنوبية والشرقية من الخارجين عن النظام والقانون ولا يمثلون المحافظات الجنوبية»، وأشار إلى أن «الآفة الكبرى التي تقلق الوطن وأقلقت الاستثمارات هي الإرهاب والأعمال الإرهابية لتنظيم القاعدة»، مشددا على أن الهم الرئيسي في اليمن هو «الهم التنموي»، وأنه «ينبغي أن تتكاتف جهود كل القوى المخلصة والوطنية لمواجهة الإرهاب والتمرد والخارجين عن النظام وتقديم التسهيلات لرأس المال الوطني والعربي والأجنبي وفقا لما كفله قانون الاستثمار لتشجيع وجذب الاستثمارات في اليمن الذي من خلاله نستطيع الحد من البطالة وبما يسهم في تسريع وتائر التنمية الشاملة»، وقال: «نحن نريد من الأشقاء وخصوصا في دول الجوار وكذلك الأصدقاء الاستثمار في اليمن للإسهام في الحد من البطالة.. لا نريد منهم ضخ أموال إلى الخزينة العامة للدولة».