تمر علينا هذه الإيام الذكرى السنوية لإنتفاضة نيسان الباسلة التي سطر من خلالها شعبنا الأبي ملاحم البطولة و المقاومة . ففي ذلك اليوم خرج شعبنا بشيبه وشبابه ونسائه وأطفاله إلى الشوارع الأهوازية فأطلق صرخة لا للسياسات العنصرية ولا لمحو الهوية ولا لطمس معالم الوجود، مطالباً بحقوقه الشرعية و بوقف سياساتالتفريس وتغيير التركيبة السكانية في الاهواز.
ففي ذلك اليوم أكد شعبنا الأعزل بأنه شعب حضاري يرفض العنف ويمجد الحياة فلم يخرج من الإطار السلمي في مظاهرته النيسانية تلك ، إلا أن قوات الأمن الحكومية ردت عليهم بالحديد والنار واستمرت في ممارسة أساليبها تلك في الإيام اللاحقة بإستخدام العنف المفرط لإخماد لظى الجمر الأهوازي الذي كاد أن يحرق الظلم و استبداد .لقد احدثت الانتفاضة النيسانية جملة من المتغيِّرات على الساحة الأهوازية ، و أثرت افرازاتها في مسيرة الأحداث اللاحقة وبينت نقاط الضعف والقوة للحركة الأهوازية وجعلتنا جميعا أمام مسؤولية الشعار الذي نطلقه والموقف الذي نتخذه والتحرك الذي نقوم به .
ان التعرض لتحليل الأبعاد الشاملة للانتفاضة النيسانية المجيدة ، واستخلاص الدروس منها ومعرفة آثارها السياسية على مختلف الأصعدة لازال ينتظرمن يخضوه ، ولكن ليس من الصعب رصد جملة من المتغيِّرات التي أفرزتها انتفاضة الشعب العربي الأهوازي من خلال قراءة أحداثها وتطوُّراتها اللحقة كالآتي:
أولا :لقد برهن التلاحم الشعبي الرائع خلال انتفاضة نيسان فشل رهان الحكومات الإيرانية المتعاقبة على تخلي شعبنا العربي البطل عن الإنتماء الوطني حيث أثبت أبناء الأهواز التزامهم بموقمات هويتهم العربية وامتدادهم التاريخي وعمقهم الحضاري وخلافا لتوقعات النظام خرج شعبنا من نفق مظلم ليثبت بأنه حقا شعب المعجزات وبين إصراره على مجابهة كافة السياسات الشوفينية والعنصرية وإنهائها .
ثانيا: لعلَّ أبرز إفرازات الانتفاضة وأكثرها أهميَّة كشفها عن بعض العجز لدى كافة التنظيمات الأهوازية والأحوازية والعربستانية عن إيجاد تحالف وطني على أساس سقف الحد الأدني يمكن من خلاله الحد من عوامل الفرقة والإنقسام بشكل يساعد علي تكريس مبدأ قبول الإختلاف في الرأي دون الذهاب إلى لغة التخوين، الأمر الذي مكن النظام الإيراني من فرض الأمر الواقع على الساحة الداخلية في ظل غياب مشروع أهوازي من شأنه إجتياز أكثر مراحل التاريخ الأهوازي تعقيدا و حساسية .
ثالثا : أثبتت الإنتفاضة النيسانية بأن الظواهر الصوتية على الساحة لم تتمكن من دفع القضية الاهوازية إلى الأمام فحسب، بل ساهمت بشكل فعال في خلق نوع من التوهم، قطع الطريق على التعاطي الموضوعي والعلمي مع قضية شعبنا المنسية، فلو لا إرادة شعبنا الصلبة وإصراره على التمسك بالمباديء الوطنية لتحول الأمل إلى اليأس و التفاؤل إلى إحباط .
رابعا : كشفت الإنتفاضة عن ضرورة إيجاد مشروع قابل للتنفيذ يأخذ بنظر الإعتبار بأن هويتنا و معالم وجودنا كعرب تمر من مرحلة تفرض عليها أن تكون او لا تكون فعلى ضوء ذلك فأن أي جهود تبذل للحفاظ على مكونات شعبنا من لغة و ثقافة و هوية وأرض و معالم ،يجب النظر إليها بمثابة خطوة إيجابية تساعد على إجتياز هذه المرحلة المصيرية بالغة الأهمية .
خامسا : إصرار النظام على اللجوء إلى القوَّة العسكريَّة المفرطة والتعامل الأمني في مواجهة رفض الشعب العربي الأهوازي لكافة المخططات الرامية إلى القضاء عليه أكدت إصطدام مشاريع الانظمة الإيرانية السابقة بصخرة الصمود والتصدي و إتضح للقاصي والداني بأن السياسات القمعية لم تتمكن يوما ما من ثني الشعوب عن المطالبة بحقوقها المشروعة . فالتنكيل بالمدنيين العزل من شأنه توثيق صلتهم أكثر فأكثر بهذه الحقوق .
سادسا : واليوم لا يزال النظام الحاكم في طهران يستمر في التخبط تارة و اللجوء إلى سياسات هزيلة تارة أخرى من خلال إعادة إستخدام خطط ومشاريع سبق وان تم تجربتها خلال العقود الثمانية ونيف الماضية وذلك عبر تشجيع الهجرة والهجرة العكسية و العمل على جلب القبائل الرحل من الأقاليم المجاورة وإستيطانها في إقليم الأهواز والسعي لإظهار هوية غير عربية للارض والإنسان والتاريخ .
نحن نؤكد في الختام بأن شمس نيسان أحرقت كافة المشاريع والخطط اللامشروعة التي استهدفت وجود شعبنا العربي الاهوازي و النتيجة الحتيمة التي نستطيع استخلاصها، والتكهن بها بثقة تامة، هي أنَّ الانتفاضة النيسانية قد حسمت فشل كافة مشاريع الأنظمة الإيرانية المتلاحقة وإستطاع الصمود الأهوازي أن يرمي بكافة المخطَّطات والبرامج العنصرية في مزبلة التاريخ . و العبرة لمن يعتبر بأن الاستحواذ على عقول الأهوازيين وقلوبهم، لا يمكن تحقيقه عن طريق القضاء على طموحاتهم، فشعبنا سيستمر في المضي قدما نحو تحقيق هذه الطموحات وعلى رأسها حقه الطبيعي في تقرير مصيره بنفسه وهو أمر تكفله شرائع السماء قبل الأرض .
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
الحرية لأسرانا الأبطال
اللجنة الإعلامية لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي