اندلعت خلال الأيام القليلة الماضية وتزامنا مع الذكرى ال 38 لاندلاع الثورة الإيرانية مظاهرات صاخبة احتجاجاً على سياسة النظام الإيراني التي أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية وما وصل اليه سكان هذا الإقليم من فقر وفاقة وبطالة وحرمان والأهم من ذلك تغيير النسيج القومي ،بالإضافة إلى تدمير المحيط البيئي وتجفيف المسطحات المائية ومنها هوري الحويزة والهور العظيم وهور الفلاحية اللذان يعدن مصدراً اساسياً لأرزاق المواطنين العرب منذ قديم الزمان وحتى يومنا هذا .
إن كل هذه السياسة الممنهجة إنما تجري خلف الأبواب المغلقة التي تصدر على شكل اوامر ومراسيم تأتي من مكتب الولي الفقيه الذي ما برح يذرف دموع التماسيح على ابناء هذا الأقليم الذي يستنشقون يوميا رياح العواصف الرملية التي باتت تهب عليهم بسبب تدمير المحيط البيئي والناتج عن انحراف مسير الانهار المتدفقة نحو الاقليم ،مثل كارون والدز والكرخة والجراحي وزهرة وحرفها عبر انفاق يصل طولها الى ألاف الكيلومترات ونقلها الى وسط ايران ذات الأغلبية الفارسية .
لقد تسربت خلال الاسبوعيين الماضيين مكالمات هاتفية سرية جرت بين المجرم محافظ الاقليم السابق المدعو حجازي مع احد موظفي الدولة الكبار، وضع فيها حجازي المسؤولية على عاتق المسؤولين في المركز على سبيل المثال ، فيما يتعلق بالعواصف الرملية ، القى حجازي اللوم على وزير النفط حيث صرح في هذا المجال قائلا :” لقد اوقف وزير النفط زنكنه ميزانية القضاء على التصحر ومنشأ العواصف الرملية في خوزستان “.
ومما ورد في هذا المكالمة هو ” ان العواصف الرملية انما هي بسبب تجفيف هور العظيم من اجل تسهيل عملية استخراج البترول ،وقد جاءت الاوامر من المركز ،وكان الهدف سحب النفط العراقي ،ولا يمكن لنا معارضة هذا الأمر ،وبالتالي على المواطنين ان لا يتعبوا انفسهم ” .
ولم تقف الامور عند هذا الحد ،بل جاء في المخابرة ايضا ان مصدر العواصف ليس تجفيف هور العظيم وحسب وإنما لها مصدر اخر حيث جاء في المخابرة ما يلي :”ان العواصف الرملية لها مصدر اخر يقع في شرق المحافظة ،وهي تتعلق بنقل مياه كارون وزهرة و الجراحي وايضا تجفيف المنطقة الجغرافية الواقعة ما بين شادكان وماهشهر ورامشير والعميبدية ” .
وجاء في المخابرة :”في الوقت الذي فيه مصادر العواصف الرملية ناتج عن تجفيف هور الحويزة والعظيم نعطي الاولية للبدء في القضاء على التصحر في مكان اخر وفي هذا المحال ورد في المخابرة ما يلي :”لماذا اعطيت الاولية في الاونة الاخيرة مرة ثانية لعملية التصحر من قبل وزير الجهاد المحترم وذلك بعد ثلاث سنوات من ايقافها بدء العمل في المشروع مرة ثانية ،بدء من شرق المحافظة وحدود العميدية و هنديجان ؟في حين ان الاهوار تقع في غرب الاهواز ،لأن خوزستان ابتليت بعدد من مصادر كبرى للاتربة و الغبار “.
وخلال المخابرة يعترف هذا المسؤول بعمليات نقل المياه قائلاً :”تم في السنوات الاخيرة نقل مياه فرع زهره وخير آباد وعدم تخصص مياه للزراعة في عموم منطقة هنديجان وبذلك تعد هذه المناطق من اهم المصادر الداخلية للعواصف الرملية الداخلية في المحافظة،وعليه فان خداع المواطنين يتم بعيدا عن مهام المسئوولين”.
ثم يضيف هذا المسؤول قائلا : “.لقد اقرت الحكومة السابقة القضاء على 240 الف هكتار من مراكز العواصف الترابية من مخصصات النفط وقد احيلت تنفيذ هذه المهمة في نفس العام الى مقر خاتم الانبياء إلا ان وزير النفط عارض تأمين المخصصات اللازمة وبالتالى تم ايقاف مشروع القضاء على التصحر ” .
و يبرر المجرم حجازي الذي ساهم في الاستيلاء العدواني على اراضي المواطنين العرب وبناء السدود بتبرير الجرائم التي ارتكبت في عهد احمدي نجاد وفي هذا المجال يتساءل قائلا :”في الحقيقة لربما يتم التساؤل لماذا لم تطرح مثل هذه الاحاديث ايام السيد احمدي نجاد ،ويجب القول انه كان مغلول اليد وان وزراء و مندوبي المحافظات المركزية وخاصة اصفهان ويزد وكرمان وفارس قد مسكوا بمقاليد جميع الامور الادارية في البلاد ،السيد احمدي نجاد ايضا من سبزوار،والان الحديث صعب للغاية ،إلا ان وسائل الاتصال الجمعي قد فتحت الطريق قليلا “.
