03/05/2024

بعد جهد جهيد أتممنا قراءة كتاب ” نحن والتجديد ” لمؤلفه محمود عبدالله (ابوشكر) من 520 صفحة، وقد توقفنا عن مواصلة القراءة عشرات المرات بسبب التكرار الممل للمواضيع والجمل لكتاب كبير الحجم ، فقير المحتوى.

وقدأصابنا الاحباط كل ما تقدمنا بالصفحات وكلما أمعننا أكثر في معاني الجمل والمفردات بسبب اللغة غير السلسلة والمتعبة وإستخدام الكاتب للجمل غير متناسقة وغير المفهومة بكثرة، وكذلك إطالة الفقرات حيث تكاد تصل تعداد كلمات بعضها إلى 300 كلمة دون انقطاع.

وواجهنا أيضا حشر المصطلحات والمفاهيم في غير محلها، وتداخل المواضيع وعدم ترتيبها تجعلك تفكر أن تتراجع احيانا عن مواصلة القراءة نهائيا.

ومع كل هذه الصعوبات أتممنا قراءة هذا الكتاب بهدف معرفة ما فيه من تحليل وانتاج معرفي وفلسفي زعم الكاتب في عدة مقالات وكتابات على المواقع الاهوازية والفيسبوك أنه ابتكرها وأضافها لحقل المعرفة.

 كما كانت لدينا الرغبة في معرفة نظريات جديدة زعم انه طرحها من قبيل: “المجتمع الوطني” و”تعاليم الوطنية” و”التجديد” و”الامتناع عن التجديد”.

كما أردنا أن نرد على بعض الأقاويل والتهم والشتائم التي اطلقها ضد الحركة الوطنية الاهوازية برمتها تحت غطاء النقد.

ولدى تفصحنا الدقيق في صفحات وفصول الكتاب تفاجئنا بإننا لم نجد أية تعاريف أو شروح للنظريات أو المصطلحات أو المفاهيم التي اطلقها. كما لم نجد توثيقا للاقتباسات التي اخذها من مفكرين عرب وايرانيين وأجانب – والتي تكاد تشكل معظم محتويات الكتاب – ونسب الكثير منها لنفسه.

ومع هذا كله، دأبنا على تدوين ما تيسر لنا من الملاحظات النقدية (وليس دراسة أكاديمية شاملة) حول هذا الكتاب وماجاء فيه من مزاعم وتهم وافتراءات ضد الحركة الوطنية الاهوازية وتاريخها ورموزها.

عدم الحيادية

يخرج الكاتب عن الحيادية في تناوله للظواهر الاجتماعية في المجتمع الاهوازي عندما يبحث عن خصم لاثبات ادعاءاته فيقول في الصفحة 291 مانصه:”فليس هناك أمامنا دعوة فكرية  أهوازية  متماسكة نعتبرها خصم لنا تنافسنا، وإذا كان هنالك خصماً فهو الوعي السائد أو هوالجهل بعينه” وهذا يعني انه يجعل من نفسه طرفا منافسا وليس باحثا موضوعيا محايدا.

فقدان الموضوعية

في كثير من المواقع نجد الكاتب يخرج عن الموضوعية، ويطلق احكاما مسبقة على الظواهر السياسية والاجتماعية التى حدثت وتحدث في المجتمع الاهوازي، بدل تقديم تحليلات موضوعية وشواهد ملموسة من الظواهر المراد دراستها. على سبيل المثال يعتبر المذهب الشيعي عائقا امام حصول الشعب الاهوازي على كيان وطني ويدعي بان التشيع وحتى التسنن (التحول من مذهب الشيعي الى مذهب اهل السنة) والحركة السلفية تشكلان خطرا على الوطنية.  بينما اذا تصفحنا التاريخ الاهوازي نجد بان أول كيان اهوازي مستقل قام على اساس المذهب الشيعي وهو الدولة المشعشية. وكذلك امارة الكعبيين في عهد شيخ سلمان، وامارة المحمرة في عهد الشيخ خزعل كانتا شيعيتين ولم يكن المذهب الشيعي عائقا أمام تكوين عرب الاهواز كيانا سياسيا خاصا بهم.

هذا على الرغم من أننا دعونا ومازلنا ندعو الى مجتمع مدني قائم على مباديء حقوق الانسان والديمقراطية والتعددية، منذ نشاطنا في حزب الوفاق، المر الذي لم يتطرق اليه ابوشكر عمدا وسهوا.

 اما خروجه من موضوع الى آخر مختلف تماما أثناء بحثه الظواهر الاجتماعية تعد من اكبر عيوب هذا الكتاب، حيث انه يأخذك بتفاصيل موضوع معين ويغرقك بالمصطلحات والمفاهيم التي اغلبها ليس في محلها، ثم يعرج بك الى موضوع آخر مختلف تماما عن ما يبحث ويناقش فيه، بل تجده فجأة يفتح لك عنوانا فرعيا عن موضوع ثالث يختلف عما سبقهما وهكذا دواليك!

الأمر الآخر الذي يبعده عن الموضوعية نظرته الانتقائية لأعمال ونصوص مؤلفين وكتّاب ومؤرخين اهوازيين حيث إختار بعض عناوين الكتب وطرح مزاعم حولها دون الإتيان بأية نصوص أو إقتباسات عنها  لكي يدعم ادعاءاته ، إنما جاء ببعض العناوين فقط ليطلق على تلك الانتاجات صفة اللاوطنية او العشائرية، خاصة وانه لم يلاحظ ظروف الكتاب الاهوازيين في الداخل حيث كتبوا في ظروف القمع والرقابة الشديدتين، وعقود من الحرمان الثقافي حيث كان همهم الأوحد تفنيد مزاعم النظام والعنصريين والحفاظ على الهوية القومية للشعب العربي الاهوازي، والحيلولة دون وقوع الاجيال الجديدة حايا عملية التفريس والإستلاب الثقافي.

