تقود مجموعة من القضاة بالتعاون والتنسيق التام مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية، عملية إصدار أحكام الإعدام وقمع الصحافيين والنشطاء السياسيين والأقليات في إيران، الأمر الذي أدى إلى وضعهم على قائمة أسوأ منتهكي حقوق الإنسان، من قبل منظمات وهيئات دولية.
وهذه المجموعة المكونة من 6 قضاة، تقوم بتنفيذ المهام الموكلة إليها بعد تلقيها أوامر وتعليمات من دوائر الاستخبارات والأجهزة الأمنية الإيرانية، حسب ما أعلنت منظمات حقوق الإنسان الإيرانية والدولية.
ووفقاً لصحفية “الغارديان” البريطانية، فإن “أربعة من هؤلاء القضاة يعملون في محاكم الثورة، فيما يعمل الاثنان الآخران في محاكم الاستئناف “.
وأضافت “الغارديان” أن هذه المجموعة السداسية قامت حتى اليوم بإدارة الكثير من جلسات المحاكم، والتي حسب شهادات نشطاء حقوق الإنسان تفتقر لأبسط المعايير الحقوقية، ولا تستند حتى إلى الدستور الإيراني، وتصدر الأحكام الجائرة بالإعدام أو السجن طويل المدة، في انتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية.
وقد نشرت صحيفة “الغارديان” أسماء القضاة الستة المتهمين بارتكابهم انتهاكات ضد حقوق الإنسان، وهم كل من: “أبوالقاسم صلواتي، ومحمد مقيسة، ويحيى بير عباسي، وحسن زارع دهنوي، وحسن بابائي، وأحمد زرغر”.
محاكمات خلف الأبواب المغلقة
ووفقاً لما قاله سجناء سابقون في لقاءات مع صحيفة “الغارديان” وكذلك تقارير لمنظمات حقوق الإنسان، فإن انتهاكات هؤلاء القضاة تتلخص في “جلسات محاكمة خلف الأبواب المغلقة” و”محاكمة لا تتعدى مدتها بضع دقائق من دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة” و”زرع الخوف والرعب في نفوس المتهمين” و”تعذيب المتهمين وحرمانهم من الحصول على محامين”.
وحول كيفية تنفيذ المحاكمات خلف الأبواب المغلقة قال الدكتور محمود أميري مقدم، المتحدث باسم منظمة حقوق الإنسان الإيرانية لـ”العربية.نت” إن “المتهمين يبقون أشهراً تحت التعذيب قبل أن تتم محاكمتهم في محاكم سرية تفتقر إلى أدنى معايير الحقوقية الدولية، ويتم إصدار أحكام قاسية بحقهم، خاصة ضد الناشطين السياسيين، خلال محاكمات لا تتجاوز بضع دقائق”.
وقد تم تأسيس محاكم الثورة الإسلامية عقب انتصار الثورة في إيران في عام 1979 حيث كانت في البداية تتولى الملفات المرتبطة بالأمن القومي، غير أنها أخذت بالتوسع لتشمل بعد ثلاثة عقود ملفات السجناء السياسيين والصحافة والقضايا الاجتماعية.
عقوبات أوروبية ضد القضاة
وخلال العامين الماضيين وضع الاتحاد الأوروبي أسماء 9 من القضاة والمسؤولين الإيرانيين على لائحة العقوبات الأوروبية، وأوصى بإصدار مذكرات اعتقال بحقهم في حال سفرهم لدول الاتحاد الأوروبي.
ومن بين هؤلاء القضاة، من هم مسؤولون عن عشرات أحكام الإعدام بحق النشطاء السياسيين التي شملت معظمها أبناء القوميات غير الفارسية في إيران من العرب الأهوازيين والأكراد والبلوش.
ومن بين هؤلاء القضاة الموضوعين على لائحة العقوبات الأوروبية، القاضي “مرتضى كياستي”، رئيس الشعبة الرابعة لمحكمة الثورة في الأهواز الذي أصدر أحكاماً بالإعدام ضد العشرات من السجناء السياسيين العرب.
وقال المحامي أحمد حميد، الذي كان محامي دفاع عدد من الناشطين العرب الأهوازيين الذين أعدمتهم السلطات الايرانية لـ”العربية.نت” أنه” خلال عامي 2005 و2006 وبعد انتفاضة العرب في الأهواز، اعتقلت السلطات عدداً غير قليل من الناشطين وقد حكمت عليهم بالإعدام، والسجن طويل المدة، من دون مقدمات قانونية أو مراعاة لأبسط قواعد المحاكمات الجزائية”.
وأضاف: “عدد من القضاة على رأسهم عباس جعفري دولت آبادي، رئيس محاكم الأهواز في حينه، والمحقق الخاص للجرائم الأمنية حسن كاكا، والقاضي علي شعباني، رئيس الشعبة الثالثة لمحكمة الثورة في الأهواز، وإيرج أمير خاني مدعي عام الأهواز، كلهم مسؤولون عن انتهاكات لحقوق المعتقلين وتلفيق التهم ضدهم وأخذ اعترافات تحت التعذيب من المتهمين”.
يؤكد حميد أنه “في عام 2006 أصدر القاضي شعباني أحكاماً خلف الأبواب المغلقة، تتراوح بين الإعدام والسجن المؤبد، والسجن طويل المدة، بحق 19 ناشطا أهوازيا، خلال 3 أيام فقط، ضارباً عرض الحائط بكل القوانين الجزائية والمبادئ الحقوقية للمحاكمات العادلة”.
وقد صعّد القضاء الإيراني الذي يهيمن عليه اليمين المتشدد حملات القمع ضد الصحافيين والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، بشكل خاص بعد مجيء روحاني الذي وعد بإجراء إصلاحات من شأنها أن تساعد في رفع حالة قمع وإفساح المجال أمام الحريات.
ويطالب نشطاء حقوق الإنسان بوضع قضاة ومسؤولين آخرين على قائمة منتهكي حقوق الإنسان، بما فيهم قضاة ديوان القضاء الأعلى في إيران الذين صدقوا على مئات أحكام الإعدام.
صالح حميد – العربية نت