طهران – لندن: «الشرق الأوسط»
أقرت إيران للمرة الأولى بأن العقوبات الدولية الجديدة عليها يمكن أن تبطئ برنامجها النووي المثير للجدل، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم لكنها لن توقفه. وأدلى علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهذه التصريحات خلال زيارته مدينة بوشهر في وسط إيران، حيث من المفترض أن تبدأ المحطة النووية التي بناها الروس
العمل هذه السنة بعد سنوات من التأخير. وقال صالحي أمام الصحافيين كما نقلت عنه وكالة الأنباء الطلابية «لا يمكن لأحد أن يقول إن العقوبات لا تترك أثرا».
وأضاف أن «العقوبات تهدف إلى منع الأنشطة النووية الإيرانية، لكننا نقول إن هذه العقوبات يمكن أن تبطئ العمل لكنها لن توقف الأنشطة، هذا أمر أكيد». ويشتبه قسم من المجموعة الدولية في أن إيران تعتمد برنامجا نوويا له غايات عسكرية، وهو ما تنفيه طهران على الدوام. وحتى الآن كان المسؤولون الإيرانيون يؤكدون أن العقوبات لن تترك أثرا على أنشطتهم النووية المثيرة للجدل.
وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عدة مرات إن العقوبات الجديدة التي صوت عليها مجلس الأمن في يونيو (حزيران) ليس لها أي قيمة ولن «تترك أي أثر على إيران».
وأعلن صالحي، أحد نواب الرئيس في الحكومة، أن العقوبات لن تؤثر على العمل في المحطات النووية مثل محطة بوشهر، لكنها يمكن أن تترك أثرا على برنامج تخصيب اليورانيوم. وأضاف أن «موقع بوشهر لم يتأثر وقد أكد المسؤولون الروس على الدوام أن العقوبات لن تستهدف هذا الموقع».
لكن صالحي قال «بخصوص مسألة التخصيب، يمكن أن نواجه مشكلات مرتبطة ببعض التجهيزات مثل آلات القياس». لكنه عبر عن ثقته في أن إيران يمكن أن تصنع محليا المعدات التي لا يمكنها الحصول عليها من الخارج. وصوت مجلس الأمن الدولي في 9 يونيو على سلسلة رابعة من العقوبات على إيران بسبب رفضها وقف تخصيب اليورانيوم. وبعد ذلك فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على إيران. وصادق الرئيس الأميركي باراك أوباما في الأول من يوليو (تموز) على سلسلة جديدة من العقوبات التي صوت عليها الكونغرس، وهي الأقسى التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران. وتهدف هذه العقوبات إلى إحداث خلل في تزويد إيران بالوقود والكيروسين ومنتجات نفط أخرى مكررة. ومعروف أن إيران لا تملك قدرات كافية لتكرير النفط.
وأول من أمس قال أوباما بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يرغب في إبقاء الضغط على إيران. من جهته قرر الاتحاد الأوروبي اعتماد عقوبات على إيران أقسى من تلك التي فرضها مجلس الأمن الدولي. وقرر منع الاستثمارات الجديدة ونقل التكنولوجيا والمعدات والخدمات في مجال الطاقة، وخصوصا تلك المرتبطة بتقنيات تكرار النفط وتسييل الغاز.
وقالت المجموعة الدولية إنها ترغب عبر هذه الضغوطات في حث القادة الإيرانيين على المشاركة في مفاوضات لإيجاد حل للأزمة النووية. وأبدت إيران استعدادها لاستئناف المفاوضات مع دول مجموعة 5+1 في سبتمبر (أيلول) بشرط أن تحدد أهداف هذا الحوار بوضوح بشكل مسبق.
إلى ذلك قالت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية إن إيران تستعد لتشغيل محطة بوشهر، أول محطة للطاقة النووية أواخر شهر سبتمبر بعد الانتهاء من إجراء اختبار نهائي هام في المفاعل. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن صالحي قوله «وصلنا إلى نقطة اللاعودة والطريق ممهد الآن ليبدأ المفاعل الإنتاج». وصرح أن اختبار المياه الدافئة أجري بالفعل في المنشأة، مضيفا أنه كان «آخر الاختبارات ومن أهمها قبل بدء التشغيل». ولم يذكر التقرير موعد إجراء الاختبار ومن الذي قام به. ووافقت روسيا على بناء مفاعل يعمل بقوة 1000 ميغاواط قبل 15 عاما لكن التأجيل المتكرر أحاق بالمشروع الذي تكلف مليار دولار، وقال دبلوماسيون إن موسكو استخدمته لممارسة نفوذ على طهران.
وصرح سيرغي كيريينكو رئيس هيئة الطاقة النووية الروسية المملوكة للدولة هذا العام أنه من المقرر أن يعمل مفاعل بوشهر في أغسطس (آب). وفي مارس انتقدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية خطط روسيا لتشغيل بوشهر قائلة «إنه سابق لأوانه» من دون الحصول على مزيد من الضمانات بشأن برنامج طهران النووي.
ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي نمت التجارة بين روسيا وإيران، وهما من كبار منتجي الطاقة ووصل حجمها العام الماضي إلى 3 مليارات دولار. لكن روسيا استاءت من إحجام طهران عن الكشف عن تفاصيل برنامجها النووي، وقال دبلوماسيون إن زعماء الكرملين أنهكوا أعصابهم كثيرا في محاولة إقناع زعماء إيران بحسم النزاع. وقال صالحي إن بوشهر هو «رمز» للتعاون بين إيران وروسيا.
وعلى صعيد آخر، أعلن وزير الاتصالات الإيراني رضا تقي بور أمس عن إطلاق قمر صناعي جديد (راصد 1) في الأسبوع الأخير من أغسطس، على ما أفادت به وكالة «مهر» للأنباء.
وقال الوزير الإيراني «إن القمر الصناعي (راصد 1) سيطلق إلى الفضاء بصاروخ إيراني خلال (أسبوع الحكومة)»، وهي فترة يتم فيها الاحتفاء بإنجازات الحكومة في الأسبوع الأخير من أغسطس. وأضاف أن عملية الإطلاق ستشكل «آخر إنجازات» إيران في مجال تكنولوجيا الفضاء.
وكان تقي بور أعلن في 26 أبريل (نيسان) أن إيران خططت لإطلاق عدد غير محدد من صواريخ المراقبة والاتصالات «حاليا في طور التجربة» بحلول مارس 2011. ولم يوضح الوزير الإيراني أمس ما إذا كان «راصد 1» ضمن هذه الأقمار. وفي فبراير (شباط) عرضت إيران مشاريع 3 أقمار هي: قمر الاتصالات «مصباح 2»، وقمر الاستطلاع «طلوع»، وقمر ثالث لالتقاط صور للأرض «نافد». وأعربت حينها عن الأمل في إطلاق «مصباح 2» في 2011. وكان إطلاق طهران في فبراير 2009 أول قمر صناعي صنع في إيران «أوميد» بصاروخ «سفير 2» الإيراني، أثار قلق الغربيين الذين أعربوا عن مخاوف من استخدام هذه القدرات في أغراض عسكرية.