طالباني: الأميركيون يرغبون… والكتل مُجمعة على التجديد لرئاستي

أسامة مهدي

ردّ الرئيس العراقي جلال طالباني على تقارير أشارت إلى امكانية تقاسم رئاستي الجمهورية والحكومة بين المالكي وعلاوي بالتأكيد على أنّ مسؤولين أميركيين أبلغوه رغبتهم في التجديد لولايته في رئاسة الجمهورية، وكذلك الكتل السياسيّة العراقيّة… بينما ادت عمليات عنف مسلحة خلال الساعات الاخيرة وادت الى مقتل واصابة 460 iraq_Kurdestan_362_x_309


عراقيًا من المشاركين بإحياء مراسيم وفاة الامام موسى الكاظم، التي انتهت اليوم الخميس على الرغم من الاجراءات الامنيّة الواسعة، إلى وضع القوات العراقيّة أمام فشل في حفظ الأمن والقوات الأميركية امام شكوك في الاستمرار بجدول انسحاباتها من العراق.

في ختام اجتماع عقده الرئيس العراقي جلال طالباني في بغداد الليلة الماضية مع عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي حيث تم بحث تطور الحوارات والنقاشات الجارية الآن بين الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات لتشكيل الحكومة المقبلة.. فقد اكد ردًّا على سؤال حول مشروع حمله نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن خلال زيارته إلى بغداد الاسبوع الحالي يتعلق بتقاسم رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بين رئيس الوزراء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي واياد علاوي رئيس الوزراء الاسبق زعيم القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات “هذا غير صحيح… على العكس جوزيف بايدن أبلغني انهم يحبذون ترشيحي لرئاسة الجمهورية وإنهم لم يبحثوا هذا الموضوع مع أحد”.

وأشار طالباني إلى أن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن قال: “استطلعنا رأي جميع الكتل وكلهم كانوا مؤيدين لهذا الموضوع خصوصًا رئيس الوزراء نوري المالكي الذي كان متحمِّسًا”.

وجاءت تصريحات طالباني هذه بعد قليل من تلقيه مكالمة هاتفية من بايدن تم فيها تبادل الآراء بشأن سير الحراك السياسي الجاري بين أطراف العملية السياسية من أجل تهيئة المناخات الضرورية والمسارات الأكثر فاعلية لتجاوز الخلافات والاتفاق على رئاسات الدولة تمهيدًا لتشكيل الحكومة المقبلة.

وناقش طالباني مع بايدن خلال المكالمة السبل الكفيلة بتفعيل العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، ولا سيما بعد تخفيف العمل العسكري ودخول الطرفين العراقي والأميركي في مرحلة تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بينهما كما قال بيان رئاسي تسلمت “ايلاف” نسخة منه. واشار الى ان ” بايدن ثمن الجهود التي يبذلها الرئيس طالباني لتوسيع مساحات التفاهم وتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة وتطوير العملية السياسية والمسيرة الديمقراطية في البلاد”.

وفي اطار المباحثات الجارية بين القادة السياسيين حول الحكومة المقبلة فقد بحث رئيس اقليم كردستان في منتجع صلاح الدين (360 كم شمال بغداد) مع علاوي آخر المستجدات على الساحة السياسية، والمباحثات والمشاورات الحالية بين الكتل الفائزة في الإنتخابات والتي تأتي كخطوة اولى للتحالفات الضرورية لتشكيل الحكومة المستقبلية.. وتم خلال الاجتماع أيضًا التأكيد على أهمية التعاون والمشاورات والمباحثات بين جميع الكتل الفائزة وخلق جو من التفاهم في سبيل الوصول الى نتائج مشتركة والإسراع بتشكيل الحكومة.

وفي تصريح صحافي قال بارزاني انه متفق مع علاوي على تشكيل حكومة شراكة وطنية في العراق ودعم تهميش اي طرف. وقال “بالتاكيد أخذنا في الاعتبار الظروف الحالية والوضع الحساس وضرورة الخروج من هذا المأزق ومن دون شك كلانا متفقان على انه يجب ان تكون الحكومة.. حكومة شراكة وطنية وعدم تهميش او اقصاء اي طرف”. كما أكد على ضرورة التجديد لولاية طالباني وقال “اعتقد هذا من مصلحة العراق”.

من جانبه، قال علاوي “نحن حلفاء واصدقاء وشركاء في العملية السياسية وفي الوطن والتباحث فيما بيننا يصب في مصلحة استقرار العراق وفي مصلحة استقرار المنطقة وزيارتي اولا جاءت للسلام على الاخ رئيس الاقليم وايضًا للحديث عن الاوضاع بشكل عام”. وأكد وجود تطابق في وجهات نظر الجانبين وقال “يوجد تطابق في التفكير وبوجهات النظر في ما يتعلق بضرورة تشكيل حكومة سريعًا حكومة تشمل كل الاطراف السياسية وحكومة قادرة على اداء ما عليها تجاه الشعب العراقي وتوفير الامن والاستقرار وتحسين الوضع الاقتصادي”.

واضاف ان مباحثاته مع بارزاني توصلت الى اتفاق بضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة لكي تأخذ الوزارة طريقها في خدمة العراق والعراقيين وهذا بالنتيجة هو التوافق الذي يجب ان يحصل ما بين القوى السياسية والكتل الاربع الرئيسة الفائزة والاخرى التي حصلت على مقاعد في مجلس النواب لأنّ هذا هو الطريق الاسلم والاصح للمضي قدمًا في تحقيق الاستقرار في العراق.

وكانت قد أثيرت أخيرًا اعتراضات عربية وكردية على تولي طالباني (76 عاما) رئاسة الجمهورية مجددا للاربع سنوات المقبلة. فقد دعا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الى ان يعود منصب رئيس الجمهورية في العراق الى العرب. وقال ان العراق بلد عربي الانتماء والهوية “ولهذا يجب ان يكون من يحتل منصب الرئيس عربيا”،.. لكنه اعرب عن تقديره العالي للرئيس “مام جلال” وما قام به تجاه الشعب العرقي معربا عن الامل ان “يتفهم الرئيس طالباني والاخوة الكرد مثل هذا المطلب”. وقال ان الرئيس طالباني سيتقاعد متفرغا لكتابة مذكراته.

وتعليقًا على ما صدر من الهاشمي رد سامي شورش وزير الثقافة السابق في حكومة كردستان ورئيس قائمة التحالف الكردستاني في أربيل منددًا بما صدر معتبرًا ذلك “دعوة شوفينية جديدة”.، وقال ” لقد انتهينا من الشوفينية قبل سنين حين اطيح في النظام السابق وآمل ان لاتعود ثانية في العراق ولهذا نعتبر دعوة السيد الهاشمي “مرفوضة تمامًا”. كما رفضت قائمة التغيير الكردية المنافسة للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني التجديد للرئيس العراقي لولاية ثانية.

ويتولى طالباني رئاسة الجمهورية في العراق منذ السادس من نيسان/ابريل عام 2005 وقد ولد في مدينة السليمانية (330 كم شمال بغداد) في 12 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1933 وهو كردي تم اختياره كرئيس الحكومة العراقية الانتقالية في 6 نيسان العام 2005 في أعقاب نتائج الأنتخابات العامة في 30 كانون الثاني/يناير عام 2005،  حيث أختير لهذا المنصب من قبل الجمعية الوطنية الانتقالية العراقية.

وتم قبول ترشيحه لمنصب رئيس الجمورية لمدة 4 سنوات في 22 نيسان/أبريل العام 2006 وذلك بعد 4 أشهر من المحادثات بين القوى الحائزة على أغلبية الأصوات في عملية الاقتراع الثالثة في سلسلة الانتخابات العراقية. وجلال طالباني يعد واحدًا من أبرز الشخصيات الكردية في التاريخ العراقي المعاصر.

وقد أسس طالباني الاتحاد الوطني الكردستاني في سوريا العام 1975 وبدأ حركته المسلحة ضد السلطات المركزية في بغداد عام 1976 ودخل في مفاوضات مع الحكومة العراقية العام 1984 لإقرار قانون الحكم الذاتي للاكراد. وبعد حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت) إستطاع الأكراد أن يحكموا أنفسهم بعد إنتفاضتهم العام 1991.

وبعد الإجتياح الأميركي للعراق في اذار/مارس العام 2003 شكل القادة الاكراد زعامة مشتركة بين طالباني وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وعيّن الإثنان لاحقاً عضوين في مجلس الحكم الانتقالي. وعاني طالباني حاليا من مصاعب صحيه تعيقه عن الحركة بشكل طبيعي حيث بدأ يظهر خلال الاشهر الاخيرة وهو يتكئ على عصا اثناء سيره. وكان أدخل إلى مدينة الحسين الطبية في الأردن في 25 شباط/فبراير العام2007 بعد وعكة صحية أصابته.. ثم غادر لتلقي العلاج في مستشفى مايوكلينك في الولايات المتحدة الأميركية.

460 قتيلاً وجريحًا… فشل للقوات العراقية وشك بإنسحاب الاميركية

هذا وشكلت الخسائر البشرية الكبيرة التي اصابت الحشود التي احيت ذكرى وفاة الامام السابع لدى الشيعة موسى الكاظم فشلاً كبيرًا للسلطات العراقية وقواتها الامنية التي تهيأت لهذه المناسبة منذ اكثر من شهر وحشدت اكثر من 30 الف عسكري لتأمين المراسيم كما وضعت علامات استفهام حول امكانية تنفيذ الانسحاب الاميركي من العراق بحسب المواعيد المقررة التي تتضمن تخفيضا في نهاية الشهر المقبل الى 50 الف عسكري ثم الانسحاب الكامل بنهاية العام المقبل.

