صدرعن الدار العربية للموسوعات في بيروت كتاب (نحن والتجديد) لمؤلفة الأستاذ محمود عبدالله، وأن الغرض الأساسي من تأليف هذا الكتاب كما يقول المؤلف هو بالإضافة إلى كونه” قراءة في معرفة أسباب التخلف والامتناع عن التجديد” يسعى أيضا إلى دراسة ” ثقافة لم يكن لنا سلف قد درسها من داخل الفكر”، حيث لا يخفي المؤلف هواجسه وخوفه أثناء شروعه بتأليف الكتاب ،لان الأمر من وجهة نظره في غاية الصعوبة وهذه الصعوبة تكمن في معالجة “مشاكل عديدة لشعب يعيش بين ثقافتين ،الأولى مؤسس لها وفقتخطيط الدولة الإيرانية ،والثانية دون تخطيط ” وبالتالي يرى المؤلف انه لابد من أن” يشتغل في آن واحد على جبهتين ” وهما ” الثقافة الاهوازية “من جهة و” قراءة خطاب الدولة الإيرانية “من جهة أخرى”، حيث يمارس المؤلف على الجبهة الأولى” النقد “بغية الوصول إلى” الفكر العقلاني” وعلى الجبهة الثانية “نقد أيدولوجية الدولة الإيرانية “وتعريتها ،لكن المؤلف يرى أن مثل هذا النقد في عصرنا الراهن غير ممكن “ألا في مسالة التجديد “وهو في طرحه لهذا التجديد لا يعتمد على” المرجعية الأوربية “في معالجة قضايانا وإنما يتوجه” للبوابة العربية أو الفكري العربي “الذي يعتقد انه ” سار خطوات متقدمة في مسالة التجديد منذ اكثر من قرن ونصف ” .. الخ
ماذا يقصد المؤلف بالتجديد؟
يعرف المؤلف التجديد بقوله : ” أن التجديد لم يكن سوى إنتاج فئة من المثقفين أو الفلاسفة في تاريخ البشرية ، هؤلاء اعتمدوا الفكر مرجعية للكلام عن قضايا التجديد وفق مؤلفات “وهو في دراسته لهذا التجديد يحدد ثلاث مراحل وهي على التوالي ” اللافكر، الفكر الأيديولوجي ومرحلة التعامل المعرفي مع التجديد” و أن المؤلف في معالجته لمفهوم التجديد لا يكتفي بمفهوم ” المثقف التاريخي “وحسب وإنما يؤكد على دوراللغة، لأنه يعتقد على أن موضوع اللغة و(المقصود هنا اللغة العربية) هي ” مفتاح فهم التجديد وهي أم القضايا بالنسبة لمجتمعنا الاهوازي … الخ “ص 51
التخلف
ورغم أن التخلف التي تعاني منه الثقافة الاهوازية له أسبابه الموضوعية والذاتية المتعددة ألا أن المؤلف وفي معالجته لهذا الموضوع يرى أن هناك ثلاث أسباب لهذا التخلف وهي على التوالي : ” القبيلة – الفكر القومي الإيراني المتصلب – الفكر الشيعي الذي يمارس التوظيف الفلسفي والديني من اجل الأصالة القومية “الإيرانية، حيث عالج هذه الأسباب وناقشتها بإسهاب تحت عنوان خاص و هو” إشكالية تكوين الدولة الوطنية “، بإمكان القارئ الرجوع لها ،و لكننا هنا نريد أن نذكر ما أورده المؤلف عن الأمام الخميني، فمن وجهنظر الكاتب أن” الخميني ليس فقط قارئ جيد لتاريخ السياسة والفلسفة الإيرانية القديمة الممزوجة بالإسلام وحسب بل إنه مؤلف أيديولوجي بامتياز ،حيث ساهم بدور كبير في إنتاج خطاب ثوري و انقلابي وضع مجموعة من القيم أصبحت ثوابت لدولته التي صاغ خطابها بطريقة التوفيق بين السياسي والديني والقومي … الخ ” ص 70 . ولا ندري كيف اعتبر خطاب الخميني خطابا ثوريا وهو خطاب يكرس مبدأ ولاية الفقيه ولا يمت إلى” التجديد ” الذي يدعو له المؤلف بشيء.
