غطفان غنوم-مخرج سينمائي وممثل مسرحي من سوريا
كشأن معظم الكتاب الأهوازيين، ممن لا يعرف نشاطهم النضالي بقية الكثير العرب في سائر الدول العربية من المحيط إلى الخليج، يتابع جابر أحمد نشاطه السياسي والفكري من منفاه القسريّ في فنلندا للتعريف بقضية وطنه الأم وشعب الأهواز الذي يتحدر من إحدى قراه، معتنيًا بقطعة أرض زراعية صغيرة، ممارسًا لهواياته في السباحة، ومحاكيًا لطفولة يستذكر تفاصيلها كلما شاهد نهرًا، أو لمح قارب صيد للأسماك، ناشرًا مقالاته في مواقع إلكترونية تنشر باللغة الفارسية وأخرى بالعربية، ومترجمًا للعشرات من الأبحاث من اللغة الفارسية إلى العربية، ومؤلفًا لكتب عديدة خلال مسيرة حياة صاخبة وممتلئة بالغرائب التي سجّلتها مذكراته.
هنا، في مدينة هلسنكي العاصمة الفنلندية، حيث استقر به المقام منذ ما يقارب العشرين عامًا، قبل أن يخلع عنه العديد من الأسماء الحركية بسبب التهديدات الأمنية التي تعرّض لها سابقًا، لم تفتر همة الكاتب السبعيني، صاحب كتاب “إيران بين التنوع القومي وشمولية القومية الواحدة”، عن إنجاز رسالة الماجستير في جامعة من جامعات الدنمارك حول “الفيدرالية والمشكلة القومية في إيران”.
هنا أجرينا هذا الحوار حول تجربته الثقافية والسياسية، وحاولنا الاقتراب من الشأن الأهوازي الذي يشغله على مدار الساعة.
بعد تجربة المنفى المريرة، كيف تشرح لنا علاقاتك مع وطنك الأم الأهواز؟ ماذا بقي في الذاكرة؟
تجربة المنفى تجربة صعبة للغاية ولا يدركها إلا من يعيشها، فقد خرجت من بلادي في ريعان شبابي أحمل أحلامًا كثيرة، وقد حلّ بي المطاف في أكثر من عاصمة عربية، وكان آنذاك يحدونا الأمل بإسقاط نظام الشاه الدكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي تتحقق في ظله حقوق شعبنا القومية المشروعة، وبالفعل مطلب سقوط نظام الشاه قد تحقّق وقد عدت الى الوطن بعد غربة دامت أكثر مما يقارب عشر سنوات، إلا أن انحراف الثورة الإيرانية عن أهدافها وإقامة دولة إسلامية دينية أوتوقراطية عام 1979 بدّد هذه الآمال، الأمر الذي حملني على الهجرة مرة ثانية، فكانت أول محطة لي سوريا، وأحيانًا لبنان، وبقيت في سوريا أكثر من عشرين عامًا، اضطرتني الظروف السياسية التي حدثت فيما بعد إلى تركها، فقصدت مقر هيئة الأمم المتحدة في دمشق شارحًا لهم ومعاناتي باعتباري ناشطًا سياسيًا من الصعب عليَّ البقاء في سوريا نتيجة لتطور العلاقات بين النظامين في طهران ودمشق، فمنحتني حق اللجوء، وقد قبلت جمهورية فلندا لجوئي، وأعيش فيها مع أسرتي منذ أواخر عام 1999 حتى اليوم.
تجربة المنفى أعطتنا الكثير، على سبيل المثال في سوريا أتيحت لي الظروف اللقاء مع الكثير من أدبائها ومفكريها، حيث كان لهم دور كبير ومؤثر في فتح النوافذ للتعرف على الكثير من الأفكار والآراء التي لم أكن أعرفها من قبل.
أما عن سؤالك عن العلاقة مع الوطن، فيمكن القول إنه وبفضل منجزات العلم وعولمته بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الاتصال مع الوطن أمرًا في غاية من السهولة، لي صداقات كثيرة سواء أسرية أو سياسية وهي تتم عبر هذه التواصل، وبإمكاني القول إنها أزالت جزءًا من همومي ومعاناتي، ولكن يبقى اللقاء بالأحبة عن قرب حلمًا يراودني في اليقظة والمنام.