فقد كشف مصدر طبي في غرفة عمليات وزارة الصحة العراقية الليلة الماضية ان حصيلة ضحايا التفجيرات التي وقعت في بغداد كانت 60 قتيلا و400 جريحا مؤكدا ان اصابات بعض الجرحى خطيرة. واجتاح العنف مناطق مختلفة من العاصمة العراقية من خلال تفجير عبوات لاصقة واحزمة ناسفة وقذائف بالهاون على طول الطرق التي سلكها حوالي مليون عراقي في طريقهم الى مرقد الامام موسى الكاظم.

وكان اخطر هذه التفجيرات عندما فجر انتحاري يرتدي حزامًا ناسفًا نفسه وسط الزوار قرب مسجد ابو حنيفة النعمان في حي الاعظمية بينما كانوا في طريقهم الى الكاظمية حيث قتل واصيب حوالى 136 شخصًا. والاعظمية معقل رئيس للعرب السنة في وكانت خاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة وهي تقع في جانب الرصافة شرق دجلة وتواجه الكاظمية الشيعية في نجانب الكرخ غرب دجلة ويربط بينهما جسر الائمة.. موسى الكاظم وابو حنيفة النعمان. وكانت السلطات العراقية قد اغلقت الجسر الذي يربط بين الكاظمية والاعظمية في ذروة العنف عامي 2006 و2007 واعيد فتحه مع انخفاض حدة التوتر الطائفي.

وقد غصت الشوراع الرئيسية المؤدية الى مرقد الكاظم سابع الائمة المعصومين لدى الشيعة الاثني عشرية بالزوار الذين اتموا الزيارة اليوم الخميس وبدأوا بالعودة الى مناطق سكناهم خصوصا في المحافظات الجنوبية. وقد وقعت هذه التفجيرات على الرغم من فرض القوات العراقية اجراءات امنية مشددة ومنعت السيارات والدراجات النارية والهوائية وعربات البضائع من التجول خصوصًا في المنطقة المحيطة بالمرقد كما انتشرت نقاط تفتيش للشرطة والجيش في الطرق التي يسلكها الزوار خلال توجههم الى الكاظمية.

واعلنت الحكومة اليوم الخميس عطلة رسمية في العاصمة ومنعت حمل الأسلحة بكل أنواعها وكذلك صور الشخصيات السياسية والدينية وعدم تناول الأطعمة والاشربة إلا من الأماكن المخصصة اثناء أداء مراسيم الزيارة. وقد تم وضع خطة لحماية الزائرين جوا بواسطة طائرات عراقية وإسناد اميركي وبانتشار واسع في جميع مناطق بغداد من خلال أربع فرق عسكرية وفرقتين من الشرطة الاتحادية بالإضافة إلى فرقتيت للشرطة المحلية والوكالات الاستخباراتية بتعداد 30 الف عسكري. كما تم ضرب طوق امني حول مدينة الكاظمية لمنع دخول أي مركبة اليها على أن يسمح للزائرين فقط بدخولها سيرًا على الأقدام.

وكان جسر الائمة الذي يربط منطقتي الكاظمية والاعظمية على ضفتي نهر دجة قد شهد في آب/اغسطس العام 2005 غرق أكثر من ألف شخص من زائري الأمام الكاظم بينهم نساء وأطفال نتيجة للتدافع الشديد بعد انتشار إشاعة بوجود مفجر انتحاري مما أثار الذعر بين المشاركين.

واشار متابعون للتطورات الامنية في العراق الى ان هذه التفجيرات التي عمت مناطق كثيرة من بغداد على الرغم من الاجراءات الامنية الضخمة التي اتخذتها القوات العراقية بدعم من الاميركية اشرت فشلا كبيرا للقوى الامنية العراقية التي تستعد لملء فراغ الانسحاب الاميركي. وعبروا عن مخاوف من ان تدفع الى تغييرات في مواعيد الانسحاب.

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد حذر الاسبوع الماضي من أن عدم تشكيل حكومة عراقية جديدة قبل مواعيد الانسحاب الأميركي من العراق “سيؤثّر بالتأكيد على هذه المواعيد” متوقِّعًا “تحرّكًا أمميًّا ودوليًّا وأميركيًّا لمساعدة العراقيين” في تشكيل الحكومة.

وعن العلاقة بين تأخير تشكيل الحكومة والانسحاب الأميركي من العراق قال زيباري “فلنكن صريحين: هناك ترابط غير منظور حتى وإن كانت سياسة الإدارة الأميركية الحالية هي الانسحاب في 31 من الشهر المقبل لجميع الوحدات القتالية وإبقاء 50 ألفًا إلى نهاية 2011 حسب الاتفاقية الأمنية لكن إذا لم تُشكّل حكومة إلى ذلك الوقت ومع وجود اضطرابات وتوتر سياسي وأمني داخلي فبالتأكيد هذا سيؤثر في هذه المواعيد مباشرة أو غير مباشرة ولذلك نتوقع تحركًا أمميًا ودوليًا وأميركيًا قريبًا لتشجيع العراقيين والسياسيين ومساعدتهم للتسريع في التوصل إلى تشكيل حكومة جديدة”.

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …