29/04/2024

انطباعات عن الواقع السياسي العربي الاهواز بعد العودة ( حراك المحمرة السياسي )
قبل البدء في سرد تفاصيل عملنا السياسي بعد انتصار الثورة الإيرانية وسقوط نظام الشاه ارى الزاما علي ان اقدم نبذة ولو قصيرة لما شاهدته عن الحراك السياسي والثقافي في مدينة المحمرة ،والذي شكل فيما بعد النواة والقاعدة السياسية للحراك الشعبي في عموم المدن الاهوازية ، ولعل وجود هذا الحراك المميز يعود إلى عدة أسباب منها مكانة المحمرة التاريخية ،ووجود الزعامة الدينية العربية ممثلة بالشيخ الشبير الخاقاني ،وتأسيس المركز الثقافي والإعلان عن ظهور المنظمة السياسية للشعب العربي .
لقد كان هذا الحراك غير مسبوق في تاريخ الحراك السياسي الاهوازي ولعله وبحكم الواقع يشكل جزء من الحراك السياسي في عموم القوميات في إيران ،حيث لعب الشعب العربي الى جانب هذه القوميات دورا بالغ الأهمية في انتصار الثورة الإيرانية ، لان الإضراب الذي قام به عمال المواني وشركة النفط هو الذي أضعف النظام وحلفائه وكان سببا للمساهمة في التعجيل في إسقاط النظام الملكي .
وما ان سقط النظام حتى بدأ الشعب العربي الاهوازي يسعى إلى تحقيق مطالبه القومية المشروعة ،إلا انه مدرك ان مثل هذه المطالب لم تتحقق إذا لم يكن لديه إطار السياسي يقوده نحو تحقيق هذه الأهداف ،من هنا فقد اجتمعت النخب الاهوازية وشكلت المنظمة السياسية للشعب العربي الاهوازي ، ما يعتبر حدثا تاريخيا هاما في تاريخ مسيرتنا الوطنية لأنه لأول مرة يتم الإعلان عن تشكيل منظمة علنا و ان يكون لها مقر و قيادة ومؤسسات واطر تنظيمية ، مما يعتبر انجازا كبير في تاريخنا السياسي .
ولكن بعد الإعلان عن تشكيل المنظمة السياسية ظهر خلاف شديد داخلها بين جيلين من أجيال النضال،الأول الجيل المخضرم القديم والذي ضم التيارات ذات التوجهات القومية الذي بقي على اعتقاداته السابقة فاقد لرؤية يحل من خلالها الظروف الداخلية والإقليمية والدولية ، والتيارالمتعلم الذي يحاول إبعاد العمل السياسي عن الوجاهة والزعامة والقبيلة والانتماء الديني ،وهو بنظرة يختلف عن النهج الكلاسيكي الذي له توجهات قومية ناصرية ويطرح شعاراته دون ان تكون له دراساته وبرامجه السياسية لتحقيقها ، وصار يكتفي بإصدار البيانات ، وبعبارة أخرى كان منفعلا وليس فاعلا ،بينما التيار الثاني يصر على وجود برنامج سياسي ونظام داخلي وعقد مؤتمر للمنظمة يحدد أهدافها الآنية والمستقبلية .
وعندما أخذت الأمور بينهم تسير نحو الانفجار عليهم ومن اقترح بعضهم و إيمانا منه بالتعددية ، تشكيل تنظيم أخر اذا لم يكن بوسعهم الاستمرار بالعمل في إطار المنظمة ، وبالفعل لم تمض إلا أيام معدودة حتى تم الإعلان عن تأسيس المركز الثقافي للشعب العربي في مدينة المحمرة ، والذي هو الآخر حدث غير مسبوق في تاريخ الحراك السياسي الاهوازي .
وبعد سقوط نظام الشاه تمكن ابناء العرب في ملء الفراغ الأمني الذي خلفه انهيار المؤسسات الأمنية والعسكرية لنظام الشاه ،وتمكن الشباب الذين كانوا ينسقون مع بيت المغفور له الشيخ شبير الخاقاني الحفاظ على الأمن بجدارة عالية .
وهنا بدء يطرح السؤال الكبير وهو وألان وبعد ان رحل الشاه ما هي حقوقنا ، وقد طرح هذا السؤال من قبل ثلاث مرجعيات سياسية ، هي على التوالي ، مرجعية الشيخ الشبير الخاقاني والمركز الثقافي والمنظمة السياسية للشعب العربي ، وبسبب الاستحقاقات الديمقراطية التي سادت المجتمع بعد انتصار الثورة الايرانية ،بات من الضروري مناقشة هذه الاستحقاقات علنا وطرحت عبر بيانات سياسية وتوجهات نظرية ، وتم التعبير عنها عبر عقد الندوات السياسية والثقافية ،وقد انبثق عن هذا الحراك بلورة الوثيقة التاريخية المتمثلة بمطالب الشعب العربي آنذاك والذي حملها وفد الشعب العربي الاهوازي معه إثناء ذهابه إلى طهران للتفاوض مع الحكومة المركزية .
ورغم ان هذه الوثيقة لا تمثل كل مطالب الشعب العربي ولكنها كوثيقة حظيت بالإجماع من قبل مختلف فئات و شرائح الشعب العربي الاهوازي مما تعتبر تعتبر حدثا هاما في تاريخنا المعاصر.
انتهت الحلقة 15وتليها الحلقة 16