هل يمكن التحدّث حاليًا عن إنتاج أدبي ذي خصوصية أهوازية؟ وفي حال النفي ما هي الأسباب؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بدّ لي من القول إنه منذ سقوط الحكم العربي في إقليم الأهواز، أو عربستان، منعت الحكومة المتمثلة آنذاك بالأسرة البهلوية منعًا باتًا التعلم باللغة العربية، وأجبرت المواطنين على التخلي عن زيهم ولغتهم وثقافتهم العربية تحت طائلة المسؤولية، وحارب النظام أية خصوصية ثقافية للعرب، وعمل على صهرهم في بوتقة الثقافة الفارسية، وقد استمر هذا الوضع منذ عام 1925 حتى سقوط نظام الشاه وإقامة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
من هنا يمكن القول إنّ ما كان متداولًا بين المواطنين العرب الأهوازيين هو الأدب الشفوي، ولعل أكثر تعبيراته هو الشعر الشعبي بكل أوزانه، وقد برع فيه المواطن العربي الأهوازي إلى حد كبير، وهو يرتجله ارتجالًا.
لكن مع انتشار التعليم وتزايد المتعلمين العرب، نشأ لدينا شعراء وروائيون وكتّاب ومترجمون عرب لكنهم يكتبون بالفارسية، ورغم أنهم مبدعون لكن النظام تعامل معهم بخسّة ونذالة، لا لشيء إلا لكونهم عربًا فقط. مع تزايد الوعي القومي، خاصة خلال العقود الأربعة الماضية، بدأت تظهر على الساحة بعض الإنتاجات الأدبية والفنية ذات خصوصية أهوازية خالصة، سواء في اللغة الفارسية أو العربية، وذلك في داخل البلاد أو خارجه، وهي تبشّر بخير.
كنت عضوًا فاعلًا في الجبهة الشعبية لتحرير الأهواز في زمن الشاه، ما مآلات هذه التجربة وانعكاساتها الشخصي على جابر أحمد؟
كنت عضوًا فاعلًا في الجبهة الشعبية لتحرير الأهواز (تأسست عام 1969 وانتهت عام 1979)، كما أصبحت عضوًا في مكتبها السياسي، وعضوًا في لجنة علاقاتها الخارجية، وعضوًا في لجنتها الإعلامية، وقد تأثرت الجبهة في محاربتها النظام الشاهنشاهيّ آنذاك بنظرية الكفاح المسلح التي كانت سائدة وقتها، وفي هذا المجال سقط لها الكثير من المناضلين، إلا أن الجبهة وبعد عام 1975، خاصة بعد عقد اتفاقية آذار/مارس بين الشاه وصدام حسين أعادت النظر في مقولة الكفاح المسلح ونهجت نهج النضال السلمي، لا شك أنها تجربة مرة لكن زودتنا بالكثير من المعطيات، فقد سقط نظام الشاه بفعل العصيان المدني والنشاط النضالي السلمي الناعم، لأنه وفقًا لبعض الدراسات إذا كان الكفاح المسلح يستقطب 15% من المواطنين فالنشاط السلمي يستقطب 85% منهم.
بعد عودة كوادر الجبهة الشعبية إلى الداخل إثر سقوط نظام الشاه، أصبح برنامجها السياسي من مخلفات الماضي، فقامت بحلّ نفسها وأعلنت عن تشكيل لجنة أسمتها “اللجنة التأسيسية لمؤتمر الشعب العربي الأهوازي”. انخرطتْ في الحراك السياسي الذي انبثق بعد سقوط نظام الشاه، وساهمتْ مساهمة بحكم تجارب قيادتها وأعضائها في الخارج مساهمةً فعالةً في تأطير نضالات شعبنا العربي الأهوازي، كما كان من أهداف هذه اللجنة عقد مؤتمر أهوازي عام لتشكيل تنظيم سياسي موحّد يجمع بين الأهوازيين، لكن ارتداد الثورة الإيرانية عن مسارها، والإعلان عن قيام الجمهورية الإسلامية، وإلغاء أي نشاط عربي مهما كان نوعه؛ حال دون ذلك.
