انقلاب صامت في‮ ‬طهران‮ ‬يستكمل عناصره وخامنئي‮ ‬مجرد واجهة للحرس الثوري‮ ‬الممسك بالسلطة‮..‬؟

سيكون أحد أبرز نتائج الانتخابات الإيرانية وإعادة أحمدي‮ ‬نجاد إلى الرئاسة التراجع في‮ ‬سيطرة المؤسسة الدينية برجالها وممثليها من معارضة وموالاة‮ ‬،‮ ‬لحساب مؤسسة الباسيج العسكرية أي‮ ‬الحرس

سيكون أحد أبرز نتائج الانتخابات الإيرانية وإعادة أحمدي‮ ‬نجاد إلى الرئاسة التراجع في‮ ‬سيطرة المؤسسة الدينية برجالها وممثليها من معارضة وموالاة‮ ‬،‮ ‬لحساب مؤسسة الباسيج العسكرية أي‮ ‬الحرس الثوري‮ ‬الذي‮ ‬ساند إعادة انتخاب نجاد وتولى أمر المتظاهرين بالقتل والقمع والسجن‮ .

‬وقد‮ ‬يكون أحد أسباب ظهور الحرس الثوري‮ ‬على المسرح نمو قوته بدعم من نجاد المنتمي‮ ‬له بأصول نشأته وفكره أكثر من انتمائه للمؤسسة الدينية التي‮ ‬ساندته لتحكم من خلف الستار فإذا به‮ ‬يتجاوزها ليحكم هو ومؤسسته الثورية وحرسه المسلح في‮ ‬وضح النهار‮ . ‬وبدلاً‮ ‬من أن تستخدمه المؤسسة الدينية كما حدث في‮ ‬ولايته الأولى فهو‮ ‬يستخدمها اليوم‮ ‬،‮ ‬وها هو ذا‮ ‬يعلن مع رئاسته الثانية بداية‮ ‬غير خجولة للانفصال والانشقاق بين قوتي‮ ‬النظام‮ : ‬مؤسسة الدين‮ ‬،‮ ‬وقوة السلاح‮ . ‬أي‮ ‬بين عسكر الثورة ـ الباسيج ـ وبين المراجع والولي‮ ‬الفقيه‮. ‬
قد لا‮ ‬يظهر هذا الانشقاق‮ ‬غداً‮ ‬أو تتوضح صورته بسرعة‮ ‬،‮ ‬ولكن بذرته شقت الأرض في‮ ‬إعادة انتخاب أحمدي‮ ‬نجاد ومساندة الحرس الثوري‮ ‬له‮.

‬ هنا‮ ‬،‮ ‬يعتقد كثير من المراقبين‮ ‬،‮ ‬أن خطأ التقدير بدا واضحاً‮ ‬في‮ ‬سياسة الولي‮ ‬الفقيه التي‮ ‬ستدفع المؤسسة الدينية ثمنه بتضاؤل دورها ونفوذها‮ . ‬وربما كان تلكؤ أحمدي‮ ‬نجاد في‮ ‬تنفيذ أمر خامنئي‮ ‬بعزل صهره ونائبه الأول مجرد بداية لما هو قادم‮ .. ‬من دون أن ننسى أن أحمدي‮ ‬نجاد احتفظ بصهره مديراً‮ ‬لمكتبه في‮ ‬ما‮ ‬يشبه التحدي‮ ‬غير المباشر للمؤسسة الدينية الحاكمة وقد بدأ دورها‮ ‬يتراجع ولم تعد تثق بصواب اختيار المرشد له رئيسا لإيران ورهانه الثاني‮ ‬عليه‮ . ‬ومن‮ ‬يدري‮ ‬فقد تعيد المؤسسة تقييم دور خامنئي‮ ‬وجدارته بموقع الولي‮ ‬الفقيه‮.‬
‮ ‬أين تقف مؤسسة الجيش في‮ ‬إيران من هذا الذي‮ ‬يحدث ويتفاقم‮ ..‬؟‮.

‬سؤال جوابه أن لا أحد ولا فريقاً‮ ‬يثق بمؤسسة الجيش‮ . ‬لا الملالي‮ ‬من أصحاب الدين‮ ‬،‮ ‬ولا مؤسسة الدولة ممثلة بنجاد الآتي‮ ‬من الحرس الثوري‮ ‬البديل من مؤسسة الجيش وقد أخذ‮ ‬يستقل عن مؤسسة الدين بعد أن سبق واستقل عن الجيش تسليحاً‮ ‬وتنظيماً‮ ‬وتمويلاً‮ ‬وأهدافاً‮ ‬وقيادات ليغدو شريكاً‮ ‬في‮ ‬مؤسسة الدولة بمصالحها ومواقع ثروتها وثورتها‮. ‬
إذاً‮ ‬،‮ ‬نحن اليوم أمام عدد من القوى بعضه‮ ‬يتمزق وبعضه‮ ‬يحافظ على وحدته وقد‮ ‬يزداد قوة‮.

‬ ‮ ‬فرجال الدين ومرجعية الولي‮ ‬الفقيه ومؤسسات الدولة تتصدع بخلافاتها وأجنحتها التالية‮: ‬
أ‮ – ‬الولي‮ ‬الفقيه في‮ ‬جانب‮.. ‬

بـ ـ والمرجعيات الدينية الصامتة في‮ ‬قم وليس بيدها‮ ‬غير النصح الذي‮ ‬لا‮ ‬يكفي‮ ‬لتقويم عمل السلطة أو لجم شره رجالها وأدواتها في‮ ‬الجانب المقابل‮.

‬ جـ ـ ورفسنجاني‮ ‬مع خاتمي‮ ‬وكروبي‮ ‬وموسوي‮ ‬أصحاب نصف الثورة الدينية ـ المدنية داخل المؤسسة في‮ ‬الجانب الثالث‮.

د ـ أما الجيل الجديد الثائر ويتطلع للتغيير سواء بمنظور إسلامي‮ ‬أم بمنظور مدني‮ ‬فموقعه ما زال بين أطراف النزاع تستخدمه اليوم وقد‮ ‬يفلت من‮ ‬يدها‮ ‬غداً‮

‬ هـ ـ تبقى مؤسسة الحرس الثوري‮ ‬المتماسكة من خلف نجاد وتزداد شراهة للسلطة وقوة في‮ ‬مواجهة جيش مجمد تنقصه الإرادة والقيادة ويشكك به الكل‮ ‬،‮ ‬ومواجهة رجال دين تتضاءل سلطاتهم الزمنية‮ . ‬تُـمسك قوة الباسيج بالجميع ولا‮ ‬يمسكون بها‮.‬

كثير من عواصم القرار تنصح بمراقبة ما هو قادم في‮ ‬طهران لا من زاوية المعارضة والموالاة‮ ‬،‮ ‬بل من زاوية دور مؤسسة الحرس الثوري‮ ‬وممثلها أحمدي‮ ‬نجاد‮ ‬،‮ ‬ودور مؤسسة رجال الدين المنقسمة على نفسها في‮ ‬صراع أجنحتها ومجتهديها والطامعين بموقع الولي‮ ‬الفقيه المهدد ويتراجع نفوذه‮ . ‬أخيراً‮ ‬دور الجيش الذي‮ ‬قد‮ ‬يجد فرصته أو موقعاً‮ ‬له في‮ ‬توقيت الانفجار‮.

‬ ثمة نصف انقلاب صامت حدث في‮ ‬إعادة انتخاب نجاد وسيحاول ترسيخ جذوره بالتطرف العلني‮ ‬مرة‮ ‬،‮ ‬وبالمساومة السرية مرات‮ . ‬بين‮ ‬يديه أوراق‮ ‬يمكن أن‮ ‬يستخدمها أو‮ ‬يبيعها لترسيخ بقائه‮ ‬،‮ ‬أبرزها داخلياً‮ ‬ورقة النووي‮ ‬،‮ ‬وخارجياً‮ ‬ورقتا‮ »‬حزب الله‮« ‬وقضية فلسطين‮ . ‬يمكن القول إن أحمدي‮ ‬نجاد تلميذ نجيب في‮ ‬مدرسة الشام التي‮ ‬يعرف صاحبها كيف‮ ‬يجزّئ القضية الواحدة إلى أجزاء‮ ‬،‮ ‬ثم متى‮ ‬يقسم الجزء إلى جزيئات أصغر‮ ‬،‮ ‬ثم كيف‮ ‬يفاوض على بيع كل جُزَيْءٍ‮ ‬من كل جزء من القضية الأم التي‮ ‬تم تجزيئها وتفتيتها‮ .. ‬متى وكيف وبأي‮ ‬ثمن.؟‮ ‬
إنها بعض موروثٍ‮ ‬تاريخي‮ ‬يستيقظ على انهيار موروثٍ‮ ‬آخر‮ .. ‬والعقبى لمن‮ ‬يضرب ساخناً‮ ‬لا لمن‮ ‬يجلس منتظراً‮ ‬في‮ ‬مقاعد المتفرجين‮.‬

