جابر أحمد – بقي الخطاب القومي الفارسي أسير نزعته العنصرية منذ البدايات الأولى لتكوين ” الدولة الإيرانية الحديثة “, وقد وجد ضالته في “رضا شاه البهلوي” مؤسس الأسرة البهلوية، والذي سعى إلى تكوين ما يسمى” الدولة- الأمة “, والتي تجلت بعض مظاهرها بفرض اللغة الفارسية وبمعادة العرب وبإلغاء التنوع القومي والثقافي والاستقلال الذاتي الذي كان يميز مكونات المجتمع الإيراني في العهود الماضية, ولاسيما في عهد “القاجار”، حيث كانت إيران تعرف باسم” البلدان المتصالحة الإيرانية ” أو “الممالك المحروسة الإيرانية” .
وبعد قيام الثورة الإيرانية في العام 1979, انحسر هذا الخطاب على المستوى الرسمي قليلا، إلا أنه ومع فشل الثورة الإيرانية في تحقيق أهدافها , فقد عاد الخطاب القومي العنصري الفارسي مجدداً, ليدخل في معادلة الصراع على الحكم في إيران ، وقد ظهر بشكل واضح إبان فترة رئاسة “أحمدي نجاد” وهو مستمر بقوة حتى اليوم .
وفي تلك الفترة برزت لهذا الخطاب رموز كثيرة عقدت مهرجانات وأمسيات شعرية تحت مرأى ومسمع مسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأمر الذي دفع أحد علماء علم الاجتماع وأستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران “السيد صادق زببا كلام” (1) إلى نقد هذه الظاهرة وتسليط الأضواء عليها في خطاب مقتضب له, نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولعل أهم ما تطرق له السيد صادق زيبا كلام في خطابه, هو إبراز مظاهر تفكير القوميين العنصريين الفرس فيما يخص شعبنا العربي الأهوازي, وخاصة فيما يتعلق بتغيير الأسماء العربية للقرى والمدن, حيث قال:”إن هذه النخب لا تستطيع تحمل حتى اسم قرية من قرى الأهواز ،لذلك نراهم يذهبون إلى حرب الحروف, فعلى سبيل المثال, يبدلون اسم قرية “علوان” إلى “ألوان”، و يرمون بالوثائق التاريخية في سلة المهملات, ويسمون شط العرب باسم”أروند رود”.ترى هل تاريخ النهر يختلف عن تاريخ الخليج الفارسي؟, فأسماء المدن تعم شهرتها الآفااق! فكيف تصبح ضحية للتحريف التاريخي واحدة تلو الأخرى من أجل محو أي اثر عربي؟, وذلك بدءاً من مدن “المحمرة” و”عبادان” حتى “الفلاحية” و”الخفاجية”.كيف يمكن تفسير هذا الحوار المزدوج والمتناقض للنخب الفارسية؟, سواءً الحكومية منها أو المعارضة! وهل هناك مدرسة (منهج) متحضرة ومتحررة قد تمتثل لمثل هذا التناقض ” وفيما يلي الترجمة الكاملة لهذا الخطاب
النخب والخطاب العنصري :
تعد معاداة العرب واحدة من مؤشرات حركة المثقفين في إيران، وكلما قامت النخب المثقفة بنقد الدين ذهبت محمومة لمحاربة العرب ولمخاطبتهم بألفاظ تدل على قوة النظرة العنصرية لديهم, حيث أنهم في نهاية المطاف ومن اجل إضفاء الصدق على ما يقدمون من أطروحات , ولتبرير عدم مسؤوليتهم فإنهم يعتمدون خطابا أقبح وهو أنهم غالبا ما يصرحون أنهم لا يقصدون العرب في خوزستان جنوب إيران في إشارة منهم إلى الشعب العربي الأهوازي ،في حين أنهم يوجهون الإهانة للملايين من أشقائهم “العرب .
إن معاداة العرب هذه, والدفع بأفضلية العرق الفارسي على الغير, قد نفذت إلى أعماق قسم من مثقفي المجتمع الإيراني, حتى أن شخص مثل “بادكوبه”(2) أصيب حقا بتوهم علم الأعراق، فبات باحثا عن نوع (D.N.A) عرب خوزستان أو عرب جنوب إيران ؛( المقصود الشعب العربي الاهوازي ), مطلقاً عليهم لقب “الخوزيين وعرب اللسان” وليس الشعب العربي الاهوازي،و لم يكتف بذلك وحسب بل كان يتوقع من الشعب العربي الأهوازي أن يكون مثله يذم ويشتم أشقاءه العرب في بقية البلدان العربية. أو أن فیلسوفاً معروفاً كالدكتور “ديناني” (3) الذي يرى بأن الثقافة العربية لا تتعايش مع جميع ثقافات العالم، ويرى بأن العرب أناس متوحشون, يأكلون حرابي الصحارى ” اليرابيع”. وكذلك الدكتور “مجتهدي”(4) الذي ينكر كلياً وجود العرب في إيران وذلك من خلال اعترافه بالقوميات الإيرانية الأخرى أتراكاً وأكراداً وبلوشاً وتركمان وفرس وبمطالبها، مستثنياً العرب من دائرة الشعوب الإيرانية، حيث يرى أنه حتى في ظل إيران حرة, يتوجب استئصال هوية الشعب العربي من الدائرة السياسية الإيرانية. ولعل السبب في ذلك بحسب وجهة نظره, كون العرب لا يحملون الجينات الآرية!
وتحولت ظاهرة معادة العرب وإهانة الشعب العربي في الآونة الأخيرة إلى وسيلة بيد أشخاص من أمثال “مشائي”, وذلك بهدف جعل المدرسة الإيرانية رديفاً في مهمة إقصاء الثقافات الأخرى, وإهانة الشعب العربي على وجه الخصوص, طامحة استقطاب نسبة مئوية عالية من المجتمع الإيراني المتعطش إلى فكرة “الأفضلية العرقية” البالية والمتخلفة, المتبقية من آثار النازية, بحيث تكون معادة العرب بمثابة إستراتيجية لها لمناوئة النظام .
ولقد تسبب تغيير اسم الخليج الفارسي إلى “قناة” لسب وإهانة الشعب العربي. كونه تم منع استخدام اسم “الخليج الفارسي” في البلدان العربية والعالم والاستفادة من تسمية الخليج العربي , وقد توجه سيل الإهانات من قبل هؤلاء النخب إلى تنامي النفور وإلى إيجاد شرخ بين الشعب العربي وإيران.
ومشائي (5) والنخب الذي معه والذين يرفضون أي دعوة لتغيير الأسماء التاريخية المعتمدة، كما هو الحال اسم الخليج الفارسي يتجاهلون تماماً تغيير أسماء القرى والمدن العربية الأهوازية وقد وصل الأمر بهذه النخب إلى درجة لا يستطيعون تقبل اسم عربي لقرية من قرى الأهواز, لذلك نراهم يذهبون إلى حرب الحروف, فعلى سبيل المثال يبدلون اسم قرية علوان إلى ألوان ، وأيضا يلقون بالوثائق التاريخية في سلة المهملات ويسمون شط العرب باسم اروند رود، ترى هل تاريخ النهر يختلف عن الخليج الفارسي؟ فأسماء المدن تعم شهرتها الآفاق, فكيف تصبح ضحية للتحريف التاريخي واحدة تلو الأخرى وذلك من أجل محو أي اسم عربي! بدءاً من مدن المحمرة وعبادان حتى الفلاحية والخفاجية.،كيف يمكن تفسير هذا النهج المزدوج والمتناقض للنخب الفارسية سواء الحكومية منها أو المعارضة؟ يا ترى هل هنالك مدرسة -منهج – متحضرة ومتحررة قد ترضخ لمثل هذا التناقض؟ وبطبيعة الحال، فإن هذا التوجه يرجع إلى عدم نضوج المبادئ الأولى لحقوق الإنسان في أذهان هؤلاء النخبويين العنصريين، وطالما لم تحرر نخب المجتمع والقوى التقدمية للشعب الإيراني من قيود هذه النظرة الضيقة، فلن يكون لدى الشعب الإيراني بلد متحرر ومتمدن .