مما لا شكّ فيه أن تجربة النشاط الخارجي ومن ثم العودة الى الوطن والمساهمة في النضال الوطني أكسبتني الخبرة ودفعتني إلى تطوير إمكانياتي الثقافية والسياسية باستمرار، ولعلَّ هذا هو السرّ الذي جعلني أستمر في النضال وتقديم كل ما من شأنه أن يخدم قضية شعبي، بعيدًا عن الشعارات والجمل الثورية، وأنّ أعتمد التحليل العلميّ في معالجتي للقضايا السياسية، وذلك وفقًا لأساليب النضال الأكثر نجاحًا في المرحلة المعاصرة.
بما أنك درستَ علم الاجتماع في دمشق، إبان حقبة حافظ الأسد، كيف تقيّم التسهيلات التي قُدِّمت في عهده للسياسيين والطلاب على ضوء ما يجري في سوريا حاليًا من تدخلات إيرانية؟
تعدّ سوريا الدولة الوحيدة من بين الدول العربية، خاصة بعد عام 1964، التي أدخلت قضية عربستان في مناهجها الدراسية، كما أن ذهابي إليها حصل في عام 1975، بعد عقد اتفاقية آذار/مارس بين إيران والعراق، وعلى إثر هذه الاتفاقية غادرت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير الأهواز الأراضي العراقية، فمنهم من ذهب إلى بلدان الخليج العربية، ومنهم من هاجر إلى ليبيا، ومنهم من توجّه إلى سوريا وأقام فيها، وأنا أحد هؤلاء. بقيت هناك من عام 1975حتى سقوط نظام الشاه عام 1979. خلال تلك الفترة، ولاعتبارات سياسية وربما قومية، منحت سوريا حقَّ الإقامة لقيادة الجبهة، وأنا منهم، فبقي هؤلاء القادة لاجئين فيها حتى عام 1979 إذ عادوا جميعهم إلى وطنهم.
خلال فترة لجوؤنا السورية، قابلت أول مجموعة من الطلاب الأهوازيين في جامعة دمشق، وقد كنت واحدًا منهم، كوني دخلت إلى جامعة دمشق – كلية الآداب – قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية – فرع علم الاجتماع.
وحول الشق الثاني من سؤلك حول موقف النظام في سوريا من الأهوازيين في فترة حكم حافظ الأسد، وعلى ضوء ما يجري في سوريا حاليًا من تدخلات إيرانية؛ يمكن القول إن هناك فرقًا كبيرًا، على سبيل المثال كانت تجري لقاءات رسمية بين قيادة الجبهة الشعبية والقيادة القومية لحزب البعث السوري، وقد خُصّصت مقاعد لأبناء عربستان في الجامعات السورية، وتسنى لي شخصيًا، على هامش أحد المؤتمرات الطلابية، أن ألتقي بالرئيس حافظ الأسد، وذلك قبل سقوط نظام الشاه، وقد جرى حديث قصير بيني وبينه، وقد وجدته مهتمًا بالقضية الأهوازية، ولكن هذا الاهتمام أخذ يتضاءل بعد سقوط نظام الشاه، ولكن قبل وفاته كان الطلاب الأهوازيون يحصلون على منح دراسية في الجامعات السورية، لكن بعيدًا عن العمل السياسي.
بعد وفاة حافظ الأسد وتولي ابنه للسلطة، قلّ الاهتمام بالقضية الأهوازية كليًّا، بل عمد النظام الجديد، وبضغط من إيران، على إجبار الأهوازيين على ترك الجامعات لأنهم يمارسون حسب ادعاءاته نشاطًا سياسيًا، وقام بتسليم رموز الحركة الطلابية الأهوازية إلى إيران، وقد أعقب ذلك تسليم مجموعة من النشطاء السياسيين المتواجدين في سوريا إلى إيران، ومن بينهم من كانوا مقبولين كلاجئين لدى هيئة الأمم المتحدة.