‮- ‬2‮ -‬

هل أنجز الانقلابيون مهمتهم وتوقفوا عند تثبيت انتخاب أحمدي‮ ‬نجاد أم أنهم‮ ‬يعتبرون تثبيت الانتخاب بالقوة مجرد مدخل لتحصين النظام ـ نظامهم ـ وإغلاق منافذ الحرية أمام خصومهم‮..‬؟

سؤال مطروح لأن ما‮ ‬يحدث في‮ ‬إيران‮ ‬يشير إلى أن الحرس الثوري‮ ‬ماض في‮ ‬تنفيذ مخطط الانقلاب حتى النهاية‮.‬
تشكل مهزلة محاكمة الإصلاحيين التي‮ ‬تذكرنا بمحاكمات‮ »‬المهداوي‮« ‬لعهد عبد الكريم قاسم في‮ ‬العراق‮ ‬،‮ ‬تشكل بمسرحيتها الساخرة تتمة الانقلاب‮ . ‬إنها الثورة الثانية كما‮ ‬يصفها أصحابها أو الطبعة الثانية للثورة الأولى التي‮ ‬لم تجتث رجال الديموقراطية من جذورهم وفي‮ ‬مقدمتهم رفسنجاني‮ ‬وخاتمي‮ ‬وموسوي‮ ‬وفريقهم الواسع من أهل النظام ومن جيل الحلم والحرية ممن‮ ‬يعتبرهم الباسيج عقبة أمام إقامة حكم الثورة في‮ ‬ملحقها الجديد‮.

‬ طريف أمر المحكمة الثورية هذه أنها تحاكم اليوم بعض رجال الثورة وقادتها وكانت قد أقيمت من قبل لتحاكم رجال عهد الشاه في‮ ‬أعقاب عودة الخميني‮ ‬،‮ ‬ثم استمرت سيفاً‮ ‬مسلطاً‮ ‬على كل من‮ ‬يخرج على طاعة الولي‮ ‬الفقيه بالأمس والحرس الثوري‮ ‬اليوم سيد النظام‮.

‬ وبالرغم من أن أي‮ ‬نظام‮ ‬غير ديموقراطي‮ ‬يملك السلطة التي‮ ‬يدافع بها عن نفسه بأسلوبه وأجهزته كما كان عليه الحال في‮ ‬الأنظمة الشمولية‮ : ‬النازية والشيوعية‮ ‬،‮ ‬إلا أن ما‮ ‬يحدث في‮ ‬طهران اليوم‮ ‬يتجاوز ما حدث في‮ ‬أي‮ ‬نظام شمولي‮ ‬سابق‮ . ‬إنه‮ ‬يحاكم أركانه ورجاله وفريقاً‮ ‬قادراً‮ ‬على أن‮ ‬يمنح إيران دورها الشرق أوسطي‮ ‬الذي‮ ‬تتطلع إليه من موقع الرضى والتعاون الإقليمي‮ ‬لا من موقع المواجهة عظيمة العبء شديدة الوقع‮.‬

ثمة نقطة متممة لهذا في‮ ‬محاكمات طهران‮ ‬يحسن توضيحها وينساها الانقلابيون‮ . ‬فالرجال الذين‮ ‬يحاكمهم‮ ‬،‮ ‬أو الذين سيحاكمهم‮ ‬،‮ ‬يملكون حضوراً‮ ‬وطنياً‮ ‬كان‮ ‬يمكن أن‮ ‬يساعد طهران في‮ ‬علاقاتها الخارجية والوصول بملفاتها الأمنية إلى شاطئ السلامة‮ . ‬غير أن الحرس الثوري‮ ‬والولي‮ ‬الفقيه المستسلم له بعوامل الغضب والعناد‮ ‬يُدخل طهران في‮ ‬متاه مواجهات داخلية وخارجية ويقسم الشعب الإيراني‮ ‬في‮ ‬مرحلة هو أحوج ما‮ ‬يكون فيها لوحدته وعقلانية سياسته وقيادته‮.

‬ قد‮ ‬يكسب الانقلابيون جولة انقلابهم،‮ ‬وقد‮ ‬ينجحون موقتاً‮ ‬في‮ ‬تصفية أو تحجيم خصومهم‮ ‬،‮ ‬ولكنهم‮ ‬يستولدون جيلاً‮ ‬من الخصوم الجدد ويجعلون من بقائهم صراعاً‮ ‬داخلياً‮ ‬دائماً‮ ‬بين أهل الحق والحرية وأهل الباطل والقمع‮ . ‬ولم‮ ‬يحدث قط‮ ‬،‮ ‬وإن طال الزمن‮ ‬،‮ ‬أن انتصر الباطل أو القمع من دون نهاية‮ .. ‬وحساب‮.

www.almoharrer.net/read.aspx?Id=1292

شاهد أيضاً

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …