الأقليات المنسية في ايران

alahwaz.infoعلي رضا نادر و روبرت ستيوارت – لم يحظى دور  الأقليات العرقية في ايران بالكثير من الاهتمام لدى المحللين و صناع القرار في الغرب و قد يكون هذا الأمر راجعاً إلى حد كبير لهيمنة طهران كنقطةً محورية في الثقافة الإيرانية، و في السياسة أيضا و من ضمنها السياسة الخارجية.
إضافة إلى ذلك فإن الأقليات العرقية في ايران قد تم تهميشها بشكلٍ واسع بواسطة الدولة الدينية الشيعية الإيرانية و التي تهيمن عليها القومية الفارسية أيضا.  و قد أدى تجاهل حقوق الأقليات إلى نشوء حركات التمرد العرقية على مر السنين، و البعض منها لا تزال تربك النظام الإيراني.
و مع ذلك، فإن العديد من المسؤولين الإيرانيين و رجال الدين و مفكرين، خاصةً أولئك المرتبطين مع التيار الإصلاحي، قد اكدوا على أن الأقليات العرقية عنصراً أساسيا من النسيج الوطني.  و قد اعلنوا انه لابد من الإدراك أن قمع النظام الإيراني للأقليات وممارسة التمييز ضدهم لن يبطئ عجلة التقدم في ايران فقط، و لكنه ذات يومٍ سيعرض استمرارية الجمهورية الإسلامية للخطر، بل و حتى يعرضها للخطر على مستوى سلامة و وحدة أراضيها.
الأقليات في ايران
تشكل الأقليات الغير فارسية  نحو 40 إلى 50 بالمائة من أجمالي سكان ايران.  المجموعات الأقلية الرئيسية فيها هي: الأذربيجانيين الناطقين بالتركية، الأكراد، العرب و البلوش مع وجود نسبٍ قليلة من الأرمن و التركمان و اللر.
الإيرانيون الناطقون بالتركية، و معظمهم من الشيعة، يميلون إلى الترابط و بشكل متكامل و وثيق مع المجتمع و السياسة في ايران، على الرغم من معاناتهم من التمييز في الجوانب الثقافية و السياسية.  أما الأكراد و البلوش فإن أغلبهم من السنة و بالتالي فإنهم يعانون من أعلى نسبةٍ من تمييز من قبل الحكم الديني الشيعي في ايران.
سياسات التفريس
في عهد رضا شاه البهلوي (1925-1941) سعت الحكومة المركزية من أن تصهر الأقليات القومية ضمن رؤيتها الخاصة للدولة الأمة الإيرانية وقد استخدم رضا شاه القوة العسكرية لقمع و إخضاع الأقليات، كما حظر الكتابة باللغة الغير فارسية و جعل اللغة الفارسية اللغة الوطنية الوحيدة في ايران واستمرت سياسة تفريس في ايران في زمن حكم ابن رضا شاه، محمد رضا شاه البهلوي (1941-1979).
بالرغم من سعي السلالة البهلوي من أن تعيد صياغة المجتمع إلى هيئةٍ اكثر تجانساً و متمحورة حول الثقافة الفارسية و  بميولٍ غربية، ألا إن الحكومة الإسلامية سعت لان تعيد تشكيل الأمة دينياً على أساس شيعي و بمركزية فارسية.
بالنسبة لكلا النظامين، فإن الأقليات الغير مندمجة تمثل تهديداً لبناء هويةٍ وطنيةً محددة. إضافة إلى ذلك فإن الحكومة الإيرانية المركزية تخشى و باستمرار من مغبة استغلال القوميات الغير فارسية من قبل القوى الأجنبية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و إسرائيل، و حتى المملكة العربية السعودية. كما هو الحال مع النظام الملكي وتمارس  اليوم  الحكومة الإسلامية القمع العنيف بحق الأقليات العرقية.
أجنحة النظام الحالي
لكلا الجناحين المحافظ و الإصلاحي في نظام الجمهورية الإسلامية، تصوراتٌ و سياساتٍ مختلفة تجاه الأقليات القومية. المحافظون، و المتشكلون أساسا من العلماء الدين التقليديين و الحرس الثوري و حلفاءهم من الرجال الأعمال، يفضلون الوضع الراهن: دولةً ثيوقراطية شيعية متمركزة فارسياً ، تهمش فيها الأقليات الدينية الغير شيعية و القومية الغير فارسية.
على الجانب الآخر فإن الإصلاحيون اقترحوا إدماج الأقليات القومية في ايران من خلال توسعة السلطة السياسية بعيداً عن النخب التقليدية. و ما جعل انتخاب محمد خاتمي رئيساً للبلاد في العام 1997 ممكنا فذلك يعزو فضله للأصوات التي كسبها من خلال مناشدته لأصوات الأقليات في ايران، بالأخص أصوات النساء و الأقليات العرقية.
كرئيس للبلاد، قام خاتمي بالسماح للانتخابات على مستوى القرى و مجالس المدن، مما مهد للأقليات العرقية من التصويت لممثليهم المحليين. كما عزز خاتمي تطبيق مفهوم المجتمع المدني في مناطق القوميات. على مشارف انتهاء مدته الرئاسية واقترحت أدارته و هيئة التخطيط بتخصيص المزيد من المناصب الإدارية العامة على مستوى المناطق و المحافظات و التي و من شأنها السماح للمزيد من المشاركة للأقليات العرقية.
و على الرغم من الاعتقاد الشائع في الغرب على أن القاعدة الانتخابية للمحافظين تكمن في  مجتمعها الريفي المتخلف، فإن نمط التصويت للقوميات الغير فارسية ( و التي تقطن في اكثر المناطق الريفية تخلفاً)، يظهر على أنها تتجه للتصويت الجماعي عندما يدعم احد المرشحين حقوقهم.
و قد شهدت فترة رئاسة محمود احمدي نجاد (2005-2013) المحافظة و المتشددة، حملة ترويع على نطاق واسع موجهة ضد العرب و الأكراد و البلوش بما في ذلك اعتقالاتٍ جماعية و إعدامات  دون إجراءات  قانونية تجاه ناشطي تلك القوميات. و لم ير احمدي نجاد – الذي تشدق بحقوق تلك القوميات في بعض الأحيان – القوميات الغير فارسية كعنصر أساسيا في النظام السياسي أو كوسيلة لتعزيز تطلعه نحو قوةٍ سياسيةٍ اكبر و بدلاً من ذلك، سعى لإسكات المعارضين لآرائه السياسية، خاصةً الإصلاحيين.
الإنتخابات الرئاسية عام 2009
المرشحون الإصلاحيون في الانتخابات الرئاسية للعام 2009، بما في ذلك مير حسين موسوي و مهدي كروبي، أيدوا سياسات خاتمي بالنسبة للقوميات الغير فارسية. مهدي كروبي على سبيل المثال، دعا إلى المساواة في حقوق جميع الإيرانيين بغض النظر عن  انتماءاتهم الأثنية. أما موسوي، فهو مثل كروبي، تبنى حقوق الأقليات الدينية و تعهد في حال تم انتخاب بضمان حقوق الأقليات العرقية المكفولة في الدستور الإيراني . كما أيد موسوي حق تعلم الأقليات بلغاتها الأم في المدارس الإيرانية.
صحيح ان القمع العنيف التي تعرضت لها قوى المجتمع المدني من قبل النظام بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2009، وسعت الهوة بين الأقليات العرقية و النظام الإيراني، و لكن فشل التيار الإصلاحي في أجراء أية تغييرات ذات مغزى أو مواجهة النظام الحاكم بشكلٍ فعال قد يكون لها دوراً في إصابة نشطاء تلك الأقليات بخيبة الأمل.
من هنا علينا أن نراقب إلى أي مدى سيسعى الإصلاحيين أن يعيدوا تعبئة الأقليات العرقية في الفترة التي ستسبق الانتخابات الرئاسية في يونيو 2013.  فقد اكد أفرادا من الإصلاحيين البارزين مثل عبدالله النوري على حاجة الإصلاحيين لوضع خطة سياسية قادرة على أن تتصدى لتطلعات جميع شعوب ايران. بينما يصر الرئيس السابق محمد خاتمي على ان مطالب حقوق القوميات الغير لابد و أن تلازم انتخابات حرة و نزيهة.
التطلعات و الرؤية المستقبلية
و مع ذلك، فقد يتوجب على الإصلاحيين أن يتعاملوا مع الناخبين من العرقيات الغير الفارسية المحبطين، لا سيما في ضوء افتقادهم لقوى سياسية و تنظيمية. علاوةً على ذلك فإنه و من المستبعد أن يلعب الإصلاحيون دوراً أساسيا من داخل النظام الحاكم لأن النخبة الحاكمة ستظهر هذا الأمر على أنها اتهامات “تحريضية”. ستخسر القوى الإصلاحية رصيدها من الأقليات العرقية و الأغلبية الفارسية في حال تجنبها خوض التحدي العدواني ضد النظام السياسي، بما في ذلك مطلب إعادة تنقيح الدستور الإيراني للسماح بنظامٍ ديمقراطي يشتمل على حقوق الأقليات.
من الغير المرجح أن يتمكن المحافظون و الإصلاحيون من استمالة و تعبئة القوميات الغير فارسية الكبرى في ايران. معظم هذه القوميات ترغب بالمزيد من الحقوق ضمن إيران على خيار الانفصال الصريح منها. و لكن هذه القوميات المهمشة اجتماعياً قد تختار طريق اللامبالاة السياسية.
من جهةٍ أخرى، فإن استمرار رفض طهران بالاعتراف بحقوق الأقليات، قد يؤدي إلى نشوء التمرد و انتفاضات عرقية في المستقبل.

شاهد أيضاً

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …