فالزيان سنة حسنة معمول بها، لكن للأسف أصبح من يؤدي هذه السنة ثلة من الذين عقولهم في بطونهم، فقلبوها إلى فتنة،الفتنة التي ابتلى بها الشعب.وراح ضحيتها كثير من الناس، ينتظرون متى يرزقهم الله بعزاء ليملئوا بطونهم و ينشروا الإرهاب بين القبائل،حتى يأتي الوقت الذي يتمتعون به. لذا تقوم الدنيا ولا تقعد و تكون الموائد جاهزة للشويخات الذين يفرحون للوساطة بين القبائل ويبدأ صاحب المشكلة بالتناقض، بالمرحلة الأولى نراه عنترة وأخيرا يلجأ إلى الشويخات المدمنين حتى ينهوا له المشكلة التي لا تُحل إلا بوساطتهم حيث في مثل دارج بينهم يقول(عمي اليوم عثرت عندك باچر انت هم تعثر عندي) والشعب يصبح ضحية هؤلاء الذين هم من يروجون لهذا الإرهاب وهلم جرا.
فهم يتباهون عندما يقدموا قطعة قماش(الزيان أو الإحسان) إلى صاحب الشأن ومن ثم يأتون إلى بيوتهم فرحين بما رزقهم الله من مكانة إجتماعية وتقدير عند القبائل. أنهم لا يخشون من الفتن فحسب بل هم من يروج لهذه العادات والتقاليد البدائية التي تحث الناس على قتل بعضهم بعضا.
(الزيان) هو سنة منشورة بين القبائل الأهوازيه و قسم من القبائل العراقية،عند انتهاء كل عزاء،يتقدم شيخ قبيلة ما، فيقدم قطعة من القماش لزميله الحزين لختام حزنه.
لكن تطورت في الآونة الأخيرة عندما برز شيوخ البطائق أو بالأحرى الذين لم يقرؤوا المكتوب، فأصبحت تُقدم مرتين الأولى بعد انتهاء العزاء مباشرة والثانية في (الأربعين)و عندما أذكر الأربعين أقصد أي بعد أربعين يوما من العزاء كما هو مدون في دستورهم الأجتماعي. فهذا التطور الذي قام به الشويخات الجدد إذ لم يحصلوا على تفويض من قبل أحد، أيضا أبدعوا إبداعا جديدا،أي بعد أربعين يوما من العزاء يجتمع خمسة أشخاص أو ما شابه ذلك ،و يتحلون في زيهم المزخرف بالكاسبي (البشت الچاسبي) وكل شخص باعتباره يمثل إخوانه فيقدموا الهدايا لكي يعبروا عما في داخلهم من نقص.
إذن بدأوا ينثرون علينا سموم عقولهم و أصبح من يقود المجتمع شيوخ لم يعرفوا حتى كتابة أسمائهم،يصولون ويجولون،لا يملكون عملاً يشغلهم،الفقر العقلي منتشر بينهم،يذهبون في الصباح إلى الدواوين يشربون الشاي والقهوة وينظّرون للقبيلة حسب عقليتهم المحدودة.
فهم يترصدون كل عزاء يُنصب حتى يتنافسون على من يتقدم (للزيان) ويتصارعون و يسبون بعضهم البعض حتى تسيل الدماء بينهم ويذهب ضحية هذا الصراع الرعية التي تتبع من يلقب نفسه بالشيخ ، تبعية عمياء.
لذلك أمست هذه العادات تؤلمنى وتنشر الإرهاب بيننا فيجب أن نبدأ بنقدها ولا نكون ضحية أناس يسيرون خلف مصالحهم و كروشهم المحدبة المليئة بالسمن واللحم.
وإذا راجعنا الموروث الإسلامي، فلم نحصل على آية أو حديث يلزمنا بالتمسك بها، إنما هي سنة حسنة سنها آباؤنا وأجدادنا في سبيل تخفيف الحزن فانقلبت إلى سيئة،وهذا طبيعي، فكل سنة عندما تبدأ تلاقي استقبالا ضعيفا ثم تقوى شوكتها و أخيرا تصاب بالهرم و الاضمحلال حتى تزيل على يد مجموعة من الواعين.
هذا ما ينبغي أن نطرحه ونعرضه على عقولنا التي أنعم الله بها علينا بدلا من التبعية العمياء.و نغض الطرف عن كل الأعمال الإجرامية التي ينشرونها في مجتمعنا حتى لا يحتقرنا من هم أعلى سلطة منا ويهملون قضايانا.
على طول الزمان يحتقروننا لماذا؟هذا سؤال يجب أن نجيب عليه، حيث أصبحوا خبراء بمستوانا العقلي ويعلمون ماذا يدور في خلدنا، لذلك عرفوا الفرد الأهوازي يريد دائما أن يسبح في بحر العادات الاجتماعية،ويحب الاستعلاء على إخوانه كي يصبح زعيم لهم.
إذن المشكلة أكبر من مما نتصور،المجتمع يتبع هذه الأفكار المتحجرة التي لم ولن تفكر يوما، غرِق في بحر استعراض الماضي. يتكلم أكثر من أن يسمع أو يفكر.وكل ما يُدار في مجتمعنا هو نابع من عادات لا تمت بأية صلة بالإسلام و إنما هي عادات دخيلة علينا وأصبحت ديدننا.
فكل تراث لا يُنتقد يصبح خطرا، إنه ينحصر في ماء جامد راكد يتأثر به الناس رويدا رويدا حتى يصبحوا ضحيته.
وبالتالي ينبغي علينا أن نفكك العقلية القبلية لكي نزيل الخطر،نزيله بالضرب والنقد و نبدأ بإعلان حرب على هذا الموروث الذي دمر بنيتنا وأخرنا مئات السنين إلى الوراء. إنها عادات سلبية لا تمت بالإسلام بأي صلة.
ملاحظه:
يذكر لي أحد الأصدقاء يقول في ذات يومٍ أرسلت الحكومة في طلب أربعة من وجهاء المجتمع كي يستفسروا من مطالبهم فقالوا لهم اطلبوا ماذا تريدون، فقالوا لهم(عمي احنا انريد كل ما اندش على القاضي انريده يحترمنه ما صارت كل ما ندش على الدادگه(المحكمة)تدورونا) لعل مثل هؤلاء مثل العراقيين، عندما جاءهم بريمر وسألهم تفضلوا ماهي مطالبكم، فقالو له( والله احنه هاي المده كلها مظلومين من زيارت أهل البيت) فكان ينتظر من هؤلاء أن يطلبوا منه وزارة النفط أو ما شابه ذلك.