طهران -ا ف ب: أكد المرشح الاصلاحي في الانتخابات الرئاسية الايرانية مهدي كروبي امس الاثنين ان عددا من المعتقلين خلال تظاهرات الاحتجاج على اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد تعرضوا للاغتصاب في السجن، فيما واصلت السلطات الايرانية التنديد بالتدخل الغربي في شؤونها.
وكتب كروبي في رسالة تلقت وكالة فرانس برس نسخة منها ان «عددا من الاشخاص الموقوفين اكدوا ان بعض الشابات تعرضن للاغتصاب بشكل وحشي».
وتابع ان «شبانا ايضا تعرضوا للاغتصاب بشكل وحشي.. ويعانون منذ ذلك الحين من انهيار عصبي ومشكلات نفسية وجسدية خطيرة».
ووجه كروبي رسالته في 29 يوليو إلى الرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني الذي يرئس مجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس الخبراء، وهما الهيئتان الأساسيتان في السلطة الايرانية، مشيرا إلى انه حدد مهلة عشرة ايام للحصول على رد قبل ان يكشف نص الرسالة للاعلام.
وكانت الرسالة نشرت لمدة وجيزة على موقعه على الانترنت «اعتماد مللي» قبل سحبها مباشرة.
واقرت السلطات بوفاة عدد من المعتقلين لكنها اعلنت الاحد ان وفاة المتظاهرين سببها فيروس وليس تعرضهم للضرب.
من جهتها اصدرت العلاقات العامة بحرس الثورة الاسلامية في ايران أمس بيانا نفت فيه ما نسبته بعض وسائل الاعلام الاجنبية الى قائد الحرس الثورى اللواء محمد علي جعفرى حول محاكمة بعض مرشحي الانتخابات الرئاسية في ايران.
وأفادت وكالة مهر للانباء انه جاء في بيان للعلاقات العامة ان ما نقتله بعض وسائل الاعلام الاجنبية عن القائد العام لحرس الثورة الاسلامية هو عمل مغرض ولا أساس له من الصحة.
ونفى البيان هذا الخبر مضيفا «في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية هناك مسار قانوي للتصدى للذين يرتكبون المخالفات وان السلطة القضائية تقوم بمسؤوليتها القانونية تجاههم».
تدخل أجنبي
في الوقت ذاته أعلنت ايران أمس انها لن تقبل «تدخلا» اجنبيا في شؤونها الداخلية وذلك ردا على انتقادات بعض الدول الغربية لمحاكمة اشخاص اعتقلوا بتهمة المشاركة في التظاهرات عقب الانتخابات الرئاسية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية حسن قشقوي الذي نقلت تصريحاته وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ايرنا) ان المحاكمة تجري طبقا «للقوانين الدولية» ورد الدول الغربية «غير شرعي ويثير الاستغراب».
وأضاف «اننا سنتصدى بشدة لاي تدخل» اجنبي.
وأكد قشقوي ان «مواقفهم لا علاقة لها بمسؤولياتهم الشرعية».
ومثلت السبت بين المتهمين الشابة الفرنسية كلوتيلد ريس والموظف الايراني في السفارة البريطانية حسين رسام والموظفة الايرانية في سفارة فرنسا نازك افشر.
واحتجت رئاسة الاتحاد الاوروبي السويدية على محاكمة الاشخاص الثلاثة ودعت إلى «الافراج عنهم سريعا».
واعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاحد في تصريح لقناة سي ان ان الامريكية «انها محاكمات صورية (…) انها مؤشر ضعف يثبت ان السلطة في ايران تخاف شعبها وتخاف كشف الوقائع».
وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية امس الاثنين في لقائه الاسبوعي مع الصحافيين ان «هذه الفرنسية جاءت لتعلم اللغة الفرنسية في جامعة اصفهان التقنية (…) وشاركت بعد ذلك في تظاهرات طهران والتقطت صورا. هذا لا علاقة له بتعليم الفرنسية، هل كانت تريد تعليم الفرنسية للمتظاهرين؟».
واضاف «انها ارسلت الف رسالة الكترونية وصورة (من التظاهرات) فماذا يعني ذلك؟».
وذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ايرنا) ان كلوتيلد ريس (24 سنة) اوقفت في الاول من يوليو فيما كانت تستعد لمغادرة ايران، واعترفت السبت أمام المحكمة بانها شاركت في التظاهرات واعدت تقريرا لمعهد تابع للسفارة الفرنسية.
وأكدت كلوتيلد ريس انها شاركت في التظاهرات في 15 و17 يونيو في اصفهان وانها التقطت صورا.
واضاف المتحدث ان «المحاكمة تدل على ان هذه المرأة والشخصين الاخرين (موظفان محليان) يحاكمون طبقا للقوانين الدولية»، مؤكدا ان «للمتهمة محاميا والمحاكمة شرعية تماما».
وتابع ان تصريحات حسين رسام ونازك افشر تشير إلى تدخل الدول الاجنبية.
وقال «هذه التصريحات التي ادلى بها ايرانيان هي دليل على التدخل الاجنبي في شؤون ايران الداخلية».
