من التاريخ الشفهي الأهوازي الحلقة الثانية

من التاريخ الشفهي الأهوازي الحلقة الثانية

 

جابر أحمد

قلت في الحلقة الأولى من كتابة التاريخ المروي أو الشفهي إن كتابة هذا التاريخ سوف يفتح نافذة أمام الباحثين حول تدوين هذا التاريخ تدوينًا علميًا وموثقًا.
فبعد أن نشرنا الحلقة الأولى من التاريخ الشفهي، اتصل بنا بعض الإخوة الأهوازيين، وقد زودونا ببعض المعلومات تتعلق بالشاعر الأهوازي طاهر إسحاق القيم وعلاقته بالشيخ خزعل. نرى من الضروري تدوينها قبل البدء في تدوين المرحلة الثانية لمرحلة ما بعد الشيخ خزعل وضم الإقليم الأهوازي إلى جسم الدولة الإيرانية، والمعلومات التي تلقيناها من الإخوة الأهوازيين باختصار هي على النحو التالي:

عندما جاء شيخ خزعل إلى طرة الخضر، وعندها قصد مضافة الشيخ إسحاق، والد الشيخ طاهر، وأثناءها ألقى طاهر، والذي كان آنذاك شابًا يافعًا، قصيدة شعر شعبي رحّب من خلالها بالشيخ خزعل كضيف، وبما أن العرف آنذاك كان يقضي بمنع الفتيان واليافعين من مجالسة الأعيان من كبار السن من الوجهاء العرب، لكن الشيخ خزعل أدرك مبكرًا نبوغ طاهر، فأمر بتخصيص مكان للشاعر الشاب الشيخ طاهر لمجالسة الكبار من المشايخ والوجهاء.
ثم أمر بإعطائه هدايا نقدية، وعادة ما تكون تلك الهدايا سككًا ذهبية، ومن ثم سأله: ماذا تريد؟
فقال له: أطلب منك يا سعادة الشيخ أن تعفي طرة الخضر من دفع (الودي)، وهو نوع من الضرائب التي كانت تُفرض على مالكي الأرض. فلبّى شيخ خزعل طلب طاهر وأمر باستثناء طرة الخضر من دفع “الودي” أو الخراج أو الضرائب. ويمكن القول إنها القرية الوحيدة من بين قرى عبادان التي لم تدفع الضرائب للشيخ خزعل، وكل ذلك عرفانًا وتقديرًا للشاعر طاهر إسحاق القيم.

وبعد الاستيلاء على إقليم الأهواز من قبل رضا خان وسيطرته عليه، وإعلان الأراضي العربية جزءًا من الأراضي الأميرية أو ما يسمى بنظام “الخالصة”، وهو نظام سائد منذ العهد القاجاري، يتم بموجبه تأجير الأراضي من قبل الحكومة لمن يستطيع زراعتها، وهم غالبًا ما كانوا من الوجهاء والشيوخ، ويدفعون مقابل ذلك رسومًا سنوية إلى حاكم البلاد الفعلي، وهي الدولة المركزية التي أسسها رضا شاه، وهي تساوي جزءًا من الإنتاج الذي يتم تقديره سنويا من قبل موظفي (الخالصة) مثل الخال ملا نعمة .

وبما أن المغفور له كان على خبرة في هذا المجال، وقد ورثها من عمله عند ما كان جامعًا للضرائب في عهد الشيخ خزعل، اضطره ذلك إلى الاستمرار بعمله السابق كمشرف على جمع ضرائب المناطق الزراعية في منطقة بني طرف والحويزة والبسيتين، ثم في منطقة شاوور وعبدالخان، وبعدها هنديجان وموسيان، ثم المحمرة وجزيرة الحاج صلبوخ، ومن ثم عاد إلى مدينة البسيتين حتى تقاعد من الخدمة الحكومية في سنة 1337 شمسية (1958 م).

وبعد تقاعده استمر في خدماته الاجتماعية والإنسانيةخدمة لشعبه وأبناء جلدته حتى وافته المنية وانتقل إلى جوار ربه صبيحة يوم الثاني عشر من شهر أرديبهشت شمسي/كانون الثاني عام 1367 شمسية (1988 ميلادي).

كما قلنأ نفا نامل أن يكون تسجيل هذه النبذة من التاريخ الشفهي لشعبنا بوابة للبحث العلمي من قبل الباحثين في مجال الأراضي الأميرية وكيفية استثمارها، سواء في عهد الشيخ خزعل أو بعد الإطاحة بإمارته.

لقد كان ملا نعمة الشيبي، رحمه الله، كنزًا ثمينًا للمعلومات، ولكن لظروف موضوعية لم أُسجّل وأكتب كل ما رواه لي من معلومات حول عمله كجامع ضرائب، سواء في عهد الشيخ خزعل أو فيما بعده.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

شاهد أيضاً

منظمة “أهرو”: النظام الإيراني يصعّد قمعه بحق العرب الأهوازيين بإعدامات وتعذيب ممنهج

منظمة “أهرو”: النظام الإيراني يصعّد قمعه بحق العرب الأهوازيين بإعدامات وتعذيب ممنهج أصدرت منظمة حقوق …