أسامة مهدي
فيما يخضع سكان منطقة الاعظمية السنية في ضواحي بغداد الشمالية التي يقطنها نصف مليون نسمة لحظر تجوال يستمر ثلاثة ايام يفترض ان ينتهي غدا الاحد وسط عمليات امنية للقوات العراقية اثر تفجيرات ادت الى مصرع واصابة 30 شخصا معظمهم من العسكريين فقد دعا
نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي وزعيم الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات أياد علاوي الى الابتعاد عن عمليات العقاب الجماعي للسكان ووقف ما اسمياها المداهمات والاعتقالات العشوائية مطالبين بحصر الاعتقالات بالخارجين عن القانون .
لندن: حذر علاوي من تداعيات اعتقالات ومداهمات وصفها بالعشوائية تجري منذ يومين في منطقة الاعظمية التي شهدت الليلة الماضية ايضا قتال شوارع بين المسلحين وقوات الامن قائلا انه يتابع بقلق بالغ ما يجري من مشاكل وانتهاكات في منطقة الاعظمية . واتهم في بيان صحافي اليوم قوات عسكرية تابعة لعمليات بغداد بـشن هذه المداهمات والاعتقالات التي وصفها بالواسعة النطاق . وعبر عن خوف شديد من التداعيات الخطرة لهذه الإجراءات “في منطقة عريقة من مناطق العاصمة العراقية بغداد” .
وكانت قوات الامن واجهت الخميس هجمات متعاقبة حين قام مسلحون تابعون لما يسمى بدولة العراق الاسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة باغتيال 3 جنود واحراق جثثهم وتدمير سيارة للجيش في وسط منطقة الاعظمية كما ان عبوة ناسفة ضد دورية للشرطة كانت متوجهة الى موقع الحادث انفجرت لدى مرورها بينما انفجرت عبوتان ضد دوريتين اخريين للشرطة. وكانت منطقة الاعظمية خاضعة لفترة طويلة لسيطرة الجماعات المسلحة خلال الاعوام الماضية بينما تحسن الامن فيها منذ عامين وخاصة بعد تعزيز دور قوات الصحوة هناك. إلا أنها ظلت تشهد من حين لآخر عمليات تفجير بعبوات ناسفة تستهدف الدوريات الأمنية إضافة إلى بعض عمليات الاغتيال التي تنفذ بعبوات لاصقة تستهدف الموظفين الحكوميين الكبار ورجال الأمن.
ودعا علاوي الحكومة الى اجراءات فورية توقف العمليات العسكرية في المنطقة التي قال ان هدفها يجب ان يكون بسط الاستقرار والأمن وان تنحصر الاعتقالات بحق الخارجين عن القانون . وطالب بعدم زج الجيش في هذه العمليات لأنها قضية غير دستورية وإجراء تحقيق فوري بما يجري في الاعظمية يشارك فيه ممثلون عن الكتل السياسية .. وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت عليهم أي تهمة فوراً. وشدد على ضرورة اقدام الحكومة على اتخاذ ما وصفها بمواقف شجاعة “تؤدي إلى الاستقرار لشعبنا العراقي وإبعاد التوترات عنه في ظل ظروف عصيبة تمر بها البلاد” .
الهاشمي يدعو إلى تجنب اثارة النعرات الطائفية
ومن جانبه دعا الهاشمي القوات الامنية الى عدم أخذ البريء بجريرة المذنب وطالب بالنأي بالخطط الأمنية عن العقاب الجماعي ورد الفعل العشوائي وأن يكون الطوق الذي ضربته القوات الامنية حول الاعظمية إجراءً احترازياً هادفاً إلى حماية المدنيين وان تكون الاعتقالات معتمدة على المعلومات الموثقة بعيداً عن العشوائية أو التقارير الكيدية .
واشار في بيان صحافي اليوم الى انه في ” سياق أجندتها الخبيثة الرامية إلى اعادة المشهد العراقي الى السنوات الصعبة أمنيا وسياسيا لم تكتف قوى الارهاب والظلام بالاعتداء على العراقيين الابرياء في مواكب الزيارة الشعبانية بل تصاعد العنف بشكل لافت للنظر باستهداف علماء الدين المعروفين بالاعتدال والوسطية من خلال اغتيال الشهيد الشيخ احسان الدوري رئيس فرع مجلس علماء العراق في الفلوجة كما امتدت الأيدي الآثمة إلى الأحياء السكنية في بغداد لتقويض الأمن وبث الرعب وزرع الكراهية وتعكير صفو الحياة الطبيعية عن طريق تفجير العبوات الناسفة في أماكن متفرقة من مدينة الأعظمية واغتيال أفراد القوات المسلحة أثناء تأدية واجبهم كمحاولة خبيثة مكشوفة تستهدف إشعال الفتنة وايقاد نار الاحتراب والتناحر بين المدنيين من جهة والقوات الأمنية من جهة أخرى بهدف ضرب الوحدة الوطنية والتلاحم بين المواطنين المدنيين ورجال الجيش والشرطة”.