العلاقة مع العرب
يتطرق المؤلف إلى علاقة لاهوازيين مع العرب فعلى الرغم من أن هناك ظروف موضوعية وذاتية متعددة حالت دون إقامة علاقات سليمة من قبل الأهوازيين مع العرب ، لكن المؤلف يحصرها بعامل واحد وهو “وحي القبيلة “وعلى ضوئه يوجه نقده للأحوازيين كونهم اهملوا فكرة التجديد في معالجة أمورهم التراثية والثقافية وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الجانب الآخر من المعادلة وهم العرب ،حيث يرى “أن العرب اهملوا قضيتنا لسبب واحد فقط وهو أن الذين يقومون بالتحرك نحو علاقة مع العرب اليوم من الأحوازيين من دعاة القومية العربية يعبرون بوحي من القبيلة وان هذا هو سبب عدم فهم العرب لمشكلتنا “ويعالج هذه المشكلة وغيرها بدءا من ص 12 إلى 57 من مقدمة الكتاب ومداخله.
الكتاب في مجموعه يحتوي على ما يقارب 520 صفحة ويضم بين دفتيه مقدمة ومداخل وثمانية فصول يعالج من خلاله موضوع الثقافة الاهوازية ووقوعها بين مطرقة “سلطة التراث “من جهة وسندان ” سلطة الدولة الإيرانية “من جهة أخرى، حيث يعتقد المؤلف أن الثقافة الاهوازية ثقافة ” شفهية “ص5 ، لكنه يستدرك ذلك فيما بعد في ص 24 بقوله “أن التاريخ سجل لنا بوثائق معتمدة كثيرا من الأحداث شهدتها ثقافتنا الأحوازية في تاريخنا المعاصر، ألا شيئا واحدا لم يكن له حضور كي يتم تسجيله من المؤرخين وهو التجديد “،لان دور الفكر من وجهة نظر المؤلف هو ليس” فقط أن ينقل ويتحدث عن التجديد أو المعاصرة بل ابعد من ذلك “.
الحال الاحوازي كما يراها الكاتب
ورغم التطور الملحوظ الذي شهدته الساحة الفكرية الاهوازية سواء علىمستوى التدوين أو التنظير أو النشاط الأدبي ومجالات الأبداع الثقافي المختلفة، وعلى أقل تقدير خلال العقود الأربعة الماضية، إلا أن المؤلف يضع ” الحال الاحوازي” ودون تقديم أي معطيات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية في مرحلة “اللافكر والعاطفة” ، وهي مقولة مبهمة ،و لكن المؤلف في تحليله لواقع شعبنا نري المؤلف يسترشد في دراسته للواقع الاهوازي بما يطرحه محمد عابد الجابري واستنتاجاته حول تأثر العقل العربي بثلاث معطيات وهي ” العقيدة والغنيمة والقبيلة ” ، ورغم أن موضوع الكتاب هو” الثقافة الأحوازية بين سلطة التراث وسلطة الدولة الإيرانية ” ولكن عدم الترابط بين الافكار وعدم التسلسل يجعل القارئ أن يصبر للتعرف على هذه الثقافة ومكوناتها حتى يصل إلى ص، 200 من الفصل الأول وص237من الفصل الثالث. ولعل غياب التسلسل و الترابط بين مواضيع الكتاب هي أحدى الإشكاليات الجوهرية في هذا الجهد الكبير.
تعريف المثقف
و يتحدث السيد محمود عبدالله عن المثقف وتعريفه، حيث يرى أن “مقاصد المثقف التاريخي أن يرى ويلمس واقعا أمامه في ثقافته التي يفكر من داخلها ويعبر عنها وبهذا يصبح مثقف تاريخي اهوازي من أهل المعرفة “وضمن معالجته لهذا الموضوع يشير إلى مسالة على غاية من الأهمية وهي أن المثقف الاهوازي اخذ “يتخلى نسبيا عن إعطاء وكالة للأخرين ليقوموا بالدفاع عن حقوقه ” ولعل هذا اكبر دليل على تخطي مقولة مرحلة “اللافكر والعاطفة ” التي وصف بها المؤلف حالة الثقافة الاهوازية.
لقد كانت هذه نظرة عابرة على المقدمة وملحقاتها نقدمها للقارئ، أما ما تبقى من الكتاب وهي فصوله الثمانية فقد جاءت على النحو التالي ، الفصل الأول : المنهجية في معرفة تردي الثقافة الاهوازية ،الفصل الثاني : القبيلة ، مضخة التخلف في المجتمع الأحوازي ، الفصل الثالث: إشكالية الهوية الوطنية والمدنية في المجتمع الأحوازي ، الفصل الرابع : مدخل إلى فحص الكلامالأحوازي بشأن مشكلة السياسة ،الفصل الخامس الفكر الإيراني باعثا للتخلف في المجتمع الاحوازي ، الفصل السادس، خطاب الدولة الإيرانية الإمبريالي تجاه الثقافة الاهوازية ، الفصل السابع : الحضور الإيراني والعلاقة الأحوازية الإيرانية باي معنى ؟ الفصل الثامن الاتجاه الأيديولوجي القومي في تاريخ الفلسفة الإيرانية قديما وحديثا.