وكان الناشطون الاهوازيون في الداخل يتحدثون كثيرا عن مصطلح الوعي السياسي كبديل عن مصطلح الوعي الوطني في ظل الظروف الامنية والبوليسية السائدة وكان شعار حزب الوفاق ومناصريه ” العمل الثقافي يأتي بالوعي السياسي”.

ومن النقاط الأخرى غير المو ضوعية في الكتاب نشر ابوشكر ما قال إنه رد من المفكر العربي المغربي محمد عابد الجابري على رسالته التي وجهها له.  وكان الرد مختصرا في بضعة أسطر تتخلص في عبارات شكر ومجاملة وبعض النصائح المفيدة من قبل الاستاذ الجابري حيث قال بضرورة توجه الاهوازيين نحو لشعوب العربية بدل الحكومات للتعريف بقضيتهم التي اعتبرها معقدة”. واعتبر ابوشكر هذا الرد من الجابري بمثابة صك تأييد لخطابه! مع العلم أنه لم ينشر نص رسالته الموجهة الى الجابري ليعرف القاريء مافحوى خطابه ونظرياته التي يزعم أن الجابري أيّدها!

الجهل بالمناهج

لم يوثق ابوشكر مزاعمه حول ثورات العشائر وفق المنهج التاريخي لإثبات صحة النصوص التي تناولت موضوع الدراسة او تفاصيل تلك الثورات ومكان حدوثها واسباب حدوثها وبيئتها وظروفها.

كما لم يحلل مضمون رسائل الشيوخ ومخاطبتهم للسلطة المركزية او للجامعة العربية او للمجتمع الاهوازي أو مخاطبتهم الدول الاخرى وفق منهج تحليل المضمون.

وأيضا لم يقارن الثورات العشائرية الاهوازية بثورات مشابهة لها قامت في نفس الفترة في العراق وغيرها من البلدان العربية كثورة العشرين في العراق على سبيل المثال وفق منج المقارنة.

لم يقدم ارقاما احصائية أو مسحا اجتماعيا حول الظواهر الاجتماعية التي اطلق عليها احكاما مطلقة دون الاتكاء على منهج بحث يثبت صحة ادعاءاته.

تجريد الاهوازيين من كل ابداع وإنتاج

يدعي أبوشكر بأنه لا توجد مقالة ولا دراسة أو كتاب حول الوطنية لدى جميع الاهوازيين بقوله “فلا مقالة إصلاحية دينية كتبنا ولا مقالة سياسية حول معنى الوطنية ونظام الحكم طرحنا، ولا وجهة نظر كتبنا حول حمولة مفاهيم الفكر الجديد أن خص حقوق الإنسان أو التحول من مصلحة العشيرة والفئة إلى مصلحة المجتمع ((العقد الاجتماعي)) ولا أصدرنا دراسة نقدية عن الدولة الإيرانية”. (أنظر: كتاب نحن والتجديد ص299)

وفي هذا الصدد وتفنيدا لمزاعم ابوشكر يمكن الرجوع الى مؤلفات الدكتور على الطائي، ويوسف عزيزي، وجابر أحمد، وطالب المذخور وغيرهم حيث كتبوا عشرات المقالات وبعض الدراسات حول الوطنية، ما يفند ادعاءاته التى لم يسندها حتى بشاهد او دليل واحد!

ثم يناقض الكاتب نفسه بنفسه ويعترف بان هناك بعض الكتابات، متهماً أياها بالترقيعية والتجميعية والانشائية وغيرها حيث يذكر في الصفحة 301 ما يلي: “طالما أشتكينا  وقلنا في أكثر من مناسبة بأننا لم نصادف إنتاجا فكريا أهوازيا  ليس فقط في مواضيع ومشاكل محددوة وبعينها، بل إن هذا يشمل حسب علمنا كل مواضعينا  حتى موضوع التاريخ الذي صدر عنه  كتابات أكثر من غيره، فهو كما قلنا سقط في أسلوب التجميع والترقيع. نعاني من غياب الدراسة والبحث الموثق بشأن قضايانا الأهوازية المختلفة والعديدة، حيث إننا نفتقد الباحث والمثقف أو حتى الاستاذ الجامعي الذي يقدم الموضوع ليس بأسلوب أنشائي، بل إن يحول الموضوع الذي يختاره على أنه مشكلة يعاني منها مجتمعنا الأهوازي”.

 ويصف المتعلمين من اصحاب الشهادات العليا وخريجي الجامعات بأنهم لا يختلفون عن اصحاب المهن اليدوية من النجارين والعمال وغيرهم بقوله في الصفحة 301: “أن المتعلم عندنا من الأهوازيين وأن حصل على أعلى درجة وشهادة أن كان في الخارج أو داخل الوطن ليس هو أكثر من أن نسميه (المتعلم غير المنتج) ووجوده في المجتمع لا يختلف عن النجار أو صاحب المهنة تلك أوهذه التي يعتاش منها فقط ولا يمكن أن تصدق عليه تسمية (النخبة الفكرية انتلجنسيا يحتاج إليها المجتمع الذي يطلب التجديد) أو ما يكتبه هو بمثابة نص و مقال وهنا لا نعني المقال الصحفي الواضح كل الوضوح.” ص 301

ويذكر ايضا:”الجيل الحالي فشل في تقديم روح وفهم نافع مؤسس على رؤية فكرية وأن كل ما نشهد منذ عقود ليست سوى ردود أفعال لا تخرج عن العفوية والرومانسية ولم تتجاوز إجمالاً مرحلة الأبتدائية والعاميّة الإنشائية في أفضل حالها تجاه كل المواضيع ومنها موضوع السياسة مجال كلامنا هنا تحديداً.” ص 299

ومن وجهة نظره فان ذلك التعميم ينطبق على كتب علي الطائي ونظرياته حول الازمة القومية ومفهوم الهوية وتعاريفها و تعريف الوطن والوطنية و الانتماء الوطني، أو كتابات ومحاضرات الدكتور كريم عبديان بني سعيد الذي كتب العديد من الدراسات لهيئات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان في مجال السياسة والقانون الدولي وحقوق الانسان، بل أسس أول منظمة أهوازية لحقوق الإنسان عام 1998 ، كما أن آخر أطروحاته كانت في مؤتمر بروكسل وتمحورت حول حق تقرير المصير للشعب العربي الأهوازي.

كما يصف أبوشكر انتاجات يوسف عزيزي التاريخية والأدبية والسياسية، بالتجميعية والترقيعية وتكريس للقبلية!! على حد زعمه، بينما يعرف المتابع الأهوازي أن يوسف عزيزي من اوائل الذين كتبوا المقالات والدراسات داخل الوطن حول للتعريف بالشعب الاهوازي والتاسيس لمفهوم الشعب الاهوازي أو القومية العربية في الاهواز، رافضا تعريف السلطة الايرانية  للشعب الاهوازي حيث انها تدعي بأن هذا الشعب مجرد عشائر وقبائل متخاصمة.

كما فّند مزاعم السلطة والعنصريين الايرانيين الذين يرفضون وجود شعب عربي اصيل في الاهواز بل يقولون انكم قوم مستعربين نتيجة جواركم للشعوب العربية. ومن أجل ذلك كتب يوسف حول التراث وكتب القصص وقام بجمع الحكايات الشعبية والامثال والاساطير العربية لكي يدلل على وجود شعب اهوازي عربي له تاريخ وثقافة وتراث. كما كتب في مرحلة لاحقة عن أزمة الهوية والقبلية ومفهوم الشعب بشكل بحوث أكاديمية.

ويتهم أبوشكر يوسف عزيزي بأنه لم يتطرق الى مفهوم الوطنية ويتجاهل آراءه وكتاباته ودراساته في هذا المجال. لكن المنظرين العنصريين وعلى رأسهم جعفري ولداني، المقرب من مراكز صنع القرار في طهران يتهمون يوسف صراحة، بأنه من الذين عملوا على التعريف بهوية الأهوازيين كشعب عربي ويمكن قراءة ذلك في مقال لجعفري ولداني في فصلية ” مطالعات ملي ” التابعة لوزارة الداخلية الايرانية في عددها رقم 3 الصادر لعام 2011 حيث يقول: “گروههاى تجزيه طلب وبرخى فعالين قومى تلاش مى كنند كه نشاند دهند خوزستان يك سرزمين عربى است وساكنان آن يك ملت يا خلق هستند. يوسف عزيزى بنى طرف از اعراب ايرانى خوزستان به عنوان “يك ملت” نام مى برد. به نظر وى اعراب ايرانى خوزستان ويژگى هاى يك ملت مانند ويژگى هاى جغرافيايى، ويژگى هاى زبانى، ويژگى هاى تاريخي و ويژگى هاى فرهنگى را دارند. اما ايرانى ها “هويت ملى ومذهبى وفرهنگى ملت عرب” را نابود كرده اند. به ادعاى عزيزى بنى طرف “نژادپرستان ضد عرب به دليل تنفر خود از واژه عرب تصميم گرفتند كه اين اسم را از نقشه ايران پاك كنند… هدف واقعى آنها از بين بردن اين قوم بود.آنها مى خواستند كه هويت، فرهنگ وحضور اعراب را نابود كنند”.

من جهة اخرى وصف منظر “الوطنية” كتابات جابر احمد بالتجميعية والترقيعية وذلك في رأيه حول كتاب “عرب الأهواز؛ واقعهم – طموحهم وتطلعاتهم نحو تقرير المصير” الذي يؤرخ فيه جابر احمد لتاريخ الحركات السياسية الاهوازية منذ الخمسينات ووثق الكثير من الاحداث والوقائع السياسية الهامة، مع إضفاءه بعدا تحليليا فكريا سياسيا لتلك الاحداث والوقائق.

ويبدوا أن الأخ أبوشكر يحمل حقدا معينا تجاه الأكاديميين والمتعلمين عندما يصفهم بالجهل المركب والعشائرية والانشائية وربما يعود ذلك لأنه لم يرى ابواب الجامعة في حياته وحتى لم يكمل دراسته الثانوية ولم يطلع على الدراسات الاكاديمية والمنهجية.

كما نجد ” تضخم الأنا ” في شخصيته من خلال استخدامه صيغة الجمع عند التعبير عن نفسه، خاصة و انه يبدا الجمل بعبارات: ” نحن قلنا ..نحن أكدنا … بنا .. لنا .. شرحنا .. وجهنا .. لم نقل .. نريد أن نقول .. ” وهكذا دواليك..

تطابق إدعاءات أبوشكر ومنظري النظام الايراني

تُثبت مزاعم محمود عبدالله (ابوشكر) في كتابه (نحن والتجديد)، بأنه يردّد إدعاءات ومقولات واتهامات منظري ومفكرى النظام الايراني ضد “الحركة الوطنية الأهوازية”، الى درجة أن اغلب ادعاءاته تتطابق مع ادعاءات الدكتور حميد احمدي وأصغر جعفري ولداني، اللذان عملا على بحوث ودراسات تتناول شؤون القوميات والشعوب غير الفارسية منها الشعب العربي الاهوازي وقدماها لدوائر صنع القرار والسلطة السياسية في إيران.

 ولإثبات ذلك سنأتي بفقرات من كتاب ابي شكر ونقارنها بفقرات من كتب هذين المنظرين اللذان يعملان كاستاذين في الجامعات الايرانية لنجد تطابق الادعاءات بينهما وبين من يدعي أنه منظّر الوطنية الجديد والأوحد!

يصف ابوشكر كل الحركات السياسية والثقافية الاهوازية منذ نشوءها في الاربعينات والخمسينات بأنها فاقدة للوعي الوطني، وما هي إلّا عبارة عن تجمعات عشائرية عفوية تجهل مفهوم الوطنية. كما يدعي بأن ثورات الاهوازيين قامت بهدف المصلحة العشائرية ومنافع الشيوخ وبالنهاية ينكر وجود الوطنية لدى كل الجماهير والاحزاب الاهوازية حيث يقول في الصفحة 286 من كتابه مايلي: “نحن نحاول أن نقوم بصياغة جملة مؤشرات ومظاهر نأخذها من واقعنا الأهوازي بكل زواياه مقدمة تؤكد على أن غياب مظاهر (تعاليم الوطنية) كان واقعاَ قبل عقود حتى أثناء عصرها الذهبي في الخمسينات من القرن الماضي كما هي اليوم وبقى التخلف الاجتماعي على صعيد الوعي بين الجماهير بتعاليم الوطنية هو وإن أرتفع في مرحلة ما أو أنتشر بنسبة ما عاد وأنخفض  من جديد” ص 286

كما يقول في الصفحة 327 مايلي : “عدم نشر الثقافة الوطنية ومقومات الفكر وعدم تحولنا التدريجي نحو المجتمع الوطني يعني ليست لدينا حركة وطنية أصيلة…”.

وينفي ايضا وجود أي حركة سياسية اهوازية قامت على اسس وطنية ويدعى بان كل الحركات اطارها عشائري رغم تقديم الشهداء والتضحيات ولكنها مع ذلك “خارج اطار الوطنية” حسب زعمه، حيث يقول في صفحة 327 ما نصه: “ليست لدينا حركة وطنية أصيلة أو لنقول  ظهرت مجموعات أهوازية سياسية وقد قدمت شهداء وتضحيات  كثيرة وفي مراحل تاريخية مختلفة والإنكار لهذا هو الجهل بعينه مثلما القول بأنها  شكلت حركة وطنية أصيلة خارج فضاء العشيرة من داخل تعاليم الوطنية”.

ونأتي الآن للمقارنة بين ادعاءات ابوشكر والمنظرين الايرانيين المقربين من السلطة حيث ينفي منظر الاستخبارات الايرانية”حميد احمدي” صفة الوطنية او القومية او الطموح الى الحكم الذاتي او الاستقلال لدى ثورات الشيوخ في كتابه ” قوميت وقوم گرايى در ايران” في الصفحة 235 ما يلى:

“رويارويى دولت وايالات در دوره رضا شاه رنگ قومى نداشت وبه عبارت ديگر رؤساى ايلى در پى دست يافتن به اهدافى چون خود مختارى يا استقلال نبودند. ايلخان ها، خان ها، آقاها، وسرداران بيشتر در صدد گسترش اقتدار سياسى واقتصادى ومنافع خود بودند”. ص 235

وضمن السياق نفسه يدعي ابوشكر أن “الوطنية” غائبة كلياً عن وعي الشيوخ والعشائر التي قامت بثورات ضد سياسات رضا شاه، حيث يقول في صفحة 335  ما يلي: “لنأخذ شاهد من حال الحركات العشائرية التي قامت ضد الحكم البهلوي ما بين عام 1925 حتى عام 1945م أنها ذات دلالة واضحة على عمق تجذر العشائرية في النظرة للسياسة والتعامل في مواجهة الحكم وهي تعني أولاً – أن العشائرية كانت سمة ثقافتنا عند الناس الجمهور وعند أهل السياسة منذ مرحلة حكم خزعل ومن حكموا قبله ، ثانياً – يعني هذا غياب أية فكرة تدفع شيوخ العشائر لمواجهة الحكم البهلوي سوى مصلحة و نفوذ العشيرة و أن مفهوم الوطن الواحد و الوطنية غائبة كلياً عن وعي الأباء الأوائل من الأهوازيين”.

ويتابع ابوشكر بان ثورات العشائر لم تكن ذات طابع وطني حيث يقول في الصفحة  336 مانصه :”أن هذا يصدق على ما يدور كلامنا عنه أعنى بداية (التكوين لفكرة الوطنية شكليّاً)، في مجالين 1- دعوة الاستقلال الوطني الأهوازي التحرير و الثورة و مشروع الدولة،2- تأسيس فكرة المطالبة بالحلول داخل الدولة الإيرانية، أن هذا يصدق على الفترة بين عام (1925- 1955)،وأنها فترة تمثل طغيان (مصلحة العشيرة ونفوذها دون المصلحة الوطنية)، وأن نموذجها التاريخي و المجتمعي نستقيه و نستدل عليه من خلال (حركة الأباء الأوائل الجيل الأول من شيوخ العشائر) الذين سعوا إلى أرجاع حقوقهم و أملاكهم و نفوذهم العشائري و المجتمعي، والتي قام بأنتزعها منهم شاه إيران رضاخان حسب رسائلهم وتعبيرهم في تلك المرحلة 1945م، للعالم العربي ومنها أحداث الحرب العالمية الثانية”.

كما يقول ابوشكر عن الرسائل التي وجهها الشيوخ الاهوازيين الى الجامعة العربية بانها افضل انتاج سياسي اهوازي ولكنه يشكك بأنها كتبت بأيدي أهوازية بل من كتبها اعضاء حزب الاستقلال العراقي نيابة عن الاهوازيين، انظر الصفحة 321. ويتطابق هذا القول مع مزاعم اصغر جعفري ولداني منظر الاستخبارات الايرانية في كتابه “اختلافات مرزى ايران وعراق” في الصفحة 218 بأن ” حزب الاستقلال هو من دفع شيوخ القبائل الاهوازية بان تراسل الجامعة العربية  وتطالب بادراج عربستان على جدول اعمال مؤتمرات القمم العربية” .

وردا على ابوشكر نقول بأنه ربما لم تكن انطلاقة تلك الحركات والثورات العشائرية ضد نظام الشاه او ضد نظام الجمهورية الاسلامية على أساس المطالبة باستعادة السيادة الوطنية ولكنها تحولت الى ” حركات وطنية” في اللحظة التاريخية المناسبة عندما أخذت طابع الرفض لسياسات التمييز والعنصرية و تحولت من انتفاضات عفوية إلى مطالب وطنية والشواهد على ذلك كثيرة يمكن أن نجدها في الشعارات التي رفعها الثوار ضد نظام الشاه، ولا يمكن بأي شكل من الاشكال تجريدها من صفة الوطنية.

وصحيح أن الثورات العشائرية لم تقم انطلاقا من أفكار وأيديولوجيات فلسفية وسياسية، ولكنها بالمحصلة دخلت في مضمار الوعي الوطني ضد الأنظمة المستبدة وتحولت الى حركات مطالبة بالحقوق الوطنية والقومية.

المتحمسون لأبي شكر لم يقرأووا له

رغم أن خطاب ابوشكر ينعت دعاة القومية والسلفية بالجهل والأمية، لكنه يحاول خداعهم بتبني تسمية “الاحواز” رغم أن كتابه يزخر بتسمية الاهواز اضعاف المرات من تسمية الاحواز! إلّا أنهم أنبروا لتأييد أفكاره دون أن يقرأووا له، بل أيدوه فقط بسبب تبنيه تسمية “الاحواز” على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت، ولو إنهم قرؤوا كتابه ومافيه من عبارت القدح والذم بحقهم لأنقلبوا عليه و تبرؤوا منه!

أما دعاة السلفية اليوم (ملالي الأمس ) الذين مدحوا ابوشكر كرها بمنافسيه و ليس تأييدا له،  فإنهم لو قرؤوا آراءه حول السلفية والحركة الاسلامية الاهوازية بشكل عام، لشتموه ليل نهار حيث أنه يصف الاسلاميين والسلفيين بالظلاميين الماضويين الذين يشكلون خطرا على الوطنية الاهوازية حيث يقول في الصفحة 346 أن “العامل الديني كان شيعيا او سلفيا سنيا ماضويا عندما يناهض الوطنية والتجديد يكون خطرا ثالثا علينا” و في اكثر من موقع من الكتاب يستدل على ان التشيع والتسنن كلاهما تشكلان خطرا على الوطنية.

ويقول ابوشكر عن الفكر الشيعي في الصفحة 215: أنه ليس”منتجا عربيا إنما إنتاج فارسي” و”بضاعة أجنبية تم فيها توظيف الالفاظ الاسلامية لتخدم قضية الفرس القومية “.

نفي الدور الايراني في تخلف الشعب والاحزاب الاهوازية

حول تأثير الدور الايراني على القضية الاهوازية يقع الكاتب في عدة مغالطات على صعيد تعريفه ماهية الدور الايراني، فنجده مرة يقول “الشعب الايراني” ومرة “الشعوب الايرانية” ومرة “الفكر الايراني” ومرة “القومية الايرانية” ومرة “الفكر الفارسي” ومرة “القومية الفارسية” ومرة “الخطاب الايراني” ومرة “الدولة الايرانية” ومرة “الخطاب القومي الفارسي” وتارة “الدولة المركزية الايرانية” ويستخدم كل هذه المصطلحات بمفهوم واحد وهو “الدور الايراني في القضية الاهوازية”!

المفارقة الكبرى تكمن في أنه تارة يلقي باللائمة على الدور الايراني وتارة يبريء ساحته، كقوله:”الحصار الإيراني علينا  كما يدعي البعض يكون هو حامي ومكان نهرب إليه حتى لا نكشف أخطاءنا فيما هو مجرد هروب، حيث إن  التاريخ يخبرنا على أن أفضل الأفكار السياسية نظماً وتنسيقاً ظهرت في الحصار وأن رسائل اخوان الصفاء دليل  يفضح هذا القول كما وأن في عصرنا تبلورت معظم الأفكار وخرجت من السجون” ص 318و319 وفي مكان آخر يؤكد على براءة النظام من مسؤولية الفقر الثقافي الوطنى لدى الاهوازيين:”الفقر الثقافي الوطني لا نستطيع تحميل الدولة الإيرانية كل المسؤولية”ص 327

رؤيته حول التنظيمات الاهوازية منذ نشوءها

في الصفحة 324 من كتابه يقول ان التنظيمات الاهوازية عبارة عن “تجمعات عشائرية أو جلسات سمر أو رابطة منفعية”. السؤال إذن على اية أسس تكونت تلك الاحزاب والتنظيمات؟ وبماذا تطالب الحركات الاهوازية من مطالب سياسية وثقافية واجتماعية وقومية؟!

أما حول تاريخ التنظيمات ونشاطها منذ التأسيس حتى اليوم فيقول ما يلي:

“إننا نقول إن كلامنا اليوم وضعه ليس بأفضل من سابقه إلا بزج كثرة الأسماء – المفاهيم؟ فهو كما كان في الأمس يفتقد الجهد الفكري المبذول في التأليف وبقي أمرنا هو عند كل المجموعات السياسية كانت تطلب حلاً داخل إيران، أو ترفع شعار تحرير الأحواز أو عند من يتخبطوا بين ذاك وهذا. الطرفان  فشلا في أمرين مهمين لا تستقيم السياسة دونهما والنخبة لا يستدل عليها دونهما كذلك، الفشل الأول: عدم بناء ملامح مجتمع وطني في إدارة العمل وتعبئة الجماهير ليكون أحد معانيه تمييزه عن المجتمع التقليدي العشائري الديني. الفشل الثاني: عدم  إمكانية القيام  ببناء الحزب، وفق رابطة ولائية تنظيمية وفكرية واضحة وأن الحزب أو التنظيم لا يستقيم ومجموعة أفراد تجمعهم علاقة عشائرية أو جلسات سمر- رابطة منفعية”. ويضيف: “ومن يقرأ ميثاق اللجنة القومية العليا والتي نشأت عام 1958م ، أو بعض ما نقوله عنها؟ بسبب شحة المعلومات وقلة من كتبوا عنها تحديداً، نرى تلك الأسماء (كالاشتراكية، الوحدة،الأمة العربية، جيش التحرير،الثورة، الوطنية )،فهي أسماء تتكرر وبنفس هذا الأسلوب  والطريقة نراها حاضرة  في ميثاق ((الجبهة الوطنية لتحريرعربستان- الكويت 1964 ))، وأعاده حشرها من كتبوا  ميثاق (( جبهة تحريرعربستان العراق عام 1965م )). ونضيف شواهد على ما نقوله من تكرار مفردات دون تحولها لممارسة تنظيمية ولا وعي جماهيري ،فإذا أخذنا الحرية والديمقراطية و الاستبداد  نجد لها باباً مخصصاً ليس في  برنامج حركة (( لجنة الوفاق الإسلامي عام 2000 ))، ولا في برنامج ((حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي)) تأسيس عام 2003م، إنما في ميثاق جبهة تحريرعربستان 1965م، أو مفردة التخلّف و الشوفينية، الأولى  نجدها  حاضرة عند ((لجبهة العربية لتحرير الأحواز)). أما الثانية (( الشوفينية)) نجدها حاضرة في مجلة صوت الأحواز التي تصدرها نفس الجبهة  التي تأسست عام 1981م حسب بيانها الأول الذي جاء الإعلان عن قيامها، كذلك  نجد اسم أحد أقطاب القومية المتشددة الفارسية إبراهيم بور داود يأتي  ذكره على لسان أحمد الجزائري مسؤول جبهة تحرير عربستان عام 1974، مع أحزاب قومية عنصرية الاتجاه تم تحديدها بكل وضوح، ونفس الأمر يصدق على  مفردات (التحرير، الثورة، الدولة الأحوازية، الكفاح المسلح، القومية العربية)، فهي ليست من صياغة  ((حركة النضال العربي لتحرير الأحواز)) تأسيس 2007 وفق الميثاق المنشور لها أو عند الجبهة العربية لتحرير الأحواز كلا، إن تلك المفردات  كانت حاضرة عند الأوائل من  أعضاء اللجنة القومية العليا إلى ((الجبهة الشعبية لتحرير عربستان))، وهي أخر تنظيم سياسي نشأ في الخارج وأعلن عن وجوده في السبعينات من القرن العشرين  قبل أن يحل نفسه بعد إسقاط النظام البهلوي عام 1979م. وإذا تفحصنا  كذلك ميثاق ((الجبهة العربية لتحرير الأحواز))، ونفس الأمر بالنسبة ((للمجلس الوطني  لتحرير الأحواز)) عام 1982 في الكويت طبع قبرص، نجدها كلها سارت على نفس الطريق  ترتيب مواثيق بروح استنساخية لم تجد طريقها في وعي اصحاب الشأن أنفسهم أقصد من السياسيين الأهوازيين. ولا يفوتنا هنا دون أن نسجل ملاحظة  تفرضها علينا الدقة والأمانة وهي أن الجبهتين أعني (الجبهة الوطنية لتحرير عربستان، وجبهة تحرير عربستان) كتب لهم ميثاق متناسق وواضح في المعاني  والترتيب حتى إننا ساورنا الشك بأن المكتوب بأيادي غير أهوازية والدليل عندنا هو أن ما كتب بعدهما في مواثيق التجمعات السياسية الأهوازية لا يرتقي أي منها وميثاق كل من الجبهتين، فميثاق الجبهة الوطنية لتحرير عربستان هو أكثر تماسكاً ووضوحاً وتبويباً على صعيد المعنى أو المحتوى الإيديولوجي من كل ما صدر عن التجمعات الأهوازية  ليومنا حتى إنه أكثر تبويباً من ميثاق ((حركة حزم)) صدر عام 2010م ، وهو أخر ميثاق سياسي صدر حسب علمنا حتى اليوم، فنزيد ونقول بأن العبارات والأسلوب اللغوي والمفاهيم السياسية التي تملأ رسائل شيوخ العشائر كما جاء القول أعلاه تُعد أفضل من كل مقالة يدعي اليوم 2012 أصحابها بأنها فكرية.” ص323لغاية 326

عدم تعريف مصطلح “الوطنية”!

يدعي منظر “الوطنية” أن نقده يأتي بهدف التأسيس النظري لخطاب الوطنية حيث يدّعي أن الوطنية غائبة عند الاهوازيين على صعيد الفكر والتنظير والممارسة، ولكنه لم يقدم تعريفا واحد لمفهوم الوطنية وفقط يقوم بحشر وزج المصطلحات الكثيرة مثل “تعاليم الوطنية”،”قطب الوطنية”، “فكرة الوطنية”، “الثقافة الوطنية”، “حركة وطنية أصيلة”، “التكوين لفكرة الوطنية شكليّاً”..الخ.

ويستعرض آراء مفكرين عرب قوميين وقوميين اجتماعيين كقسطنطين زريق ونديم البيطار ومحمد عزة دروزة وجورج قرم ورغد الصلح وعبدالاله بلقزيز وميشل عفلق وساطع الحصري والجابري وغيرهم حول تعريف “الوطنية” دون أن يتبنى احداها ويقول مئات المرات أنه سيقدم تعريفا للوطنية (من ابداعه) غير أن كتابه ذات الـ 520 ينتهي ولانجد سطرا واحدا له في تعريف الوطنية ومفهومها من وجهة نظره.

وحاولنا عبثا تتبع صفحات الكتاب وإعادة قراءة الكتاب علّنا نجد تعريف لمصطلح الوطنية التي يقول عنها ابوشكر إنه أتى برؤية جديدة حول مفهومها الذي “يتجاوز القبلية والعشائرية والفكرين الشيعي والسني والقومية الايرانية والقومية العربية “حسب زعمه، لكننا لم نجد تعريفا لها أو حتى تفصيلا حول تعاليمها التى يدعيها فيقول في الصفحة 326عن الوطنية مايلي: “فالفكر الوطني حسب وجهة نظرنا التي صياغتها لا تأتي من فراغ أو انشاء  كلام رومانسي  هرباً من مواجهة الواقع أو هرباً من أمر ما يزودنا فيه الفكر من  كشف العيوب و الأخطاء، بل إنها  تعتمد على واقعنا في الأمس واليوم على أن الفكر الوطني هو المقدمة الأولى التي لا يمكن دونها أن يكون تحول مجتمعي، وهو الذي  يحتاج إلى أكثر من أن نجمع جملة عبارات  بدوافع غير موضوعية ننشئ  منها اسم دون مسمى على أنه تنظيم سياسي أو مركز ثقافي. وهل لنا حاجة  أن نصيغ المكرر هنا على أن مفهوم الوطنية  الذي ندور في فلكه على أقل  تقدير بقى  كما  تركناه مجرد اسم دون مسمى أو تعريف و أصبح  عند من يتكلموا عن السياسة شيء للزينة مألوُف بالعاطفة ملازم لها وليس مؤلف بأداة الفكر كباقي المفاهيم  كما رأيناه عند مواثيق المجموعات  السياسية الأهوازية” .ص 326 .

ونلاحظ انه يدور في فلك الوطنية ولا يقدم تعريفا لها او تحديد مفهومها او أسسها بل فقط ينتقد من يدعون الوطنية ويستهزيء بهم وينعتهم بالجهله!

أما حول مقومات ما يسميها “الفكر السياسي الوطني الاهوازي” يقول في الصفحة 326 مايلي: “موضوعنا هو مقومات الفكر السياسي الوطني الأهوازي  بناءه  بعناصره الرئيسية الثلاثة  في مرحلة الدعوة الوطنية وليس الحكم ونسميها عملية إنتاج الوعي الوطني وهي (1- النظرية الوطنية الخالصة دون العشائرية، 2- التنظيم وفق الكفاءات والتخصص في الوظائف لبناء ونشر الثقافة الوطنية وليس الوصول للحكم  في مرحلة الدعوة، 3- القواعد الجماهيرية فن التعبئة وهو مسار يؤدي إلى التحول من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الوطني )”. وبالتدقيق في القاعدة الثالثة نجده يقول عبارة ” القواعد الجماهيرية فن التعبئة” ؟! حيث أن الجملة غير مفهومة ولا ندري ماذا يقصد بها؟!! وحالها كحال سائر الشطحات التي يزخر الكتاب.

وفي النهاية يطلق حكما مطلقا مفاده أن كل السياسيين أناس قبليين وعشائريين بقوله: “السياسيين اكثر عشائرية وقبلية من عامة الناس” ص 335 .

زج المفاهيم وحشر المصطلحات

لقد صدع ابوشكر رؤوس الاهوازيين بانهم لا يعرفون المفاهيم والمصطلحات ولكنه يزج بها ويقحمها بكميات هائلة خلال النصوص دون تقديم تعاريف وشروح لها كـ”النظرية الوطنية” ومفهوم “التجديد” و”القواعد الجماهيرية” و”الامتناع عن التجديد” و”الفقر الثقافي الوطني”، “الثقافة الوطنية”، “حركة وطنية أصيلة”، “قطب الوطنية”، “النظام العشائري”، “فوضى العشائرية”، “فوضى القبلية”، “القطب”، “مبدأ مركزي”، “الساحة السياسية العشائرية”،”التمييز الاجرائي”! “التكوين لفكرة الوطنية شكليّاً”، اما في في الصفحة 332 يساوي بين “القومية” و”الوطنية” وايضا في نفس الصفحة يساوي بين “المجتمع الوطني” و”المجمتع المدني”! ما ينسف كل ما بنى عليه من نظريته المزعومة حول “المجتمع الوطني” ليتبين ان كل هذا السرد من اجل أن يقول أنه ابدع مصطلحا جديدا بينما نرى انه لم ياتي بجديد. وليس هناك وجود خارجي لشيء إسمه “مجتمع وطني”.

كما نجد الاستخدام المفرط  للفوارز والفواصل والاقواس والنقاط في غير محلها حيث يتغير المعنى في الجملة ويجد القاريء فوضى عارمة في استخدام واو العطف والضمائر والافعال وكأن المرء يقرأ إحدى اللهجات اللغة العربية القديمة. وعلى الرغم من تنقيح أجزاء كبيرة من الكتاب من قبل الناشر مازالت فوضى الاقواس والفواصل تربك القاريء بشكل رهيب.

من جهة أخرى نجد الكاتب يخلط بين المفاهيم حيث يساوي بين القومية والوطنية والأمة والوطن!!! باللغتين الفارسية والعربية حيث يذكر في الصفحة 155 ما نصه: “إن إضافة عنصر أو مكون آخر حسب طبيعة الشعب المقصود و المعبر عنه أو حذف عنصر آخر لا يخل بالمعنى ولا الأسس حتى إن التعاريف لمفهوم الوطنية صحيح عديدة وملتبس أمرها – أنظر (ناسيوناليزم، الوطنية ،القومية، الأمة، الوطن)، وهذا الأمر ان كان في المشرق العربي أو أقل حدة في المغرب العربي كما وأن اللبس موجود عند الفرس( ناسيوناليسم ،مليت،قوميت، قوم – أقوام، ملىّ)”.

هذا يبين إنه لم يستوعب التعاريف الدارجة حول مفهوم “الوطنية” وإختلافها عن مفهوم “القومية” ومفهوم “الأمة” و”الوطن” حيث يدعي بأن العرب والفرس التبست عليهم هذه المفاهيم ،بينما نجد لكل من هذه المفاهيم تعاريف واضحة في المعاجم الفلسفية وقواميس اللغة في كلا اللغتين.

كما نجد الخلط نفسه في الصفحة 157 عنما يذكر: “إن مكونات الوطنية في التاريخ كما نشأت و تبلورت إن كانت في فرنسا أو حتى المانيا اعتمدت مكونات أساسية مشتركة عند معظم الشعوب ، وهي التي تم الأخذ بها كذلك من جانب الشعوب العربية و الإسلامية و وضعوا لها معادل في اللغة العربية مرة ” القومية”، وآخرى “الأمة”، و كذلك “الوطنية” ونفس الأمر عند الفرس وضعوا لها مسمى “مليت، قوميت ملى”، أو التجربة التركية.”

نقده للعلمانيين

حول نقده لمن رفعوا خطاب العلمانية من الأهوازيين لم يستشهد بنصوص أو أسماء معينة، إنما أطلق احكاما مطلقة تتلخص بأنهم ” يريدون حل القضية الاهوازية عن طريق العلمانية ” بينما لم نجد أحدا تناول هذا الطرح بهذه الصيغة كما يدعي!! إنما طرح العلمانيون الاهوازيون مسألة العلمانية وفصل الدين عن الدولة على صعيد النظام السياسي كبديل للنظام الثيوقراطي المستبد في إيران.

اما على صعيد المجتمع فطالبوا بتشكيل احزاب ذات طابع علماني تبتعد عن اقحام الدين في السياسة نظرا لفشل نموذج الاحزاب الدينية (الشيعية خاصة ) في كل من ايران والعراق وباقي دول المنطقة وكذلك فشل نموذج الدولة الدينية بشقيها الشيعي والسني.

ولم تقتصر أطروحات النشطاء الاهوازيين حول بناء مجتمع حديث على مبدأ العلمانية وحدها، إنما العلمانية جاءت في سياق مشاريع الدولة الديمقراطية وبناء المجتمع المدني والحقوق الجماعية (القومية) على رأسها حق الشعوب في حكم نفسها بنفسها وتطبيق مباديء حقوق الانسان وحق تقرير المصير.

مفهوم التجديد

من المفترض إن مقدمة الكتاب تشرح مفهوم “التجديد” ولكن الكاتب لم يتطرق لهذا المفهوم حتى يصل القاريء بعد جهد جهيد الى نهاية الكتاب كي يجد اشارات غير واضحة لاتدل على مفهوم التجديد على الاطلاق. وحول مفهوم التجديد يقول نصر حامد ابوزيد في كتابه “دوائر الخوف” في الصفحة 78 ان التجديديون يذهبون الى ان “تجديد التراث هو الحل”. فهل يريد ابوشكر تجديد تراثنا الاهوازي الذي لخصه بالقبلية والفكر الشيعي؟ وقال عنهما بأنهما مصدري االتخلف والانحطاط؟ هذا مالم يوضحه في كتابه .

 الختام

 يدور الكتاب حول مواضيع سياسية كالوطنية والدولة والثورات العشائرية والاحزاب الاهوازية ودور السلطة الايرانية وماشابه، مغلفة بمفاهيم فلسفية مشوهة، كي يعطي انطباعا لدى القراء بأن الكاتب يناقش قضايا فلسفية.

 ويحاول وضع هذه القضايا في دوامة كم هائل من المصطلحات والمفاهيم الفلسفية والسوسيولوجية بمناسبة ومن دون مناسبة، وغير مفهومة غالبا، كي لا يصبح طرفا سياسيا في الصراعات الدائرة بين التنظيمات الأهوازية.

 ورغم إنه شارك في العديد من النشاطات السياسية كعضويته في لجنة للحوار الوطني وما شابهها من الفعاليات على الفضاء المجازي وغرف البالتاك وغيرها، يحاول الظهور بمظهر المحايد والفيلسوف المتابع، على الرغم رغم أن اتجاهاته السياسية واضحة للعيان من خلال مقالات وبيانات الشتم والقدح والذم واستخدام الألفاظ النابية وغير اللائقة ضد كل من يوجه له أدنى نقد أو استفسار أو سؤال حول كتاباته ونظرياته المزعومة رغم ادعائه بالديمقراطية و تشدقه بالعقلانية شكليا

كاظم مجدم – صالح حميد

17 أكتوبر 2014

تنوه اللجنة الإعلامية لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي بأنها تتكفل في نشر رد على هذا المقال حال صدوره من قبل السيد محمود عبدالله.