إبراهيم عوض
يبدو مجيء العاهل السعودي والرئيس السوري معاً الى بيروت أو حضور أحدهما قبل الآخر مدعاة للتفاؤل والاطمئنان، خصوصاً ان الأول لم يكن ليشمل لبنان في جولته العربية المقررة سابقاً لولا استشعاره بخطورة ما يجري على أرضه وحرصه على استقراره وتخوفه من تعرضه للاهتزاز، بعد ما شهدته الأسابيع الأخيرة من تطورات ومواقف متناقضة.
تشهد الساحة الداخلية في لبنان عملية “ضبط أنفاس” بانتظار ما سيسفر عنه لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد في دمشق اليوم والقمة الثلاثية المرتقب عقدها في بيروت غداً التي تضم الى الملك عبد الله والرئيس الأسد الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، بعد ان أكدت مصادر القصر الرئاسي في بعبدا مساء أمس حصول هذه القمة وجرى توزيع بطاقات دعوة جديدة الى مأدبة الغداء التي سيقيمها سليمان على شرف ضيفيه الكبيرين بعد ظهر غد الجمعة إضافة الى بطاقات سابقة جرى توزيعها أيضاً قبل أيام كتب فيها ان الدعوة تقام على شرف العاهل السعودي وحده.
إلا ان تصريحاً للمستشارة السياسية والاعلامية للرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان نشر في صحيفة “السفير” اليوم أعلنت فيه ان مجيء الأسد الى بيروت مرهون بما ستنتهي اليه محادثاته مع الملك السعودي في دمشق اعاد التساؤلات والاستفسارات الى ما كانت عليه قبل أيام، حيث تراوحت المعلومات بين تأكيد اصطحاب العاهل السعودي للرئيس السوري في زيارته الى بيروت، والتي تستمر لساعات فقط، والقول إن الأسد يؤثر المجيء الى لبنان مطلع الشهر المقبل وقبل حلول شهر رمضان المبارك.
من هنا تترقب الأوساط الرسمية والسياسية والشعبية ما ستشهده العاصمة السورية اليوم التي وصل اليها الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد محادثات أجراها في شرم الشيخ مع الرئيس المصري حسني مبارك. كما تشخص الأنظار الى مطار بيروت (مطار رفيق الحريري الدولي) قبل ظهر غد حيث تحط الطائرة الخاصة للعاهل السعودي لرؤية الأخير والرئيس الأسد ينزلان السلم معاً لملاقاة مستقبليهما المتلهفين للترحيب بهما ومعانقتهما وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء والنواب والسفراء العرب والأجانب.
مهما يكن من أمر فان المصادر الرسمية ترى في مجيء العاهل السعودي والرئيس السوري معاً الى بيروت أو حضور أحدهما قبل الآخر مدعاة للتفاؤل والاطمئنان، خصوصاً ان الأول لم يكن ليشمل لبنان في جولته العربية المقررة سابقاً لولا استشعاره بخطورة ما يجري على أرضه وحرصه على استقراره وتخوفه من تعرضه للاهتزاز، بعد ما شهدته الأسابيع الأخيرة من تطورات ومواقف متناقضة وحادة على خلفية ما يتردد عن اقتراب موعد صدور القرار الظني الخاص بالمحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتضمنه اتهاماً لعناصر وأفراد من حزب الله بالضلوع في هذه الجريمة.
من هنا تأتي زيارة الملك عبد الله لاحتواء الأزمة والتأكيد للبنانيين بأن لا عودة الى الوراء وزمن الفوضى والاقتتال الداخلي تحت أي شعار كان ولى والى الأبد، وما تم الاتفاق عليه بينه وبين الرئيس الأسد في لقائهما السابق في دمشق مطلع العام الجاري لجهة الوقوف الى جانب لبنان ومساعدته في كافة المجالات وتأمين “مظلة حماية” له ما زال قائماً وثابتاً كما الانفتاح على سائر الفرقاء والأطراف اللبنانية.
وامام هذا الزخم العربي المتجدد الذي يلقاه لبنان ممثلاً بالمملكة العربية السعودية وملكها حامل لواء المصالحات العربية منذ قمة الكويت وصاحب مبادرة السلام العربية التي لن تبقى الى أمد طويل على حد قوله، والجمهورية العربية السورية ممثلة بالرئيس الدكتور بشار الأسد صاحب المواقف القومية والعربية الثابتة والعازم على فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية بالتعاون مع الرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري، يبدو الوضع الداخلي اللبناني مرشحاً للتهدئة والتزام ما يشبه الهدنة غير المعلنة افساحاً للمجال أمام المساعي التي يقوم بها الرئيس سليمان بمؤازرة ودعم العاهل السعودي والرئيس السوري. وما اعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن إرجاء الاحتفال بيوم النصر ودحر العدوان الاسرائيلي الذي شن على لبنان العام 2006 الى يوم الثلاثاء في الثالث من أغسطس (آب) المقبل بعد ان كان مقرراً في الثلاثين من الشهر الجاري إلا ترجمة لمفاعيل هذه المساعي، علماً ان السيد نصر الله ابلغ قيادات المعارضة التي التقاها اخيراً انه يتجه في الخطاب الذي يعتزم إلقاءه مطلع الاسبوع المقبل للكشف عما لديه من وثائق ومستندات تدين المحكمة الدولية واطرافاً لبنانية شاركت في تسييس عملها عبر فبركة شهود زور. كما يعقب على نفي نواب في “المستقبل” ما اورده من وقائع تناولت اجتماعه مع الرئيس الحريري خصوصاً ما يتعلق بالقرار الظني وتوجيه اصابع الاتهام الى افراد “غير منضبطين” في حزب الله. إلا ان الأمين العام لحزب الله يتريث في الانتقال الى هذه المرحلة بانتظار ما ستفضي اليه لقاءات القادة العرب على الأرض اللبنانية.
يشار الى ان أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يبدأ زيارة رسمية الى لبنان مساء غد تستمر ثلاثة أيام. كما يستعد لبنان لاستقبال الرئيس الايراني أحمدي نجاد قبل حلول شهر رمضان المبارك، فيما ارجأ ملك البحرين زيارته الى بيروت والتي كانت ستتم قبل نهاية الشهر الجاري ايضاً الى موعد آخر.