واضاف انه “في الوقت الذي ندعو فيه الأجهزة الأمنية إلى الحيطة والحذر وأخذ الاستعدادات والاستحضارات كافة لمواجهة الارهاب والتصدي للعابثين بالأمن فإننا نهيب بقوات الجيش والشرطة احترام حقوق الانسان وحرمة بيوت العراقيين وصون السلم الأهلي وعدم أخذ البريء بجريرة المذنب والنأي بالخطط الأمنية عن العقاب الجماعي ورد الفعل العشوائي وأن يكون الطوق الذي ضربته القوات الامنية حول مدينة الاعظمية بعد تلك الاعمال الارهابية إجراءً احترازياً هادفاً إلى حماية المدنيين والعوائل الآمنة وبث الطمأنينة في نفوس الناس كما ينبغي أن تكون الاعتقالات معتمدة على المعلومات الموثقة بعيداً عن العشوائية أو التقارير الكيدية”.
وناشد الهاشمي سكان الاعظمية “التعاون مع القوات الامنية وتفهم طبيعة المهام التي يؤدونها والمخاطر التي يواجهونها كي يتمكن الطرفان من عبور هذا الامتحان” .
ودعا “جميع الأطراف المدنية والعسكرية الى أن يتحلوا بضبط النفس ومعالجة الأمور بالحكمة وتفويت الفرصة على الارهابيين الساعين إلى اثارة النعرات الطائفية”.
رئيس مجلس الاسناد : أزمة ثقة بين المواطنين والاجهزة الامنية
اما رئيس مجلس اسناد الاعظمية الشيخ عامر العزاوي فقد اشار الى ان هناك ازمة ثقة عميقة بين عناصر الامن والاهالي ساعدت على انهيار الوضع الامني في تلك المنطقة مؤكدا ان الاحياء السكنية عدة تشهد حظر تجوال مستمر منذ نهار الخميس .
وقال العزاوي ان الاعظمية لم تشهد هذا النوع من العمليات منذ نهاية عام 2007 موضحا ان القوات الامنية اعتقدت ان الوضع “بات آمنا” في المدينة في الوقت الذي “كنا على يقين ان الوضع سيتفجر في أي وقت وذلك بسبب تقليص قوات ابناء العراق (الصحوات) الى الثلث” بعد ان احيل جزء كبير من هذه القوات على الدوائر و المؤسسات الحكومية كما قال في تصريح نشرته صحيفة “العالم” في بغداد اليوم. واضاف انه وآخرين من مسؤولي الصحوات ابلغوا القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء نوري المالكي، باعتراضاتهم ومخاوفهم “فوافق في شهر نيسان (ابريل) الماضي على ثلاثة مقترحات قدمت له في هذا الاطار تنص على ايقاف احالة المتبقي من ابناء العراق على الوظائف المدنية في مؤسسات الحكومة واعارة من نسب منهم الى تلك المؤسسات الى جانب استحداث وظيفة الحارس الليلي دون إلزام الحكومة بأي تخصيصات مالية اضافية لهذا المقترح بالذات”.وأعرب العزاوي عن اعتقاده أن موافقة المالكي على تلك المقترحات “جرى تمييعها من قبل الحلقات الوسطية التابعة لمكتب رئيس الوزراء، ولذلك لم تر الاوامر النور طيلة الأشهر الثلاثة الماضية”.
اعتقال عدد من المطلوبين الامنيين
وحول العمليات العسكرية في الاعظمية أعلن المتحدث باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا اعتقال عدد من المطلوبين الأمنيين المشتبه في ضلوعهم في الهجمات التي شهدتها المنطقة و العثور على كميات من الأسلحة والمتفجرات والمنشورات التي قال إنها تعود إلى ما يسمى بـ”تنظيم دولة العراق الإسلامية” وذلك خلال عمليات دهم وتفتيش نفذتها القوات الأمنية .
وأضاف أن السلطات فرضت طوقا أمنيا مشددا حول الأعظمية للبحث عن المتورطين المحتملين في الأحداث التي شهدتها الأعظمية ومحاصرتهم ومنعهم من الهرب إلى خارج المنطقة.
وعقب ذلك تم فرض حظر للتجول لمدة ثلاثة ايام ينتهي غدا الاحد حيث اصاب المنطقة شلل تام واغلقت جميع المحال والادارات فيها في حين تواصل القوات الامنية حملة واسعة بحثاً عن مطلوبين لتورطهم بالخروقات فيما طالب أهالي المنطقة الحكومة العراقية بالتدخل فوراً لوقف عمليات “الاعتقال العشوائي” التي يقوم بها الجيش العراقي على خلفية ألاحداث .