ويتحدث هذا المسؤول عن سياسية تغيير النسيج السكاني المبرمج وتبديل العرب من اكثرية الى اقلية ويعرب عن خشيته ان تفشل الخطط الحكومية بسبب العواصف الرملية التي تتسبب بالهجرة المعاكسة نتيجة تلوث المحيط البيئي ،وفي هذا المجال حث المهاجرين على البقاء وعدم الرحيل وعبر عن ذلك قائلا :”اما الامور الأخرى ما هو تحت عنوان جهار محال بختياري ،حيث ما يجب قوله الى وجها البختياريين وهو ايها الاخوة البختياريين انكم لو تعلمون الجهود التي بذلها كل المرحوم آية الله رفسنجاني واللواء محسن رضائي والمرحوم عسكر اولادي من اجل مخطط جعل خوزستان بختيارية وان يجعلوا مخططهم مقبول من قبل قادة الحكومة ورفعوا شعاراروند رود البختيارية ،لذلك لا تجعلوا جهود الحكومة في توطين هؤلاء الناس تذهب هدرا نتيجة العواصف الرملية ويهاجرون الى المدن الاخرى مثل طهران وكرج وشاهين شهر ،ان مخطط جعل موظفي النفط والحفر ومعامل صناعة الصلب والحديد كلهم من البختياريين لم يتحقق إلا بصعوبة وها انتم اليوم تهاجرون بكل سهولة ،الهواء ملوث نعم ،لو افترضنا ان السرطان يقتل سنويا 5000 بختياري،ماذا ينقص من سكاننا،ان المؤسسات الثقافية البختياري والتي امنا ميزانيتها من عائدات النفط يجب ان يثابروا اهلها و يصيروا ويساهموا في التثقيف وان لا يهاجروا ،وبعون الله سوف ننفذ نفس المخطط في مدينة بوشهر ايضا ” .
ويعترف هذا المسؤول باستمرار سياسة تغيير النسيج السكاني حتى عام 140 شمسية ( 2021 م ) مخاطبا البختيارية قائلا :”يجب ان تصبح جمعيتكم ضعفي جمعية العرب هذا ما يجب ان تأخذونه بعين الاعتبار في مشروعكم الثقافي ” .
ويختم حجازي حديثه قائلاً :الموضوع الآخر الذي لابد من الاشارة اليه هو ان السيد شريعتي قد عين في محافظة خوزستان ( الأهواز ) في ظروف سيئة ،وإنني حذرت الشباب البهمئة ( قبيلة بختيارية )من ذلك وحتى الان لم ينتبهوا لماذا خلال هذه السنوات الثلاث قد عين لأول مرة ومنذ عهد السيد مقتدائي محافظا من السكان المحليين،ان على السيد شريعتي ان ينسحب بهدوء “.
لقد هزت هذه المظاهرات الكرسي الجالس عليه خامنه ای،حيث اعترف بالمشاكل التي يعاني منها الاقليم ووصفها على انها تجرح ألمشاعر ،مؤكدا على ضرورة قيام مسؤولي البلاد بواجبهم في الاهتمام بهذه المشاكل.
كما ان روحاني وقبل وصوله يوم الاربعاء 22/ 2/ 2017 الى اقليم الاهواز صرح قائلا :إن الحكومة ستقف إلى جانب أهالي هذه المحافظة لحل جميع المشاكل التي يعانون منها ،وأن ظاهرة العواصف الرملية ورغم حاجتها لإجراءات ،كان ينبغي التخطيط لمواجهتها منذ سنوات ،إلا أنه لا ينبغي أن يؤدي خروج شبكة توزيع الطاقة الكهربائية عن نطاق الخدمات،أو إلى انقطاع متكرر ومطول في التيار الكهربائي في ألأهواز والتسبب بخلل في الاتصالات وعملية إمداد أهالي المدينة بالمياه .
كما اعرب روحاني عن تعاطفه الكاذب مع جميع أبناء هذه المحافظة وفي هذا المجال صرح قائلاً :إن تنظيم القضايا المتعلقة بالبيئة يأتي ضمن الأولويات في برامج الحكومة ، وأن الحكومة ستتخذ إجراءات عاجلة لتعويض الخسائر،وتوفير الإمكانيات اللأزمة ، والاستمرار بالعمل حتى تحقيق نتيجة مرضية.
ولدى وصوله الى مدينة الأهواز برافقة بعض من طاقمه الوزاري سئل وزير الطاقة من الان فصاعدا هل سوف تنقطع المياه عن المواطنين ؟ اجاب زير الطاقة قائلا :لا من الآن فصاعدا لن نتقطع وتحت أي ظرف ولن تحدث أي مشكلة في مجال قطع المياه “.
ولقد تعودنا خلال ال 38 سنة الماضية من حكم رجال الدين ان نسمع الكثير من التصريحات التي تصدر من افواه المسؤولين الحكوميين ولكن يتبين لنا فيما ان اقولهم في واد وأفعالهم وتصريحاتهم في واد اخر ،الامر الذي يتطلب استمرار المظاهرات حتى اجبار الحكومة على تلبية المطالب كاملة .
جابر أحمد
نقلا عن الحوار المتمدن