بقلم محمد عبديان - اعلن كل من المرشد خامنئي وبتبعه الحرس الثوري والقوات التعبئة (البسيج) وكذلك مؤسسات ائمة الجمعة عن رضاهم تجاه نتائج الانتخابات الرئاسية التي اسفرت عن فوز حسن روحاني في الرئاسة ورأى هولاء في خطبهم وبيانياتهم بان ذهاب الشعب الى صناديق الاقتراع الذي اسفر عن انتخاب روحاني هو تاييد للنظام واعتراف بمشروعيته.mohamad.abdian1

مستقبل روحاني في الرئاسة وسط التحديات الداخلية والخارجية

فالنظام في واقع الامر نجح ولو بشكل موقت في تلميع صورته حيث ان هذا النظام ولاسيما في السنوات الاخيرة اصبح مكروها وغير موثوق به من قبل الراي العام الدولي بشكل عام والايرانيين بشكل خاص وبهذه النتيجه اي فوز روحاني كأنه اي النظام يقول لمعارضيه في الداخل والخارج بانه “لم يقم بالتزوير وها هي النتيجة افرزت شخصا لم يكن اقرب من جليلي وقاليباف ورضايي الى المرشد ” وبذلك يحاول النظام ان يمسح عن الذاكرة احداث 2009 التي مارس فيها النظام ابشع الاساليب ضد المحتجين والنشطاء الايرانيين . فالنظام سيجد له منفسا واعتبارا موقتا يخفف عن الضغوط الخارجية والداخلية. من جانب آخر فان فوز روحاني في الانتخابات سيساعد المرشد خامنئي الذي واجه مشاكل في محاولته ازاحة رفنسجاني عن الخارطة السياسية -الخطوة التي لم تلق ترحيبا من قبل الشارع الايراني- سيساعده في تخفيف الضغط عليه خصوصا وان رفسنجاني لايزال يتمتع بشعبية كبيرة بين اوساط المعارضة في الداخل لذلك يمكن القول ان الفائز الحقيقي وبشكل موقت هو النظام نفسه وعلى رأسه المرشد خامنئي. من حانب آخر فان المعارضة الداخلية او الاصلاحيون ايضا مسرورين من هذه النتيجة ‘ فبعد تعرضهم لانتقادات كبيرة خلال السنوات الماضية سيقول الاصلاحيون بعد اليوم للشارع الايراني بان “الانتخابات ادت الى النتيجة المرجوة ويجب الاستمرار من خلال هذا النهج الاصلاحي حيث ان المرشد خضع لارادة الشعب ” اما اللوبي الموالي للحكومة الايرانية في الخارج ايضا بدأ على تلميع صورة النظام ويحاول اقناع الوسطاء الغربيين لتخفيف الضغوط على ايران فبعض من هولاء بدأوا يظهرون على الشاشات مرددين ان “الكرة الان في ملعب الغرب وعلى الغرب ان يتنازل بعض الشي لتشجيع الرئيس الجديد في التجاوب خصوصا في الملف النووي” . اما المعارضة الايرانية في الخارج فهي غير مسرورة بنتائج الانتخابات خصوصا وانها دعت الشعوب الايرانية الى مقطاعتها فهم قلقون من تكرار سيناريو الرئيس الاسبق محمد خاتمي من ان يشغل الايرانيين والمجتمع الدولي بوعود كاذبة لثماني سنوات أخرى وبذلك يخفف عن النظام الضغوط الاجتماعية في الداخل والضغوط السياسية في الخارج وبالنتيجة يتم تمديد عمر النظام ثماني سنوات أخرى . وابرزت المعارضة الايرانية هذا القلق من خلال انتقادها للذين ادلوا باصواتهم لروحاني وخرجوا محتفلين في الشوارع فرحين بالنتيجة .وعلى اي حال نرى ردود افعال حقيقية من جانب القوة الفاعلة بالساحة الايرانية . ونظرا للازمة الكبيرة التي يعاني منها النظام فيبدو ان امام المرشد خامنئي طريقان لا ثالث لهما وهما : تسوية المشاكل مع المجتمع الدولي أو المواجهة والاستمرار في النهج السابق. لكن انتخاب حسن روحاني للرئاسة يبيّن ان المرشد ينوي الاستمرار في النهج السابق حيث لا توجد اي اشارة إلى تغيير سلوكه تجاه القضايا المهمة مثل المشروع النووي أو الازمة السورية لذلك جاء المرشد بروحاني حتى يخفف عن الضغوط الداخلية والخارجية ليجد له في النهاية موضع قدم في المفاوضات النووية والازمة السورية. بعبارة اخرى إن نتيجة الانتخابات الرئاسية الاخيرة هي عبارة عن تكتيك جديد من أجل الاستمرار في النهج القديم. رغم ذلك لن يخلو هذا التكتيك من المشاكل فبعد ان خضع المرشد لقبول روحاني الذي يوصف بالمعتدل إو القريب على الاصلاحيين رئيسا للبلاد سيزيد من جرأة الشعب للمطالبة في الحقوق الاجتماعية كما حصل في فترة الرئيس الاسبق محمد خاتمي التي انبثق منها الاحتجاجات الطلابية التي عرفت ب “18 تير” (18 يونيو) وما تلاها لذكك من المتوقع ان يقوم النظام بكبح الشارع الايراني للحيلولة دون تكرار احداث فترة خاتمي . ربما السؤال هنا يكون إذن ما هو الفرق بين فترتي خاتمي وروحاني ؟ والجواب هو ان الازمات الاجتماعية والاقتصادية في الوقت الحاضر اكثر حدة فالشعب الذي يعاني اغلبه من الجوع يطالب الرئيس الجديد بحلول سريعة وهذا يتطلب حلا للمسئلة النووية اولا والتصالح مع المجتمع الدولي في قضايا حقوق الانسان ثانيا وقطع الامدادات الى النظام السوري ثالثا الامور التي يراها البعض خارجة عن نطاق صلاحيات الرئيس الإيراني خصوصا وان المشروع النووي اصبح قاب قوسين او ادنى من انتاج القنبلة الذرية . الرئيس حسن روحاني ربما سيتمكن من ان يمنع فرض عقوبات جديدة ضد بلاده لكن من المؤكد انه لن يتمكن من ازالة العقوبات الدولية السابقة التي تشترط ابداء الشفافية و وقف تخصيب اليورانيوم بشكل نهايي. لذلك من المتوقع ان ترجع الامور سريعا على ما كانت عليه قبل الانتخابات . خصوصا وان البعض يرى ان روحاني سيكون اقرب من نجاد للمرشد خامنئي الذي يملك قدرة الحل والعقد في ملف المفاوضات النووية. كما هناك من يظن ان روحاني هو نتاج عملية توافق سياسية امنية ما بين المرشد خامنئي ورئيس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني كي يقوم روحاني بارساء سفينة الثورة الايرانية الغارقة في ازماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا ما لا يتمناه الداخل الايراني والخارج.

شاهد أيضاً

الإضربات ودورها في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية

الإضربات ودورها في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية علي شبيبي لعبت الاضرابات التي قام بها العاملون في …