.
وفي حين ينحو مجلس الوزراء إلى اتخاذ قرار بالامتناع عن التصويت حفاظاً على حيادية لبنان على المستوى الدولي, يضغط “حزب الله” وحلفاؤه, وخصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري, باتجاه إجبار الحكومة على التصويت ضد هذه العقوبات.
وقد بدا هذا الخلاف واضحاً في وزارة الخارجية اللبنانية التي تعيش هذه الأيام حالة من الارتباك, وتتناقض مواقف أركانها, فالوزير علي الشامي يشيع أجواء توحي أن لبنان سيرفض العقوبات, في حين تتحدث الإدارة السياسية عن الامتناع كخيار وسطي ومعتدل.
على مستوى القمة يتفق رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بدعم من رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط على خيار الامتناع, وهو الخيار- الحل الذي يخلص لبنان من ورطته, إذ يقع بين السندان الأميركي والمطرقة الإيرانية, ولكن بري مدفوعاً من “حزب الله” يعارضه بشدة, بحجة أن العلاقة اللبنانية الإيرانية ستراتيجية ولا يمكن التفريط بها من أجل” تنفيذ أجندة دولية معادية”, أو “التضحية بالدعم الإيراني الكبير للمقاومة من اجل الولايات المتحدة”.
هذه المسألة تضاف إلى أزمة سابقة وقعت الأسبوع الماضي, لتبلبل الأجواء بين الرؤساء من دون أن تحدث أزمة فعلية, إذ أنه يوم ارتكاب إسرائيل لجريمتها بحق أسطول الحرية, سارع الوزير الشامي إلى الإعلان انه تشاور بناء على طلب بري مع سليمان والحريري, وبنتيجة ذلك أوعز إلى مندوب لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام لدعوة مجلس الأمن للانعقاد لبحث الجريمة.
وكان الجميع متفقون على المبدأ وعلى وحدة الموقف اللبناني مع الموقف العربي والدولي المندد بإسرائيل, ولم يكن يوجد أي خلاف على موضوع دعوة مجلس الأمن, ولكن الخلاف كان على مبادرة بري وهو رئيس السلطة التشريعية, بالطلب من وزيره للتحرك في أمر من اختصاص السلطة التنفيذية, والإعلان عن ذلك إعلامياً, في وقت كان بري يهاجم الحكومة في مجالات أخرى.
إن مخالفة مبدأ فصل السلطات في لبنان, كان من سمات مرحلة الوصاية السورية, وخصوصاً في ما يتعلق بالسياسة الخارجية, إذ كان يكفي لممثل النظام السوري في لبنان أن يتخذ قراراً ليلهث الجميع لتنفيذه, أياً يكن موقعهم, تشريعياً أو تنفيذياً.
إن القضيتين المذكورتين تظهران أن لبنان لا يزال عاجزاً عن التصرف بموقعه داخل مجلس الأمن والاستفادة منه, بموقف موحد, كما أن سياسته الخارجية تبقى مرتهنة لتوازنات داخلية دقيقة هي انعكاس لمواقع النفوذ الأجنبي داخل نظامه السياسي, وفي المحصلة فإن حلفاء دمشق الذين يخرقون أي إجماع لبناني يمكن أن ينشأ, يخدمون بطبيعة الحال, المقولة السورية الشهيرة, إن لبنان ليس سيد نفسه.
في سياق متصل, قال مصدر حكومي لبناني أمس, إن لبنان العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي قد يمتنع عن التصويت على مشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي.
وأضاف المصدر, الذي طلب عدم الكشف عن هويته, في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن قرار لبنان الامتناع عن التصويت, يهدف إلى تجنب إثارة جدل داخلي, ذلك أن هناك جماعات داخل لبنان تدين بالولاء لإيران, في إشارة إلى “حزب الله”, الذي يحظى حاليا بتمثيل نيابي في البرلمان اللبناني وله وزيران في الحكومة اللبنانية, مضيفاً أن زيارة رئيس الوزراء سعد الحريري للقاهرة أمس, تهدف لبحث الموقف اللبناني في الأمم المتحدة.