إذا كانت تدخلات النظام الإيراني في سوريا فيما مضى محدودة، فهذا التدخل اتخذ اليوم أبعادًا واسعة بحيث أصبحت سوريا محتلةً من قبل نظام ولاية الفقيه، وهي وفقًا لتصريحات قادتها أصبحت أهمّ لهم من “خوزستان”، أي إقليم عربستان أو الأهواز، كما ساهم الحرس الثوري في ضرب الحراك السلمي الديمقراطي السوري، وقام هو وأعوانه في تدمير البشر والحجر في الأراضي السورية.
هل لك أن تقدم موجزًا بسيطًا لشرح الاختلاف في التعاطي مع قضية الشعب العربي الأهوازي؟ وما المشتركات؟
إن كان الشرح في هذا المجال يطول فدعني اختصر الكلام.. وهو أن “الدولة الأمة” التي رافقت تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة، خاصة بعد فشل الثورة الدستورية في إيران ومجيء رضا شاه إلى السلطة، كانت قد قامت على مبادئ منها: العرق، التاريخ الإيراني القديم، اللغة الفارسية، التوسّع، التشيع ومعادة العرب المسلمين والعنف.. إذًا هي في الحقيقة دولة عنصرية بامتياز من جهة، ومستبدة من جهة أخرى، من هنا هذه المبادئ هي التي تم التعامل بموجبها نظام الشاه مع القوميات في إيران، بما فيها العرب، ولا يزال النظام الإيراني الراهن يمارسها بحق الشعب العربي الأهوازي وبقية القوميات الإيرانية من ترك أذريين وأكراد وبلوش وتركمان، وحتى المواد 15 و19 من الدستور التي تؤكد على بعض الحقوق للشعوب الإيرانية بقيت حبيسة الأدارج منذ قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية حتى اليوم، والسبب حسب تفسير قادة النظام أنها من شأنها أن تعرض الأمن القومي الإيراني للخطر.
وهنا لا بد من الإشارة أن مشروع نظام الشاه التوسعي كان يدعو إلى استعادة قدرة وعظمة الدولة الإيرانية التي كانت قائمة قديمًا، وهو مشروع محدود وغير عابر للحدود، أما مشروع نظام ولاية الفقيه فهو مشروع ديني يهدف لتصدير الثورة الإسلامية إلى الخارج، وبالتالي فهو مشروع عابر للحدود، وقد أوجد الكثير من المشاكل للبلدان العربية والإسلامية.
عدتَ إلى الأهواز بعد انتصار الثورة الإيرانية، وكنت عضوًا في الوفد العربي الذي قابل الخميني.. ماذا تضمنت ورقة عملكم حينها؟ وعمَّ أسفر هذا الاجتماع؟
كما تعلم كان الشعب العربي الأهوازي ينتظر بفارغ الصبر سقوط نظام الشاه الدكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي في إيران، وبما أن جماهير شعبنا، سواء في العقود الماضية أو إبان الثورة التي أطاحت بنظام الشاه، قدّمت الكثير من الشهداء والجرحى؛ كانت ترى نفسها على أنها قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أمانيها، فأعربت عن تأييدها لتوجهات النظام الجديد، وأعربت عن حسن نواياها حينما أعلنت أنّ النضال السلمي الديمقراطي هو خيارها الوحيد لتحقيق أهدافها.
لذلك وعندما استقر الأمر وتشكلت أول حكومة مؤقتة في مرحلة ما بعد الشاه، برئاسة السيد مهدي بازركان، خطت الحركة الوطنية الأهوازية تساندها الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية العربية خطوتها الرسمية الأولى باتجاه الوضع الجديد، وانطلاقًا من ذلك جرت اتصالات بين الزعيم الروحي للشعب العربي آية الله الشيخ الشبير الخاقاني والسلطة المركزية في إيران، حول حقوق ومطالب الشعب العربي، وعلى إثرها تشكّل وفدٌ عربيّ مكوّن من 30 عضوًا من كل الفعاليات السياسة والدينية والثقافية والسجناء، وتوجّه حاملًا بعض المطالب انقلها إلى سعادتك نصًّا، وهي على النحو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم 2|3|1358 (تقويم فارسي) 1جمادي الآخر 1399 أواخر نيسان 1979.
السيد مهدي بازركان رئيس الحكومة المؤقتة في إيران المحترم.
يتقدم وفد الشعب العربي المسلم بمطاليبه العادلة التي أيدتها جميع طبقات الشعب العربي، في المدن والأرياف، من خلال المظاهرات التي جرت بهذا الخصوص، إلى وزارتكم الموقرة، وهذه المطالب تم تأييدها كذلك، من قبل آية الله العظمى الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني، وهي تشمل على الحقوق المشروعة للشعب العربي، وحقه في الحصول على الحكم الذاتي، في إطار الجمهورية الاسلامية، والحفاظ على وحدة الأراضي الإيرانية.
سيادة الرئيس:
يؤكد لكم الوفد، بأن الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية، الجيش، والدفاع عن حدود البلاد، النقد، الاتفاقات الدولية، والسياسات الاقتصادية طويلة الأمد، هي من اختصاص الدولة المركزية، وأن شعبنا يدين كل مؤامرة تهدف إلى تجزئة وحدة الأراضي الإيرانية، ويدين الإمبريالية والصهيونية، والعنصرية، والرجعية، ويدافع عن سياسية عدم الانحياز، ويرفض جميع المعاهدات الاستعمارية، التي تضر بالاستقلال الوطني الإيراني.
إن شعبنا يرى أن منطقة الحكم الذاتي تضم ذلك الجزء من “خوزستان”، الذي كان يسمّى تاريخيًّا بعربستان، ومن الناحية الجغرافية محل تواجد الشعب العربي، وأن المطاليب الأساسية للشعب العربي هي كما يلي:
1. الاعتراف بقومية الشعب العربي، ووضع ذلك في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
2. تشكيل مجلس محلي في منطقة الحكم الذاتي، تكون مهمته وضع القوانين المحلية، والإشراف على تنفيذها، ومشاركة الشعب العربي في إيران في المجلس التأسيسي والمجلس الوطني، وكذلك مشاركته في هيئة الوزراء للدولة المركزية بنسبة تعداد السكان.
3. تشكيل محاكم عربية من أجل حل مشكلات الشعب العربي في إيران مطابقة لقوانين الجمهورية الاسلامية.
4. اللغة العربية تكون اللغة الرسمية في منطقة الحكم الذاتي، مع التأكيد بأن اللغة الفارسية، هي اللغة الرسمية لعموم إيران.
5. يتم التعليم باللغة العربية في المدارس الابتدائية، كما أن تعليم اللغة الفارسية مضمون في منطقة الحكم الذاتي.
6. تأسيس جامعة باللغة العربية في المنطقة، من أجل رفع احتياجات الشعب العربي في إيران، وإيجاد مدارس ومؤسسات تعليمية في جميع المدن والأرياف، وكذلك استفادة شباب الشعب العربي من البعثات الدراسية الى خارج البلاد.
7. التأكيد على حرية التعبير والنشر وطبع الكتب وإصدار الصحف، وإيجاد البرامج الإذاعية والتلفزيونية باللغة العربية المستقلة عن الشبكة العامة، وفي هذا المجال نرفض أي نوع من أنواع الرقابة.
8. أولوية التوظيف في القطاعين العام والخاص للشعب العربي في المنطقة العربية، وفي المرحلة الأخرى، تأتي الأقليات القومية المتولدة والساكنة في منطقة الحكم الذاتي.
تخصيص قدر كافي من عائدات البترول من أجل تعمير المنطقة العربية وازدهار الصناعة والزراعة فيها.
9. تسمية جميع المدن والقرى والأرياف والمناطق بأسمائها التاريخية العربية، والذي عمد النظام الفاشي البهلوي الى تغييرها.