الفصل الأول
إما الفصل الأول من الكتاب فقد جاء تحت عنوان”تمهيد في معرفة تردي الثقافة الأحوازية ” و يتناول من خلاله تردي هذه الثقافة، حيث يبقي النحس وهو “القبيلة” بالإضافة إلى متلازماتها وهي ” ” العقيدة الشيعية ” يلاحق هذه الثقافة ،نافيا أي تطور مهما كان طفيفا يكون قد طرأ على التكوين الفكري للأهوازيين ،ويستنتج أن هذا النحس ” ماضيا و حاضرا هو الذي أدى إلى ” فقدان شعبنا لأية حركة سياسية بناءها يعتمد على أسس وطنية ….” راجع ص ، 84 ،إلى أن المؤلف يعود ويقول أن الهدف من توجيه النقد إلى الثقافة الاهوازية ليس النيل منها و أنما هو “كشف العفوية والبساطة ” و من ثم ” تجاوزها ” ص ، 95 .
حيادية الباحث
من المفترض أن يكون الباحث دقيقا ومحايدا في طرح أفكاره ولكن مع الأسف الشديد نرى بأن المؤلف وأثناء استعراض كتب من سبقه قدم نقدا قاسيا وهو لا يكتفي بتسليط جام غضبه على المؤلفين الأحوازيين فحسب، إنما يتهم حتى كتّاب المقالات منهم أيضا، كون مقالاتهم المنشورة حسب رأيه ” أخذت أسلوب إنشائي، تجميع المعلومات وترقيعها، وإنّ ” الاثنان ” أي المؤلفين وكتّاب المقالات من الأهوازيين “مارسوا طريقة الاتباع دون الأبداع ” … الخ ص 95.ويضيف بأن جميع الأهوازيين الذين كتبوا عن الأهواز ودون أي استثناء” كتاباتهم من وجهة نظره ” لا رأي فيها وأولها لا يختلف عن أخرها “دون أن يعطينا نماذج لما يؤكد ذلك ص 121 ، كما أن كلام من هذا القبيل نجد صداه في الفصل الرابع حيث يقول المؤلف ” فلا مقالة إصلاحية دينية كتبنا ولا مقالة سياسية حول معنى الوطنية ونظام الحكم طرحنا ولا وجهة نظر كتبنا حول حمولة مفاهيم الفكر الجديد إن خص حقوق الأنسان أو التحول من مصلحة العشيرة والفئة إلى مصلحة المجتمع” العقد الاجتماعي “ولا أصدرنا دراسة نقدية عن الدولة الإيرانية كتبنا … الخ ، ص 299، ناسيا أن الساحة الاهوازية أفرزت وخلال العقود الأربعة الماضية كتاب من أمثال الدكتور علي الطائي أستاذ علم الاجتماع في الجامعات الأمريكية و الذي كان أول من كتب عن أزمة الهوية القومية في ايران ناهيك عن إنتاجاته في مجال الفلسفة و علمالاجتماع و يوسف عزيزي بني طرف و إنتاجاته الأدبية و الثقافية المعروفة في إحياءه التراث و الثقافة الاهوازية و دفاعه عن قضية الشعب العربي الاهوازي حتى دخوله السجن و موسى سيادة و كتبه عن تاريخ الاهواز/عربستان ، هادي باليل و كتبه عن تاريخ الاهواز القديم ( كتاب الياقوت الأزرق في اعلام الحويزة و الدورق) ، الدكتور عباس الطائي و دواوينه الشعرية و مؤلفاته الأدبية، السيدة الهام لطيفي و كتاباتها حول قضية المرأة الأهوازية ، كريم بني سعيد عبديان وكتاباته ومحاضراته في الفكر السياسي وحقوق الأنسان ،المرحوم منصور مشرف و مؤلفاته و دراساته حول التراث العربي الاهوازي، المرحوم منصور السيلاوي و كتاباته الإعلامية والتلفزيونية، المؤرخ عبد النبي قيم صاحب كتابي ” تاريخ الأهواز” و” شيخ خزعل من الصعود حتى السقوط – لم يطلع عليهما بعد كما يقول المؤلف – ، نوري حمزة وكتاباته الصحفية، هادي الطرفي كصحفي محترف، عمار تاسائي (روائي) ، كاظم مجدم ( كاتب سياسي)، صالح حميد ( كاتب و باحث في علم الاجتماع ) وعشرات من كتاب المقالات والباحثين الاهوازيين الأخرين الذين اصدروا إنتاجاتهم باللغتين العربية و الفارسية.
التسمية:
أن المؤلف في تطرقه إلى التسمية، يخرج من الحياد كباحث حيث يقول أننا “أمام موجة الفوضى في الخارج حول طرح ( الأحواز ، الاهواز ،عربستان )حتى تحولت إلى هوية يتسمى كل طرف وفقا لها وليس من وعيه السياسي وفهمه للقضايا وهذا منحدر سقوط لا نستوعبه … الخ ” إلا أنه لم يبين لنا ما هذا ” الوعي السياسي” للأطراف وما هو فهمهم ” للقضايا “وما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الانقسام غير تلك الكامنة في القبيلة؟ وما هي التسمية الحقيقية لبلادنا خاصة وانه اعتمد تسميتي الأهواز والأحواز؟ راجع الصفحات 100 و101 .كما نجد عودة لمثل هذا الكلام في الفصل الرابع من الكتاب.
الفصل الثاني:
إما الفصل الثاني فيحتوي على عدة عناوين منها على سبيل المثال للحصر” القبيلة مضخة التخلف في المجتمع الأحوازي ،وفي هذا المجال نقل حرفيا آراء بعض المفكرين العرب وخاصة الجدد منهم، كالمفكر محمد عابد الجابري حتى يصل إلى القول، إن المجتمع القبلي” لا قيمة فيه للأعمال المهنية والفلاحية ” وكأن مجتمع القبيلة و(الحديث هنا عن القبيلة الاهوازية) من جهة ونظر المؤلف كالصخرة الصماء الرابضة فوق الكثبان الرملية ، ليس لها نظام إنتاجي ولم يمارس مجتمعها أي نوع من المهن كمهنة الصيد وتربية الماشية والزراعة والصناعات اليدوية . ص 221 وبدلا من أن يعرفنا على دور القبيلة الاهوازية في المجال الاقتصادي والأعراف والتقاليد والقيم التي رافقت هذا الدور يكتفي بشرح خصائص القبيلة والمسائل التي تتحكم بها معتمدا على أراء المفكرين قديما وحديثا .ص219 إلى231
الارض و الشيوخ
أن النظام الإيراني في عهد الشاه الأب و البدايات الأولى من حكم الابن قد سلب الأرض من بعض الشيوخ الذين رفضوا سلطته ومنحها إلى بعض الشيوخ العرب الموالين له حيث اصبح الشيخ كما يقول المؤلف ” له امتيازين الأول ما تمنحه العشيرة والثاني ما منح له من جانب النظام ” لكن فاته القول أن النظام قد فك ارتباطه مع هؤلاء المشايخ عام 1963 اثر ما كان يعرف باسم ” الثورة البيضاء أو ثورة الشاه والشعب”، الثورة التي لم تكن لا للشاه ولا للشعب دورا فيها، إنما جاءت بإيعاز وتوجيهات خارجية من أجل دفع الاقتصاد الإيراني ودمجه بالاقتصاد الرأسمالي، وعلى اثر ذلك فقد الشيوخ امتياز الاستحواذ على الأرض ، إلّا أنهم احتفظوا بامتيازاتهم المعنوية على قبائلهم و بالتالي ليس صحيح ما ذهب له المؤلف وهو أن “النظام الثاني ” ويقصد به نظام الجمهورية الإسلامية هو الذي” سحب من معظم شيوخ العشائر امتياز تأييد السلطة وبقي امتياز العشيرة وحده ” ص 232 ،لا بل إن النظام الإسلامي تمادى في ذلك لتقوية زعيم القبيلة ووضعه بالضد من السياسي و المثقف الأهوازي وهذا الأمر يدركه ويعرفه الجميع ، ولكن المؤلف في سبيل تمرير أطروحاته على القارئ لا يذكر المواقف الوطنية الإيجابية لشعبنا، منها على سبيل المثال لا الحصر مشاركته الفعالة في أسقاط نظام الشاه، وتكوين الوفد الثلاثيني وطرحه المطالب الوطنية أثناء لمفاوضات مع الحكومة المؤقتة، ولا يذكر أحداث المحمرة 1997 ، كما يتناسى مظاهرات عام 1985 ضد الصحافة الإيرانية التي وصفت شعبنا بمجموعة من الغجر ولايذكر أيضا إحياء المجتمع المدني الأهوازي في فترة الاصلاحات في ايران و تأسيس المراكز الثقافية و حزب الوفاق و النشاط الإعلامي وأخيرا وليس اخرأ انتفاضةالخامس عشر من نيسان عام 2005. وأنما يرك مقولة ” أنت من يا عمام ويجعلها ” محورية “. إما ” الانتماءات الأخرى للوطن والقومية “والمشار لها أنفا والتي هزت أركان الدولة الإيرانية وأصبحت عابرة للحدود يجعلها ” انتماءات ثانوية ” ، ولأثبات “المحورية” يستشهد بالنزاع الذي حدث في عام 2004 بين عشريتين اهوازيتن ،وللتذكير نقول أن مثل هذه النزاعات تحدث في اكثر البلدان العربية تطورا وهي مصر حيث حصل نزاع بين قبيلتين عام 2014 راح ضحيتها 26 شخص من الأبرياء .
الفصل الثالث :
يتحدث فيه المؤلف عن إشكالية الهوية الوطنية و المدنية ،وقد خلط المؤلف أثناء معالجته للموضوع لها الحابل بالنابل، فتحدث عن “”الهوية و الهوية القبلية والهوية الدينية والهوية الوطنية و الهوية المدنية وهو في هذا المجال تارة يقول إن الهوية يقول ” عندنا نحن اذا حددنا لهوية وفق المرجعية التراثية فهي ليس سوى القبيلة – قبيلة الفرد والإسلام عقيدة الأنسان العربي …. الخ ” وان ” جذورها راسخة وعمرها مئات السنين ص ، 237 وتارة يقول “وفي عالمنا العربي والإسلامي ظهر معنى الهوية بحضور الاستعماري للممالك الإسلامية ” راجع ص 239 وبالتالي ورغم ما سقناه من أدله سابقا يخرج إلى القول بأن الشعب العربي الاهوازي يعاني “من أزمه هوية” ويحمل مسؤولية هذه الأزمة على عاتق الحركات السياسية و التي يقول عنها أنها فشلت في مجالين ” الأول الفشل في تقديم فهم وطني ” و” الثاني فشلها في إدارة القضية الاهوازية ” . راجع ص263 و 264.
ورغم أن البعض من الاهوازيين من دعاة الفيدرالية قد أجابوا على تساؤلات المؤلف ” لماذا الفيدرالية للأهواز وما هو السبيل نحوها الخ ص 265 ” وكل الأمور المتعلقة بها ولكن قد يكون المؤلف لم يطلع عليها فعلى سبيل المثال احد السبل لتحقيقها هو تكوين اتحاد أو تجمع يضم الأحزاب والمنظمات غير الفارسية يطلق عليه اسم مؤتمر شعوب ايران الفيدرالية وبرنامجه معلن و مدون ومنشور منذ عدة سنوات.
و في نقده للحركات الاستقلالية يتسأل المؤلف هل إن ” دعاة الدولة كتبوا دراسة يطرحون فيها ما الطريق نحو التحرير والدولة و لماذا التحرير والدولة وما هو السبيل نحوها وما هي الموانع و المشاكل التي تواجه التحرير والقضية الاهوازية وما هي الحلول و كيف يتم التغلب على المشاكل و ما هي الألية ؟ ” ص 265
في النهاية أود القول انه اذا ردنا أن نعبر النهر، فلا يكفي أن نجيد السباحة فقط وإنما علينا إيجاد السباحة والجرأة معا ، من هنا اذا أردنا قراءة كتاب الأستاذ محمود عبد الله، فلا يكفي أن نجيد القراءة وحسب ،إنما علينا أن نتحلى بالصبر والتأني ودقة الملاحظة كون المؤلف قد تناول الكثير من الأفكار والآراء والتعاريف تبدو للوهلة الأولى عصية على الفهم وفق وجهة نظري المتواضعة، إلا أننا كلما تأملنا اكثر في قراءة الكتاب وغصنا في مواضيعه سوف نجد في طياته فضاء رحب يحتوي على أفكار ومعلومات وآراء على قدر كبير من الأهمية وهي لا تخص مجتمعنا العربي الاهوازي وحسب وإنما تخص الكتلة البشرية المحيطة به، سواء على صعيد ايران أو على صعيد البلدان العربية، كما أن معرفة ما جاء في الكتاب ونقده ،نظرا لحجمه ” 520 صفحة ” وتنوع مواضيعه الفكرية و الفلسفية و التاريخية لا يمكن أن يقوم به شخص بمفرده وإنما يتطلب تدخل أهل الاختصاص جميعا وفي ما اذا اسعفنا الحظ سوف نقدم للقارئ الكريم قراءة موجزة لبقية أجزاء هذا الكتاب.
جابر أحمد 23 / 5/ 2014