وتابع «ان حسين رسام ادلى باعترافاته امام المحكمة بعد ان افرج عنه. لا احد يمكنه القول انها انتزعت بالقوة».
ونقلت وكالة ايرنا ان رسام المتهم بالتجسس اكد السبت ان السفارة البريطانية طلبت من موظفيها المحليين التواجد في التظاهرات.
أما افشر فافادت بحسب ايرنا ان السفارة الفرنسية طلبت من موظفيها استقبال المتظاهرين ان احتاجوا إلى اللجوء إلى مبانيها.
طريقة قديمة
من جانبه صرح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في تصريحات نشرت امس الاثنين ان الجلسة التي مثلت خلالها الفرنسية الشابة كلوتيلد ريس امام المحكمة الثورية في طهران «عرض رأيناه في ظروف اخرى».
وقال كوشنير في حديث لصحيفة لوباريزيان «لم يكن هناك محام واحترام الدفاع كان محدودا جدا، هذا اقل ما يمكن قوله».
وافادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ايرنا) ان كلوتيلد ريس والموظفة الايرانية في سفارة فرنسا في طهران نازك افشر اعترفتا بالمشاركة في التظاهرات.
واضافت الوكالة ان ريس قالت انها قدمت «تقريرا» إلى السلطات الفرنسية.
ورأى كوشنير ان «هذه +الاعترافات+ امليت عليها على الارجح. انها طريقة قديمة نعرفها جيدا: لم تكن وحدها بل كان متهمون اخرون في تلك القاعة والجلسة بثها التلفزيون».
وبشأن كلوتيلد ريس قال «اتهموها بالتحريض على التظاهر. وكأن شابة فرنسية في الثالثة والعشرين (عند اعتقالها في الاول من يوليو) تستطيع تحريض تظاهرات ملايين الاشخاص… هذا عبث!».
وتابع «لم تكتب تقريرا بل مذكرة مقتضبة جدا وشخصية وصفت فيها ما يجري وموجهة إلى مدير المعهد الفرنسي للابحاث الايرانية».
وتابع كوشنير ان «كل تلك الاتهامات لا اساس لها وغير منطقية، انها ادعاءات كاذبة».
وفيما يتعلق بافشر، صرح كوشنير انها «قالت السبت امرا صحيحا وهو انه اذا حاول متظاهرون ملاحقون اللجوء إلى السفارة، فالاوامر تقضي بفتح الابواب لهم. انها اوامر كل الاوروبيين. انها تقاليدنا الديموقراطية».
واكد ان فرنسا «ستواصل الضغط من اجل استعادتهما الحرية التي تستحقانها». وتابع «بالتأكيد هناك امل، لكن متى؟ مع الاسف لا ادري». واضاف ان المطلب «جماعي» وان «المطالب بالافراج اوروبية وآمل ان تبلغ هدفها».
تشديد الضغوط
من جانبها دعت المحامية الايرانية شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام امس الاثنين إلى تشديد الضغوط الدولية على ايران للدفع بالديموقراطية في بلادها، منددة بالقمع الذي يمارس على المعارضة الايرانية.
وقالت عبادي في مقابلة اجرتها معها صحيفة «تشوسون ايلبو» الكورية الجنوبية «انني اعارض العقوبات العسكرية والاقتصادية على ايران اذ انها ستؤدي إلى تفاقم الوضع».
وتابعت «لكن تكثيف تحركات الرأي العام سيساهم في احلال الديموقراطية في ايران».
وكانت عبادي الناشطة في مجال حقوق الانسان التي فازت بجائزة نوبل للسلام عام 2003 وصلت إلى سيئول السبت في زيارة تستمر ستة ايام لتلقي جائزة مانهاي السنوية للسلام التي تحمل اسم اصلاحي كوري من البوذيين في القرن العشرين.
وابدت عزمها على تكثيف حملتها من اجل رفع الرقابة في ايران.
وقالت «اريد ان يعرف الجميع ما يجري في ايران وان اجعل منها بلدا حرا».
ونددت عبادي باعتقال المواطنين الذي تظاهروا احتجاجا على اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد في 12 يونيو.
وقالت في مقابلة اخرى مع صحيفة «دونغا ايلبو» «انني لا اتخذ موقفا سيايا بل اعارض القمع العنيف الذي تمارسه الحكومة» مضيفة «يجب استئصال العنف واطلاق سراح جميع الذين اعتقلوا بعد الانتخابات».
وقتل ما لا يقل عن ثلاثين شخصا في الاضطرابات التي تلت الانتخابات الرئاسية واعتقلت السلطات الايرانية مئات المحتجين وعشرات الصحافيين والناشطين السياسيين والقادة الاصلاحيين.
وقالت عبادي للصحيفة ان الاسلام «يمكن ان يتطور في اتجاه يكون الدين فيه منسجما مع حقوق الانسان. المشكلة هي ان الحكومات غير الديموقراطية تستغل كلمة +الاسلام+ لتطبيق سياسة قمعية تتعارض مع حقوق الانسان».
تاريخ النشر 11/08/2009