10. مشاركة أبناء الشعب العربي في الجيش وقوات الأمن المحلية، في إطار الحكم الذاتي، وإمكانية تبوئهم المناصب الرفيعة، العسكرية الذي حرموا من الوصول إليها سابقًا.
11. إعادة النظر في قانون الإصلاح الزراعي، وتقسيم الأراضي على الفلاحين، استنادًا الى قوانين الجمهورية الإسلامية، مع رعاية المقولة التي تقول الأرض لمن يزرعها.
12. وفي الختام، نطلب من حكومة السيد مهدي بازركان أن تمتنع عن المفاوضات مع العناصر الرجعية والانتهازية، حول حل المسائل المتعلقة.
طبعًا إن القيادة الإيرانية ممثلة بالخميني لم تتعاط مع هذه المطالب، بل على العكس من ذلك من ذلك شنت حربًا على أبناء الشعب العربي الأهوازي، وقد كتبتُ عن هذه الأحداث كثيرًا، وهي موجودة على مواقع الاجتماعي، وأيضًا في كتابي “عرب الاهواز”.
كيف تتلقى الأخبار الواردة من الداخل الأهوازي وهي تشير إلى تدهور كامل لمتطلبات الحياة الكريمة؟ وكيف تتصرف الحكومة الإيرانية تجاه الأزمات المعيشية والكوارث الطبيعية التي تحل بالبلاد؟
انطلاقًا من سياسية الاضطهاد القومي الذي ينتهجها النظام تجاه شعبنا العربي فقد تمّ حرمان شعبنا من العيش عيشة كريمة، على سبيل المثال رغم مرور أكثر من ثلاث عقود على انتهاء الحرب العراقية الإيرانية إلا أن المدن الأهوازية الحدودية لا تزال مدمرة، كما أن الألغام من مخلفات الحرب لا تزال تحصد أرواح العشرات من المواطنين، وفي الوقت الذي أغرقت فيه السلطات الإقليم العربي بالوافدين من مختلف المناطق الإيرانية من أجل تغيير النسيج السكاني العرابي وجعل العرب أقلية في المنطقة، وحرمان العرب من التوظيف، كما استولت السلطات على أجود الأراضي العربية وقامت بزراعتها بقصب السكر، كما قامت بحرف مجاري الأنهار المتوجهة الى الإقليم إلى مناطق داخل إيران متسببة بكوارث إنسانية كبرى.
ورغم أن 90% من النفط ينتج في المناطق العربية لكن البطالة في الإقليم فقد وصلت في بعض المناطق إلى ما يقارب 50%، ناهيك عن انتشار الأوبئة والسرطانات التي تعصف بحياة المواطنين، فاليوم هناك وفقًا للإحصائيات الرسمية 40% من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر، و33% يعيشون تحت خط الفقر المطلق، و6% تحت خط المجاعة.
ومع انهيار العملة الوطنية وزيادة معدلات التضخم، ازدادت بموازاته معاناة الشعب الأهوازي، ولا أبالغ إذا أقول إن بعض العمال والموظفين لم يتقاضوا أجورهم منذ 6 أشهر، كما يتعامل النظام تعاملًا أمنيًّا مع أي مطلب يطالب به العرب، والآن بعد فرض العقوبات الأمريكية الشاملة على النظام سوف تزداد بموازاة ذلك معاناة جميع المواطنين في إيران، بما فيهم العرب، الأمر الذي ينذر بانتفاضة شاملة قد تقلع النظام من جذوره.
كما أن الفيضانات المفتعلة التي اجتاحت مناطق الشعب العربي هذا العام قد دمرت الأخضر واليابس، وقد وقفت الحكومة موقف المتفرج إزاء كارثة الفيضانات، وخوفًا من اندلاع انتفاضة شاملة استدعى الحرس قوات الحشد الشعبي العراقي للتمركز بالمناطق العربية، وخلال كارثة الفيضانات زادت الاعتقالات التي شملت كل فئات الشعب.
من يمثل صوت الشعب العربي الأهوازي في المنابر الدولية، لاسيما أننا نعلم أن آخر انتفاضة بوجه الحكومة كانت في العام الماضي؟
من المؤسف ان حركة شعبنا العربي الأهوازي ومعاناته تاريخيًا وحتى إلى وقت قريب لم تطرح بشكل جاد في المنابر والهيئات الدولية، ولعل هذا الأمر هو الذي أطلق يد الأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم، ومنها الجمهورية الإسلامية، للتنكيل بشعبنا، ولكن مع بداية القرن الحادي والعشرين، ومع ظهور وسائل الاتصال، وظهور الأحزاب والجبهات في الداخل والخارج، أصبح تشكيل منظمات تدافع عن حقوق الإنسان العربي الأهوازي أمرًا ضروريًا، وفي هذا المجال كنا أول من أسّس منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي منظمة حقوق الإنسان الأهوازية، وقد لعبت هذا المنظمة ومنذ تأسيسها دورًا بالغ الأهمية في طرح القضية الأهوازية على المنابر الدولية، وقد حضرت شخصيًّا عدة مؤتمرات عقدت في البرلمانات الأوروبية، وفي الاجتماعات التي تعقد على المستوى الدولي من قبل هيئة الأمم المتحدة في جنيف، ومع تزايد هجرة الأهوازيين إلى الخارج تشكلت أحزاب ومنظمات كلها تعمل من اجل إيصال صوت الشعب العربي الأهوازي الى العالم.
إن شعبنا نتيجة للظلم المضاعف القومي والاجتماعي منتفض يوميًا، ولعل انتفاضة العام الماضي علامة بارزة في هذا المجال.
ما هي الوسائل التي يعتمدها الأهوازيون حاليًا للكفاح ضد إلغاء الهوية الذي يتعرضون له وضد سياسة التفريس؟
شكرًا لك على هذا السؤال، وهنا أود القول إن شعبنا تاريخيًّا تمسك بهويته القومية وحافظ على لغته العربية، وعلى تقاليده، وكان للقبيلة دورًا مهمًا في الحفاظ على هذه التقاليد، ولكن مع انتشار التعليم والبث الفضائي تشكّلت فرق في شتى المجالات، منها في مجال المسرح والسينما والكتابة والفرق الغنائية وإحياء التقاليد العربية الإيجابية، ومنها إحياء الأعياد والمناسبات الوطنية، والعودة إلى لبس الزي العربي، وعقد ندوات الشعر، كل هذه الأمور وغيرها مكنت الشعب العربي الأهوازي من الحافظ على هويته، علي سبيل المثال رغم أن النظام ألغى جميع المسميات العربية للمدن والمناطق وحتى الأنهار، ولكن بقي المواطن العربي متمسكًا بهذه الأسماء، وهو يطالب الحكومة بتغيرها لكن لا حياة لمن تنادي، لأن اليوم هناك سياسة ممنهجة تسعى لتفريسنا بشتى السبل.
هل هناك وحدة صف حول تمثيل الشعب العربي الأهوازي في الخارج؟ ما هي المعوقات؟
في الحقيقة، ليست هناك وحدة صف حول تمثيل الشعب العربي الأهوازي، ووحدة الصف هذه نراها في الداخل أقوى مما هي عليه في الخارج، وأعتقد أن هذه الحالة معرقلة لنضالنا. أتمنى من الأحزاب والمنظمات أن تعي هذه الحالة وأن تتجاوزها، لقد كتبت فيما مضى مقالًا حول هذا الموضوع تحت عنوان “الشعب العربي الأهوازي والكتلة التاريخية”، وبينت كيف تشكلت وحدة وطنية في مراحل النضال الوطني الأهوازي، كما قدمت دراسة حول المعوقات التي تحول دون إيجاد تمثيل للأهوازيين، أما المعوقات فكثيرة منها ما يعود إلى اختلاف البرامج والرؤى السياسة، وأحيانًا الى الأنانيات.
ما هي الرؤية الحالية بالنسبة للأهوازيين حول وضعهم كمكون رئيسي من شعوب إيران؟ وكيف ينظرون للعلاقة مع نظام الولي الفقيه؟
دعني أجب على السؤال من الآخر. اليوم بات هناك إجماع شامل بين كل مكونات الشعوب الإيرانية من كرد وفرس وبلوش وأذريين وتركمان، بما فيهم العرب وبقية المكونات، أن نظام ولاية الفقيه نظام دكتاتوري ظالم ومجرم، لم يقدم لهذه الشعوب وخلال أربعة عقود من الحكم غير الحروب وتبذير الثورة الوطنية وقتل المواطنين وبات عليه الرحيل.
أما في ما يخص رؤية الأهوازيين حول وضعهم كمكون، فيمكن القول إن هناك اليوم تيارين، التيار الأول يطالب بتحرير الأهواز وفصلها عن إيران وتكوين دولة مستقلة، أما التيار الثاني فيرى أنه من اجل الوصول إلى حقوق الشعب العربي وتقرير مصيره الداخلي لا بد من التحالف مع بقية الشعوب الإيرانية من أجل إسقاط النظام، وإيجاد نظام فيدرالي تتمكن الشعوب الإيرانية من خلاله الحصول على حقوقها، كما أن هذا التيار يرى أن الظروف الراهنة لا تسمح له بالتحرير وإقامة دولة، دون أن ينفي حق الشعب العربي في تقرير مصيره بنفسه، ويرى أنه حق مشروع.
صدر لك مؤخرًا كتاب بعنوان “الحصاد المرّ.. صفحات منسية من نضال الشعب العربي الأهوازي المعاصر” ماذا يقدم هذا الكتاب؟
في الحقيقية صدر لي هذا العام كتابان، الأول كما تفضلت “الحصاد المر.. صفحات منسية من نضال الشعب العربي الأهوازي المعاصر” الذي يتناول السيرة الذاتية، ويتم التطرق من خلاله إلى التحولات الاجتماعية الاقتصادية التي شهدها مجتمع الشعب العربي منذ ظهور البترول وما رافقها من تطورات، كما أنه يؤرخ لمرحلة سياسية استمرت من عام 1969 إلى 1980.
أما الكتاب الثاني فقد صدر تحت عنوان “الفيدرالية والمشكلة القومية في إيران”، وهي رسالة ماجستير تسلط الأضواء على المشاكل القومية، وعلى أهمية النظام الفيدرالي كحلّ للمسالة القومية في إيران.
ما هي حقيقة اسم إقليم الأهواز؟ لا سيما بعد أن ظهرت خلافات حول تسميته حتى بين الأهوازيين أنفسهم؟
برزت في العقود الأخيرة اختلافات حول تسمية الإقليم، وقد كتبت في هذا المجال مقالًا تحت عنوان “التسمية وأولويات المرحلة الراهنة” تطرقت فيه إلى دخول تسمية “الأحواز” للقاموس السياسي، وقلت إن هذه التسمية ظهرت منذ أواسط ستينيات القرن الماضي، وذلك حين أصدر الكاتب والمؤرخ علي نعمة الحلو موسوعته القيّمة حول تاريخ الشعب الأهوازي، والذي قال فيها إن اسم الإقليم هو “الأحواز” وليس عربستان، ولكن الرجل ظلّ محتفظًا بتسمية عربستان. وقد استند في إطلاقه هذه التسمية على معجم البلدان لياقوت الحموي، وفيه أن الأهواز أصلها “الأحواز” وهي جمع حوز. أما تسمية “عربستان” فقد كانت تطلق من قبل الصفويين على المنطقة التي يسكنها عرب الأهواز، وذلك منذ أيام حكم المشعشعين وإمارة كعب بشقيها البوناصر والبوكاسب. وظلت هذه التسمية متداولة وواردة في الوثائق الحكومية الإيرانية والعثمانية والبريطانية حتى سقوط الحكم العربي في المنطقة عام 1925، حيث منع تداول هذه التسمية من قبل الدولة المركزية عام 1935 وسميت المنطقة بخوزستان.