إذن يجب على النخب القومية المتشددة ضبط مواقفها وتجاوز تخبطهم الفكري، فما هي فائدة ربط التخلف الإيراني بالفتح الإسلامي؟ ولماذا يلقى باللوم على عاتق الآخرين؟ طالما أن عهد الفتح الإسلامي لإيران ودخول الإيرانيين إلى الإسلام سواء عن طريق العنف أو الإكراه قد مضى. فالأجدر بكم أن تصلحوا أنفسكم, بدلاً من تحميل أوزار تخلفكم للعرب, والدعوة إلى المطالبة بأخذ الثأر منهم وتوجيه الإهانة لهم, لأنكم بذلك وقبل كل شي توجهون الإهانة إلى الشعب الفارسي و إيران. ألم يكن كافياً مرور أربعة عشر قرناً للتحرر من السلطة ومن الدين المفروض كما تدعون؟ ترى ما هو دور النخب والمفكرين الإيرانيين وبالأخص “الفرس” في هذا التيار الساعي إلى جر الشعب الإيراني إلى قيود العنصرية البالية؟ وما هو دور الشعب الإيراني إزاء هذا الهجوم المبني على المواقف العنصرية وإزاحة الغير؟
إن استخدام الأدوات العنصرية البالية جداً من قبل السادة من أمثال السيد “مجتهدي”, السيد “دينائي”, السيد “بادكوبه اي (5) “,السيد “مشائي”, “السيد زمان بابادي شوراب” (6) وجميع السادة الآخرين, سوف يسير بإيران نحو منزلق التوترات والحروب العرقية.
وينهي السيد “زيبا كلام ” خطابه قائلاً : إن أي شعب سواء أكان شخصاً واحداً أو سبعين مليوناً سوف لن يبقى متفرجاً إزاء زواله.
الشروح من المترجم
(1) صادق زیباکلام ، كاتب ومفكر إصلاحي يعمل حالياً أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة طهران يحسب على التيار الإصلاحي في إيران .
(2) مصطفی بادکوبه ای ، شاعر وصحفي معروف بقصائده العنصرية المعادية للعرب ، وقد نشط في عهد احمدي نجاد
(3) غلامحسین ابراهیمی دینانی (باحث في مجال فلسفة الحكمة الاشراقية والسهروردية وخاصة مؤلفات الشيخ شهاب الدين السهر وردي ، وهو الآن عضو في مجمع اللغة الفارسية وأستاذاً للفلسفة في جامعة ظهران
(4) الدکتور محمد علی مجتهدي جيلاني يعمل أستاذاً في جامعة طهران .
(5) إسفنديار رحيم مشائي سياسي إيراني،كان وزيراً للسياحة في فترة حكمم محمود احمدي نجاد ،كما عينهُ نائبا أول له في يوليو 2009.وصرح في تموز/ يوليو 2008 ،بأن إيران صديقة للشعب الإسرائيلي، وقال مشائي يومها “إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي. ما من أمة في العالم هي عدوة لنا وهذا فخر لنا”.وأضاف “إننا نعتبر الشعب الأمريكي من أفضل شعوب العالم
(6) امان بابادی شوراب ،من أبناء المهاجرين الفرس الذين ولدوا في مدينة الاهواز عنصري النزعة ومعادي للعرب الاهوازيين
الجنة الاعلامیة لحزب التضامن الدیمقراطی الأهوازی